متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات        هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال (بوريطة)    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام        وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصول الفكر الشيعي .. القول بتحريف القرآن (2)
نشر في هسبريس يوم 24 - 08 - 2009

حين نتحدث اليوم عن فرقة الشيعة الاثني عشرية وبيان أصولها الفاسدة المنحرفة عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله، ذلك لأن معظم الفرق التي خرجت عن الجماعة ضعف نشاطها اليوم، وفتر حماسها وتقلص أتباعها، وانكفأت على نفسها، وقلت منابذتها أهل السنة. ""
أما طائفة الشيعة فإن هجومها على أهل السنة، وتجريحها لرجالهم، وطعنها في مذهبهم، وسعيها لنشر التشيع بينهم يزداد يوماً بعد يوم.
ولعل طائفة الاثني عشرية هي أشد فرق الشيعة سعياً في هذا الباب لإضلال العباد إن لم تكن الفرقة الوحيدة التي تُكثر من التطاول على السنة، وسب ولعن أئمتها وعلمائها من صحابة وتابعين وأئمة السلف، والكيد لها على الدوام مما لا تجده عند فرقة أخرى.
إن هذه الطائفة بمصادرها في التلقي وكتبها، وتراثها تمثل نحلة كبرى، حتى أنهم يسمون مسائل اعتقادهم "دين الإمامية" [الاعتقادات لابن بابويه يسمى "دين الإمامية" انظر: (الفهرست للطوسي: ص189، أغا بزرك/ الذريعة: 2/226).] لا مذهب الإمامية، وذلك لانفصالها عن دين الأمة، وبحسبك أن تعرف أن أحد مصادرها في الحديث عن الأئمة يبلغ مائة وعشرة مجلدات وهو "بحار الأنوار" لشيخهم المجلسي (ت1111ه).
إضافة إلى اهتمام هذه الطائفة بنشر مذهبها والدعوة إليه، وعندها دعاة متفرغون ومنظمون، ولها في كل مكان (غالباً) خلية ونشاط، وتوجه جل اهتمامها في الدعوة لنحلتها في أوساط أهل السنة، ولا أظن أن طائفة من طوائف البدع تبلغ شأو هذه الطائفة في العمل لنشر معتقدها والاهتمام بذلك .
وهي اليوم تسعى جاهدة لنشر "مذهبها" في العالم الإسلامي، وتصدير ثورتها، وإقامة دولتها الكبرى بمختلف الوسائل.
و نحن عندما نعمد إلى عرض أصول الفكر الشيعي، فإن العبرة في هذا المقام تكون بعرض أقوال المراجع والمؤسسين الأوائل لهذا الفكر.
إن مقولة أن الشيعة ليس عندهم كتاب صحيح يعتمدونه في دينهم، فكرة مهزوزة وبل ومن الأدلة على أن فكر ومعتقد الشيعة هو، فكر ومعتقد يتغير بحسب الزمان والمكان الذي يحيط بالتجمعات الشيعية، مما يقوي ويعزز قول من يقول أن الشيعة لا مستند لهم من الكتاب والسنة النبوية الصحيحة فيما ذهبوا إليه من عقيدة وفكر، وأن كل ما يستطيعونه هو تأويل وتحميل آيات وأحاديث بعينها ما لا تحتمل، وثالثة الأثافي، هي عملهم على تحريف روايات صحيحة توجد في كتب السنة وإخراجها عن مقصدها الصحيح الذي درج عليه علماء السنة من صحابة وغيرهم قديما وحديثا لتخدم أغراضهم، أو اعتمادهم على روايات ضعيفة بل وموضوعة، معرضين عما يخالفها من الروايات الصحيحة والحسنة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنهم لا يستندون في باب العقائد، وهذا مسلم به عند أهل الاختصاص، على نصوص قطعية الثبوت والدلالة في إثبات ما يدعونه، إذ كما هو معلوم لا يمكن إثبات عقيدة ما بالاستناد على نص ظني من جهة الثبوت ومن جهة الدلالة، إذ العقيدة يجب أن يستدل عليها بنصوص قطعية الثبوت والدلالة كما يقول علماء الأصول، فمسائل الإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل والمعاد والجنة والنار والقدر خيره وشره والأسماء والصفات، هي منصوص عليها بنصوص قطعية الثبوت والدلالة، فهل عقائد الشيعة هي على هذا المنوال؟، اللهم فلا.
إنهم يعتمدون على نصوص عامة في القرآن الكريم، لو تعاملنا بمنطق الشيعة لجعلناها في أي شخص أو مجموعة أشخاص غير أهل البيت، من مثل قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )، يقول الشيعة هذا نص في إمامة علي بن أبي طالب، ونحن نقول أنها عامة في كل مسلم استوفى الشروط المذكورة في الآية، و أولهم الصحابة رضوان الله عليهم. ولما نسألهم هل منطوق الأية يفيد هذا؟ يقولون لك هناك رواية في تفسير الطبري يفيد هذا وهي رواية تصدق علي بخاتمه في الصلاة، وهي رواية أوضح أهل العلم بالحديث والجرح والتعديل ضعفها ونكارتها، كيف ينشغل علي بسماع طلب الفقير للصدقة وهو في الصلاة، أليس هذا ينقص من خشوع الإمام علي، كيف لا، وقد قال الله تعالى في وصف المؤمنون ( والذين هم في صلاتهم خاشعون )، ومن مسلمات الشيعة أن الإمام من صفاته التنزه عن كل عيب ونقيصة/ كما أن وقت الزكاة لا يكون في وقت الصلاة، وهذا معلوم بالشرع والعقل، اللهم الشيعة الاثنا عشرية فلا شرع لهم ولا عقل، وهم كما وصفهم الإمام الشعبي يرحمه الله تعالى، حين قال: ((الرافضة لو كانوا من الدواب لكانوا حميرا، ولو كانوا من الطيور لكانوا رخما )) ، (والرخام هو نوع من الطيور الكاسرة لا يتغذى إلا على الجيف).
نعود لموضوعنا، وهو القول بتحريف القرآن، وهو نتيجة لقول بعقيدة الإمامة بالشكل والمضمون التي تحدثنا عنها في مقالنا السابق، لأنه لا يمكن إثبات شيء مما يعتقد الشعية في الإمامة من أنها بالنص، وما ألحقوا بها من الصفات والمزايا اللاهوتية، إلا باعتماد القول بتحريف القرآن الكريم، لان القرآن الحالي، الذي يعتبره الشيعة انه قرآن بنو أمية، ليس فيه شيء مما عليه كتب ومراجع الشيعة من عقائد إلا بالقول بالتحريف اللفظي، إضافة إلى اعتمادهم على التحريف المعنوي لآي القرآن الكريم، وهم في هذا يشتركون مع باقي الفرق الباطنية أصحاب العقائد المنحرفة من مثل الحلولية والاتحادية والبهائية والبابية والقديانية.
يوجد في زماننا من علماء الشيعة من ينكر القول بالتحريف والزيادة والحذف الواقع على القرآن، وإن كنا لا نريد الخوض في مدى صحة أو بطلان هذا الإنكار، رغم وجود روايات لا حصر لها للأئمة المعصومين تثبت بدون أدنى شك أن القرآن حدث فيه تحريف وزيادة وحذف مما يجعل علماء الشيعة المعاصرين يصمتون تجاه هذه القضية.
1) عقيدة التحريف نتيجة حتمية لمسألة الإمامة:
غير أننا هنا لا يمكن إغفال قول الخميني في كتابه كشف الأسرار ص 131: (( لو كانت مسألة الإمامة قد تم تثبيتها في القرآن، فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة، كانوا يتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة، ويحذفون تلك الآيات من صفحاته، ويسقطون القرآن من أنظار العالمين إلى الأبد، ويلصقون العار – وإلى الأبد – بالمسلمين وبالقرآن، ويثبتون على القرآن ذلك العيب الذي بأخذه المسلمون على كتب اليهود والنصارى )) حيث يفترض الخميني أن الصحابة رضي الله عنهم في حال ما إذا كان قد ورد ذكر الإمامة في القرآن فإنهم لم يكونوا ليتورعوا عن حذف ذلك وتغييره، وبالتالي تحريف قول رب العالمين، كأن الخميني هنا يؤكد بشكل غير مباشر كل الروايات التي سنأتي على ذكرها وهي من كتب الأوائل المؤسسين للفكر الشيعي القائلة بالتحريف بكل أنواعه الذي طال القرآن الكريم حسب زعم الشيعة.
وعلى كل فسوف نصرف النظر عن كل هذا ولا نريد أن نتعرض لعلماء الشيعة في زماننا، إلا أن أي عالم شيعي لا يجرؤ على أن ينكر أمام إي إنسان يعرف الحقيقة أنه في الماضي وخاصة في زمان خاتم المحدثين وممثل الشيعة الأعظم العلامة باقر المجلسي أي القرن العاشر والحادي عشر الهجري بل وبعد ذلك أيضا – لا يمكن أن ينكر – أن علماء الشيعة ومؤلفيها القدامى الذين يفوقون بلا شك العلماء الحاليين في علمهم وفي معرفتهم للمذهب الشيعي، كانوا يقولون ويكتبون – بكل وضوح – أن القرآن الحالي حدث فيه تحريف وتعرض للحذف والإضافة، وأوردوا كل هذا في مؤلفاتهم قائلين بأن روايات أئمتهم تخبرهم بذلك.
وهذه هي عقيدة العلماء المتقدمين أيضا، ويمكن أن يعد من اختلف معهم في الرأي على الأصابع.
وما نعرضه عن موضوع التحريف يجب أن يفهم أنه صادر عن علماء الشيعة الأولون، واعترفوا به في مؤلفاتهم بل أكدوا عليه، وقدموا عليه الدلائل التي تتطابق مع وجهات نظرهم القائلة بأن التحريف قد وقع على القرآن الكريم، وأن الناس الذين تولوا السلطة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي الخلفاء الثلاثة، قد حذفوا من القرآن وزادوا عليه وغيروه بما يتلاءم مع مصالحهم السياسية مع أطماعهم وأهوائهم النفسية، وهذه العقيدة نتيجة لعقيدة الإمامة وسوف نوضح هذا في ما يلي:
لماذا لم تذكر عقيدة الإمامة في القرآن؟
بعدما بينا أهمية عظمة عقيدة الإمامة عند الشيعة يتبادر إلى الأذهان سؤال طبيعي وهو: لماذا لم يرد ذكر هذه العقيدة في القرآن الكريم؟ فالقرآن الكريم قد ذكر في أكثر من مائة مكان عقيدة التوحيد والرسالة والقيامة والآخرة، إلا أن إمامة علي لم ترد في أي مكان في القرآن، لماذا؟
يذكر الإمام المعصوم موسى الكاظم أن ذكر ولاية علي وإمامته ورد في كتب الله السابقة وفي الصحف الأولى التي انزلها الله على أنبيائه، ولكن من حقنا أن نسأل لماذا لم يرد ذكر الإمامة في القرآن الكريم آخر الكتب السماوية الذي نزل لهداية هذه الأمة التي جعل علي إماما لها؟ لماذا لم تنزل آية من القرآن الكريم في هذا الصدد؟
دعوى التحريف هي الإجابة:
الإجابة على السؤال السابق لم ترد في رواية أو في روايتين من روايات الشيعة بل في مئات الروايات التي تروي عن الأئمة وتقول بوضوح وجلاء إن إمامة علي كانت قد ذكرت مئات المرات في القرآن الكريم، إلا أن من جاؤوا بعد رسول الله وتولوا الخلافة غصبا، واستولوا على زمام الحكم قاموا بحذف هذه الآيات من القرآن الكريم، أو أخرجوا من الآيات الكلمات التي تذكر عليا، وتذكر إمامته، وإمامة الأئمة المعصومين من بعده، وحتى التي ذكرت أسماء الأئمة أيضا.
