خلال هذه السلسلة الرمضانية، سيغوص “برلمان.كوم” بقرائه في عالم شخصيات طبعت تاريخ المغرب المعاصر في مجالات متعددة، الفن والرياضة والفكر والسياسة والعمل الاجتماعي، بالإضافة إلى المال والأعمال. "برلمان.كوم" وليقربكم أكثر منها، ارتأى تقديم بطاقة تقنية عن تلك الشخصيات مسلطا الضوء على حياتها وأهم أعمالها، والأحداث التي أدخلتها سجل التاريخ المغربي المعاصر من بابه الواسع. في هذه الحلقة، سنقدم نبذة عن المرحوم عبد القادر الراشدي، الذي يعد من بين أكبر رواد الموسيقى والأغنية المغربيتين، وأهراماتها، إذ خولت له عبقريته أن يتبوأ مكانة التربع على كرسي الريادة في مجال اللحن ووضع المقطوعات الموسيقية على مدى نصف قرن من الزمن. بداية مساره الفني وتأسيس فرقة الجوق الوطني ولد الموسيقار عبد القادر الراشدي سنة 1929، وكان ملازما للفنان والزجال أحمد الطيب العلج لفترة طويلة من الزمن، رحل إلى العاصمة الرباط في سن صغيرة وكون، رفقة كل من الفنانين أحمد البيضاوي وصالح الشرقي، وسمير عاكف، وعبد النبي الجيراري، المجموعة التي كونت الفرقة الوطنية إلى أن انضاف إليها بعد الاستقلال محمد بنعبد السلام وعبد الرحيم السقاط والمعطي بنقاسم وعباس الخياطي. ساهم في تأسيس فرقة المتنوعات التي اندمجت مع الجوق الوطني برئاسة بنعبد السلام، حيث أبدعت في أداء مجموعة من الأغاني مثل “يا الغادي في الطوموبيل”، و”مولات الخال”، و”بلغوه سلامي”، “أنا مخاصم خليني”، “يا حبيب القلب فين”. وتم الاتفاق بين عبد القادر الراشدي وأحمد البخاري على تأسيس جوق مكناس الإسماعيلية الذي كان الهدف منه تضييق الخناق على بن عبد السلام الذي خرج بألبوم جديد أثار جدلا فنيا آنذاك عنوانه، “أنا الرباطي وانت السلاوي”. تلحينه للعديد من الأغاني الخالدة وضع عبد القادر الراشدي الألحان للعديد من القطع الوطنية، الدينية والعاطفية، التي أداها مطربون رواد وخاصة الراحل إسماعيل أحمد الذي شكل معه ثنائيا متميزا، في مجموعة أغاني، منها “يا مراكش يا وريدة”، “حبيبي لما عاد”، كما تعامل مع عبد الهادي بلخياط، وعبد الوهاب الدكالي في بداياته، كما لحن وأدى القطعة الوطنية المعروفة بنشيد العودة، بمناسبة رجوع الملك محمد الخامس من المنفى. واهتم الراشدي بتأليف مقطوعات خالدة ومجموعة معزوفات اعتبرت تحفا نادرة، من بينها، “الربيع- عواطف” و”فرحة غانا”، و”بهجة غينيا”، وتبقى الأكثر شهرة وذيوعا والخالدة التي لا تبلى هي رقصة الأطلس، التي لحنها وأداها الراشدي سنة 1948 واشتهرت داخل المغرب وبالعالم العربي وغيره، واكتسحت جميع الأمكنة. ولحن الراشدي المعزوفة، بإلحاح من عثمان جوريو، وهو أحد الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944، وأداها بمخيم عين خرزوزة بالقرب من مدينة أزرو، عازفا على العود، وصاحبته أصوات أطفال تلامذة مدرسة محمد جسوس الوطنية، كان ذلك بحضور رواد من الحركة الوطنية من بينهم المهدي بنبركة، والزعيم الاتحادي عبد الرحيم بوعبيد. بروزه بعد الاستقلال مباشرة بعد الاستقلال، وخلال عقد الستينات سيبرز إسم عبد القادر الراشدي بمجموعة من الألحان الشهيرة منها رائعة “ماشي عادتك هاذي” التي غناها الراحل إسماعيل أحمد، إضافة إلى أغاني “المثل العالي” و”محمد شفيعنا الهادي” أو “يا قاطعين الجبال” إضافة إلى مجموعة أخرى من القطع التي برزت بها الأصوات المغربية منها “على غفلة” و”أمري لله” لنعيمة سميح و”غابوا لحباب” لمحمد الحياني و”خيي” و”مغيارة”للطيفة رأفت، وغيرها من الروائع التي فاقت 300 أغنية أغنى بها خزانة الأغنية المغربية. وغادر عبد القادر الراشدي الدنيا إلى جوار ربه سنة 1999 في 23 شتنبر.