حدثنا نبهان بن يقظان قال: بينما أنا جالس في وزارة الهندسة والتعتيم، والقوم عاكفون على إصلاح الترميم. إذ سمعتُ ابنَ موسى يقرع سِنّ الندامهْ، حين استعرَت معركة الكرامهْ. يقول خِلتُ القومَ نياما، وقد خيّم الذل أعواما. فقلت لأُنزِلنّ النظامَ الأساسي، (...)
23 يوليوز, 2018 - 11:43:00
حدثنا نبهان بن يقظان قال: تاقتْ نفسي إلى بلدانِ المغرِب، وقد أُخبِرتُ أنها للعِزّ مَضرِب. فقلت أزورها سائحا في الملكوت، ناظرا في اختلاف الألسنِ والنّعوت. معتبِرا مِن صُنع الخلائق، وإن لم يخلُ الأمرُ من عوائق. فقد ألفيتُ (...)
حدثنا نبهان بن يقظان قال: بلَغني أن الخير كلّه في الرّباط، وإنْ ذهب العَيْر فعَيرٌ في الرّباط. قد توشَّحَت المدينة بأبهى حلّة، وطرحت العُرف والملّة. فرَحاً بمقدمِ أهل الفنّ، من ذوي الفضل والمَنّ. مَن بلغ صيتُهم الآفاق، واشرأبّت إليهم الأعناق. قد (...)
الدولة في نظام الاستبداد كائن أسطوري يثير رعبَ الآمنين. وقوة خارقة لا حدود لصلاحياتها ولا رادَّ لقولها. هي غولٌ لا قِبل للناس به، إلهٌ يُركع له ويُسجد، أو ذاتٌ علوية فوق القانون والمحاسبة. الدولة المستبدة هي ذلك كله، إلا أن تكون مؤسسات شرعية أنشأها (...)
ألِفنا أن نسمع كلما طلبنا فهم أزمة من أزمات العالم العربي أن الظاهرة معقدة، تتداخل في تركيبها كل الأبعاد: التاريخ والجغرافيا، والسياسة والدين، والاقتصاد والاجتماع، والبيولوجيا والسيميولوجيا... وما تصورتَ من العوامل وما لم تتصور. حتى أصبح القول (...)
حكى يحي بن جعفر قال: نزلت بفاس ليلا، وقد جرى الماء سيْلا، في يوم مَطير، يسوءُ الطَّرير، ذاتَ شتاء باردٍ هِلَّوْف، تقشعرُّ منه الجلود مِن خَوْف، قصْدَ السياحة، وجَمامٍ وراحة. ثم إني بحثتُ عن نُزْل، وقد مضى شطرُ اللّيْل، وشوقي إلى الصَّباح، كما يشتاق (...)
قد سمعتك يا قسطنطين تقول: "إن القوي الذي يتنمّر على الضعفاء لا بد أن يكون جبانا ذليلا أمام الأقوياء". وما أراك إلا أصبت كبد الحقيقة.
قال: فلابد إذاً أن تكون قد خبرتَ الأمر.
قلت: ورأيته رأيَ العين. فإن قوما من بني جلدتنا لم يبلغوا من شهامتك شَرْوى (...)
أحسب أننا الآن سنتكلم عن مصر وما يجري بمصر على بيّنة من أمرنا. وأحسب أن الذين طالما انتصروا للمجلس العسكري سيأذنون لنا أن نقول فيه شيئا مما قال مالك في الخمر. ذلك أنه لم يعد مقدسا فيما أحسب. امتنعنا عن الكلام المباح حينا من الدهر نزولا عند رغبة (...)
حكى يحيى بن جعفر قال: ابتلاني الله ذات يوم، بشرِّ قوم، هجروا الحق، ورضوا الرِّق، قد احترفوا المدح، لأهل القدح، وآثروا النفاق، وسوء الأخلاق، على إفك وشقاق، وجَنَف وخصام، كما يفعل اللئام. فخرجتُ أطلب الحق، فيما جلَّ ودَقّ، وقلتُ أقصدُ ذا الأصل (...)
حكى حنظلة الأحنف قال: أمْحَلَ الصومال، وعزَّ القَطْرُ والبِلال، ونزل بالقَرْنِ أبو عَمْرَة، فهُم في شِدَّة وغَمْرَة. فلما بلغني الخبر، وحلَّ القدَر، تركتُ مجلسَ فكاهة، خشيةَ الفَهاهة، وأحجمتُ عن الإحمْاض، إعراضا عن الأَحْراض. كيف وقد جاءت الأخبار (...)
حدثنا عمرو بن زياد قال: جَمَعتنِي ليلةٌ مِن رمضان، بصحبة الصَّبَاء ورِفقة السُّلوان، زيد وقيس ونعمان، وكلهم من الأقران. فحدَّث كلٌّ منا عن حاله، وكيف يقضي رمضان بأطوالِه. ونهارُ الصيف طويل، على قيظٍ والجسمُ عليل. وأين اليعاليل؟ ورَشُّ الأهاليل؟ (...)
