صادق البرلمان على مشروع قانون رقم 41,,10 والمتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي. ورغم الظروف الاستثنائية التي تمت فيها مناقشة مشروع هذا القانون، الذي سجل رقما قياسيا في سرعة مناقشته، بسبب تأخر الحكومة في تقديمه للبرلمان في الآجال المناسبة، مع أن الحكومة كان لديها الوقت الكافي لتقديمه للبرلمان في الآجال المطلوبة حتى يتسنى للسادة النواب مناقشته ومدارسته بالشكل المطلوب، فإننا نهنئ المرأة المغربية على هذا المكتسب الهام. جاء مشروع القانون المتعلق بصندوق التكافل العائلي انسجاما مع الخطاب الملكي السامي لافتتاح دورة أكتوبر ,2003 واستجابة لمطلب ملح، طالما، نادت به مختلف الهيآت السياسية والمدنية. ولقد كان فريق العدالة والتنمية حريصا على إخراج هذا الصندوق إلى حيز الوجود منذ سنوات، وذلك لتجاوز التماطل والتأخر، الحاصل في إخراجه من قبل الحكومة، فتقدمنا بتعديل في القانون المالي لسنة 2009 و2010 على التوالي، وللتذكير فإن الغرفة الأولى صوتت لصالح هذا القانون سنة 2010 ولكنه للأسف تم تعديله في الغرفة الثانية وأُجل لسنة 2011 ونتمنى أن لا يمتد التأجيل إلى التنزيل الفعلي والاستفادة الحقيقية من الصندوق. إن إحداث صندوق التكافل العائلي ينبغي أن يندرج في إطار سياسة أسرية متكاملة ومندمجة، تعيد الاعتبار لمؤسسة الأسرة وتقوي تماسكها وقوتها، سياسة تقوم على تشجيع ثقافة أسرية بناءة وهادفة بمختلف الوسائل والوسائط الإعلامية والثقافية. فرغم صدور مدونة الأسرة التي تعتبر مكتسبا قانونيا ومجتمعيا مهما، وحصيلة نقاش مجتمعي وطني ساهمت فيه مختلف الفعاليات والتوجهات، إلا أن فلسفة المدونة القائمة على مقاربة الأسرة لم تجد طريقها للأسف إلى كثير من السياسات الحكومية التي ظلت بعيدة عن إحداث سياسات عمومية أسرية مندمجة ومتكاملة في مستوى الأدوار الاجتماعية والتنموية المنوطة بالأسرة المغربية، وفي مستوى التحديات التي تواجه استقرارها وتماسكها. لقد تعرضت الأسرة المغربية لاختلالات كبيرة همت في كثير من جوانبها قيم التضامن والتماسك الأسري والعائلي، كما بدأت تتسرب إليها بعض مظاهر التهرب من المسؤولية ،مما جعل نسب الطلاق بمختلف أنواعه خاصة التطليق للشقاق ترتفع، وقد وصلت في السنوات الأخيرة إلى ما يقارب 40 ألف حالة سنويا، ومن الظواهر الاجتماعية الجديدة ارتفاع نسبة النساء المعيلات للأسر، من مطلقات ومهملات وأرامل، وأمام ارتفاع نسب التطليق بمختلف أنواعه والإهمال والترمل، ووضعية الهشاشة التي تعرفها العديد من الأسر المغربية وضعف قدرتها على مواجهة ارتفاع الأسعار، فإن المتضرر الأول هم النساء والأطفال المعوزين الذين يحرمون من أبسط حقوقهم في السكن اللائق والصحة والتعليم، وغالبا ما يكون مصيرهم التشرد والضياع وإنتاج أجيال جديدة من المعوزين والمحتاجين. إن الحكومة اليوم مدعوة إلى سن تشريعات حمائية لحماية الأسرة المغربية وصيانتها من كل مظاهر التفكك والانحلال انسجاما مع فلسفة المدونة القائمة على مقاربة الأسرة. كنا نتمنى أن تتوسع قاعدة النساء المستفيدات من الصندوق، في المرحلة الأولية للمشروع ليشمل فئة الأرامل والمهملات، لكن القانون اقتصر على فئة واحدة وهي الأمهات المعوزات المطلقات، ولم يشمل الأرامل والأمهات المعوزات الذين تتحول حياتهم إلى مأساة اجتماعية حقيقية مباشرة بعد وفاة الزوج أوغيبته.ولقد طالبنا في فريق العدالة والتنمية بإدراج فئة الأمهات المعوزات دون اشتراط الطلاق لتخوفنا من أن تتحول هذه المادة إلى سبب مشجع على الطلاق للاستفادة من خدمات الصندوق، وللأسف فإن الحكومة لم تستجب لمطلب توسيع هذا التكافل ليشمل فئة الأمهات غير المطلقات، وهو ما يشكل تراجعا عن المقصد النبيل الذي رمت إليه فلسفة إحداث هذا الصندوق. إن مسؤولية المجتمع المدني والجمعيات النسائية ووزارة العدل كبيرة في التعريف بهذا الصندوق ومتابعة تنفيذ هذا القانون وتقييم آثاره والقيام بالدور المطلوب ليكون أثره أكثر عدلا وإنصافا وخدمة للنساء المطلقات المعوزات. ولتفعيل هذا القانون فإننا نطالب بما يلي: 1 الإسراع بإخراج النصوص التنظيمية المتعلقة بالصندوق، لأن الحكومة للأسف عودتنا على التأخر في إصدار النصوص التنظيمية مما يفرغ القوانين من مضامينها، 2 تبسيط المساطر الإدارية لأن المستفيدات هن من الفئات الهشة التي تغلب عليها الأمية والفقر، ولنا في التعامل مع ملفات الحالة المدنية وثبوت الزوجية وثبوت النسب خير مثال على ذلك، 3 توسيع فئة المستفيدات من القانون ليشمل فئة الأمهات المعوزات غير المطلقات، في مرحلة تالية،وإذا كان صدور هذا القانون يعتبر مكسبا للمرأة المغربية إذا أحسن تفعيله،فإن المطلوب هو سن تشريعات تضامنية تحقق مبدأ التكافل وكذا إقرار تشريعات إضافية حمائية للفئات الهشة وفي مقدمتها الأمهات المعوزات المهملات، والأرامل وأطفالهن. إضافة إلى بناء سياسات أسرية متكاملة ومندمجة، لما فيه خير الأسرة المغربية الخلية الأساس داخل المجتمع، والمنطلق الفعلي لأي تنمية حقيقية. جميلة المصلي