قال القمي في تفسيره: "وأما ما هو محرف فمنه قوله: "لكن الله يشهد بما أنزل إليك (في علي) أنزله بعلمه والملائكة يشهدون" [النساء، آية: 166.]، وقوله: "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك (في علي) وإن لم تفعل فما بلغت رسالته" [المائدة، آية: 67.]، وقوله: "إن الذين كفروا وظلموا (آل محمد حقهم) لم يكن الله ليغفر لهم" [النساء، آية: 168، والكلام المقحم في تفسير القمي: 1/159.]. وقوله: "وسيعلم الذين ظلموا (آل محمد حقهم) في غمرات الموت" [لاحظ أن هؤلاء بعيدون عن كتاب الله روحاً وحساً فيخطئون حتى في نقل الآيات أو يتعمدون وينسبون ذلك لأهل البيت زوراً وبهتاناً، فتأمل كيف خلط بين آيتين بطريقة غبية جاهلة بين قوله سبحانه: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء، آية: 227]، وقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [الأنعام، آية: 93] فجعلها "وسيعلم الذين ظلموا في غمرات الموت".
2) نماذج من أقوال الأئمة عن التحريف:
في الربع الأخير من سورة الأحزاب من الآية 17 ، قال تعالى (( ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) يقول الإمام جعفر الصادق رواية أبي بصير في أصول الكافي عن هذه الآية:
كانت هذه الآية قد نزلت هكذا، ومن (( يطع الله ورسوله في ولاية علي والأئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما )) أي أن هذه الأية ذكرت صراحة إمامة جميع الأئمة بعد علي، إلا أن الآية تعرضت للتحريف. ( في ولاية علي والأئمة من بعده – أصول الكافي ص: 262).
وفي الصفحة التالية من أصول الكافي رواية عن الإمام الباقر انه قال: نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا (( يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا في علي نورا مبينا )) أصول الكافي ص: 264.
في هذه الآية يأمر الله أهل الكتاب بالإيمان بالحكم الذي أنزل في حق علي وهو نور مبين يجب أن يؤمنوا به ويصدقوه .. وهذه الآية لا توجد في القرآن الكريم أي أنها حذفت من القرآن.
وفي نفس هذا الباب من كتاب أصول الكافي يروي أبو بصير عن الإمام جعفر الصادق أنه قال: (( عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ليسه له دافع))، ثم قال هكذا والله نزل بها جبريل على محمد صلى الله عليه وآله ، ( أصول الكافي ص: 266).
أي أن عبارة " بولاية علي " قد حذفت من القرآن الكريم، وهناك رواية عن الإمام الباقر في الصفحة التالية من نفس الباب تقول:
(( وقال: نول جبريل بهذه الآية هكذا ... يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم في ولاية علي فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا بولاية علي فإن لله ما في السماوات وما في الأرض )) أصول الكافي، ص 267.
والخلاصة، حسب معتقد الشيعة فإن هذه الأية قد ذكرت صراحة ولاية وإمامة علي وقد طلب فيها أيضا الإيمان بولاية وإمامة علي، كما ذكر فيها وعد ووعيد لمن ينكر ولاية علي وإمامته، إلا أن هذا المضمون حذف من الأية. وهكذا لا توجد في القرآن الحالي عبارة " في ولاية علي " و " بولاية علي ". ويروي عن الباقر في الصفحة التالية:
(( عن أبي جعفر عليه السلام قال هكذا أنزلت هذه الأية : (( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به في علي لكان خيرا لهم )) أصول الكافي ص: 267.
وهو يشير إلى أنه هذه الأية متعلقة بعلي إلا أن عبارة " في علي " حذفت من القرآن الكريم الحالي.
وليلاحظ القارئ رواية أخرى وردت في نفس الباب في أصول الكافي حرفت فيها آيات القرآن الكريم في موضعين:
عن ابي جعفر عليه السلام قال: نزل جبريل بهذه الآية هكذا (( فأبى أكثر الناس بولاية علي إلا كفورا )) قال: ونزل جبريل بهذه الأية هكذا (( وقل الحق من ربكم في ولاية علي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا إعتدنا للظالمين آل محمد نارا )).
وهذا يعني أن عبارة " في ولاية علي " و " آل محمد " حذفتا من الآية، وبالتالي لا وجود للعبارتين في القرآن الحالي.
كل هذه الروايات، وهي فقط أمثلة ونماذج، وإلا فإنه يمكن الرجوع إلى أصول الكافي للاطلاع على الكثير والكثير من الروايات التي يقول فيها مؤلفه الكليني أن القرآن الحالي ليس هو القرآن الأصلي، لأنه تعرض للتحريف من قبل حكام الجور الذي غصبوا علي وذريته حقهم في الإمامة بزعمه، وأن القرآن الأصلي هو مع الإمام الغائب منذ 12 قرنا من الزمان، هذه الروايات كلها وما يشابهها تجده في الباب المسمى ب (( باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية )).
ثلثا القرآن تقريبا قد حذف قصدا
عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن القرآن الذي جاء به جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله سبعة عشر ألف آية، ( أصول الكافي ص: 67).
