صالح يرفض التوقيع على المبادرة والحرب الأهلية تلوح في الأفق أعربت وزيرة الخارجية الأميركية عن خيبة أمل واشنطن لرفض الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التوقيع على المبادرة الخليجية، ودعته للتوقيع عليها. يأتي ذلك فيما علق مجلس التعاون الخليجي مبادرته لحل الأزمة في اليمن، وبرر ذلك بعدم توفر الظروف المناسبة للموافقة عليها، وسط استمرار المظاهرات المناوئة لصالح. وحثت كلينتون في بيان صدر في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية صالح على «تنفيذ التزاماته المتكررة بالانتقال السلمي والمنظم للسلطة وضمان معالجة الإرادة الشرعية للشعب اليمني»، واعتبرت أن رفض الرئيس اليمني المستمر للتوقيع على المبادرة الخليجية يصيب الولاياتالمتحدة «بخيبة أمل بشكل عميق». وقالت الوزيرة الأميركية إن صالح «الآن هو الطرف الوحيد الذي يرفض مضاهاة الأقوال بأفعال»، مشيرة إلى أن الأطراف الأخرى في الاتفاق أبدت موافقتها بالفعل عليها عدة مرات. كما أعربت عن غضب بلادها بعد علمها أن مسلحين موالين لصالح طوقوا سفارة الإمارات وبداخلها السفير الأميركي ودبلوماسيون خليجيون وغربيون. وفي اجتماع طارئ عقد بالرياض أول أمس الأحد، علق وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، العمل بالمبادرة الخليجية الخاصة باليمن بعد رفض صالح التوقيع عليها. وقال بيان للمجلس عقب الاجتماع إن المبادرة علقت بسبب «غياب الظروف الملائمة للموافقة عليها»، مضيفا أن المجلس الوزاري يتطلع لتوقيع الرئيس صالح عليها في أسرع وقت لضمان تنفيذ الاتفاق والانتقال السلمي للسلطة. وعبر المجلس عن «أسفه لمحاصرة سفارة الإمارات العربية المتحدة في صنعاء، وأشاد بجهود ومساعي ومثابرة معالي الأمين العام وفريقه». جاء ذلك بعد عودة الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني من صنعاء، وسط تأكيدات دبلوماسيين خليجيين في العاصمة اليمنية أن المبادرة الهادفة إلى إنهاء أشهر من الاضطرابات فشلت. وتنص المبادرة الخليجية على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتنحي صالح مقابل ضمانات بعدم ملاحقته قضائياً، على أن يسلم صلاحياته إلى نائبه في غضون ثلاثين يوماً، ثم تنظم انتخابات رئاسية بعد ستين يوماً. وقالت رويترز نقلا عن مصدر دبلوماسي لم تسمه «لقد فشلت (المبادرة)»، في حين أشار دبلوماسي خليجي إلى أن دول المجلس قد تسحب مبادرتها لحل الأزمة. جاءت هذه التطورات بعد تأكيد الرئيس اليمني أنه لن يوقع على المبادرة الخليجية إلاّ بحضور المعارضة إلى القصر الجمهوري، محملا إياها مسؤولية ما وصفه «بسفك الدماء». غير أن المعارضة رفضت شرط صالح. وقال صالح في كلمة بثها التلفزيون الرسمي إنه سيوقع المبادرة «إذا جاءت المعارضة إلى القصر الجمهوري لأنها ستكون شريكة في الحكومة الانتقالية»، وتساءل «لماذا لا يحضرون؟»، وأضاف موجها كلامه للمعارضة «تعالوا إلى الشرعية الدستورية للتوقيع على المبادرة». وحذر صالح من حرب أهلية في اليمن إذا أصرت المعارضة على موقفها، وقال «نحن صامدون.. إن أتوا فنحن مع السلام، وإذا لم ينصاعوا وأرادوا إدخال البلاد في حرب أهلية فليتحملوا المسؤولية». وكان دبلوماسيون خليجيون وغربيون قد حوصروا في سفارة الإمارات العربية بالعاصمة اليمنية صنعاء، واضطروا لمغادرة المجمع بمروحية بعدما حاصرهم مسلحون مؤيدون للرئيس صالح لعدة ساعات. كما قطع عشرات الآلاف من مناصري صالح في وقت سابق معظم الطرق الرئيسية المؤدية إلى القصر الرئاسي من جميع الجهات رفضا للمبادرة. وهتف بعض مؤيدي صالح قائلين «نرفض توقيع مبادرة الخليج والانقلاب على الشرعية». وفي مقابلة مع الجزيرة، أكّد المتحدّث باسم أحزاب اللقاء المشترك في اليمن محمّد قحطان التزام المعارضة اليمنية بالخيار السلمي من أجل إسقاط نظام الله صالح. وأوضح أنّ الحرب الأهلية التي يتحدّث عنها الرئيس صالح لا توجد إلا في مخيّلته. أما الثوار في ميدان التغيير بصنعاء فقالوا إن حديث صالح عن سفك الدماء لا يخيفهم ولن يَثنيهم عن المضي في طريقهم. وأضافوا أنهم سيواجهون عمليات القتل بالورود وصدور عارية حتى تحقيق مطلبهم بسقوط نظامه. جاء ذلك بينما احتشد ملايين المتظاهرين في ساحات التغيير في 17 محافظة للاحتفال بذكرى الوحدة مطالبين بإسقاط النظام. وهدد المتظاهرون بتصعيد الاحتجاجات والتحرك نحو المؤسسات الحكومية، وهو التحرك الذي سبب مواجهات دامية في وقت سابق هذا الشهر عندما أطلقت قوات الأمن النيران لوقفهم. وقد أصيب عشرة أشخاص بجروح في مدينة تعز عندما أطلقت قوات الأمن اليمني الرصاص الحي على محتجين كانوا متوجهين للمشاركة في مظاهرة للاحتفاء بذكرى تحقيق الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه.