طيلة ثلاثة أيام من الأشغال المنظمة والمحكمة، انعقد مؤتمر الرابطة الأوروبية للمعاهد والأكاديميات المسرحية بمقر المعهد الوطني للمسرح ببايز. امتدت أشغال المؤتمر خلال ثلاثة أيام (22 و23 و24 مارس 2019 من الساعة 9 صباحا إلى الثامنة ليلا). استطاع كل ممثلي المعاهد، مدراء وأساتذة وطلبة، أن يتحاوروا حول مهام ومسار مؤسساتهم وأن يقترحوا بدائل حقيقية حول مناهج التكوين المسرحي، عمليا ونظريا.. وأخيرا توقفوا عند خصوصية كل معهد مسرحي وفي كيفية التقائيته مع المعاهد الأخرى. لقد قدمت كل المعاهد المنخرطة بالرابطة الأوروبية، تقاريرها بشكل مضبوط، ودافعت عن حصيلة برامجها وكل التوقعات المنتظرة. كما أن كل المؤتمرين سواسية في المشاركة والاقتراح وتحمل المسؤولية في أجهزة الرابطة. لا فرق بين أستاذ وطالب ومدير. فجهاز الرابطة خلق أصلا من أجل دعم ومواكبة الطلبة في مسارهم الدراسي الفني الاحترافي، ومواكبتهم سنة بعد التخرج. الكل ساهم في إنجاح المؤتمر، ولاشيء حدد سلفا وطبخ في دهاليز مظلمة. شكلت الجلسة الخامسة من أشغال المؤتمر، لحظة فارقة ودالة، حيث قدمت الرابطة الإفريقية للمعاهد المسرحية هويتها وأهدافها، ممثلة بمكتبها الإفريقي والمتكون من الفنانين، سعيد أيت باجا، محمد بوبو، فريد الركراكي ومحمد أمين بنيوب، باعتبار الرابطة مؤسسة وسيطة ذات الطابع التمثيلي لكل المعاهد المسرحية الإفريقية وأيضا بمثابة جسر ثقافي وإبداعي بين شباب ضفتي الجنوب والشمال. لقد طرح مكتب الرابطة الإفريقية خطابا مبنيا على التعاون والشراكة، شراكة منتجة ونوعية وليس استجداء الدعم المالي، شراكة مستندة على قيم العدالة الثقافية ومتركزة على مبادىء الحقوق الثقافية والفنية والتنموية المشتركة بين الأمم والتي تعتبر دستورا كونيا لكل مواطني العالم.. لأن ما يجمع شعوب جنوب شمال، تنوعهم الثقافي وغنى حضارتهم وقدرتهم اليوم على صنع عالم جديد، مؤسس للتعايش والحوار ونشر ثقافة السلام . لقد طرحت الرابطة الإفريقية، مقاربة المملكة المغربية في القارة الإفريقية ودورها الاستراتيجي كجسر حقيقي ما بين أووربا وإفريقيا، مقاربة تعتبر الرأسمال البشري الإفريقي كخزان ثقافي وحضاري وليس النظر إليه كعابر ومهاجر سري عبر القارات. لقد أجمع جل المؤتمرين على مقترحات الرابطة الإفريقية وتم تضمينها في الخلاصات والتقرير النهائي للمؤتمر. وسيعقد بشأنها خلال منتصف هذه السنة، لقاءات عمل وعقد شراكات تسهر على تنفيذها لجنة مشتركة ما بين الرابطتين الأوروبية والإفريقية. مؤتمر حضاري بامتياز.. بلا نقطة نظام ولا ضجيج ولا تجيييش.. والرابطة الإفريقية تخلق الحدث.. مسرحيا هو، إذن، توجه جديد ونظرة متفائلة للتعاون الفعلي شمال جنوب. مرحلة يفسح المجال فيها لثقافة وفنون وإبداع الشعوب، لتشييد عالم إنساني متشبع بقيم الديمقراطية الثقافية والمساواة وتناسج الثقافات. القارة الإفريقية، يمكن لها أن تشكل القاطرة في هذا التحول والمسار، والمغرب يمكن أن يلعب دور الوسيط و المحرك لمشروع ثقافي إفريقي واعد. ولتحقيق هذا المسعى، يتعين على السلطات العمومية وأجهزتها تقديم كل الدعم والمساندة، حتى تتمكن الرابطة الإفريقية للمعاهد المسرحية من خلق ديبلوماسية مدنية ثقافية وفنية فاعلة ومدعمة لسياسة المغرب في العمق الإفريقي. الثقافة والفنون والإبداع، عمق هذا المشروع وأحد مداخله الكبرى.