حقق اليسار أول أمس الأحد نجاحا في انتخابات محلية في فرنسا اتسمت بخسارة جديدة مني بها اليمين الحاكم وبتأكيد فرض اليمين المتطرف نفسه على الساحة السياسية قبل سنة من الانتخابات الرئاسية. وحصل الحزب الاشتراكي على 35.74% من الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات الإقليمية على مستوى المحافظات أمام الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي ينتمي إليه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بنحو 20.23%، بينما حصلت الجبهة الوطنية (يمين متطرف) حسب تقديرات وزارة الداخلية، على 11.63% من أصل 90% من الناخبين المسجلين. وعلى غرار الأسبوع الماضي تميز الاقتراع بنسبة قياسية من الممتنعين عن التصويت تجاوزت 55% حسب النتائج الجزئية. وقالت زعيمة الحزب الاشتراكي مارتين أوبري إن «الفرنسيين فتحوا طريق التغيير التي سنسلكها»، معلنة أن حزبها سيعرض في الخامس من أبريل مشروعه السياسي تمهيدا لانتخابات 2012 الرئاسية. وعززت الجبهة الوطنية مواقعها في مختلف أنحاء البلاد رغم أنها لم تحصل سوى على نائبين في جنوب شرق البلاد. وأعربت زعيمة الجبهة مارين لوبن عن ابتهاجها بالقول «سترون كيف ستحل الجبهة الوطنية في المواقع الأولى خلال الانتخابات المقبلة, الرئاسية منها والتشريعية, إن إعادة ترتيب الساحة السياسية في فرنسا قد بدأت» معتبرة أن حزبها قد حقق رهانه بتحويل تصويت عقابي إلى تصويت ثقة لصالحه. من جهة أخرى، أكد استطلاع للرأي نشر أول أمس الأحد تقارير سابقة توقعت أن تتأهل مارين لوبن لخوض الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في فرنسا مستبعدة الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي. وتمكنت مارين لوبن التي عرفت كيف تستقطب غضب الفرنسيين من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، من وضع الإسلام ومكانة المسلمين في المجتمع بين أبرز رهانات النقاش السياسي الوطني. وقد خلفت والدها جان ماري لوبن في 16 يناير بخطاب أقل استفزازا يندرج في تيار الأحزاب الشعبوية من اليمين المتطرف الأوروبي لا سيما في سويسرا وهولندا. وأحرج نجاحها الأحد الماضي (15% من الأصوات) الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي خاض الاقتراع منقسما حول الموقف الواجب اتخاذه، في حين كانت تدور 200 مواجهة انتخابية بين الجبهة الوطنية والحزب الاشتراكي. وأثارت نداءات نيكولا ساركوزي «عدم التصويت للجبهة الوطنية ولا الجبهة الجمهورية» مع اليسار، حيرة وانقساما لدى أحزاب الوسط والداعين إلى التصويت لليسار والتصدي لليمين المتطرف. وظل اليمين الذي يعاني من تدني شعبية نيكولا ساركوزي, متحفظا بعد الإعلان عن هذه الخسارة التي أعقبت نكستي الانتخابات الأوروبية في 2009 والإقليمية في 2010. وأقر زعيم الاتحاد من أجل حركة شعبية «بخيبة أمل» الأغلبية معتبرا في الوقت نفسه أن الحزب الاشتراكي «بعيد جدا» عن النتائج التي كان يتوقعها. وفاز اليسار الذي كان يتمتع بالأغلبية في مجالس 58 محافظة قبل الاقتراع مقابل 42 لليمين, بمجالس عدة محافظات جديدة لا سيما في جورا (شرق) وبيرنيه أتلانتيك (جنوب غرب) وفي جزيرتي لاريونيون ومايوت في المحيط الهندي. وسينطلق الاشتراكيون الآن في حملة الانتخابات التمهيدية لتعيين مرشحهم إلى الانتخابات الرئاسية سنة 2012 بينما تفرز الاستطلاعات أن أفضل مرشحيهم سيكون المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس- كان، إلا أن الفوز الواضح الذي حققه الحزب الاشتراكي في هذا الاقتراع المحلي يعزز موقع زعيمة الحزب مارتين أوبري في قيادة المعارضة. وكذلك ستسمح إعادة انتخاب الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند رئيسا لمجلس محافظة كوريز (جنوب غرب) بفتح المجال أمامه لإعلان ترشيحه إلى الانتخابات التمهيدية.