شرعت التلفزة المغربية في بث الوصلات الخاصة بإشهار أهم البرامج المقررة في رمضان المقبل. والملاحظ أن ذلك تم على بعد مسافة زمنية من الشهر الفضيل أكبر مما هو معهود، وهذا ينم عن أن المسؤولين عن البرمجة قد أعدوا العدة لشهر رمضان، مستفيدين من الانتقادات، التي كانت توجه لهم في ما يخص الوقت الضيق الذي يخصص لإنتاج المنتوج التلفزيوني الرمضاني، وانعكاس ذلك بشكل سلبي على المنتوج نفسه. ومن خلال إلقاء نظرة على عناوين البرامج المقترحة لشهر رمضان 2011، يتضح أن بعض الأعمال قد سبق أن تم تقديم جزئها الأول في رمضان الماضي، كما هو الحال بالنسبة لسلسلة «ديما جيران» التي تعد الجزء الثاني ل»ياك حنا جيران». وهناك أعمال بثت منذ أسابيع، وسيتواصل عرض بقية حلقاتها خلال رمضان، مثلما هو الشأن بالنسبة لسلسلة «الحسين والصافية» للمخرج محمد عبدالرحمن التازي، وهناك انتاجات كانت مبرمجة للعرض في رمضان الماضي، غير أنه تقرر وضعها في الثلاجة إلى حين حلول رمضان المقبل لبرمجتها.. وكما هو ملاحظ من خلال خريطة البرامج الخاصة برمضان؛ فإن هناك حضورا كثيفا للانتاجات الوطنية، وبالأخص ما له صلة بالسيتكومات والأعمال الدرامية بوجه عام، سواء كانت مسلسلات أو أفلاما، وهذا يطرح إشكالا على مستوى تدبير برمجة هذا الكم الهائل من الانتاجات في حيز زمني ضيق؛ فهناك على سبيل المثال، أكثر من ثلاث مسلسلات بالقناة الواحدة، تبلغ عدد حلاقاتها ثلاثين بالتمام والكمال، وكل هذه الأعمال، ينبغي أن تبث خلال شهر واحد، في إصرار ملفت للنظر، على أن يكون العمل متألفا من ثلاثين حلقة،كاملة غير منقوصة. وبصرف النظر عما إذا كانت هذه الانتاجات ذات الثلاثين حلقة، تحتمل مضامينها كل هذا التمطيط؛ فإن عملية تلقيها على حدة، يتعذر على المشاهد، سيما وأنه يتم حشو أوقات الذروة بما لذ وطاب من هذه الانتاجات، إلى حد الإصابة بالتخمة، وعادة ما يجري الصراع حول تعيين الانتاجات التي تستحق أكثر من غيرها أن تبث في هذا التوقيت بالذات. وما من شك في أن أهم أوقات البث، هي ساعة الفطور؛ ففي هذه الساعة تحديدا، تجتمع الأسر حول مائدة الطعام وحول شاشة التلفاز معا، وبالرغم من إغراءات الفضائيات الأجنبية؛ فإن العديد من الأسر، لا تزال مصرة على متابعة القنوات الوطنية، بسبب شغفها بالانتاجات المغربية. لكن هناك إصرارا ملحوظا من قبل المسؤولين عن الانتاج الدرامي بالتلفزة المغربية، يتمثل في برمجة المنتوج الفكاهي بكثافة خلال رمضان بالذات، إلى حد أصبح هذا تقليدا لا مندوح عنه؛ ففضلا عن الأعمال التي ساهمت في انتاجها التلفزة المغربية والتي تدخل في خانة الدراما الفكاهية، عمدت إحدى قنواتها ?القناة الثانية بالضبط- إلى شراء حقوق بث التسجيل الكامل لفقرات مهرجان الفكاهة الذي احتضنته مدينة مراكش قبل شهر تقريبا. لم يبرز بين مجمل البرامج المعدة للبث في رمضان المقبل ، عمل تاريخي ضخم، يقدم صورة مشرفة عن الانتاج الوطني، ويكون جديرا على الخصوص بمنافسة بعض الانتاجات التي برمجتها الفضائيات الأجنبية، خلال الشهر ذاته. وعلى أي؛ فمشاهد التلفزة المغربية، يجد نفسه أمام إنتاجات وطنية تتسم بالزخم، يغلب على معظمها الطابع الفكاهي والترفيهي، تحضر فيها وجوه مألوفة، ألفنا مشاهدتها كل رمضان، وطبعا لا يمكن الحكم على قيمتها انطلاقا من حضور هذه الوجوه أو غيابها، بل يستدعي ذلك مشاهدتها بعين فاحصة وناقدة، بعيدا عن وصلاتها الاشهارية التي تبشر بروعتها وحلاوتها، والتي انطلقت في وقت مبكر.