أنقرة تتوعد بالانتقام وحزب العمال الكردستاني يهدد بضرب تركيا في العمق شيعت تركيا أمس الخميس 24 من جنودها الذين قتلوا خلال اشتباكات مع قوات حزب العمال الكردستاني فجر الأربعاء في واحدة من أشد الهجمات دموية منذ سنوات، في حين يواجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ضغوطا شعبية لاتخاذ إجراء صارم ضد الحزب الكردي. فوسط حالة من الغضب الشعبي والمطالب بالانتقام أقيمت مراسم التشييع للجنود القتلى في مدينة فان شرقي تركيا. وقد تم تنكيس الأعلام التركية من فوق المباني الحكومية والمنازل في المدن التركية في مختلف أنحاء البلاد في حين تجمع متظاهرون في مدينة إسطنبول والعاصمة أنقرة وسط شعارات تندد بحزب العمال الكردستاني ومخاوف من خطر حدوث رد عنيف ضد الأقلية الكردية. وبدأت القوات التركية توغلا بمسافة ثمانية كيلومترات أمس في شمال العراق وشنت عملية محدودة بالمروحيات والقصف المدفعي مما أدى إلى قتل وإصابة عدد من مسلحي حزب العمال. وتحدث مراسل الجزيرة في أنقرة عن مؤشرات على احتمال حدوث عملية برية تركية واسعة النطاق قريبا في شمال العراق. وقد اتفقت تركيا والولاياتالمتحدة الأربعاء على تعزيز الجهود الثنائية لمواجهة حزب العمال. وقالت مصادر دبلوماسية تركية أمس إن وزير الخارجية أحمد داود أوغلو أجرى اتصالات هاتفية مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون ونظيره العراقي هوشيار زيباري بشأن الهجمات التي نفذها عشرات من مسلحي حزب العمال ضد مواقع للجيش التركي في إقليم هكاري بجنوب شرق البلاد. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن المصادر قولها إن داود أوغلو اتفق مع كلينتون على تعزيز الجهود الثنائية والمتعددة الأطراف للقضاء على وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. وأضافت المصادر نفسها أن وزير الخارجية التركي دعا نظيره العراقي إلى اتخاذ «خطوات قوية» ضد الحزب، بدل الاكتفاء ب»مجرد الإدانة». من جانبه دعا زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليش دارأوغلو الحكومة برئاسة رجب طيب أردوغان إلى الاستقالة. وألقى كيليش دارأوغلو باللوم على أردوغان وحزبه العدالة والتنمية في تصاعد وتيرة الهجمات «الإرهابية» في البلاد مؤخرا. وقال «يجب على رئيس الوزراء ألا يلقي بذلك على عاتق مسؤولين آخرين». وطالب رئيس البرلمان جميل تشيشك بأن يتصرف إزاء الأمر ويتولى تشكيل لجنة مشتركة لإيجاد حل للتمرد الكردي. في هذه الأثناء، هدد حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من شمال العراق معقلا له، الأربعاء بتوجيه «ضربات أكبر» إلى القوات التركية إذا حاولت التوغل في الأراضي العراقية لملاحقة عناصره. وقد أدانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة هجوم حزب العمال على القوات التركية. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الهجوم انطلاقا من قواعد في العراق أمرا «غير مقبول». ودعا إلى احترام سيادة العراق وتركيا، وحث بغداد وأنقرة على «الدخول في حوار بناء من أجل حل سلمي لهذا التحدي». وكانت قوات خاصة تركية قد عبرت إلى الأراضي العراقية أول أمس الأربعاء لملاحقة مسلحي حزب العمال الكردستاني بعيد مقتل 26 جنديا تركيا في إقليم هكاري بجنوب شرق البلاد بهجمات متزامنة على مواقع عسكرية قد تدفع أنقرة إلى شن عملية برية واسعة في شمال العراق. وقال مراسل الجزيرة عمر خشرم إن وحدات كوماندوز تركية توغلت داخل الأراضي العراقية في منطقة تعد في الأصل ساخنة، مشيرا إلى أن هذا التوغل يعد عملية نوعية. كما تزامن ذلك مع غارات جوية تركية. من جهتها، نقلت وكالة رويترز عن مصادر عسكرية أن الوحدات التركية توغلت مسافة تصل إلى أربعة كيلومترات، وأنها اشتبكت مع عناصر من حزب العمال بعد ساعات فقط من هجمات الحزب التي استهدفت مواقع عسكرية، وأوقعت أيضا 18 جريحا في صفوف العسكريين الأتراك. وأضاف مراسل الجزيرة أن مثل هذه التوغلات متفق عليه بين الحكومتين التركية والعراقية، وأشار إلى أن الشارع التركي ربما يدفع الآن باتجاه عملية برية واسعة في شمال العراق بعد مقتل هذا العدد الكبير من الجنود الأتراك قرب الحدود مع العراق. وتحدث مراسل الجزيرة في أنقرة عن مؤشرات على احتمال حدوث مثل هذه العملية قريبا، مشيرا في هذا السياق إلى الزيارة التي قام بها لتركيا وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي أبدى استعداد بلاده لضبط الحدود مع تركيا بعد أن تواترت عبرها هجمات حزب العمال الكردستاني على مواقع عسكرية تركية في الآونة الأخيرة. وفي إشارة أخرى إلى احتمال حدوث عملية عسكرية تركية كبيرة في شمال العراق، ألغى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان زيارة كان مقررا أن يقوم بها لكزاخستان. كما أن وزير الخارجية أحمد داود أوغلوا ألغى زيارة كانت مقررة لصربيا. وكانت أنقرة قد أثارت مؤخرا احتمال شن عملية برية في شمال العراق بعد هجمات سابقة لحزب العمال ردت عليها القوات التركية في غشت الماضي بغارات جوية كثيفة على مواقع المسلحين الأكراد في المثلث الحدودي بين تركيا والعراق وإيران.