تواصلت في اليمن مظاهراتٌ حاشدة تطالب برحيل الرئيس علي عبد الله صالح، وأكد الداعون إليها رفضهم مقترحات لنقل السلطة تدريجيا، في وقت استمر فيه مسلسل الانشقاقات العسكرية في النظام الحاكم، وسط اتهامات له بافتعال معارك مع القاعدة، تسببت في تشريد عشرات الآلاف في الجنوب. فقد شارك مئات الألوف أمس بمظاهرات حاشدة في العاصمة صنعاء ومدن رئيسية أخرى، تزامنت مع مقترحاتٍ سعودية بأن ينقل الرئيس -الذي يتعافى في الرياض من هجومٍ استهدفه الشهر الماضي- السلطة خلال ثلاثين يوما إلى نائبه، على أن تشكل حكومة وحدة وطنية تقود البلاد حتى تنظيم انتخابات. ويرفض صالح المقترحات السعودية، وقد نقل عنه مسؤول يمني التقاه في مستشفى في الرياض الأحد قوله إنه سيعود ليشرف بنفسه على انتقال السلطة عبر انتخابات تستغرق حسب هذا المسؤول ستة إلى ثمانية أشهر، وإن الرئيس اليمني أكد أنه يدعم خطة وساطة خليجية، انهارت بالفعل ثلاث مرات بعد أن تراجع عن توقيعها في آخر لحظة. ورفضت المعارضة المقترحات أيضا بحجة أنها تطيل عمر الأزمة، وطالبت عبد ربه منصور هادي -نائب الرئيس- بالتخلي عن السلطة وتسليمها إلى مجلس انتقالي. وسار متظاهرون نحو إقامة نائب الرئيس، وحاول وفد عنهم يضم خمسة أشخاص لقاءه، لكن الحرس منعهم من ذلك. وتأتي المظاهرات في وقت تواصل فيه مسلسل الانشقاقات العسكرية في النظام الحاكم، وأحدثُ حلقاته إعلانُ وحدات من قوات الحرس الجمهوري -التي يقودها نجل الرئيس- تأييدها الثورة، وانضمامها إلى اللواء 310 في محافظة عمران، وهو لواء أعلن سابقا دعمه لشباب التغيير. ويشهد اليمن حالة انفلات أمني شديد يرى مراقبون أنها تهدده بالانهيار التام، خاصة في الجنوب القريب من خطوط الملاحة الدولية. ويتهم متظاهرون صالح بالتسبب في حالة الانفلات ليثبت للمجموعة الدولية أنه الوحيد القادر على ضبط الوضع. ففي أبين جنوبا استولى من يوصفون بالمتشددين -وهي تسمية تطلق عادة على مسلحي القاعدة- منذ مارس الماضي على مدينتين هما جعار وزنجبار.وقد سقط في هذه المحافظة يوم الأحد وحده 25 قتيلا من الجنود والمسلحين. وأبلغ مسؤول يمني محلي مكلف بشؤون اللاجئين وفدا أمميا زائر أن 54 ألف شخص نزحوا الشهر الماضي عن أبين إلى عدن بسبب المعارك. وحمل المسؤول متحدثا إلى رويترز قيادة الجيش المسؤولية عن عجز الجنود عن استرجاع قاعدة مهمة في زنجبار ما زالوا محاصرين فيها، وهم في حاجة ماسة إلى تعزيزات وإلى الأسلحة والمؤونة حسب بعض ضباطهم. واتهم هذا المسؤول قيادة الجيش باستخدام سلاح الجو لقصف «مناطق لا علاقة لها بالاشتباكات وحيث لا يختبئ أي مسلحين». وتحدث مسؤول عسكري عن خمسين جنديا قتلوا في زنجبار، فيما تحدثت مصادر عسكرية أخرى عن 150 آخرين هم في عداد المفقودين.