فكِّر أن تفتح محلبة، أو تفرش ملابس داخلية على الأرض وتصرخ في وجه المارة لينتبهوا لما تعرضه للبيع، وانس كلّيا أن تصبح صحفيا في بلد متخلّف.
بعد عودتي من الهجرة واشتغالي بالصحافة في المغرب، تعثّرت بأشياء غامضة في طريقي، واكتشفت فظائع لا تخطر على بال، (...)
نحن نكذب جميعا كل يوم. نشتري سلعة من السوق ونعرف أن البائع يخفي ثمنها الحقيقي، فالتجارة تواطؤ ضمني بين طرفين على كذبة مربحة، وعندما تضع قدمك في السوق، عليك أن تردّد المثل الذي يقول:" كل حقيقة ليس من الجيّد الاعتراف بها" لأنها قد تكون صادمة أو جارحة (...)
يوم الاثنين الماضي، تابع المغاربة أول حلقة من حلقات السيتكوم الحكومي الجديد، الذي ستبثّه القنوات العمومية مرة كل شهر، وسيُحقّق، بكل تأكيد، أعلى أرقام الفرجة والفكاهة البرلمانية. بطل السلسلة الجديدة، هو السّيد عبد الاله بنكيران رئيس الحكومة، الذي (...)
نحن نشيخ قبل الوقت. نرقب شيخوختنا وهي تكبر أمامنا. تنزع طاقم أسنانها الاصطناعي وتضعه في كأس من الماء وتستسلم للنوم. مهووسون بالنهاية قبل الأوان. نهاية الوظيفة. نهاية العمر. كل شيء له نهاية، لكننا نفكّر في نهايتنا باستمرار كأنها ستحدث اللحظة. لسنا (...)
كنت أحرص أن أتسقّط أخباره، حتى عندما كنت في قارة أخرى، ولم أتمكّن من رؤيته ولقائه، منذ سنوات التسعينيات. كان طالبا بشعبة الأدب الإنجليزي. قارئ فوق العادة، عندما يتكلّم تتساقط الكتب من فمه، كان سابقا لعصره بسنوات ضوئية، باعتراف أصدقائه، وكان أساتذته (...)
ممتع هذا السجال حول "دفتر التحمّلات" الذي يثيره وزير اتصالنا مع الحكومة السّيد مصطفى الخلفي. فهذه الحكومة غريبة الأطوار، تحتاج لمن يتحمّلها ويتّصل بوزرائها ويتواصل معهم، لأن كل وزير يشرّق ويغرّب لوحده، وقد حاول عبد الاله بنكيران الاختلاء بالحكومة، (...)
من أطرف الروايات العالمية، رواية ألبرتو مورافيا الشهيرة "أنا وهو"، التي نعيش على طول صفحاتها الخمسمائة صراعا وجوديا بين بطلها مع كائن عنيد وغامض. نكتشف مع التوغّل في القراءة، أن هذا الكائن المتحوّل إلى شخصية محورية، لم يكن سوى القضيب الذكري للبطل. (...)
"ضع رأسك بين الرؤوس، وردّد يا قطّاع الرؤوس"، هذا المثل لا معنى له عندما تهاجر إلى الغرب. الجميع، هناك، ينتبه إلى رأسك الأسود وهو ينبت كشامة مشؤومة في وجه صاف. المهاجر يواجه سؤال الهوية كل لحظة. في كندا ليس من حقّ أحد أن يسألك عن بلدك الأصلي، ويمكنك (...)
كل الأئمة في المغرب يتوصّلون بخطبهم من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وحده عبد الله نهاري يرغي ويزبد أمام المصلّين، ويتمّ تسجيل خطبه العصماء ونشرها على موقعه على الإنترنت وعلى موقع "هسبريس".
لم نر أبدا إمام مسجد يصاب بالصرع، فلا تعرف إن كان (...)
مثل نساء كثيرات، تعلّمت أمي في ظروف صعبة. نساء يحرمن من القراءة والكتابة والخروج إلى المدرسة خوفا على تلطّخ شرف ذكور القبيلة. أمّي تمثّل جيلا من النساء خرجن مبكّرا إلى العمل، فاشتغلت في العشرينيات من عمرها كسكرتيرة في وزارة التعليم. كانت تستيقظ (...)
استيقظت القضية الفلسطينية، هذا الأسبوع، على مدرجات ملعب تطواني، حيث رفع الجمهور "تيفو" لمسجد قبّة الصخرة. أما جمهور "الرجاء" فقد رفع لافتات تضامنا مع حيّ بابا عمرو بسوريا.
ما الفرق بين الجماهير الكروية والثورية ؟ جماهير الكرة تردّد "زنقة زنقة.. (...)
بعض المغاربة الشجعان خرجوا ضدّ الأسد. الأسود تعرف أسوأ أيامها في المغرب، فهي مثل القطط في ملاعب الكرة، ولذلك نعاقبها بالتهميش في حدائق الحيوانات، وننتظر أن تنقرض قريبا.
هيلاري كلينتون، ويا للمصادفة، تحلّ ضيفة علينا لترى شوارعنا ملأى باليافطات ضدّ (...)
هذه الأيام يُعرض فيلم "جناح الهوى" لمخرجه عبد الحي العراقي بسينما "روايال" بالرباط، الحضور الشبابي لمتابعة الفيلم المغربي مُلفت، تأخذ مكانا في البلكونة فتكتشف أن العشاق تشتّتوا في الزوايا المظلمة، وبعضهم اختار الانفراد "باللّوج". جمهور من العشاق جاء (...)
