لم يجد أحدهم وهو يرتجف من شدة الخوف حين وقف أمام أحد المسؤولين بمكتبه ما يداري به شدة الهلع، فبعدما كان يعاني من مشكل تنامي هجمات الحلوف على ضيعته الصغيرة فكر في التقدم بشكاية بعد تردد كبير خوفا وتوجسا من العواقب، لكن بعد استشارته لزميل له شجعه على الذهاب بنفسه إلى مكتب المسؤول، والتقدم لديه بشكاية شفوية، وكيف لا وقد بلغه أن المسؤول يستقبل المواطنين بطريقة جيدة ولبقة ويستمع إلى انشغالاتهم ومعاناتهم، لم يتردد "المسكين" في القيام بالزيارة ، وطيلة مدة زمنية بلغت أياما، ظل يردد لازمة" يا سعادة المسؤول..راه الحلوف تعدا علينا" استعدادا منه لاختراق حاجز الصمت وإيصال همه لمن تولى الأمر . استفاق ذات يوم، وغير ملابسه وانصرف، وبينما كان يهم بالدخول إلى مكتب المسؤول الذي سمع صراخه وقد استشاط غضبا وهو يوبخ أحد المواطنين البسطاء ، وانتفخت أوداجه كثعبان الكبرى وهو يسمعه كلاما جارحا تقشعر له ألأبدان، فاختلطت الأوراق على المنتظر وراء الباب، وانتابه خوف غير مسبوق،وما وطئت قدماه المكتب، وشاهد المسؤول حتى نطت إلى مخيلته صورة رجل التقاه ذات مرة على رصيف القرية، يعزف على مزمار بأوداج منتفخة ،غرق حامل الشكاية في شرود عذب، قبل أن يوقظه صوت مرعب، ما الأمر ومادهاك، فكانت النتيجة أن نسي المسكين العبارة التي حفظها عن ظهر قلب، فقال متلعثما ودون تركيز، عبارة خرجت من أعماقه مدوية في أذني المسؤول " يا سعادة الحلوف..راه المسؤول تعدا علينا"..دون أن يعي حينها بما نطق. فكم من مسؤول يعتقد وهو يجلس في مكتبه أن المرفق الذي يسيره ملك أبدي له، خالدا سيخلد فيه ، وكم من مسؤول متعجرف يأبى أن يتغير رغم كل الزوابع التي هبت على بلادنا من الشمال ومن الشرق؟ هم كثر..لايفهمون.. مرضى وأشباه مرضى بالسلطة، وبحب الكراسي طغاة في فراء الأرانب، جازمين لا معتقدين أنهم سيرثون المناصب ومعها المرافق التي يديرونها..إن العبارة التي صدرت عن غير قصد من المرتفق وهو يحاول إيصال همومه إلى المسؤول، بلغت القصد كله. فأتمنى من كل حلوف أن يعود لرشده، وإني لأهمس في أذنه لأقول له إن ذلك المواطن البسيط الذي احتقرته بالأمس سيلتقي بك غدا بعد تقاعدك وقد يكون واقفا وأنت مقعد على كرسي متحرك.ولكم في طغاة الأرض وجبابرة الشعوب عبرة يا أولي المناصب،فتواضعوا لله فمن تواضع لله رفعه.. لحسن أكرام [email protected]