يحسم دونالد ترامب الذي انتخب رئيسا بناء على خطاب حازم حيال الهجرة، ملفا حساسا يتعلق بمصير مئات آلاف الشباب الذين لا يملكون تصاريح اقامة قانونية وسمحت لهم الادارة السابقة بالبقاء في الولاياتالمتحدة حيث اندمجوا الى حد كبير في المجتمع الاميركي. وكان برنامج "الإجراء المؤجل للقادمين في مرحلة الطفولة" (ديفيرد اكشن فور تشايلدهود ارايفالز – داكا) يهدف إلى إضفاء صفة قانونية إلى أوضاع المهاجرين الذين دخلوا بطريقة غير مشروعة الى الولاياتالمتحدة مع اهاليهم وهم أطفال والسماح لهم بالدراسة والعمل علنا. ويؤكد البيت الأبيض منذ أيام أن عددا من الخيارات مطروحة للبحث ويحذر من التسرع في التوصل إلى استنتاجات قبل الاعلان الرسمي للقرار. لكن هناك احتمال يطرح باستمرار وهو أن الرئيس السبعيني الذي يبدو مصمما على إعطاء ضمانات لقاعدته الانتخابية، قد يعمد إلى إنهاء هذا البرنامج الرمزي لكن مع تحديد مهلة ستة أشهر لمنح الكونغرس الوقت اللازم للتوصل إلى حل لهؤلاء المهاجرين البالغ عددهم 800 ألف ومعظمهم من أميركا اللاتينية. في المعسكر الجمهوري، تحذر أصوات منذ أيام من محاولة إلغاء هذا البرنامج بشطبة قلم، في قرار يعرض للطرد هؤلاء الشباب "الحالمين" الذين تطلق عليهم هذه الصفة استنادا إلى مشروع قانون لتعديل تشريعات الهجرة لم يتم تمريره في الكونغرس ويسمى "قانون الحلم" (دريم آكت). ولخص السناتور الجمهوري جيمس لاندفورد الشعور بالاستياء بجملة واحدة، قائلا "كاميركيين لا نحمل الأطفال قانونيا مسؤولية افعال أهلهم". لكن التوصل إلى تسوية في الكونغرس خلال بضعة أشهر حول قضية تسبب انقساما في وواشنطن منذ سنوات، هدف بعيد المنال. والسؤال المطروح هو ماذا سيحصل إذا لم يتم التوصل إلى أي حل خلال المهمة التي تحددها الرئاسة؟ وتجدر الإشارة إلى أن دونالد ترامب الذي شكل خطابه الناري حول الهجرة صلب حملته الانتخابية، عبر منذ وصوله إلى البيت الأبيض عن شكوكه وتردده حيال مصير هؤلاء الشباب. وهو قال قبل أشهر إن هذه القضية "بالنسبة لي من أصعب المواضيع"، مؤكدا رغبته في بحثها "بمحبة". وقال خلال حديث مقتضب مع صحافيين الجمعة في مكتبه الرئاسي "نحب الحالمين"، في عبارة لا تكشف شيئا. ألمح المقربون من ترامب في عطلة نهاية الأسبوع إلى أن القرار الرئاسي سيتخذ بناء على اعتبارات اقتصادية. وقالت كيليان كونواي مستشارة ترامب إن الرئيس "يريد أن يفعل ما هو منصف للعامل الأميركي، لسكان هذا البلد الذين يكافحون للحصول على وظائف". ويبدو جزء كبير من عالم الأعمال وخصوصا شركات التكنولوجيا المتطورة في وادي السيليكون في حالة استنفار ضد اي تشكيك في المرسوم الذي يؤمن للشبان الذين وصلوا إلى الأراضي الأميركية قبل سن السادسة عشرة ولا سوابق قضائية لهم، تصريحا بالإقامة لمدة سنتين قابلة للتمديد. وغير مارك زاكربرغ أحد مؤسسي فيسبوك صورته على الموقع ليضع بدلا منها صورة مرفقة برسالة بسيطة تقول "ادعم داكا". وقال رئيس مجلس إدارة مجموعة آبل تيم كوك إن "250 من زملائي في آبل هم حالمون وأنا معهم. إنهم يستحقون احترامنا وحلا يليق بالقيم الأميركية". ويمكن أن يدفع هذا القرار المنتظر بترقب بالغ للرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، سلفه الديموقراطي إلى إبداء موقف. وفي آخر مؤتمر صحافي عقده في 18 يناير قبل رحيله من البيت الأبيض، عبر باراك أوباما عن رغبته في البقاء بعيدا عن الحياة السياسية، لكنه عدد الظروف التي يمكن ان تدفعه الى الخروج عن صمته إذا واجهت "القيم الأساسية" لأميركا تهديدا. وقال "أضع في هذه الفئة الجهود التي تهدف إلى طرد الأطفال الذين كبروا هنا وهم من حيث كل المعايير أطفال أميركيون"، مدينا فكرة معاقبة "هؤلاء الأطفال الذين لم يفعلوا أي شيء سيء" لأسباب محض سياسية.