الساعة الآن الثالثة والنصف من صبيحة يوم الأربعاء 11 أبريل 2012،قبل ثلاث ساعات ونصف تتبعت على أمواج إذاعة طنجة برنامج "عيون لا تنام" حيث اتصل عدد كبير من المواطنين والمواطنات عارضين مشاكلهم وقضاياهم آملين التوصل باقتراحات حلول من المستمعين.اغتصاب هنا،طلاق هناك،صراع هنالك،وغيرها من المشاكل التي تعكس عمق الأزمة القيمية والاجتماعية في ربوع هذا الوطن ،مدنه وقراه.وحوالي الثانية صباحا كان لي موعد آخر مع برنامج "سمير الليل" على أثير إذاعة إمفم أطلس والذي له نفس توجه البرنامج الأول.ويا للصدمة ! ويا للهول! ويا للمعضلة العصية على الفهم والتقبل! .مشكلة تهتز لها المشاعر و القلوب،مشكلة أبكت وأذهبت النوم عن عيون كل من تابع البرنامج.وإليكم ملخص هذه الواقعة / الكارثة وأنقلها بأمانة : اتصلت فتاة مجنية عليها بعدما سرقت هاتف الجاني ،وحسب روايتها،فهي فتاة اسمها "هدى"، منحدرة من منطقة "مجون" بتشديد الجيم نواحي مدينة شيشاوة.توفيت والدتها قبل سبع سنوات،فأخذها والدها جهة مدينة العيون ليعملا معا هناك لدى فلاح يملك ضيعة فلاحية،وهو رجل في الرابعة والستين من عمره ،متزوج وأب لسبعة أبناء متزوجون أصغرهم عمره سبعة وعشرون سنة.مرت سنة ونصف منذ مجيئهما ،وقبل سبعة أشهر أرغمها والدها على الزواج من صاحب الضيعة.إلى حدود هذه الكلمات الأمر لا يغدوإلا أن يكون عاديا ويعرفه مجتمعنا مرارا،ولكن لكم أن تتصوروا معي ما هو الأمر الغير المنطقي في هذه القصة ! إنه سن الفتاة. يكبرها الشيخ بنصف قرن! إنها طفلة في الرابعة عشر من عمرها ! أمية،فقيرة،يتيمة لا أخ ولا أخت ولا خال ولا عم لها كما تروي.وقبل عشرين يوما توفي والدها تاركا إياها بين براثن زوج وأولاد وزوجات أولاد يمارسون عليها كل صنوف العنف والاستغلال.وهي رغم ذلك لا تدري إن كانت زوجة شرعية له أم لا،لأنها لم تمثل أمام قاض و لا في محكمة.فقط تقول أن رجلا حضر إلى الضيعة وتمت مراسيم الزواج بعدما بصمت على ورقة لا تعرف مضمونها. والآن تقول الطفلة/الزوجة أنها موؤودة وهي حية ترزق.لم تغادر البيت منذ زواجها تستيقظ حوالي السادسة صباحا لتبدأ رحلة مع الأعمال الشاقة:كنس،طبخ،رعي ووووو. طغت هذه القصة على زمن البرنامج،وكل من اتصل عبر عن إدانته وشجبه الشديدين لهذه الجريمة البشعة في حق طفلة كان يفترض أن تكون الآن بين جدران فصل دراسي بدل أسوار ضيعة تنتظر من يخلصها من غياهيبها.الكل نادى بضرورة تدخل جمعيات المجتمع المدني لإنقاذ هذه الطفلة التي تعيش وضعا دراماتيكيا يجعلنا نطرح سؤالا عريضا : إلى متى يتم السكوت على مثل هذه الأفعال اللاأخلاقية التي تذهب ضحيتها فتيات في عمر الزهور.