والقرآن الحالي طبقا لكتابات مؤلفي الشيعة يحتوي على أكثر من ستة آلاف آية بقليل، إن لم يضم ستة آلاف كاملة. وطبقا لقول العلامة قزويني شارح أصول الكافي وهو يشرح هذه الرواية فإن عدد آيات القرآن فيه قولان: الأول أن عدد آيات القرآن ستة آلاف وثلاثمائة وخمس وستون آية ( 6365) والقول الثاني أن عدد آيات القرآن هو ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية. وينقل قول الإمام جعفر الصادق في هذه الرواية في باب فضل القرآن (( قائلا بأن القرآن الذي جاء به جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم سبعة عشر ألف آية. وهكذا فإن ثلثي القرآن الكريم طبقا لهذه الرواية قد فقد وضاع )). وعليه فالعلامة القزويني يقول في شرح هذه الرواية : (( إن القصد من قول الإمام جعفر هو أن جزءا كبيرا من القرآن الذي نزل به جبريل قد حذف وأخفي ولم يعد له وجود في نسخ المصحف الموجودة حاليا ))الصافي شرح أصول الكافي: المجلد الأخير باب فضل القرآن ).
3) بداية الافتراء كما يؤخذ من كتب الشيعة:
لقد اعتمدنا في هذه النقطة على كتاب الدكتور ناصر بن عبد الله بن علي القفاري المعنون ب : (أصول مذهب الشعية الإمامية الإثني عشرية عرض ونقد ) مع تصرف قليل حيث يقول : أول كتاب تسجل فيه هذه الفرية هو: "كتاب سليم بن قيس [تقول كتب الشيعة: "سليم بن قيس الهلالي يكنى أبا صادق، كان من أصحاب أمير المؤمنين وكان هارباً من الحجاج لأنه طلبه ليقتله ولجأ إلى أبان بن أبي عياش فأواه، فلما حضرته الوفاة أعطاه (سليم) كتاباً وهو كتاب سليم بن قيس. توفي سنة (90ه‍)". (البرقي/ الرجال: ص 3-4، الطوسي/ الفهرست: ص 111، الأردبيلي/ جامع الرواة: 1/374، رجال الكشي: ص 167، رجال الحلي: ص 82، 83).]. الذي رواه عنه أبان بن أبي عياش [أبان بن أبي عياش فيروز أبو إسماعيل، قال الإمام أحمد: متروك الحديث ترك الناس حديثه منذ دهر، وقال: لا يكتب حديثه كان منكر الحديث، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال ابن المديني: كان ضعيفاً، وقال شعبة: ابن أبي عياش كان يكذب في الحديث. توفي سنة (138ه‍(.
(انظر: تهذيب التهذيب: 1/97-101، العقيلي/ الضعفاء: 1/38-41، ابن أبي حاتم/ الجرح والتعديل: 2/295-296) هذا بعض ما قاله أئمة أهل السنة، وفي كتب الشيعة. يقول ابن المطهر الحلي: أبان بن أبي عياش ضعيف جداً، وينسب أصحابنا وضع كتاب سليم بن قيس إليه، ومثل ذلك قال الأردبيلي (انظر: رجال الحلي: ص 206، جامع الرواة : 1/9).]، لم يروه عنه غيره [انظر: الفهرست: ص 219، الخوانساري/ روضات الجنات: 4/67، رجال الحلي: ص83، الأردبيلي/ جامع الرواة: 1/374، البروجردي/ البرهان: ص104.]، وهو: "أول كتاب ظهر للشيعة" كما يقول ابن النديم [الفهرست: ص 219، وانظر: الذريعة: 2/152.] وغيره.
وقد أكثر الشيعة من مدحه وتوثيقه والثناء على كتابه [يروون عن أبي عبد الله أنه قال فيه: "من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبينا كتاب سليم ابن قيس الهلالي فليس عنده من أمرنا شيء ولا يعلم من أسبابنا شيئاً، وهو أبجد الشيعة وهو سر من أسرار آل محمد صلى الله عليه وآله" مقدمة كتاب سليم بن قيس ص: 4، أغا بزرك الطهراني/ الذريعة: 2/152، وانظر: هامش وسائل الشيعة: 2/42 رقم (4).
وقال النعماني: "وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة - عليهم السلام - خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواه أهل العلم وحملة حديث أهل البيت - عليهم السلام وأقدمها، لأن جميع ما اشتمل عليه الأصل إنما هو عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأمير المؤمنين، والمقداد، وسلمان الفارسي، وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام وسمع منهما، وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها وتعول عليها". (انظر: النعماني/ الغيبية ص 61ط. الأعلمي بيروت، وص47 ط. إيران، وانظر: وسائل الشيعة: 20-210).
وقال المجلسي: "وهو أصل من أصول الشيعة وأقدم كتاب صنف في الإسلام"، ثم أورد المجلسي أربع روايات لهم تفيد أن علي ابن الحسين - برأه الله مما يفترون - قرئ عليه الكتاب وقال: "صدق سليم" (بحار الأنوار: 1/156-158، وانظر في بعض الروايات التي أشرنا إليها: رجال الكشي: ص 104-105).]
4) شيوع هذه الفرية في كتب الشيعة:
قد لاحظنا أن البداية - إذا أخذنا بأقوالهم - كانت بكتاب سُليم وبدأت القضية بروايتين فقط، وليس فيها الصراحة التي نجدها عند من بعده - كما سنرى أثناء عرضنا لروايات التحريف بعد نهاية هذه المسألة - فكأن المسألة في كتابه لا تزال في بدايتها لم يكثر الوضع والكذب حولها، ولكنها بداية في كتاب قوبل بالرفض من بعض الشيعة؛ فهذا يعني الحكم بالموت على هذه المقالة، لولا أنه جاء في القرن الثالث من تلقف هذه الأسطورة وزاد عليها، وأرسى دعائمها الباطلة.
