.. هم نجوم طبعوا الأغنية المغربية بإبداعاتهم الرائعة، وتميزوا بإسهاماتهم وبأفكارهم وعملهم الفني النير، منهم شعراء وزجالون، ومنهم ملحنون ومطربون وموسيقيون ومغنون .. هؤلاء الرواد تركوا علامات بارزة في التاريخ الفني الموسيقي المغربي منذ بداية انطلاقته في بداية الثلاتينات من القرن الماضي . عبد القادر الراشدي 1929 1999 صاحب «رقصة الأطلس» وأناشيد الحركة الوطنية عبد القادر الرباطي الراشدي من مواليد حي سيدي العواد بمدينة الرباط سنة 1929 ، بدأ تعليمه الأولي بالمسيد لقراءة القرآن ثم المدرسة حتى الشهادة الإبتدائية . وبدأ مسيرته الفنية وهو لازال صغير، كانت والدته هي إحدى العوامل الأساسية التي غرست فيه بذرة العشق الموسيقي، حيث كانت مولوعة بالموسيقى ، درس أصول الموسيقى العربية و تتلمذ على يد كبار الأساتذة كعبد السلام بنيوسف والفقيه محمد السبيع وإلكسي شوتان ، بمعهد دار مولاي رشيد بن يوسف للموسيقى الأندلسية بالرباط ، الذي كان يديره عمر الوالي . تشبع منذ طفولته بإيقاعات الإنشاد الصوفي . وحفظ الموشحات والطرب الشرقي وكان يستمع إلى قصائد الملحون والأهازيج الشعبية . كما علمه أخوه آلة العود . تعلم الطرب الأندلسي ثم الثقافة الموسيقية التي كانت تقتصر على معرفة أوزان وإيقاعات الموسيقى الأندلسية ، كانت بدايته مع الملحون والموسيقى الأندلسية . قال الراشدي: «.... منذ ذلك الوقت وأنا لدي غيرة وولع فني ، ولا أعرف الدوافع التي تدفعني إلى الموسيقى». بدأ الإحتراف الموسيقي في مطلع سنة 1944 عندما انظم إلى جوق الاتحاد الرباطي الذي كان يترأسه عبد النبي الجيراري ، وبعد سنتين أسس جوق التقدم مع مجموعة من المطربين وأصبح يقوم بإحياء حفلات الأعراس في مدينة الرباط ... بدأ يلحن بعض المقاطع الموسيقية الصامتة ، كما كان يستدعى إلى مخيمات الأطفال كمخيم مدارس محمد الخامس . في سنة 1947 ذهب إلى مخيم عين خرزوزة . كما أن رقصة الأطلس ظهرت سنة 1948 داخل مخيم للأطفال . أنتج أول أعماله فأبدع أغاني وطنية ، ثم قطع أخرى مثل «الربيع» و»رقصة الأطلس». كون رفقة كل من أحمد البيضاوي، وصالح الشرقي، سمير عاكف، عبد النبي الجراري، الفرقة الوطنية والتي انضاف إليها بعد الإستقلال محمد بن عبد السلام وعبد الرحيم السقاط والمعطي بنقاسم والعباس الخياطي . ساهم الراشدي في تأسيس فرقة المتنوعات التي اندمجت مع الجوق الوطني برئاسة بن عبد السلام حيث برز منها المطرب عبد الوهاب الدكالي بأغاني «يالغادي في الطونوبيل»، «مولات الخال بلغوه سلامي» ، «أنا مخاصم خليني» . ثم برز عبد الهادي بالخيط بأغاني مثل «ياحبيب القلب فين». تم الإتفاق بين عبد القادر الراشدي وأحمد البيضاوي على تأسيس جوق مكناسالإسماعيلية الذي كان الهدف منه تضييق الخناق على بن عبد السلام الذي خرج بألبوم جديد أثار جدلا فنيا أنذاك عنوانه «أنا الرباطي وأنت سلاوي»، ثم «يازهرة جيبي الصينية»، و«عويشة جيبي القلة» و«الصنارة». وبعد نجاح جوق الإسماعيلية تم تأسيس الجوق الجهوي لمدينة طنجة الذي سيخلف عبد القادر الراشدي أحمد البيضاوي على رأس الجوق الوطني للإذاعة والتلفزة . ترأس لجنة الألحان بالإذاعة والتلفزة . كانت الأغنية الدينية المجال المفضل لديه ، فأهدى للخزانة المغربية أغاني خالدة مثل : «يامحمد ياشفيعنا الهادي» و«المدد المدد يارسول الله» و«مضي بها لك» و«ياقاطعين لجبال». كما لحن أغاني عاطفية لكل من نعيمة سميح، سميرة بنسعيد ، وعزيزة جلال. كان من الأوائل الذين