صرخ الشبان: يا زين، يا زين! قال: مجيبا قصدتم. قالوا: أضْنَتنا البطالة. قال: خيرا تَلْقَون. قالوا: فمتى؟ قال: صبراً تُفرَج. قال العمال: يا زين، يا زين! قال: أهلاً حللتم. قالوا: نشكو شضف العيش. قال: سيحسُن حالكم. قالوا: فأنَّى ذاك؟ قال: خُلِق الإنسان عجولا. نادى الأحرار: يا زين، يا زين! قال: كريما سألتم. قالوا: نريد الكرامة. قال: أُجيبَ سؤالُكم. قالوا: فمتى؟ قال: عن قريب تُسَرُّون. نادى المثقفون: يا زين، يا زين! قال: حكيما دعَوتم. قالوا: نبتغي الحرية. قال: أحرار أعِزَّة. قالوا: فما الأجَل؟ قال: فاز الأنِيُّ. قال البُسطاء: يا زين، يا زين! قال: سميعٌ مجيب. قالوا: أشقانا كتمُ النَّفَس. قال آخرون: أعيانا المُخبِرون. قال غيرهم: مَلَلنا الذلة. تتابع الصراخ: كثرت العيون، مللنا السكون، طال الركون، طفح المُجون... تعالى الهتاف، وحمِي الوطيس. تَفقَّد زين مِنْساتَه، ضرب بها الجموع فانكسرت. قال زين: مطالبُكم مُجابة. ولقد أفسدَتنا البطانة. قالوا: طال الانتظار. فأطْلِق الأحرار! قال: أنتم المُصطفون الأخيار. قد عفونا عن المسيء، وأَقَلْنا الظالم. قالوا: فأنت الظالم والمسيء. قال: وما بُغيتكم؟ قالوا: أيسر خطب، اغرُبْ عنا! قال: خادمُكم أنا، سأقيمُ العدل. قالوا: سبق السيفُ العذل. قال: ارحموا عزيز قومٍ ذل! قالوا: فأين كان العدل آنفا؟ قال: لا يُقطف الثمر قبل النضج. قالوا: أفأنضَجَتْنا العصا؟ قال: لا بد مما ليس منه بد. هتف الجميع: لَنحن العبيد إن بقيت. إنما تُنال المطالب غِلابا. واستمر الصراخ.