كل يوم يتكرر سؤال الصحافة في المغرب؟ هل نواصل مسيرة الانفتاح المجال الإعلامي؟ أم نترك سؤال الصحافة إلى حين تنضج الشروط الموضوعية لقيام مشهد إعلامي يمكن أن يكون متحررا فكرا لا متحررا على مستوى اللسان. كثيرون منا يظنون بأن الحرية في الصحافة هي أن تكون حاطب ليل تستقي الأخبار وتنشرها دون تمحيص دون إدراك لعواقب الأمور ومآلات الأخبار والروايات. إذ الصحفي كالمفتي فكلاهما يصدر أحكاما وينقل أخبارا، وما يترتب عن فعلهما يجب أن ندرك حجم خطورته. ولمعرفة سياق هذه الورقة سنستشهد بما نشرته الجريدة الأولى في الكذب والبهتان المسماة بالمساء دون تمحيص أو تروي، بل زادت على ذلك بأن وضعت نفسها موضع القاضي وحكمت بإدانة الأخ العزيز على قلوبنا فك الله أسره محمد العابيدي قبل أن يصدر الحكم القضائي في قضيته. ولمعرفة حجم البهتان الذي تتباهى به جريدة بهذا المقاس نأخذ مقالها المنشور يومه الخميس 22 مارس 2012 العدد 1709. فقد عنون الصحفي المصطفى أبو الخير خبره كالتالي:" الدرك الملكي يعتقل أستاذا اغتصب تلميذته بزاوية الشيخ " ولنقف قليلا مع هذا العنوان لنكتشف حجم الجهل المركب الذي لا يقع فيه صحفي مبتدئ، إذ المساء سيفلسها صحافيوها إذا لم يتنبهوا لفعل اللغة. فالعنوان الأخير يحمل حكما والحكم ينتظر نطقا من القضاء، والصحفي يستبق الأحداث بغية إثارة المزيد من القراء ولا يعرف أنه مسؤول أمام الله والمجتمع والناس أجمعين بأن بحكمه هذا قد غرر بمدينة بأكملها، وتسابقت الألسن والقلوب الحاقدة لاختطاف حكم الصحفي ليعلقوا المشانق والمجانق وما خفي كان أعظم. أما الكذبة الثانية فهي أن الأستاذ كان يقوم بدروس خصوصية لهذه التلميذة. ولم يكلف هذا الصحفي نفسه السؤال عن حقيقة كل ما ينقله، إذ المراد هنا هو استجلاب القارئ وحبك القصة حتى لا تثار الأسئلة وينعدم الجواب، إذ لم يسبق للأخ العابيدي أن قام بدروس خصوصية لأحد، إذ علاقته بالتلميذة هي علاقة اجتماعية بحكم الجوار وتقاسم نفس السكن. كما لم يسبق أن كانت هذه الفتاة تلميذة له قد درسها في يوم من الأيام. فكل ما في الأمر أن رابطة الجوار هي من وطدت علاقتهما، وزاد ذلك وصايته عليها بأمر من والديها وبشهادة إدارة المؤسسة. فلماذا هذا التحامل في إلقاء الأخبار على عواهلها واستباق الأحداث لحبك القصص. إن مشهد صحافتنا المغربية يتجلى في أكبر صحيفة تسابق الزمان لتتلقف أخبار السوق على طريقة حاطبي الليل، ولا بد لحاطب الليل من أن يمسه السوء بتتبع عورات الناس دون تمحيص في الرواية. لقد كان القدماء أكبر منا حجما وطولا فلم يقبلوا الروايات وأنشؤوا علوما لذلك:" علم الرواية والدراية " لأن المشكل ليس في الرواية بل في ما يترتب عليها. فإلى هذا الصحفي أقول: ربما تكون قد حصلت على مبيعات كبيرة أو حزت مكافأة من مدير تحريرك، لكنك خسرت قيمتك كإنسان. فقيمة الإنسان في أنسه ورحمته، وشتان بين الثرى والثريا. ألم تسأل نفسك عن مصير هذه العائلة؟ ولماذا استبقت الحكم القضائي ونصبت المشنقة بعنوانك؟ وأخيرا ماذا لو برئ المتهم؟. إلى حين الجواب عن أسئلتي أتركك مع ارتشافة فنجان قهوة وصحوة ضمير وتوبة من قلم متسرع. ولك تحياتي المسائية