650 ألف متقاعد تنتظرهم إجراءات جديدة بداية من سنة 2012 سيتزامن حلول السنة الميلادية الجديدة 2012 مع إطلاق الصندوق المغربي للتقاعد لإجراءات جديدة متعلقة بالتدبير وبطرق احتساب قيمة المعاش، وهي إجراءات تدخل في إطار العقد/ برنامج الموقع مؤخرا بين الدولة وإدارة الصندوق الذي يدير معاشات موظفي القطاع العام والجماعات المحلية. العقد/برنامج، الذي يمتد العمل به ثلاث سنوات، جاء على خلفية الأزمة المالية وشبح العجز اللذان يتهددان الصندوق المغربي للتقاعد، ويروم هذا العقد أساسا خلق شروط استمرارية الصندوق في تأدية معاشات ما يزيد عن 650 ألف منخرط. ويعتبر الصندوق المغربي للتقاعد الأكثر ضعفا من بين الصناديق الأربعة التي يتكون منها نظام التقاعد بالمغرب، أما الثلاثة الأخرى فهي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المغربي المهني للتقاعد، والنظام الجماعي لمنح الرواتب والمعاشات. وحسب دراسة مكتب الخبرة «أكتاريا»، الذي كلف بوضع تشخيص وسيناريوهات لإصلاح نظم التقاعد بالمغرب، فإن المديونية الكامنة للصندوق المغربي للتقاعد تقدر بنحو 517 مليار درهم وتمثل 43 في المائة من حجم المديونية الكامنة الإجمالية لمجموع صناديق التقاعد المغربية، والتي تقدر بنحو 1187 مليار درهم (وتمثل نحو 170 في المائة من الإنتاج الخام الإجمالي للمغرب). وحسب الدراسات فمن المرتقب أن يدخل الصندوق المغربي للتقاعد مرحلة عجز منذ 2012، وأن يتم استهلاك رصيد الصندوق البالغ حتى الآن 75 مليار درهم بشكل كامل في عام 2019 إذا لم يتم وضع خطة لإصلاح هذا النظام. في هذا الإطار وضع العقد/برنامج التزامات بين الدولة وإدارة الصندوق تتعلق بالمستويات التقنية والمالية والتدبيرية. ومن ضمن هذه الالتزامات يتحتم على هذه الأخيرة أن تقدم للمجلس الإداري للصندوق «الحصيلة الاكتوارية» في نهاية شهر ماي من كل سنة. كما يتحتم عل الصندوق البحث عن تقنيات جديدة لتدبير موارده وإجراءات تحسين ورفع من نجاعة استثمار احتياطاته. معلوم أن القانون يفرض على الصندوق المغربي للتقاعد توظيف حصة 80 في المائة على الأقل من أمواله في سندات الدولة والسندات المضمونة من طرف الدولة، و17 في المائة في الأسهم والسندات المتداولة بالبورصة، و3 في المائة في الأصول العقارية بعد موافقة وزارة المالية. لكن هذه التوظيفات لا تمكن الصندوق من تحقيق مردودية عالية حيث أن مداخيله السنوية لا تتعدى نسبة 6 إلى 8 في المائة من احتياطاته المالية. في سياق هذه الالتزامات سيواصل الصندوق المغربي للتقاعد اتخاذ إجراءات لتفعيل القرارات التي صادق عليها مجلسه الإداري والتي تثير الكثير من الجدل. من ضمن القرارات تلك المتعلقة برفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عاما، وزيادة 4 في المائة في نسبة اشتراكات الأجراء، وتغيير قاعدة احتساب قيمة المعاشات بالنسبة للموظفين من أجرة آخر شهر في العمل إلى متوسط أجر الأشهر ال96 الأخيرة، أي الأعوام الثمانية الأخيرة من العمل. وفي هذا الإطار سيعمل الصندوق ابتداء من 2012 على احتساب متوسط أجرة السنتين الأخيرتين من العمل في تحديد قيمة المعاش على أساس زيادة سنة كل عام إلى حدود 2018.كما سيرفع نسبة الاشتراك ب4 نقط على مدى ثلاث سنوات ليبلغ 26 في المائة في حدود 2014. غير أن العقد/برنامج يفرض بالمقابل أن تعمل إدارة الصندوق على تحقيق عدد من الأهداف لتحسين مردوديته كنقل نسبة منح المعاش التي تؤدى بدون انقطاع إلى 85 في المائة، ورفع نسبة المعاشات المؤداة عن طريق التحويل البنكي إلى 75 في المائة،إضافة إلى توسيع شبكات الصندوق على المستوى الوطني.من جهتها تتعهد الدولة بمتابعة البحث عن سبل تحقيق التوازن المالي، فيما تلتزم بتمويل الاستثمارات المتعلقة بإصلاحات هذا النظام في حدود 150 مليون درهم. للتذكير فمازالت اللجنة التقنية لإصلاح نظم التقاعد بالمغرب لم تنه عملها الذي ابتدأته منذ 2004 حيث مازال التقرير النهائي للجنة لم يقدم بعد إلى اللجنة الوطنية التي يرأسها الوزير الأول في الحكومة الحالية. وفي هذا الصدد يرى ممثلو النقابات في اللجنة المذكورة أن من شأن الإجراءات التي اتخذها وسيتخذها الصندوق المغربي للتقاعد أن تضرب في الصميم عمل هذه اللجنة التي تريد حل إشكالية نظم التقاعد بالمغرب وفق مقاربة اجتماعية واقتصادية بدل الاقتصار على المقاربة المالية الصرفة.