عملوا في الجوق الذي أسسته إذاعة راديو المغرب سنة 1952. إلا أن أحداث سنة 1953 ونفي محمد الخامس تقلص نشاط هذا الجوق ، كما أن الراشدي توقف عن العمل بالجوق وقام بتلحين الأناشيد الوطنية للحركة الوطنية . وغادر الإذاعة الوطنية التي كان يتحمل المسؤولية داخلها عبد الله شقرون . ومن أعماله رائعته الموسيقية «رقصة الأطلس» التي لحنها في مخيم خرزوزة بالقرب من مدينة أزرو مع تلاميذة مدرسة محمد جسوس وأساتذتها هذه المدرسة التي أسسها الوطنيون . وبعد رجوع محمد الخامس من المنفى سنة 1955 عاد إلى جوق الإذاعة الذي أصبح يسمى بجوق العصري لدار الإذاعة الوطنية. عبد القادر الراشدي كان وراء بروز العديد من الأسماء الفنية المغربية من مطربين ومطربات باعتباره ملحنا ورئيسا للجوق الوطني، مثل الفنانة نعيمة سميح التي لحن لها «على غفلة»، «جاري ياجاري»، «أمري لله» وبعدها برزت الفنانة لطيفة رأفت، عندما غنت له «دنيا»، «مغيارة» . سيتحول الجوق العصري سنة 1959 في عهد المهدي المنجرة ( مدير الإذاعة أنذاك) إلى جوق ضخم يسمى جوق المتنوعات كان يرأسه محمد بن عبد السلام و بعده تم تعيين الراشدي على رأس جوق إذاعة طنجة الجهوية ، واستطاع أن يخلق جوقا قويا في الأداء والتسجيل .. ثم عاد إلى إلى مدينة الرباط سنة 1964 ليصبح رئيسا للجوق الوطني خلفا لأحمد البيضاوي واستمر في عمله إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1989 . تعددت مجالات إبداعات الراشدي في لحن الأغاني العاطفية والأناشيد الوطنية والإبتهالات الدينية وألف معزوفات متعددة، استخدم إيقاعات شعبية محضة من قبيل الإيقاع الخماسي في أغنيته الدينية «يامحمد يا شفيعنا الهادي». تم تكريمه في حفل خاص بمدينة المحمدية سنة 1991، كما تم ترشيحه لنيل جائزة المجمع العربي للموسيقى في مؤتمر 15 بلبنان في ماي 1999 . ومن ألحانه «عدت ياخير إمام»....ومن أناشيده الوطنية «حب الوطن من الإيمان» و»أنشودة الإستقلال»... فهو يعتبر من معلمات الفنية الثابتة ورمزا من رموز الحركة الفنية في المغرب . قضى 24 سنة في رئاسة الجوق الوطني، و30 سنة في رئاسة جوق التقدم والجوق الجهوي لطنجة ، ولحن أكثر من 300 أغنية . التحق عبد القادر الراشدي بالرفيق الأعلى بمدينة الرباط يوم 23 شتنبر 1999. أحد رواد الحركة الموسيقية في المغرب، ومن مؤسسي الموسيقى العربية العصرية . لقد صنعوا المجد لوطنهم ورسخوا معالم الأغنية المغربية بصفة عامة والأغنية الأمازيغية والشعبية و العصرية بصفة خاصة ، ومزجها بعضهم بفن العيطة التي هي مكون أساسي من مكونات تراث غنائي شعبي أصيل . كما يوجد من بينهم نجوم في الموسيقي الأمازيغية التي لها مسار فني غني بتجربة متميزة. ومنهم من أسس لأغنية مغربية عصرية وارتقوا بها إلى مستوى عال .. ومنهم من حافظ على مكانة الموسيقى الأندلسية (طرب الآلة) بالمغرب التي هي متميزة بمدارسها الثلاثة الرئيسية : مدرسة عبد الكريم الرايس بفاس، مدرسة أحمد الوكيلي بالرباط، ومدرسة محمد العربي التمسماني بتطوان . ثم فن السماع والملحون والإيقاع ... هؤلاء النجوم قدموا للفن الموسيقي وللأغنية المغربية وللحن خدمات جليلة ، استطاعوا بأعمالهم الجميلة حمل مشعل التراث الفني الأصيل للأغنية واللحن والموسيقى بالمغرب، ومن ثمة إيصال هذا التراث الفني إلى الأجيال الصاعدة، وربطوا الجسور مع الأجيال المقبلة ، قبل أن يودعونا ، تاركين لنا أجمل الأعمال الخالدة. والتي من الصعب أن نجد رجالا بقيمة الرواد الأولون.