جاء شيخهم علي بن إبراهيم القمي هو شيخ الكليني صاحب الكافي وحشا تفسيره بهذه الأسطورة [انظر - على سبيل المثال -: تفسير القمي: 1/48، 100، 110، 118، 122، 123، 142، 159، ج‍2 ص21، 111، 125، وغيرها كثير.] وصرح بها في مقدمة تفسيره [تفسير القمي: 1/10.]. ولهذا قال شيخهم الكاشاني: "فإن تفسيره مملوء منه وله غلو فيه" [تفسير الصافي: 1/52.] وكذلك قال شيخهم الآخر النوري الطبرسي: "وقد صرح (يعني القمي) بهذا المعتقد في أول تفسيره وملأ كتابه من أخباره مع التزامه في أوله ألا يذكر فيه إلا مشايخه وثقاته" [الطبرسي/ فصل الخطاب الورقة (13) (النسخة المخطوطة) وص 26 من المطبوعة.]. ومع أن هذا الكتاب قد ملئ بهذه الزندقة فإن كبير علماء الشيعة اليوم "الخوئي" يوثق روايات القمي كلها [انظر نص ذلك عن الخوئي في مقدمة هذه الرسالة، أو معجم رجال الحديث للخوئي: 1/63.].
ومن بعد القمي جاء تلميذه الكليني المتوفى سنة (328ه‍( أو (329ه‍( الملقب عند الشيعة ب"ثقة الإسلام" ومؤلف أصح كتاب من كتبهم الأربعة المعتمدة في الرواية عندهم.
وقد روى الكليني في الكافي من أخبار هذه الأسطورة الشيء الكثير [انظر: أصول الكافي، باب فيه نكت ونتف في التنزيل في الولاية من الجزء الأول ص 413 وما بعدها، وأرقام هذه الروايات كالتالي: 8، 23، 25، 26، 27، 28، 31، 32، 45، 58، 59، 60، 64 .
وانظر: الجزء الثاني من الكافي باب أن القرآن يرفع كما أنزل ص 619 رقم 2، وباب النوادر ص627 وما بعدها رقم: 2، 3، 4، 23، 28، وهذه الروايات المشار إليها صريحة في القول بهذا الافتراء ويبعد حملها أو يتعذر على أنها من قبيل التفسير أو القراءات.] مع أنه التزم الصحة فيما يرويه [انظر: مقدمة الكافي: ص9، وتفسير الصافي المقدمة السادسة ص 52، ط: الأعلمي بيروت، وص14 ط: المكتبة الإسلامية بطهران.]، ولهذا قرر الكاتبون عنه عن الشيعة: "أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن، لأنه روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ولم يتعرض لقدح فيها مع أنه ذكر في أول كتابه أنه يثق بما رواه" [الكاشاني/ تفسير الصافي/ المقدمة السادسة ص 52، ط: الأعلمي، وص14 ط: طهران.]. والكافي للكليني عند شيوخ الرافضة في أعلى درجات الصحة، لأن الكليني كان معاصراً للسفراء الأربعة الذين يدعون الصلة بمهديهم الغائب المنتظر، ولهذا كان التحقيق من صحة مدوناته أمر ميسوراً له لأنه يعيش معهم في بلد واحد وهو بغداد [انظر: محمد صالح الحائري/ منهاج عملي للتقريب ضمن كتاب: "الوحدة الإسلامية" ص: 233، وبمثل هذا قال قدماء شيوخهم. انظر: ابن طاوس/ كشف المحجة ص159، وراجع ما جاء في مقدمة الرسالة.].
ولكن يلاحظ أن ابن بابويه القمي حكم بوضع ما روي في تحريف القرآن مع وجودها في الكافي الذي يصفونه بهذا الوصف، ويوثقونه هذا التوثيق.
وقد رجعت إلى مرآة العقول للمجلسي فرأيته يحكم على بعض أحاديث الكافي بالضعف، ولكنه حكم على روايات في التحريف بالصحة [كحكمه بصحة رواية: "أن القرآن الذي جاء به جبرائيل - عليه السلام - إلى محمد صلى الله عليه وسلم وآله وسلم سبعة عشر ألف آية". وآيات القرآن كما هو معروف لا تتجاوز ستة آلاف آية إلا قليلاً. (انظر: مرآة العقول: 2/536).]، وكذلك الشافي شرح أصول الكافي [انظر: حكمه بالصحة على الرواية التي ذكرنها في الهامش السابق، الشافي شرح أصول الكافي: 7/227.]، وقد صدر حديثاً كتاب اسمه: "صحيح الكافي" [طبع سنة 1401ه‍ من تأليف أحد شيوخهم المعاصرين "محمد الباقر البهبودي" ويقع في ثلاثة أجزاء.] وقد راجعته فوجدت صاحبه قد جرده من الروايات التي تمس كتاب الله، وليس ذلك فحسب بل حذف أبواباً بكاملها مع أحاديثها [مثل: باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة وهو من أبواب الكافي الصريحة في هذا الافتراء، حتى استظهر بعش الشيعة مذهبه في هذا من خلال عنوان هذا الباب (انظر: فصل الخطاب: ص26-27) وأبواب أخرى، كما حذف كل روايات "باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية" والبالغة (92) رواية، ما عدا روايتين فقط ليس فيهما الطعن في نص القرآن فيما انحراف في تأويله أي تحريف لمعناه وفق المنهج الباطني في التفسير عندهم، وهذا الباب المشار إليه هو أكثر أبواب الكافي جمعاً لأخبار هذه الأسطورة، حتى خصصه بذلك صاحب فصل الخطاب. (انظر: ص 26 من فصل الخطاب ).] في ذلك، كما حذف أبواباً تمثل جملة من العقائد التي تنتقد فيها الشيعة [مثل باب أن الأئمة إذا شاؤوا أن يعلموا علموا ، وباب أن الأئمة يعلمون متى يموتون ولا يموتون إلا باختيار منهم، وباب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم، وغيرها.
