قال عضو المجلس الثوري عن حركة فتح، وزير شؤون القدس السابق حاتم عبد القادر: "إن مكمن المشكلة في أننا ما زلنا متواجدين في مربع المفاوضات، منذ ربع قرن من الزمن"، مردفًا أن كل الشواهد والتداعيات منذ ذلك الحين أكدت أنه لا جدوى من وجودنا في هذا المربع. وتابع عبد القادر أن "مطالبة الرئيس عباس في خطابه بالأمس في مجلس الأمن بآلية دولية جديدة تطرح تساؤلًا حول إذا ما كانت هناك آلية دولية فعلًا يمكن أن تضغط على إسرائيل"، مجيبًا في ذات الوقت بأنه لا يمكن ذلك على الإطلاق. وشدد على أن "مسار المفاوضات ليس صحيحًا ولا جدوى منه، ولن نجني مه شيئًا، بل على العكس سيعمل على زيادة تصلب المواقف الإسرائيلية وتشددها وسيزيدها تنكرًا للحقوق الفلسطينية". وتابع "أن نكسب دعم المجتمع الدولي فهذا شيء مهم، مستدركًا أن "هذا الدعم يستطيع المجتمع الدولي أن يترجمه إلى إجراءات على الأرض، من شأنها أن تكبح جماح هذا التغول الإسرائيلي على الحقوق الوطنية الفلسطينية وعلى مدينة القدس". وأضاف أن "الحكومة الإسرائيلية موقفها واضح وسياستها واضحة، بشأن تحويل المناطق الفلسطينية إلى كانتونات وضم الضفة الغربية إلى إسرائيل"، لافتًا في ذات الوقت إلى أن ما يشجع إسرائيل على هذه السياسة، هو استمرار وجودنا في مربع المفاوضات عديم الجدوى. وفيما يخص مواجهة قرار الرئيس الأمريكي "ترمب" بشأن القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل ونيته نقل سفارة بلاده إليها، قال عبد القادر: "إن مواجهة هذا القرار لن تكون لا بقرارات ليس لها رصيد ولا من خلال خطابات، ولكنه يكون فقط بتحديد جديد لحالة الصراع مع إسرائيل وتوحيد الفصائل الفلسطينية وإنهاء الانقسام." واستطرد قائلًا: "الجهد الذي نبذله من أجل المفاوضات، لو بذلناه من أجل إنهاء الانقسام كنا تخلصنا منه منذ زمن بعيد"، مشددًا على أن الرؤية التفاوضية لن تحقق شيئًا، بل ستجر الشعب الفلسطيني إلى ما هو أسوء من هذه الأوضاع. ودعا عبد القادر القيادة الفلسطينية إلى مراجعة نفسها في كل مسيرة السلام وبالتالي البحث عن خيارات أخرى. واكد أن "الشعب الفلسطيني لم يعدم خياراته، وأنه إذا ظنت القيادة الفلسطينية أن الخيار الوحيد أمام الشعب الفلسطيني هو اللهاث وراء المفاوضات فهي مخطئة، والتاريخ يثبت أن أمام الشعب الفلسطيني العديد من الخيارات ولكن يجب تفعيل هذه الخيارات على الأرض في مواجهة الأطماع الإسرائيلية". يذكر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطاب أمام مجلس الأمن الدولي، دعا إلى إقامة مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط بحلول منتصف هذا العام. وقال الرئيس عباس "ندعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام 2018، يستند لقرارات الشرعية الدولية، ويتم بمشاركة دولية واسعة تشمل الطرفين المعنيين، والأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمين والرباعية الدولية". ووصف المؤتمر المقترح بأنه سيكون "على غرار مؤتمر باريس للسلام أو مشروع المؤتمر في موسكو كما دعا له قرار مجلس الأمن 1850". *** اتفاق الغاز مع مصر… بوابة صفقات لإسرائيل مع العرب واصل الاحتلال الإسرائيلي الاحتفال بصفقة بيع الغاز لمصر، حيث أكدت الأوساط الاقتصادية هناك أن الاتفاق مع القاهرة سيؤدي إلى تحول إيجابي هائل على الأوضاع المالية لإسرائيل وسيفتح الباب أمامها لعقد مزيد من صفقات بيع الغاز وتطبيع العلاقات مع دول عربية أخرى ولا سيما الخليجية، وفي المقابل رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالاتفاق معبراً عن "سعادته للغاية" بما أبداه المصريون من اهتمام بشأن صفقة استيراد بلاده للغاز الطبيعي من إسرائيل بقيمة 15 مليار دولار، حرصاً على وطنهم ومقدراته. وقال السيسي "ليس