شهدت الدارالبيضاء يومي الجمعة والسبت 5 و6 دجنبر 2003 ندوة دولية حول كيف يدرس الدين. ونظمت هذه الندوة كل من مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية ومؤسسة كونراد أدناور الألمانية. وشارك فيها عدة أساتذة من المغرب وخارج المغرب. ووضعت الندوة أسئلة كثيرة حول الدين وانزلقت من الحديث عن كيف يدرس الدين؟ إلى الحديث عن لماذا يدرس الدين؟. وحول هذا الموضوع قابلت التجديد الدكتور خالد الصمدي رئيس المركز المغربي للدراسات والبحوث البيداغوجية الإسلامية بتطوان الذي شارك في الندوة بدراسة نقدية تحليلية حول جدلية المعرفة والقيم في مناهج التربية الإسلامية نالت إعجاب الحاضرين. ننشر في هذا الملف مقابلة مع الدكتور خالد الصمدي والى جانبها مقال للأستاذ أوس الرمال حول المضمون الإسلامي في تدريس العلوم الطبيعية الدكتور خالد الصمدي رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية الإسلامية بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان لالتجديد:المنهاج الحالي لمادة التربية الإسلامية في المغرب غير مسبوق في العالم الإسلامي شاركتم مؤخرا في الندوة الدولية في موضوع تدريس الدين اليوم بمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية حضرة مشاركون من بلدان مختلفة كيف كان تقويمكم للبحوث المقدمة في هذه الندوة؟ إن أهم الخلاصات التي يمكن تسجيلها في هذه الندوة المتميزة هو تلاقح الأفكار والآراء حول واقع تدريس الدين في البلدان الأوروبية والعربية وبصفة أخص تأكيد باحثين من فرنسا وإيطاليا على عودة الاهتمام بدراسة الدين في أوروبا وتقديم تجارب عملية في تدريس الدين في بعض المؤسسات، بل وتقديم الأوروبيين أنفسهم انتقادات للطريقة غير العلمية التي تقدم بها التعاليم المسيحية في المؤسسات التعليمية، والتي تغرق في الرمزية حينا وفي التجسيد أحيانا، في ابتعاد تام عن الواقعية، مما يفتح في نظري آفاقا لم تكن متاحة من قبل في مناقشة المسألة الدينية وحوار الأديان. وكانت الندوة فرصة لتقديم المنهاج التعليمي المغربي الجديد في مادة التربية الإسلامية والذي لقي تجاوبا ونقاشا هامين. ومن الخلاصات أيضا إغراق بعض العروض في الجانب النظري وانتقالها من الجواب عن سؤال كيف يدرس الدين اليوم إلى طرح سؤال لماذا ندرس الدين اليوم وأبدت تخوفات من تدريس الدين من وجهة نظرها ونظرتها إلى عودة سؤال التدين والمعرفة الدينية وخاصة الإسلامية منها إلى مجامع البحث بقوة بل وإلى اهتمامات الشارع الأوروبي. وقد كانت مناقشة مختلف العروض من طرف جمهور المثقفين الحاضرين نوعية وجادة وبناءة أبرزت بوضوح أهمية التدريس الواعي للدين والتربية على التدين في تدعيم حوار الحضارات وترسيخ ثقافة التعايش. الدعوة إلى مراجعة البرامج والمناهج كانت وراءها جهات غربية على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية هل هذه الدعوة بريئة؟ دعني أؤكد في البداية أن برامج ومناهج التعليم تعكس الوجه الحضاري لأي أمة فهي المدخل الأساسي لتشكيل الذهنيات وبناء وتوجيه الطاقات وهي المجال الطبيعي لتشكيل القيم وتنمية القدرات والكفايات، وإذا ما علمنا أن شروط ووسائل التنمية تتغير وتتطور، علمنا أن تكييف برامج ومناهج التعليم يعد مطلبا تربويا بالأساس تحكمه متطلبات التجديد التي تحكم سائر الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. من هذا المنطلق تكون الدعوة إلى مراجعة البرامج والمناهج أمرا طبيعيا في كل بلد متفاعل مع المتغيرات الداخلية والخارجية السائدة في ذاته ومحيطه، ويجد الحاجة طبيعية إلى فتح هذا الملف بحسب الحاجة التربوية خصوصا والحاجة التنموية للبلد بصفة عامة. وهذا المنطق هو الذي جعل كثيرا من بلدان العالم الإسلامي تؤسس لجنا لمراجعة البرامج والمناهج في السنوات العشر الأخيرة كالمغرب ومصر وتونس والأردن وبعض دول الشرق الأوسط، وكل القائمين على أنظمة التربية والتكوين في هذه البلدان أوغيرها يصرحون على الأقل رسميا بأن ليس للأجندة الدولية والإملاءات الخارجية أي تأثير على مشاريع مراجعة البرامج والمناهج. إلا أن سببين اثنين يجعلان كثيرا من المهتمين بمجال التعليم يشككون في صدق مثل هذه التصريحات وهما: أولا ضعف إمكانيات أغلب دول العالم الثالث في تمويل إصلاحات تربوية جادة ومستقلة واعتماد أغلب هذه الدول على مساعدات الدول العظمى التي تحرص كل الحرص على تصدير نموذجها الحضاري عبر مناهج التعليم إلى هذه البلدان ضمانا لاستمرار تبعيتها الاقتصادية و إيمانا منها بأن تسويق المعلومات والأفكار والقيم هو المجال الحقيقي للتنافس على الأسواق. أما السبب الثاني فهو هذه الدعوات المتكررة لإعادة النظر في البرامج والمناهج التعليمية خاصة في البلدان الإسلامية من طرف الولاياتالمتحدة على اعتبار أن هذه المناهج تحمل بذور العنف وعدم التسامح مع الآخر وترفق هذه الدعوات بتهديدات وعقوبات اقتصادية وأمنية. وإذا ما جمعنا بين السبب الأول والثاني علمنا مقدار الحرج الذي تعاني منها مركز القرار في مجال التربية والتعليم في هذه البلدان وهي تحاول ترسيخ نظام تربوي يستجيب لحاجاتها التنموية وخصوصياتها الحضارية وهي غير قادرة على توفير الموارد المالية الضرورية لتمويله، وبين الاستجابة للإكراهات والأجندة الخارحية التي تفرضها الدول المانحة ، وهو ما يتسبب في الدخول في توافقات في مجال لا يحتمل أن يعالج بأسلوب التوافق، لأننا في نهاية المطاف سنجد أنفسنا أمام مناهج تعليمية لا تستند إلى فلسفة واضحة وخيارات ثابتة ينتج عنها بالضرورة غياب النموذج الحضاري لدى المتعلمين الذين يخضعون لهذا البرنامج، مما يضعنا بالضرورة أمام حالة التيه التي تؤدي حتما إلى تبني فلسفة الآخر وهو ما يعني الذوبان المطلق، ونفي الآخر يعني بالضرورة إفراغ كل دعوة إلى الحوار والتعايش والتسامح من محتواها لأن الحوار يقتضي بالضرورة الإقرار بالمغايرة والاختلاف. وإذا ما علمنا حاليا قدرة مناهج التعليم في بلدان العالم الإسلامي رغم ما يسودها من مكامن الخلل على صناعة نموذج مغاير وليس بالضرورة معاد للغرب، وهو ما لا ينسجم ومتطلبات العولمة التي تريد تسويق نموذج واحد منمط وفق رؤية فلسفية محددة لا تؤمن بالتنوع والاختلاف، وإذا ما علمنا أن الصراع انتقل من مجال الاقتصاد إلى مجال القيم، علمنا لماذا بلغ هذا التدافع ذروته في العالم الإسلامي. كيف نرد على هذه الدعوات وما هي البدائل التي تتصورون لها؟ اقتراح البدائل النظرية أمر ممكن ولكن تنفيذها على أرض الواقع يقتضى شروطا متعددة، وإنك لتجد مئات المقالات على شبكة الإنترنيت وبمختلف اللغات، وتجد دراسات منشورة في مجلات متخصصة في التربية والتعليم ومؤلفات أكاديمية تضع بدائل يمكن رصد أهمها في ثلاث اتجاهات: الاتجاه الأول يرى أن الحديث عن الخصوصيات في عالم متغير وغير متكافئ في القوة الاقتصادية والعسكرية ضرب من التخيل وأن بلدان العالم الإسلامي محتاجة إلى السكن والتغذية والشغل كما صرح بذلك جاك شيراك خلال زيارته لتونس على هامش مؤتمر 5+5 بتونس وهو دعوة غير مباشرة إلى عدم التفكير الحالم في بناء نموذج حضاري يعطي الأولوية للكرامة قبل الخبز والسكن، وهو ما يعني الذوبان الكلي في النموذج الغالب مقابل قطعة خبز وسكن وأمن تضمنه الآن حتى السجون. أما الاتجاه الثاني فهو الداعي إلى الرفض المطلق لكل تدخل خارجي في بناء برامج ومناهج التعليم واعتبار ذلك مسا بالسيادة الداخلية وتشويها للخصوصيات الحضارية للشعوب، ومناقضا للإيمان بالاختلاف والتنوع الذي يعتبر حقا كفلته القوانين السماوية والوضعية، علما بأنه لا يمانع في الاستفادة بحسب حاجته ورغبته من تجارب الأمم والشعوب على اختلاف اقتناعاتها في ما يتعلق بالطرق والوسائل بما لا يناقض خصوصياته الحضارية. الاتجاه الثالث يتبنى مبدأ التكيف مع الضغوطات الخارجية والاستجابة للحاجات الداخلية على قدر ما تسمح به الإمكانات المتوفرة سواء في الخبرات التعليمية أو الإمكانات المادية، معتبرا أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها البلد تدفعه إلى أن يسلك سبيل التوازنات ليس في قطاع التعليم فحسب بل في كل الميادين، ويرى أن الاعتماد على الدول الصديقة في تمويل مشاريع إصلاح التعليم عموما سيسمح له بهامش من المناورة يضمن به الحفاظ على دائرة ضيقة من الخصوصيات والثوابت والاستجابة بمقدار لمتطلبات عولمة الاقتصاد والثقافة. وفي قراءة عميقة لهذه الخيارات اعتقد أنها ليست بدائل متغايرة ومستقلة عن بعضها، بقدر ما هي خيارات متتالية في سياق التدافع الحضاري يلجأ إليها بقدر توفر شروط تطبيق أي خيار من هذه الخيارات، فالبلد الذي يتوفر أهله على ثقافة تسمح له بأن يدرك خطورة التدخل الأجنبي في بناء البرامج والمناهج يستطيع العامل والموظف والتاجر فيه أن يضحي بنصف أجرأتة وأن يربط على بطنه من أجل أن يوفر تمويلا كافيا لتنفيذ خيارات مستقلة في مجال التربية والتعليم تجد أثرها بالضرورة في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهي الخيارات التي سلكتها اليابان وألمانيا بعد خروجهما من الحرب العالمية. أما البلد الذي يسود فيه التفكير الفرداني المادي ويضعف فيه الحس الحضاري فإن مثل هذا السؤال لا يجد حضورا لدى أغلب أفراده وبالتالي فهذا المجتمع غير معني بهذا الجدل الذي يراه عقيما ولا ينبني على أساس وهو مسعد لبيع وطنه جزءا جزءا من أجل أن يأكل وينام ويركب سيارة، ويمتلك منزلا، وليذهب ما سوى ذلك إلى الجحيم فالنموذج الأسلم هو الذي يحقق الأهداف السالفة الذكر وذلك أسهل الخيارات وهو الذي سلكته بعض البلدان الأوروبية الصغرى بعد الحرب العالمية الثانية، وبعض بلدان أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ويراد حاليا لأغلب بلدان العالم الثالث أن تسير فيه. أما البلد العريق في حضارته المتمسك بجذور تاريخه المؤمن بحقه في الحفاظ على خصوصياته الساعي في غير تفريط إلى