سعيد وشريف كواشي، شقيقان يتيمان من أصول جزائرية، هاجر والداهما إلى فرنسا في السبعينيات ليولد الطفلان في باريس عامي 1980 و1982، ويقضيا مع شقيقهما الثالث وشقيقتهما الصغرى الفترة الممتدة بين عامي 1994 حتى 2000 في مركزٍ للأحداث. وعند خروج الأشقاء من المركز، أكد رئيس المركز جاهزيتهم للاندماج في المجتمع موضحاً أنهم لم يتسببوا يوماً في أي إزعاج لمن حولهم، بل وأظهر ثلاثة منهم حباً للدراسة بخلاف شريف الذي كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم شهير، وبالفعل حصل فيما بعد على شهادة مدرس ألعاب رياضية. سعيد الشقيق الأكبر (34 عاماً) لم يثر الاهتمام أو الشكوك قبل ضلوعه في الهجوم الإرهابي على أسبوعية “شارلي إيبدو”، وذلك بعد العثور على بطاقة الهوية الخاصة به التي تم العثور عليها داخل سيارة ستروين سوداء استخدمها الجناة للهروب من مسرح الجريمة والتي كانت تحوي أيضاً علم القاعدة الأسود. وعلى الرغم من ذلك، كان سعيد معروفاً من قبل السلطات المختصة بسبب رحلةٍ قام بها إلى اليمن، عام 2011، حيث تدرب على استخدام مختلف أنواع الأسلحة، بحسب مصادر أمريكية. وفي هذا الإطار، كانت وزيرة العدل الفرنسية “كريستيان توبيرا” قد أكدت، دون تحديد الاسم، أن أحد الشقيقين زار اليمن مرتين متتاليتين. شريف كواشي (32 عاماً) وهو الشقيق الأصغر، كان قد انخرط في عالم الجريمة منذ صغره قبل أن يتجه إلى التطرف في بداية الألفية، عندما بدأ بالتردد على مسجد “الدعوة” في الدائرة 19 شمال باريس، حيث تعرف على الإمام السلفي “الأمير فريد بن يتّو” الذي كان يستقطب شباب المسلمين لتحريضهم على الانضواء تحت لواء “أبو مصعب الزرقاوي” والقتال معه في “جهاده” ضد تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية في العراق. ومنذ ذلك الوقت، بدأ الشاب شريف، -الذي كان يعمل في خدمة إيصال البيتزا إلى المنازل ويحلم بأن يصبح مغني راب-، بتلقي دروسٍ دينية ومخالطة مجموعة من الشباب المتطرفين الذين كان يقابلهم في Buttes-Chaumont إحدى الحدائق العامة شمال العاصمة الفرنسية، بحجة ممارسة الرياضة، في حين أن الهدف الحقيقي كان التدرب على القتال واستخدام الكلاشنيكوف. وتجدر الإشارة إلى أن تلك المجموعات الشبابية المتطرفة ترتبط، بحسب المصادر الأمنية، بتنظيم القاعدة، وهي التي أفرزت إرهابيين مثل “أبو بكر الحكيم” المتورط في اغتيال المثقف العلماني التونسي “شكري بالعيد” والذي انضم فيما بعد إلى تنظيم داعش في سوريا ونشر لاحقاً فيديو على موقع اليوتيوب يفاخر فيه بقتل “بالعيد”. في عام 2005، تم إلقاء القبض على شريف كواشي متوجهاً إلى سوريا بنية دخول العراق لمحاربة “القوى الغربية” على حد قوله في اعترافاته أمام محكمة باريس، التي أصدرت حكماً ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات، منها 18 شهراً مع إيقاف التنفيذ. وكان محاميه “Vincent Olivier” قد أكد أن سبب عودة شريف إلى التطرف لاحقاً، هو تعرفه خلال فترة حبسه، ب”جمال بغال” أحد أبرز رموز الإسلام المتطرف في فرنسا. وأوضح محاميه أن أفكر موكله تحولت تماماً بعدها ليبدأ بالحديث عن تحطيم محلات اليهود في فرنسا والتعرض لهم في الطريق العام، كما كان يلمح دائماً عن نيته فعل شئ مهم قبل مغادرة البلاد. عامين بعد خروج شريف من السجن، تم التحقيق معه للاشتباه بتورطه في قضية المتطرف الجزائري “اسماعيل علي بالقاسم” الذي هرب من السجون الفرنسية لينفذ عملية تفجير قطار الضاحية الباريسية السريع في محطة Musée d'Orsay عام 1995، والذي صدر ضده بالحكم المؤبد عام 2002. لكن السلطات أفرجت عن شريف كواشي لعدم توفر الأدلة، على الرغم من التقاط صورٍ له في نفس الفترة خلال لقاءاتٍ جمعته مع “جمال بغال” بحسب ما أظهرته كاميرات المراقبة في حديقة Buttes Chaumont. ومنذ ذلك الوقت، كان شريف كواشي حذراً في تصرفاته طيلة السنوات الخمس الماضية، وحريصاً على عدم لفت الانتباه إليه.