لدينا ما نخفيه في هذا الموضوع على الإطلاق، وإحنا جبنا جول (هدف) كبير أوي (قوي)، وهذا ستكون له إيجابيات كبيرة جداً". وأضاف السيسي، خلال افتتاح مركز خدمات المستثمرين بمقر وزارة الاستثمار، أن "الموضوع (الصفقة) حاز على اهتمام كبير من جانب الشعب المصري خلال اليومين الماضيين، ولكن الأمر يتطلب ضرورة في الإلمام بكافة عناصره، واليوم مصر وضعت قدمها على طريق أن تكون مركزاً إقليمياً للطاقة في المنطقة، وهذا أحلم به منذ أربع سنوات". وتابع أن "الحكومة ليست طرفاً في الصفقة التي جرى توقيعها أخيراً لاستيراد الغاز الإسرائيلي على مدار 10 سنوات، فالأمر يخص القطاع الخاص، ولكن نحن كدولة نتصدى، لأنه لا يوجد شيء نخفيه، وعندنا تسهيلات ومنشآت للتعامل مع الغاز في مصر غير موجودة في دول شرق المتوسط، وسنحصل على رسوم مرور الغاز من الشركة المستوردة". وسعى السيسي في كلمته إلى طمأنة الرأي العام بأن مصر تسعى لتبوّء مكانة جيدة في مجال الغاز. وقال: "الاستخدام الأفضل للغاز اقتصادياً إنك تعمل (قيمة مضافة) على غرار مصانع السماد والبتروكيماويات، وكل ما تتقدم هذه الصناعة، العائد يتعاظم، فأرخص تكلفة أو عائد للغاز الطبيعي أن تستخدمه كمصدر طاقة في السيارات أو المنازل". وأفاد السيسي بأن حجم فاتورة استهلاك المشتقات البترولية في مصر يقترب من 1.3 مليار دولار شهرياً، بما يتجاوز 13 مليار دولار في العام الواحد، مشيراً إلى حرص النظام على منح الفرصة لكل رجال الأعمال والمستثمرين الجادين، خاصة أن المؤسسة التشريعية وضعت تصوراً لبيئة تشريعية حاكمة وناضجة. ومهّد مجلس النواب المصري للصفقة الأضخم مع إسرائيل، بموافقته النهائية في 5 يوليو الماضي، على مشروع قانون مقدم من حكومة السيسي، يسمح لشركات القطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي، وتسويقه، وبيعه في السوق المحلي. وقبل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن الصفقة بأيام قليلة، أصدرت الحكومة المصرية في 14 فبراير الجاري، اللائحة التنفيذية للقانون الذي يفتح الطريق أمام شركات القطاع الخاص لاستيراد الغاز. وفي الجهة الأخرى، رحبت الأوساط الاقتصادية في إسرائيل بالصفقة، مؤكدة أنها ستسمح بتعزيز التحالف مع نظام السيسي وستشجع المزيد من الدول العربية، لا سيما الخليجية، على التوصل لصفقات اقتصادية ضخمة مع إسرائيل قريبا. وعلى عكس تصريحات السيسي بأن الحكومة ليست لها علاقة بالصفقة، رفض المعلق الاقتصادي الإسرائيلي عيران بار طال المزاعم التي تقول إن الصفقة وقعت بين شركات قطاع خاص، مشددا على أنه سبقت توقيع الصفقة مباحثات طويلة جرت بين الحكومتين المصرية والإسرائيلية. وفي تحليل نشره موقع صحيفة "يسرائيل هيوم"، مساء أول من أمس أشار بار طال إلى أن نظام السيسي أوعز بإحداث تغيير على الدستور المصري بحيث يتيح المجال أمام توصل شركات القطاع الخاص المصرية لاتفاقات تسمح باستيراد الغاز الإسرائيلي، مشيرا إلى أن النظام غير معني أن يظهر كمن يقف وراء الصفقة. من ناحيته، قال المعلق في صحيفة "جيروزاليم بوست" هيرب كينون، إن أهمية صفقة الغاز مع مصر لا تكمن فقط في عوائدها الاقتصادية المباشرة التي ستفضي إلى إحداث طفرة في ما تجنيه إسرائيل من ضرائب من الشركات التي تتولى استخراج الغاز وتصديره لمصر، بل إنها تمثل أيضا مقدمة للتوصل لتفاهم يقضي بأن تتحول مصر إلى محطة لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا وآسيا. وأشار في تقرير نشره موقع الصحيفة، إلى أن الصفقة ستعزز ارتباط نظام السيسي بإسرائيل بسبب إدراك النظام للحاجة للمحافظة على المصالح الاقتصادية المصرية. وأعاد كينون للأذهان ما أشار إليه وكيل الخارجية الإسرائيلي السابق دوري غولد، الذي اعتبر أن صفقات الغاز مع الدول