(قارن في هذا كتاب الحجة من صحيح الكافي، وكتاب الحجة من أصول الكافي).] وما ندري تصرفه هذا تقية أم حقيقة.. لاسيما وأنه قد حذف أحاديث كثيرة لهم قد حكم عليهم بالصحة المجلسي في مرآة العقول، وصاحب الشافي.
ومن طبقة الكليني أيضاً العياشي له تفسير يسمى: "تفسير العياشي" وقد وجدت أسطورة التحريف مكانها في هذا التفسير في مواضع كثيرة ومتفرقة فيه [انظر من ذلك المواضع التالية: 1/13، 168، 169، 206 وغيرها.]. وهو من كتبهم المعتمدة - كما سلف [انظر مقدمة الرسالة.]- رغم أن رواياته لا سند لها ولا زمام، وزعم صاحب البحار أن الذي حذف أسانيده أحد النساخ [بحار الأنوار: 1/128.].
ومن القرن الثالث أيضاً فرات بن إبراهيم الكوفي له تفسير يسمى: "تفسير فرات" [طبع في المطبعة الحيدرية بالنجف وكتب على صفحة العنوان "التفسير القيم الذي طالما تشوقت لرؤيته نفوس العلماء، ضم (على صغر حجمه) ما لم تضمه التفاسير الكبيرة، مطابق تمام المطابقة لأحاديث وأخبار النبي والأئمة - رضي الله عنهم -".]. وقد ارتضى لنفسه أن ينقل من أخبار هذه الأسطورة [انظر من تفسير فرات: ص 18، 85 وغيرها.] وهو من كتبهم المعتبرة [انظر مقدمة الرسالة.] عندهم. ومن هذا القرن أيضاً محمد بن إبراهيم النعماني [قالوا: كان في عصر السفراء الأربعة لمهديهم المنتظر، وهو من تلامذة شيخهم الكليني صاحب الكافي، ولعله تلقى عنه هذا الكفر، بل قالوا بأنه هو الذي كتب الكافي، وساعد الكليني في تأليفه.
(انظر: رجال النجاشي: ص298، أمل الآمل: ص232، رجال الحلي: ص162).] روى في كتابه: "الغيبة" طائفة من الروايات في هذا الافتراء [انظر ص 218 من كتاب الغيبة.] وهو عندهم من أجلّ الكتب وأثبتها [انظر: بحار الأنوار: 1/30.].
ومن هذه الزمرة الحاقدة التي وجدت في هذه الفترة أبو القاسم الكوفي، وقد نسبته بعض كتب الاثني عشرية إلى الغلو [قال النجاشي: "علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي رجل من أهل كوفة كان يقول أنه من آل أبي طالب، وغلا في آخر أمره وفسد مذهبه وصنف كتباً كثيرة أكثرها على الفساد: كتاب الأنبياء، كتاب الأوصياء، كتاب البدع المحدثة، كتاب التبديل والتحريف"، كما ذكر النجاشي بأن الغلاة يدعون فيه منازل عظيمة. توفي سنة (352ه‍).
(رجال النجاشي ص: 203، رجال الحلي: ص233) وقد حاول الرافضي المعاصر المقدّم لكتاب الاستغاثة والذي لم يفصح عن اسمه أن يدفع عنه صفة الغلو (انظر: ص ب من المقدمة).]، وشهد على نفسه في كتابه: "الاستغاثة" بأنه على هذا المنهج الضال [انظر: الاستغاثة (أو البدع المحدثة) ص: 25.]. وقد نسب له النجاشي كتاباً سماه: "التبديل والتحريف" [انظر: رجال النجاشي: ص203.] وقد فقد هذا الكتاب مع نظائر له، كما أشار إلى ذلك صاحب فصل الخطاب [انظر: فصل الخطاب: ص 30-31.] وهو يروي عن القمي مباشرة [انظر: الاستغاثة ص 29.] بعض روايات التحريف، فقد يكون تلقى عنه هذا الكفر.
ومن بعد هؤلاء نرى شيخهم المفيد (ت413ه) سجل في كتابه "أوائل المقالات" إجماع طائفته على هذا المنكر [انظر: أوائل المقالات ص 51.]، ونقل بعض أخباره في بعض كتبه كالإرشاد [انظر: الإرشاد ص 365.] وهو من كتبهم المعتبرة [انظر: بحار الأنوار: 1/27.].
هذا الزخم من المصنفات وغيرها لتأييد هذا الكفر وإثباته لا يشك مسلم أنه كيد زنديق حاقد على كتاب الله ودينه وأتباعه، وقد دفع هذا الفئة إليه - كما سيأتي في تحليل نصوص هذه الأسطورة ورواياتها - خلو كتاب الله مما يثبت شذوذهم، وما ذهبوا إليه من عقائد ليس لها أصل في كتاب الله، وليس في مقدورهم أن يفعلوا شيئاً لتغيير بعض آيات الله، كما فعلوا في السنة المطهرة حينما دسوا بعض الروايات والتي كشفها صيارفة هذا العلم وأربابه، فلما لم يستطيعوا أن يحدثوا في كتاب الله أمراً لأنه فوق منالهم حينئذ ادعوا أن في كتاب الله نقصاً وتغييراً - وما أسهل الدعوى على حاقد موتور -.
