في محاولة لترميم الثقة التي تآكل بنيانها بين المواطنين والإدارة، وضعت الحكومة ميثاق المرافق العمومية والذي أصبحت الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والمؤسسات المسيرة للمرافق العمومية، بمقتضاه، مطوقة بعشر التزامات اتجاه المرتفقين من المواطنات والمواطنين. وتخص هذه الالتزامات، أساسا وبشكل محوري، جودة وحسن الاستقبال، إذ ألزمت مقتضيات مشروع ميثاق المرافق العمومية الذي وضعته الحكومة، الإدارة بالنهوض بثقافة استقبال المواطنين والاستماع إليهم والاستجابة لانتظاراتهم وتيسير وصولهم للمرفق، فضلا عن إقرار ضمانات بشأن ظروف الاستقبال. وتتحدد الالتزامات العشر في تسهيل ولوج المرتفقين من الجنسين للمرفق العمومي، والحصول على المعلومات الضرورية للاستفادة من الخدمات المقدمة، وتبسيط المعاملات أمامهم والعناية بطلباتهم، ومعاملتهم بلطف ومهنية، وضمان السرية والإصغاء، وتلقي شكاياتهم ومعالجتها، مع ضمان الأمن والراحة لهم داخل المرفق العمومي. ويبدو أن ميثاق المرافق العمومية الذي حظي بمصادقة المجلس الحكومي، خلال الأسبوع الماضي، يأتي في إطار محاولة الحكومة إعادة بناء ثقة المواطنين في الإدارة التي تدهورت بشكل كبير، بل وباتت مفقودة في الكثير من الأحيان، وينظر إليها بالكثير من الشك والريبة، إلى حد أصحبت مختلف التقارير التي تنجز سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، تصف الإدارة المغربية بأسوء النعوت وترتبها في ذيل اللائحة من حيث سوء المعاملة والاستقبال وتدني الخدمات. وأوضحت الحكومة في هذا الصدد، أن وضع هذا الميثاق يندرج في إطار الجهود التي مافتئ جلالة الملك يبذلها من أجل تحديث الإدارة، حيث تضمنت خطبه الأخيرة أمام البرلمان توجيهات للحكومة بتحديث الإدارة والرفع من جودة خدماتها، كما يأتي في إطار تنزيل مضامين الدستور خاصة الفصل 12 منه، والمادة 157 المتعلقة بميثاق المرافق العمومية، والتي تنص على تحديد قواعد الحكامة الجيدة ووضع معايير لتقييم المرافق العمومية. هذا وحدد الميثاق الإطار المرجعي لكل الإجراءات والتدابير العملية التي يجب على كل إدارة اتخاذها لضمان تحقيق التزاماتها في هذا المضمار، كما حدد مضامين الدليل المنهجي لجودة الاستقبال إلى جانب حرصه على إلزامية تخصيص تكوين مجموعة من الأطر التابعة لبعض الوزارات المنخرطة في البرنامج الوطني لتحسين الاستقبال. ويقر الميثاق على أن الإدارة تختلف من حيث طبيعتها ومستوى نضجها، وهذا الأمر يترتب عليه اختلاف في الأولويات فيما يتعلق باستقبال المرتفقين، حيث يؤكد أن الجماعات الترابية مثلا تحاول تحسين استقبال مرتفقيها، كما أن العديد من الإدارات، مثل المديرية العامة للضرائب، انخرطت في برامج لتحسين الاستقبال وجودة الخدمات، ويحاول الميثاق كدليل مرجعي للاستقبال تحديد الممارسات الجيدة على هذا المستوى. ويتضمن مشروع هذا القانون إحداث مرصد وطني للمرافق العمومية يتولى مهمة رصد مستوى فعالية أداء المرافق العمومية ونجاعتها، وتقييم المخططات والبرامج التي تم تنفيذها، وكذا اقتراح التدابير والإجراءات التي من شأنها تطوير أداء هذه المرافق والرفع من جودة الخدمات التي تقدمها.