حدَّثنا دَسْتَرَوَيْه قال: سمعتُ عن استفتاء بأرض الأولياء، فأعددتُ العُدَّة، لطولِ المدة، وجمعتُ النَّفقَة، لبُعدِ الشُّقَّة. ثم حثثتُ السيرَ، وقلتُ لا ضيْر، مَن توكل على الله كفاه، كلأه من قُدَّامِه وقَفاه. قال: ولما بلغتُ المغربَ الأقصى، ألفيتُ (...)
ليس الكتاب سلعة كباقي السلع، رغم أنه يباع ويشترى. فلماذا يُعرَض الكتاب إذن وينشر؟ بل لماذا يؤلَّف ويُقرأ؟ ما مقاصد عرض الكتاب؟ وما المعايير والضوابط التي ينبغي أن يراعيها معرض دولي للكتاب؟ هذه بعضُ أسئلةٍ من وحي معارض للكتب زرتها في مواقع مختلفة. (...)
زار مراقب مدرسا ذات صباح باكر، فألفى المُدرِّسَ يراقب الطُّلاب وهم ينجزون فرضا كتابيا، وعلى مكتبه كأس شاي. أمضى المراقب زمنا يُقَلِّبُ وثائق المُدرِّس ورقة ورقة. بدا له أن الأمور على خير ما يرام: إنجاز مضبوط للدروس، وفروض في وقتها المخصوص، وجذاذات (...)
حدثنا أشقر بن سُلاف قال: نزلتُ أرضَ السَّيل، وقد اطرَخَمَّ الليل، فسألتُ عن أمير البلاد، وكيف يسوس العباد، فقيل إنه الملك "صالح"، مَن أمرُه طالح. قريَتُه سنحان، وعزلُه قد حان. خطب فقال، منتخَبٌ لا أُقال. والشبَّانُ يهتفون ارحلْ، والرئيس نابحٌ (...)
حدثني عدي بن خلف قال: تفكَّرْتُ في أحوالي وأحوال مَن حولي، بمناسبة ما يعتزم الآخرون القيام به في عُرسي. والحق أنها خواطر كثيرا ما جالت في نفسي. لماذا يُصِرُّ بعضنا على الفرح بدل بعض؟ ولماذا يحزن بعضنا بدل بعض؟ ولماذا نفرح فرحا أشبه بالحزن، ونحزن (...)
حدثنا هاشم الرفاعي قال: لقيتُ المُظفَّرَ قُطُز، بأرضٍ جُرُز. فسألني أيّ أرض الله هذه؟ قل
حدثنا هاشم الرفاعي قال: لقيتُ المُظفَّرَ قُطُز، بأرضٍ جُرُز. فسألني أيّ أرض الله هذه؟ قلتُ: أضلَّ الرجلُ أم ما به؟ أرضٌ وُلِّيتَ أمرها، أيخفى عليك سِرُّها؟ قال (...)
أدرك العجوز منذ زمن أن قواه بدأت تَخِر، وأن الزمن فعل فيه فِعلَه. لكن شيئا ما في باطن العجوز كان يحدثه بأن ريعان الشباب ما زال ولا حال. روحٌ تتمثل للعجوز بشرا سويا تقول: أنت قادر على مواصلة الدرب، فإياك والرضوخ! لكن العجوز ما عاد الآن قادرا على (...)
صرخ الشبان: يا زين، يا زين!
قال: مجيبا قصدتم.
قالوا: أضْنَتنا البطالة.
قال: خيرا تَلْقَون.
قالوا: فمتى؟
قال: صبراً تُفرَج.
قال العمال: يا زين، يا زين!
قال: أهلاً حللتم.
قالوا: نشكو شضف العيش.
قال: سيحسُن حالكم.
قالوا: فأنَّى ذاك؟
قال: (...)
لا يخفى أن العمل الناجح يبنى على تصور واضح. وكل عمل لا يتأسس على تصور يكون عرضة للارتجال والعشوائية. لا يعني ذلك أن هذا العمل لا يثمر أي نتيجة مرضية، إذ لا يخلو عمل من نتائج قد تَسُر. ولكن شتان بين نتائج مُتحصِّلة عن طريق الصدف، ونتائج هي حصيلة عمل (...)
كانت أم سعد كلما أرسلت سعدا إلى اللَّبَّان ليشتري لها لبنا حذرته من أن يأتيها بلبن ممزوج بماء، وأفهمته أن اللبن الممزوج لا يروب. وكانت توصيه بأن يتذوق زيت الزيتون ولا يلتفت لمدح بائعها، فالزيت أيضا قد يُخلط بالماء فتطفو منها طبقة يسيرة. ولذلكم وجب (...)
قدِم جاري صاحب معمل الزيتون من العاصمة للتَّو، لم أره منذ عام. وما إن وطأت قدماه البلدة حتى توجه إلى مسجد الحي لأداء صلاة القدوم. مرَّ أسبوع الآن على قدومه ولا تكاد تفوته صلاة جماعة، وخلف الإمام مباشرة. وبعد الصلاة يحرص المليونير على مصافحة كل مصلٍّ (...)
إنها عقدة مستحكِمة في النفوس، لا ينجو منها إلا من شملته لطائف الله تعالى. لكنها عقدة خاصة وليست عامة، فهي لا تصيب غير المثقفين، أو أشباه المثقفين على الأصح. ولقد عافى الله منها الإسكافي واللحَّام وبائع السمك. فما حقيقة هذه العُقدة؟ حقيقتها أن ترى (...)