وهي محاولة فيما يبدو لإقناع أتباعهم الذين ضجوا من خلو كتاب الله من ذكر أئمتهم وعقائدهم والتي لها تلك المكانة التي يسمعونها من رؤسائهم ، فادعوا هذه الدعوى ونشط شيوخهم في القرن الثالث والرابع في الحديث عنها، ولكنهم فيما يبدو لم يحسبوا لهذه الدعوى حسابها فارتدت عليهم بأسوأ العواقب؛ فقد فضحتهم أمام الملأ وكشفت القناع عن وجوههم وأبانت عن عداوتهم ونفاقهم، وقطعت صلتهم بالإسلام والقرآن وأهل البيت.
ولهذا في القرن الرابع أعلن كبير شيوخهم ابن بابويه القمي صاحب "من لا يحضره الفقيه" أحد صحاحهم الأربعة في الحديث والموصوف عندهم ب"رئيس المحدثين" المتوفى سنة (381ه‍) أعلن براءة الشيعة من هذه العقيدة [انظر: كتاب الاعتقادات: ص101-102]، وكذلك الشريف المرتضى المتوفى سنة (436ه‍) كان ينكر هذه المقالة، ويكفر من قال بها كما ذكر ذلك ابن حزم [الفصل: 5/22.]، وقد نقل إنكاره أيضاً شيوخ الشيعة كالطوسي [التبيان: 1/3.] والطبرسي [مجمع البيان: 1/31.]، وكذلك استنكر هذه المقالة وصلة الشيعة بها الطوسي صاحب كتابين من كتب الحديث الأربعة المعتمدة عندهم، وصاحب كتابين من كتب الرجال الأربعة المعتمدة عندهم [التبيان: 1/3.]، وكذلك الطبرسي [مجمع البيان: 1/31.]. صاحب "مجمع البيان".
ولكن رغم هذا الإنكار من هؤلاء فإن القضية ما تمت، ففي القرن السادس تولى إثارة هذه القضية مرة أخرى الطبرسي صاحب الاحتجاج، فحشا كتبه الاحتجاج من هذا الكفر [انظر: فصل الخطاب الورقة (32) النسخة المخطوطة.]، وسطر مجموعة من رواياتهم في ذلك وجاء بها مجردة من كل إسناد، وزعم في مقدمة كتابه أنه لم يذكر إسناداً في أكثر رواياته لأنها محل إجماع قومه، أو مشهورة عندهم فقال: "ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناد، إما لوجود الإجماع عليه، أو موافقته لما دلت العقول إليه، أو لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف" [الاحتجاج: ص 14.]، وقد كان هذا الطبرسي المجاهر بهذا الكفر، بالقول بتحريف القرآن، من معاصري أبي الفضل الطبرسي صاحب مجمع البيان الذي ينكر هذه المقالة ويبرئ الشيعة منها .
ويبدو أن إنكار أولئك الأربعة كان له وقعه، أو أن القضية أصبحت سرية التداول، فلم نشاهد نشاطاً ملحوظاً لبعثها وترويجها بشكل ظاهر وكبير إلا في ظل الحكم الصفوي الذي شهد إثارة لهذه الأسطورة واختراع روايات لها، وترويجها أشد مما كان في القرن الثالث، كان ذلك على يد مجموعة من شيوخ الدولة الصفوية الذين نشطوا في بعث هذا الكفر، حتى يلاحظ أن هذه الأسطورة التي بدأت بروايتين في كتاب سليم بن قيس أصبحت كما يعترف شيخهم نعمة الله الجزائري أكثر من ألفي رواية [انظر: فصل الخطاب/ الورقة (125) (النسخة المخطوطة).]، حيث إن شيوخ الدولة الصفوية كالمجسلي في بحاره [انظر: بحار الأنوار: كتاب القرآن، باب تأليف القرآن وأنه على غير ما أنزل الله عز وجل: 92/66 وما بعدها.]، والكاشاني في تفسير الصافي [انظر: تفسير الصافي: المقدمة السادسة: ص 40-55، 136، 163، 399، 420.]، والبحراني في البرهان [البرهان في مواضع كثيرة، انظر - مثلاً – ج‍1 ص15 باب أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا الأئمة، وص34، 70، 102، 140، 170، 277، 294، 295، 308 وغيرها كثير.]، ونعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية [انظر: الأنوار النعمانية: ص2/357-358.]، وما سواها من كتبه، وأبي الحسن الشريف في مرآة الأنوار [انظر: مرآة الأنوار لأبي الحسن الشريف، المقدمة الثانية: ص 36-49.]، والمازنداني [فقد شرح الكافي ووافق مؤلفه على بلاياه حتى قال: وإسقاط بعض القرآن وتحريفه ثبت من طرقنا بالتواتر معنى.. (انظر: شرح جامع الكافي: 11/76) ولك أن تعرف أن هذا التواتر المزعوم هو عند صنف آخر من شيوخ الشيعة نفسها من الكذب المعلوم.] شارح الكافي وغيرهم تولوا نشر هذه الفرية على نطاق واسع في ظل الحكم الصفوي الذي ارتفعت فيه التقية إلى حد ما.
وفي آخر القرن الثالث عشر وقعت الفضيحة الكبرى للشيعة في هذا الباب؛ فقد ألف شيخهم حسين النوري الطبرسي الذي يحظى بتعظيمهم [يحظى بتعظيم الشيعة حتى جعلوا كتابه "مستدرك الوسائل" مصدراً من مصادرهم المعتمدة في الحديث، كما سيأتي عند الحديث عن عقيدتهم في السنة، وبعد أن مات هذا الطبرسي وضعوه في أشرف بقعة عندهم "بين العترة والكتاب - كذا - يعني في الإيوان الثالث عن يمين الداخل إلى الصحن الشريف من باب القبلة (في النجفة). (أغا بزرك الطهراني/ أعلام الشيعة، القسم الثاني من الجزء الأول ص553).] مؤلفاً في هذا الكفر جمع فيه كل ما لهم من "أساطير" في هذا الباب وسماه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" [وقد ارتكب جريمة تأليفه سنة 1292ه‍ وطبع في إيران سنة 1298ه‍، ولديّ صورة من النسخة المخطوطة مصورة من المتحف العراقي، ونسخة من المطبوعة. وسيأتي - إن شاء الله - حديث عنه في الباب الرابع.]، فأصبح هذا الكتاب عاراً على الشيعة أبد الدهر، فقد جمع فيه صاحبه رواياتهم المتفرقة وأقوال شيوخهم المتناثرة لإثبات أن الشيعة برواياتها وأقوال المحققين من شيوخها تقول بهذا الكفر.. وهو يؤلف كتابه هذا لمواجه جناح من الشيعة أبى أن يهضم هذه الأسطورة، ورفض قبول هذه المقالة كما يظهر واضحاً في رده عليهم في آخر كتابه المذكور [انظر: فصل الخطاب ص 360.].