كأنه شخص أجرب مطرود من حياتنا اليومية. لا مكان له بيننا، ولا نجرؤ على النطق باسمه. "كانبغيك" : هذا ما يقوله المغاربة للتعبير عن الحبّ. يتحرّجون من مرافقته لأنه مشبوه وأخلاقه فاسدة، ولا يمثّل ثقافتنا العريقة وخصوصيتنا التاريخية في دفن مشاعرنا. (...)
في رواية "الجبل السحري" للروائي الألماني توماس مان يصعد بطل الرواية ببراعة إلى قمة دافوس السويسرية، حيث يزور ابن عمّه في مصحّ استشفائي يصفه توماس مان ببراعة الكتّاب الكبار.
هذه الأيام يصعد جنرالات العالم من باطرونات المال والأعمال إلى قمة جبال (...)
بماذا يمكننا أن نفتخر به اليوم، نحن المغاربة أمام شعوب العالم، بعد عودة الأسود إلى "جحورهم" خاسرين؟ أحدهم علّق مُسيّسا ما حدث بالقول: " لا مستشفيات، لا جامعات، لا ثقافة، لا سينما، لا كرة قدم، لا ربيع مغربي، الانتحار الجماعي حرقا هو الحلّ".
كأننا (...)
ما تشهده ثقافات العالم اليوم، يدعو إلى الحذر وإعادة النظر في مفهوم الإنسان وعلاقاته بذاته وبالآخر. فلا يمكننا أن نتصوّر في القرن الواحد والعشرين، أن الناس مازالوا يتقاتلون بشكل بدائي للدفاع عن هوية جماعاتهم، ويشهرون كل أنواع الأسلحة بما فيها الإثنية (...)
لوّحت لسائق التاكسي بالتوقّف. عندما فتحت الباب فوجئت به يرشّ عطرا رديئا يكاد يدمّر خياشيم الأنف. قبل أن أسأله عن سبب ما يفعله، طلبت منه أن يفتح النوافذ قليلا، لأن العطر دمّر كل الهواء المتاح. تخيّلت أن مخمورا تقيأ بشكل لا إرادي في التاكسي، وهو أمر (...)
لا يمكن للإنسان أن يعيش بلا معتقدات، فهي تصنع أعشاشها الصغيرة في رأسه. ففي أنثروبولوجيا الأديان، يقرّ ميرسيا إلياد بأن الإنسان الحديث هو إنسان لا ديني، لكن مظاهر التديّن نعثر عليها في كل ما يحيط به، بدءا من تقديس البيت الذي يتحوّل إلى معبده الأسري، (...)
حسب أحفاد نوستراداموس فإننا جميعا سنلقى حتفنا يوم 21 من ديسمبر 2012. في الكتب السماوية يوم الحشر قادم لا ريب فيه، لكن لا أحد يعرف متى، وحدهم فقهاء علامات الساعة يكشفون عن الغيب، حيث سننتظر أن تدكّ الجبال دكّا، وعيوننا معلّقة إلى السماء وهي تنشقّ فوق (...)
استعادت حركة 20 فبراير وهجها الأنثوي بعد انسحاب العدل والإحسان من الميدان، وبعد أن كنا نرى فصلا بين الرجال والنساء في صفوف التظاهرات، كأن "بينهما برزخٌ لا يبغيان". خطأ اختزال الماكينة الاستهلاكية الغربية للمرأة في جسدها، والتركيز على "اللوك"، (...)
يحتفل المسيحيون الكاثوليك والبروتستانت في كل بقاع العالم بميلاد يسوع المسيح في 25 من ديسمبر، أما الأرثودوكس الشرقيون، فينتظرون 13 يوما ليحتفلوا به في 7 من يناير حسب التقويم الغريغوري. أعياد ميلاد المسيح تحوّلت في الغرب إلى عيد للاستهلاك وشراء (...)
قبل أن تمنح الآلة الاستعمارية استقلالا عسيرا وملتبسا لجلّ الدول العربية، كان أغلبنا مجرد بدو هائمين على وجوههم في الأرض بجلابيب خشنة، ورؤوس حليقة ومبرقعة، بشكل غريب، تشبه رؤوس شباب حركة "البانك"، سبقناهم إليها وسمّينا ذلك "الكطّاية".
الاستعمار (...)
في كهف سفلي مظلم قبع سجناء مكبّلون بالأغلال منذ ولادتهم، وراءهم ثمة نار مشتعلة، لكنهم حُرموا من تحريك أجسادهم ورؤوسهم والالتفات خلفهم، هذا الوضع يسمح لهم فقط، برؤية ما يجري أمام أعينهم. ثمة ممرّ بين النار المشتعلة والسجناء، على طوله جدار يشبه مسرح (...)
من يتابع المشهد السياسي بالمغرب، عليه أن يكون مصابا بالحَوَل، كي تتّضح لديه الرؤية بشكل جيّد ويفهم ما يجري. لقد توالت التعليقات والتحليلات هذه الأيام حول تشكيلة منتخب الحكومة الجديد، حيث اعتبرها الكثيرون أنها "خَرْدولة" سياسية غير منسجمة، في حين أن (...)