من عنق الزجاجة ورحم المعاناة وأشواك الانتظار يتأهل فريق مغربي آخر إلى نهائي مسابقة قارية. الأمر يتعلق هنا بالمغرب الفاسي الذي عانى الأمرين حتى يتمكن من تسجيل هدف أهله إلى نهائي كأس الاتحاد الإفريقي للمرة الأولى في تاريخه.. صحيح أن الماص حقق الأهم وهو التأهل إلى النهائي بعدما حقق فوز في الأنفاس الأخيرة من لقائه أمام أنتر كلوب الأنغولي، إلا أن الحديث عن بعض النقاط السلبية التي ظهرت خلال مواجهة الفريق المغربي لضيفه أنتر كلوب الأنغولي ستكون مفيدة في الصراع المقبل للفاسيين أمام النادي الإفريقي الطرف الثاني في المباراة النهائية لكأس (CAF)، وليضرب المغاربة موعدا جديدا مع الأشقاء التونسيين لثالث مرة بعد موقعة الوداد والترجي عصبة الأبطال الإفريقية، و»أسود الأطلس» و»نسور قرطاج» في نهائيات (CAN 2012). الماص وعلى أرضه وأمام جماهيره حقق المطلوب منه وهو التأهل إلى النهائي، وبالتالي فإن الفريق الفاسي سيحصل على مكافأة سخية من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم سواء كان البطل أو اكتفى بالوصافة، لكن الطريقة التي جاء بها التعادل لم تكن متوقعة، فتصريحات مدرب المغرب الفاسي رشيد الطاوسي بأن فريقه سيكرم وفادة ضيفه الأنغولي بثلاثية بيضاء ذهبت أدراج الرياح منذ انطلاق المباراة، وبدا واضحا أن الفاسيين عاجزون عن اختراق دفاع الضيوف، مع العلم أن أنتر كلوب لم يظهر بمستوى قوي واكتفى فقط بهجمات مرتدة، لكن لاعبي الطاوسي لم يقدموا المنتظر منهم من حيث الأداء، وفشل لاعبوه في هز شباك الحارس الأنغولي، خاصة وأن الفريق كان مطالبا بتسجيل هدف مبكر لتعويض خسارته في المباراة الذهاب بهدفين لواحد، مع أخذ الحيطة والحذر من تلقي شباكه هدفا سيعقد الأمور أكثر. الأداء غير المتوقع من لاعبي المغرب الفاسي في الشوط الأول أدخل في نفوس المتتبعين، وهنا الكلام لا يقتصر فقط على الفاسيين بل على كافة المغاربة اللذين تابعوا المقابلة آملين في أن يكرر الماص سيناريو الموسم الماضي في هذه المسابقة، لأن الفريق الفاسي يلعب مباراته تلك ممثلا للمغرب وأي نتيجة إيجابية يحققها ستكون لمصلحة الكرة المغربية.. ورغم ذلك فقد ظلت الآمال معقودة على «النمور الصفر» من أجل تجاوز كافة العقبات التي قد تقابلهم خلال مغامرتهم وسط أدغال إفريقيا، وهي مهمة كانت صعبة للغاية فأنتر كلوب كان الفريق الوحيد الذي نجح في إحراج الفريق المغربي وألحق به هزيمته الوحيدة حتى الآن في المسابقة في مباراة الذهاب -ونمني النفس في أن تكون الأخيرة له- كما تسبب له في إحراج آخر عندما وقف خصما عنيدا للمد الفاسي في الشوط الثاني، لكن الحل جاء بكرة ثابتة نفذها الشطيبي بثقة عالية منحت فريقه تأشيرة المرور إلى نهائي الأحلام بالنسبة لممثلي العاصمة العلمية. الآن وبعدما نجح المغرب الفاسي في تأكيد أن صحوة الكرة المغربية ليست سحابة عابرة كما تفوه بذلك البعض، ولعل من محاسن الصدف أن تضرب الكرة المغربية موعدا مع نظيرتها التونسية في ثلاث مناسبات وثلاث بطولات قارية هي الأقوى على صعيد الأندية والمنتخبات.. فإن الاستحقاق القادم أمام كتيبة الطاوسي هو التتويج بأول لقب قاري في مسار النادي، لأن الوصول إلى مثل هذه المرحلة المتقدمة جدا بالنسبة لفريق لم يتعود على السفر وسط سفانات إفريقيا، يعني شيئا واحدا لا غير، وهو أن هذا الفريق يملك كافة الإمكانيات للظفر بكأس (الكاف) وأن بلوغ النهائي جاء حصادا لمجهودات كافة أطياف الفريق. وبالرغم من اعترافنا بتفوق طفيف للخصم في النهائي بفضل تمرس الفريق التونسي الذي تعود على المشاركة القارية سواء في العصبة الإفريقية أو كأس الاتحاد الإفريقي، فإن حظوظ الفريق المغربي تظل قائمة بالتفوق على المدرسة التونسية في واحد من النزالات الثلاثة ولما لا تحقيق العلامة الكاملة .!! مغامرة محفوفة بالمخاطر وسط الأحراش الإفريقية تلك التي عاشها النمور، فبلغة الأرقام خاض الفاسيون 16 مباراة في المسابقة حققوا الفوز في تسع مباريات والتعادل في أربعة وانهزموا فقط في مناسبتين، وسجلوا خلال مشوارهم 24 هدفا وتلقت شباكه عشرة أهداف.. وكلها مؤشرات تدل على قوة الفريق وأن مستواه خلال مباراة الأحد كانت فقط استثناء لا أكثر، وأن كتيبة النمور لن ترضى بأقل من الحفاظ على لقب البطولة في أرض الوطن، وخلافة الفتح الرباطي على تاج المسابقة الإفريقية.