وقد كشف بهذا الكتاب ما كان خفياً وأبان ما كان مستوراً. لقد وضع "المجهر" الذي كشف ما في زوايا كتب القوم وخباياها من كيد حاقد، وعداوة مبيتة للقرآن وأهله، وقد أبان هذا الملحد المسمى بالطبرسي عن غرضه المبيت ضد كتاب الله في مقدمة كتابه فقال:
"فيقول العبد المذنب المسيء حسين بن محمد تفي الدين الطبرسي جعله الله من الواقفين ببابه المتمسكين بكتابه (!): هذا كتاب لطيف وسفر شريف عملته في إثبات تحريف القرآن وفضائح أهل الجور والعدوان، وسميته فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب.. وأودعت فيه من بدايع الحكمة ما تقر به كل عين، وأرجو ممن ينتظر رحمته المسيئون أن ينفعني به في يوم لا ينفع مال ولا بنون" [فصل الخطاب: ص2.].
انظر كيف تتقنع "المجوسية" بمسوح الرياء والكذب لخداع الأغرار والبسطاء عن الهدف الخبيث الذي تسعى إليه، وقد رام بعضهم أن يتستر على هذا "الهدف" فقال: "وقد يقال: إن نظره في تأليف ذلك الكتاب إلى جمع تلك الأخبار والشواذ والنوادر ولم يكن غرضه اعتقاد التحريف" [محمد الطبطبائي/ هامش الأنوار النعمانية: 2/364.]، ولكن هذه الدعوى ما تلبث أن تتلاشى بمجرد قراءة العنوان فضلاً عن المقدمة والكتاب، فلا يجدى شيئاً مثل هذا الدفاع فهي تقية مكشوفة [سيأتي - إن شاء الله - عرض لموضوعات الكتاب ونقض لمزاعمه وشبهاته وكشف لمفترياته في باب الشيعة المعاصرين.]، هذا وبعد هذا العار الأكبر الذي كساه صاحب فصل الخطاب على الشيعة وكتبها.
وبعد هذه الفضيحة والخزي قام فئة من شيوخ الشيعة المعاصرين يتبرؤون من هذه المقالة وينكرونها كالبلاغي في آلاء الرحمن [آلاء الرحمن: 1/17-32.]، ومحسن الأمين في الشيعة بين الحقائق والأوهام [الشيعة بين الحقائق والأوهام: ص 160.]، وعبد الحسين شرف الدين في أجوبة مسائل جار الله [أجوبة مسائل جار الله: ص 27-37.]، والخوئي في تفسيره البيان [البيان: ص 226.]، ومحمد حسين آل كاشف الغطا في أصل الشيعة وأصولها [أصل الشيعة وأصولها: ص 88.]، ومحمد جواد مغنية في الشيعة في الميزان [الشيعة في الميزان: ص58.]، وفي عدد من كتبه، وغيرهم، وسنتوقف في مناقشة أقوالهم في فصل: "الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلافهم".
فهل ننتهي من هذا كله إلى أن ما قاله الأشعري في المقالات من أن للشيعة في هذه المسألة أكثر من قول وأنهم لم يتفقوا على هذا الضلال هو الواقع، وأن الاثني عشرية فئتان: فئة تغلو في هذا وتشتط، وفئة تقول الحق كما ذكر ذلك بعض المنتمين لأهل السنة - كما سبق - وبعض الكاتبين من الشيعة [تفسير الصافي: 1/52-53 قوامع الفضول: ص298.] أو أن القول الحق هو تقية من الشيعة كما قال بذلك بعض أهل السنة كما سلف، وكما يزعمه من يقول بالتحريف من الشيعة كنعمة الله الجزائري [الأنوار النعمانية: 2/358-359].
خاتمة
إن كل ما سبق يفيد، على حسب معتقد الشيعة، أن الأمة ضائعة كل هذه القرون الطويلة.. منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ليس معها سوى ثلث كتابها.. والأئمة يقفون موقف المتفرج.. لديهم القرآن الكامل - كما يزعمون - ولا يبلغونه للأمة، بل يتركونها أسيرة ضلالها، لا تعرف وليها من عدوها، ويعد الشيعة الناس أن القرآن الأصلي سيظهر مع منتظرهم الغائب، الهارب من بنو العباس، وتمر آلاف السنين ولا غائب يعود، ولا مصحف يظهر، فإن كانت الأمة تهتدي بدونه فما فائدة ظهوره مع المنتظر، وإن كان أساساً في هدايتها فلماذا يحول الأئمة بينه وبين الأمة، لتبقى الأمة في نظر هؤلاء حائرة ضالة تائهة، وهل أنزل الله سبحانه كتابه ليبقى أسيراً مع المنتظر لا سبيل للأمة للوصول إليه؟ مع أن الله سبحانه لم يترك حفظ كتابه لا لنبي معصوم ولا لمنتظر موهوم، بل تكفل بحفظه سبحانه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.