العربية ستسهم في المرحلة الأولى في "تطبيع تفاعلات" المصالح كمقدمة لتطبيع العلاقة مع "الشعوب". ولفت إلى أن صفقتي الغاز اللتين وقعتهما إسرائيل مع كل من مصر والأردن ستقودان إلى تحول استراتيجي واقتصادي، متوقعا أن يشجع التوقيع على الصفقتين الدول الخليجية "التي تقف في الطابور" حاليا في انتظار الظروف التي تمكن هذه الدول من التوقيع على صفقات ضخمة مع إسرائيل. وشدد كينون على أن الصفقة مع مصر تحديدا ترسل رسالة واضحة للجمهور العربي بأن الاتجار مع إسرائيل "ليس فقط مقبولا بل بات مربحا أيضا"، على حد تعبيره. أما صحيفة "جيروزاليم بوست"، فقد أشارت في افتتاحيتها، إلى أن توقيع شركتي "ديلك" و"نوبل إينيرجي" اللتين تتوليان استخراج الغاز من حقلي "تمار" و"ليفيتان" على الصفقة الأضخم مع شركة "دولفيناس" المصرية يدلّل على تهاوي مزاعم المشككين في عوائد التنقيب عن الغاز في حوض البحر المتوسط الذين اعتقدوا أن العرب لن يوافقوا على شراء الغاز من إسرائيل. ولفتت الصحيفة إلى أن الغاز الإسرائيلي في مرحلة قادمة سيتم نقله إلى مصر ومن ثم إسالته هناك ونقله في حاويات إلى الأسواق الأوروبية والعالمية. وأضافت الصحيفة أن الصفقة ستعزز المكانة الجيوسياسية لإسرائيل من خلال توفير بيئة تسمح بتعزيز التطبيع بين الجانبين، مشيرة إلى أن الصفقات مع الدول العربية ستحسن فرص التوصل لصفقات مماثلة مع كل من قبرص واليونان وتركيا وبلجيكا. وشدّدت الصحيفة على أن عوائد الصفقة مع مصر ستمكن الشركات التي تعمل لصالح إسرائيل من توفير مخصصات لإجراء المزيد من عمليات البحث عن الغاز في حوض المتوسط إلى جانب تطوير الحقول القائمة بالفعل، مشيرة إلى أن الوفرة في إنتاج الغاز ستمكن إسرائيل من التوقف عن استخدام الفحم في إنتاج الطاقة، ما يسمح بتوفير بيئة نقية تضمن تحسين الأوضاع الصحية للإسرائيليين. وأضافت الصحيفة أن حوالي نصف احتياطات الغاز الإسرائيلية التي تقدر ب1000 مليار متر مكعب ستكون مخصصة للتصدير، حيث إن إسرائيل تحتاج سنويا إلى حوالي 10 مليارات متر مكعب سنويا. من ناحيته، قال كبير الخبراء الاقتصاديين في سلطة الغاز الإسرائيلية ميكي كورنر، إن الصفقة ستزيد من حجم إيرادات إسرائيل بشكل جدي، مشيرا إلى أن وزارة المالية في تل أبيب ستحصل على حوالي 60% من قيمة صفقة الغاز مع مصر كضرائب تفرض على الشركات المنتجة. ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست"، في عددها الصادر أمس، عن كورنر قوله إن إسرائيل ستحصل على 12.5% من الصفقة كضريبة ملكية، و23% من قيمتها كقيمة أرباح، و24% كضريبة دخل. وشدد على أن عوائد صفقة الغاز ستمكن شركتي "ديلك" و"نوبل إينيرجي" من تغطية "نفقاتهما الرأسمالية". من ناحيته، قال كبير المعلقين في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا، حاييم شاين، إنه بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية الكبيرة التي سيتمتع بها "مواطنو إسرائيل"، فإن صفقة بيع الغاز لمصر تنطوي على "قيمة أمنية استراتيجية من الطراز الأول". وفي مقال نشره موقع الصحيفة، أمس، سخر شاين من قوى اليسار الإسرائيلي، معتبرا أن الصفقة تدلل على صواب المواقف التي تتخذها حكومة اليمين المتطرفة تجاه الصراع مع الفلسطينيين. وقال إن "معسكر السلام" في إسرائيل ينظر بذهول إلى نجاح حكومة اليمين الإسرائيلي في تدشين علاقات قوية مع دول عربية في الوقت الذي تصر فيه هذه الحكومة على عدم التخلي عن أراض لصالح الفلسطينيين". ونقل موقع "جيروزاليم بوست" عن مدير شعبة الاستراتيجيات والبحث في "اتحاد المنقبين عن الغاز الطبيعي" في إسرائيل أمير بوستر، قوله إنه حتى بعد أن تتمكن مصر من استغلال حقل "ظهر" فإن التقديرات تؤكد أن ما سينتجه الحقل لن يكون كافيا لسد حاجة السوق المصري.