لقد حرم الشرع الكذب وجعله الرسول صلى الله عليه وسلم من علامات المنافقين، حيث تترتب عليه مفاسد اجتماعية كبرى ومشاكل تربوية كثيرة يمكن أن تؤدي في غالب الأحيان إلى نشوب نزاعات ومعارك هنا وهناك وانتهاك أعراض الناس والخوض في خصوصياتهم، كما يمكن للكذب أن يدمر العلاقات ويفرق بين الأصدقاء ويغرس الأحقاد في النفوس، لذلك نجد الإسلام حذر منه المسلمين، ودعاهم إلى اجتنابه. والغريب في الأمر أن بعض وسائل الإعلام أصبح همها الوحيد هو التهافت وراء نشر أخبار كاذبة لا أساس لها من الصحة، بل تدعي الاعتماد على مصادرها المطلعة لتبرير بهتانها وكذبها على الناس بهدف تمويه قرائها وتغليط متابعيها وإضفاء نوع من المصداقية المزعومة على أخبارها، لكن سرعان ما ينكشف أمرها، فتعمد إلى وسائل حربائية للتغطية على فضائحها أو تلجأ إلى إزالة اسم كاتب المقال وتنسبه إلى مجهول حتى لا ينكشف أمره، ويظهر كذبه أمام الجميع. ومما دفعني لكتابة هذا المقال هو ما نشرته احدى الجرائد الإلكترونية يوم الإثنين فاتح أبريل حول استقالة رئيس الحكومة في مقال كله كذب وبهتان ولا يمث للعمل الصحفي النزيه بصلة، ولا يشرف هذا الموقع الالكتروني الذي يتابعه الملايين، حيث خلق نوعا من الارتباك لدى القارئ، وجعله يبذل جهده لكي يفهم محتواه وحيثياته،ويتابع قراءته حتى النهاية ليكتشف في الأخير أن صاحب المقال قد خدعه بكذبة أبريل بدون "حيا ولا حشمة" وكما يقول المغاربة" بوجهو حمر". كما أن هذه الجريدة هذه الأيام أصبحت تتسابق على نشر الأخبار الكاذبة التي سرعان ما يكذبها المفترى عليهم ببيانات مضادة، أو على صفحات جرائد أخرى، فلماذا هذا التسرع؟ ولماذا لا يتم التأكد من مدى صدق الخبر بالاتصال بالمعنيين بالأمر مباشرة؟ أم المسارعة لنشر الخبر فيه أهداف مبيتة وخدمة لأجندات خفية تحركها التماسيح والعفاريت في الخفاء؟ إن مثل هذه المقالات تضرب في الصميم مصداقية العمل الصحفي النزيه الذي يتحرى الصدق والموضوعية في نقل الخبر، فالصحفي الذي يحترم نفسه ويقدر عمله، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعمد إلى الكذب على قرائه تحت أي مبرر كان، ويغطي على كذبته هاته "بكذبة أبريل" المستوردة من الغرب الذي يتسابق مثل هذا الصحفي المسكين على جلب القشور لهذا المواطن الذي يتمنى أن يرى إعلاما بناء يساهم في الإصلاح ويدفع بعجلة التنمية، ويكشف عن الحقائق ولا يعمد إلى تزييفها. إنها كذبة أبريل وهو منها بريء براءة ذئب يوسف التي تهوي بصاحبها سبعون خريفا في جهنم، وهو لا يلقي لها بالا.