دخلت العاصمة اليمنية صنعاء خلال الايام الثلاثة الاخيرة دوامة عنف غير مسبوق جراء المواجهات بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح ومسلحين قبليين معارضين له والتي أسفرت عن مقتل أزيد من ستين شخصا في مؤشر يخشى معه المراقبون من مخاطر الانزلاق إلى حرب أهلية بالبلاد. وتأتي هذه التطورات الميدانية لاستمرار المواجهات بين الطرفين في وقت تتزايد فيه الضغوط على الرئيس اليمني الذي يحكم البلاد منذ حوالي 33 سنة بالتنحي عن السلطة وقبول المبادرة الخليجية لانهاء الأزمة اليمنية التي تتهمه المعارضة بانه كان وراء تعليق المجلس الوزاري الخليجي لها بسبب الشروط التي وضعها للتوقيع عليها في محاولة منه لكسب الوقت والبقاء في السلطة أكبر وقت ممكن. وقد تحولت أحياء العاصمة صنعاء إلى فضاءات اختبار للقوة بين أنصار الرئيس اليمني, والمسلحين القبليين المناصرين للشيخ صادق الاحمر زعيم قبائل حاشد النافذة ,في تطور لافت للوضع لم تسلم منه المباني والمؤسسات الحكومية وبعض المقار الاعلامية كوكالة الانباء اليمنية وقناة "سهيل" التابعة للمعارضة ومؤسسات أمنية بالإضافة إلى مساكن المواطنين بحي الحصبة في الشوارع المحيطة بمنزل الزعيم القبلي الشيخ صادق الاحمر. وافادت تقارير إخبارية استنادا إلى سكان محليين بأن الاشتباكات المسلحة التي تشهدها صنعاء خلال هذه الايام , اشتدت حدتها بعد تبادل الطرفين المتنازعين إطلاقا كثيفا للنار بعدد من شوارع صنعاء في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء في معارك لاتزال تدور رحاها بين الجانبين بعد فشل كل الوساطات حتى الان. ووسط هذه التطورات أعلنت وزارة الدفاع اليمنية اليوم الخميس مقتل 28 شخصا في انفجار مخزن للاسلحة تابع لعضو البرلمان اليمني حميد بن عبدالله الاحمر. وأشارت الوزارة في بيان إلى صدور أمر قبض قسري على أبناء الاحمر باعتبارهم متمردين وستتم محاكمتهم بتهمة التمرد المسلح. وعلى صعيد متصل ذكر موقع "نبأ نيوز" الاخباري استنادا إلى مصادر محلية ان مجموعات قبلية موالية للنظام ألقت القبض فجر اليوم الخميس على كل من الشيخ مذحج عبد الله بن حسين الأحمر, و العقيد هاشم الأحمر- قائد المليشيات القبلية- وآخرين, أثناء محاولة تهريب "هاشم" الى الخارج لتلقي العلاج من إصابة تعرض لها خلال مواجهات يوم أمس الأربعاء وأشارت هذه المصادر إلى أن عشرات المسلحين القبليين ومعهم أفراد دورية أمنية اعترضوا بعد صلاة الفجر أربع سيارات, إحداها كانت تقل الشيخ مذحج وهاشم الأحمر, واشتبكت مع مرافقيهم المسلحين في منطقة جنوب شرق منفذ الطوال الحدودي بمحافظة حجة, الأمر الذي اسفر عن مقتل شخصين أحدهما رجل أمن وإصابة آخرين. وأوضح عبدالقوي القيسي مدير مكتب الشيخ صادق الأحمر في حديث لقناة "الجزيرة " ان الاشتباكات ليل أمس أسفرت عن مصرع العشرات وأن خسائرهم بلغت 50 قتيلا حتى فجر اليوم وأكثر من 110 جريح. ومن جهة اخرى ذكر موقع "عدن الغد "الاخباري المستقل أن الاشتباكات تسببت في انقطاع بث قناة "سهيل" المعارضة المملوكة لأحد أفراد أسرة عبدالله بن حسين الأحمر والتي كان بثها قد توقف في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء بعد تعرضها لهجوم مسلح. وأضاف المصدر ذاته أن صنعاء شهدت عصر أمس مسيرة احتجاجية شارك فيها عشرات الآلاف وشدد المشاركون فيها على ضرورة التمسك بسلمية الاحتجاجات في اليمن . وتبادل الطرفان الاتهامات بشان الاحداث التي تعرفها العاصمة صنعاء والنتائج المترتبة عن الاشتباكات بين الجانبين, اذ تتهم السلطة من تسميهم ب" عصابة اولاد الاحمر" بتأزيم الوضع ورفضهم للوساطة ومحاولة جر البلاد إلى حرب اهلية باستهدافها المواطنين والمنشئات الحكومية واطلاق النار العشوائي على المواطنين. وبالمقابل يحمل الطرف الاخر الرئيس اليمني تبعات الموقف خصوصا بعد أن أدى القصف العنيف الذي استهدف منزل الاحمر في حي الحصبة بصنعاء اول من امس إلى مقتل وجرح عدد من اعضاء لجنة الوساطة التي اصدرت بيانا حملت فيه الرئيس صالح مسؤولية التصعيد العسكري ومحاولة جر البلاد إلى حرب اهلية للتملص من التزاماته التي تعهد بها للاطراف الاقليمية والدولية بالتنحي عن السلطة بصورة سلمية من خلال المبادرة الخليجية التي رفض التوقيع عليها عدة مرات بحجج واهية.وفي خضم هذه التطورات على الصعيد الامني يستعد الالاف من مناصري الرئيس اليمني ومعارضيه لتنظيم تجمعات حاشدة غدا ككل يوم جمعة تعبيرا من عناصر الطرف الاول عن تاييدهم للشرعية الدستورية ورفضا من عناصر الطرف الثاني من الشباب المعتصمين والمعارضين لصالح عن مناورات هذا الاخير والمطالبة برحيله الفوري عن السلطة.