تم مؤخرا تنزيل مشروع صندوق التكافل العائلي. ويذكر أن البرلمان كان قد صادق على مشروع قانون رقم 10.41، والمتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي. واعتبر متتبعون أن هذا المشروع سجل رقما قياسيا في سرعة مناقشته، بسبب تأخر الحكومة في تقديمه للبرلمان في الآجال المناسبة. ومؤخرا ترأس محمد الطيب الناصري وزير العدل، وصلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية إلى جانب الكاتب العام لصندوق الإيداع والتدبير، حفل التوقيع على الاتفاقية المتعلقة بتدبير صندوق التكافل العائلي. لقد وصف هذا اللقاء بأنه جاء تفعيلا للقانون رقم 10-41 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي وكذا المرسوم رقم 195-11-2 المتعلق بتطبيق القانون المذكور. وتجمع هذه الاتفاقية بين الدولة المغربية ممثلة في وزارة العدل ووزارة الاقتصاد والمالية وبين صندوق الإيداع والتدبير، وبمقتضاها يلتزم صندوق الإيداع والتدبير بضمان التدبير الإداري والمالي والمحاسباتي لعمليات صندوق التكافل العائلي، حيث يعهد لصندوق الإيداع والتدبير بأداء التسبيقات المتعلقة بنفقة الأم المعوزة المطلقة وأطفالها، وذلك في مجموع التراب الوطني. وتنص الاتفاقية على عدة مقتضيات من أهمها إحداث لجنة لتتبع تدبير عمليات الصندوق. ويتوخى صندوق التكافل العائلي تعويض المطلقات المعوزات. وسيتم تزويد هذا الصندوق أساسا، حسب مشروع قانون المالية لسنة 2011، بحصيلة حقوق تنبر يوضع على عقود الزواج بقيمة 100 درهم للعقد، وعقود الطلاق بقيمة 200 درهم، والذي تم إحداثه في مشروع قانون المالية لسنة 2011 وسيتولى تدبير الصندوق كل من صندوق الإيداع والتدبير وبريد المغرب. ويتوقع أن يصل مبلغ مداخيل صندوق التكافل العائلي - من أداء واجب تنبر عن عقود الزواج وعقود الطلاق - ما مجموعه حوالي 44 مليون درهم، على اعتبار أن عدد رسوم الزواج وثبوت الزوجية برسم سنة 2009، حسب الاحصاءات الرسمية لوزارة العدل، بلغت 328 ألف و362 رسم، وعدد رسوم الطلاق والتطليق برسم سنة 2009 بلغت 55 ألف و376، وهو ما يعني عند أداء تنبر 100 درهم على رسم الزواج وثبوت الزوجية أن مداخيل صندوق التكافل العائلي يتوقع أن تصل من رسوم الزواج 32 مليون و836 ألف و200 درهم، ومن رسوم الطلاق والتطليق ما مقداره 11 مليون و51 ألف درهم، أي ما مجموعه 43 مليون درهم و887 ألف و200 درهم. وتفيد إحصاءات أقسام قضاء الأسرة برسم سنة 2009 أن عدد أحكام النفقة بلغ 33 ألف و726 حكما، وهو ما يعني أن نسبة معينة من غير المنفذين لأحكام النفقة هذه هي التي ستحدد عدد المستفيدين من صندوق التكافل العائلي. وجاء إخراج صندوق التكافل العائلي انسجاما مع الخطاب الملكي لافتتاح دورة أكتوبر 2003، واستجابة لمطلب ملح، طالما، نادت به مختلف الهيآت السياسية والمدنية. ولقد كانت مطالب هيئات مدنية وسياسية قوية من أجل إخراج هذا الصندوق إلى حيز الوجود لعدة أسباب أبرزها إشكالية التمويل. وتجدر الإشارة إلى أن الغرفة الأولى صوتت لصالح هذا القانون سنة 2010 وتم تعديله في الغرفة الثانية، وأُجل لسنة 2011. وبرأي فعاليات نسائية، إن مدونة الأسرة كانت قد نصت خلال المصادقة عليها على إحداث صندوق التكافل العائلي كآلية أساسية لضمان تفعيل ناجع لمدونة الأسرة، حيث أن بنودها تكفل للمرأة وأبنائها النفقة في حالة الطلاق، وفي حالة عسر الزوج وعدم تمكنه من دفع المبلغ يقوم صندوق التكافل العائلي بهذا الدور. وكانت نفس الأوساط المهتمة بالشأن النسائي قد انتقدت تأخير إخراج مشروع التكافل العائلي إلى حيز الوجود. واعتبرت ذات الأوساط أن مدونة الأسرة تعرف تأخرا من حيث الممارسة، لأن مدونة الأسرة التي تشكل ورشا إصلاحيا من أهم مكتسبات هذا العهد الجديد ظل تفعيل بعض أهدافها مرتبطا بإجراء بلورة نص أساسي في قانون الأسرة ألا وهو تنفيذ النفقة. وينتظر من تفعيل صندوق التكافل العائلي أن يساهم في تكريس سياسة أسرية متكاملة، تعيد الاعتبار لمؤسسة الأسرة وتقوي تماسكها وقوتها. ومعلوم أن المغرب يشهد تزايد ظاهرة النساء المعيلات للأسر، من مطلقات ومهملات وأرامل، كما يعرف ارتفاعا في نسبة التطليق والإهمال والترمل، فضلا عن الهشاشة التي تعيش فيها العديد من الأسر العاجزة تماما عن مواجهة ضروريات الحياة، كالسكن اللائق والصحة والتعليم. وانسجاما مع فلسفة مدونة الأسرة، إن الدولة مطالبة بدعم المنظومة التشريعة لحماية الأسر المغربية من كل أشكال التفكك والانحلال. ودعت فعاليات إلى ضرورة توسيع قاعدة النساء المستفيدات من الصندوق، ليشمل في مرحلة لاحقة فئة الأرامل والمهملات، وعدم الاقتصار على المعوزات المطلقات. ونبهت هيئات نسائية إلى ضرورة تبسيط المساطر الإدارية، ومراعاة كون المستفيدات ينتمين للفئات الهشة التي تغلب عليها الأمية والفقر، وفي هذا الصدد وجب الاستفادة من التعامل مع ملفات الحالة المدنية وثبوت الزوجية وثبوت النسب وتفادي سلبياتها والعوائق التي اعترضتها.