كانت أم سعد كلما أرسلت سعدا إلى اللَّبَّان ليشتري لها لبنا حذرته من أن يأتيها بلبن ممزوج بماء، وأفهمته أن اللبن الممزوج لا يروب. وكانت توصيه بأن يتذوق زيت الزيتون ولا يلتفت لمدح بائعها، فالزيت أيضا قد يُخلط بالماء فتطفو منها طبقة يسيرة. ولذلكم وجب الاحتراز من كل إناء غير شفاف. كما أنها قد تكون مزيجا من زيت قديمة وأخرى عُصرت للتوّ. أما العسل فعسلان: حرة وغير حرة. وغير الحرة أماراتها أن تفرز مادة بيضاء، وإذا أسيلت كانت قطرات متتابعة، فإذا أصابت أديم الأرض تلبَّد ترابها، ثم إنها إذا وُضعت على ورق وأزلفت إلى نار التهمتها. وكانت الأم توصي سعدا إذا اشتهى سمكا أن يلمس السمكة بيده فيتأكد من وجود حراشيف عليها، وينظر في خياشيمها فيرى إن كانت الخياشيم محتفظة بحمرتها. ولا بأس أن يشم السمكة، فالسمك سرعان ما ينتنُ. لكن سعدا تفطن لأمر هو أيسر من الاحتراز، لقد قرر أن يحترف تزوير النقود.