الرهان على الفكاهة دائما! ونحن على بعد شهر بالتمام والكمال على حلول الشهر الفضيل، أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن البرمجة بالتلفزة المغربية، أن هناك تغييرا جذريا -إلى حد ما- سيطرأ على الملامح العامة لخريطة البرامج بهذه المحطة التلفزية. وبالفعل؛ فقد بدأت تصلنا أصداء عن هذه البرمجة، وبالأخص ما يتعلق بالمسلسلات الدرامية والترفيهية -ولكن هل هناك ما يميز البرمجة غير هذه الأعمال التلفزيونية؟- حيث ستعود الوجوه التي ألفناها في الموعد نفسه، لتساهم بقسطها الوافر من الضحك والفكاهة: الحسين بنياز، محمد الجم،حسن الفد، محمد الخياري، محمد الخلفي نزهرة الركراكي ..وهلم جرا.. هذه الوجوه المألوفة، منها ما أثار تحفظ المشاهدين مما قدمته في مناسبات مماثلة، وبالتالي فإن تلقي الأصداء المتعلقة ببرامج رمضان القادم، لابد أن يتم بكثير من الحذر، رغم ما قد يظهر أصحاب هذه الأعمال من تفاؤل بأن القادم يكون أفضل، وهذا يذكرنا بتلك الوصلات الإشهارية التي دأبت تلفزتنا على إطرابنا بها كلما أوشك رمضان على الحلول، حيث يتم استعراض اللقطات الجميلة من كل برنامج جديد، وإرفاقها بتعليقات محفزة على مشاهدة ومتابعة هذه القناة دون غيرها، في وقت المنافسة الشديدة والقوية التي تفرضها الفضائيات الأجنبية، ونحن نعلم أن بعض هذه الفضائيات قد أنتجت أعمالا درامية ضخمة، وهيأتها للبث خلال الشهر الأبرك نفسه. ومما يلاحظ على البرمجة الرمضانية بالتلفزة المغربية، أن الرهان كان يصب دائما على الشق المتعلق بالفكاهة، وهذا يتبين من خلال تكثيف برمجة ما يسمى بالستكومات، في الحيز الزمني الذي يشكل ذروة المشاهدة، أي ساعة الفطور، وهو ما سيتم تكريسه خلال رمضان المقبل، كما يتبين من خلال الأصداء التي تصلنا حول هذه البرمجة. إن عدم التفاؤل بجودة البرمجة الرمضانية، له ما يبرره بالنظر إلى الخيبات التي كرستها هذه البرمجة في أشهر رمضان السابقة، وهي نتيجة طبيعية لظروف غير طبيعية، حيث أن إعداد هذه البرامج المعدة للبث في رمضان، عادة ما كان يتم في آخر لحظة، وعادة ما يكون مطبوعا بغير قليل من الارتجال، وإن كان المسؤولون عن البرمجة، يؤكدون على أن مثل هذه الأخطاء لن تتكرر، حيث اتخذت عدة تدابير لإنتاج أعمال محترمة، تتوفر فيها أدنى شروط الإبداع والخلق، من خلال العناية بالمدة الزمنية المعقولة لتهييء المنتوج التلفزيوني، إلى جانب الحرص -وهذا هو الأهم- على الاطلاع على العمل ككل، قبل إعطاء الضوء الأخضر لبرمجته، أخذا بعين الاعتبار أنه عندما يتعلق الأمر بمسلسل، كان يتم الاكتفاء بالاطلاع على الحلقة الأولى، من طرف لجنة التحكيم، وطبعا فإن أصحاب هذا العمل كانوا يركزون جهودهم على هذه الحلقة دون غيرها، وما يتبقى لا يعدو كونه يدخل في خانة «كور واعط للأعور»، وكنا نجد أن بعض الأعمال قد تمت برمجتها وهي لم تكتمل بعد؛ فكانت حلقات المسلسل تصور بالليل، ويتم توضيبها في الصباح، لتبث في مساء اليوم نفسه. وتصلنا أصداء حاليا مفادها أن بعض الأعمال تم الشروع في تصويرها في شهر رجب-عش رجبا تر عجبا، وما أكثر العجائب التي عشنا في هذا الشهر بالذات في الفن والسياسة على السواء- لتبث في رمضان، ونحن نتساءل: هل هذه المسافة الزمنية كفيلة بإعطاء منتوج في مستوى التطلعات؟ لا نعتقد ذلك، أخذا بعين الاعتبار أن الإبداع، كد واجتهاد وصبر طويل.