الاندماج في محيطه الكوني بكل إيجابية إلا أنه لا يملك الإمكانيات الكافية لحماية هذا الخيار فهو الذي يلجأ إلى أسلوب مراعاة التوازنات بين تلكم المتطلبات والضغوط الخارجية وهو المسعى الذي تسير فيه أغلب بلدان العالم الإسلامي بعد سقوطها في حمأة المديونية والارتهان للخارج بعد حرب العراق الثانية. وإذا كان الخيار الثاني خيارا مرغوبا فيه من طرف الغرب، ونموذجا ينبغي أن يعولم من طرف القوى الكبرى، فإن الخيارين الباقيين رهينان بالتضحية الكاملة في النموذج الأول، والقدرة على المناورة في النموذج الثالث. ويمكنني القول إن العالم اليوم ووفقا لسنن الكون القائمة على التنوع والاختلاف ليس من الطبيعي تماما أن يسود فيه النموذج الواحد، وإذا ما أرادت أي حضارة أن تسود، فهي تعلم أن من مقومات وجودها إقرارها بالاختلاف والتعايش مع نماذج حضارية مماثلة، وبالتالي فإن النموذج الأسلم أن تبنى مناهج التعليم على مبدأي الخصوصية في المنطلقات الفلسفية لهذه المناهج والانفتاح على كل التجارب والخبرات الإنسانية في الطرق والوسائل، وهذا ما عرفته الحضارة الإسلامية عبر تاريخها حين اعترفت بالخصوصيات الحضارية للشعوب ودعت إلى التعارف بينها انطلاقا من قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). تحضر مادة التربية الإسلامية كمادة حاملة للقيم في واجهة الدعوات إلى التغيير، هل لديكم خطة مدروسة لتجديد مناهج التربية الإسلامية، وهل لذلك ارتباط بالدعوات الغربية؟ إننا كأساتذة باحثين بالمركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية الإسلامية بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان وكأساتذة مؤطرين ومكونين بشعبة الدراسات الإسلامية، نجد أنفسنا منخرطين في تفعيل مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجال اختصاصنا سواء تعلق الأمر بالتربية الإسلامية كمادة تعليمية أو بتدريس العلوم الإسلامية بالتعليم الأصيل أو بالتعليم الإسلامي غير النظامي بمؤسسات التعليم العتيق، في مجال بناء المناهج الدراسية وطرق التدريس والتكوين الأساسي والمستمر للأساتذة. وقد ساهمنا إلى جانب فرق بحث أخرى تم اعتمادها من طرف مديرية الاستراتيجيات التربوية بوزارة التربية الوطنية في أكاديمية فاس ووجدة ومراكش في صياغة البرنامج الحالي لمادة التربية الإسلامية المنشور في الكتاب الأبيض والذي شرع في تطبيقه منذ سنتين. ويمكنني القول إن المنهاج الحالي لمادة التربية الإسلامي يعتبر بالنظر إلى المقاربة المنهجية والتربوية والعلمية التي بني بها نموذجا جديدا غير مسبوق في العالم الإسلامي ولا أعرف من خلال إطلاع متواضع على أغلب مناهج التربية الإسلامية بالعالم الإسلامي على نموذج مماثل ، ويمكنني أن أجمل أهم معالم هذا المنهاج في - الانطلاق من مبدأ التربية على القيم وتنمية والكفايات. - استحضار البعد العملي التطبيقي والسلوكي للمعرفة الإسلامية كنظام يجد تجلياته إلى جانب العقائد العبادات في الإسهام رفقة باقي المواد المكونة للمنهاج التعليمي في تخليق الحياة العامة سواء في الصحة أو البيئة أو التواصل أو الحقوق أو الأسرة أو المعاملات المالية أو في مجال الفن والجمال أو غيرها. وبذلك أصبحت المعرفة الإسلامية وظيفية ، فانتقلنا بذلك من تدريس العلوم الإسلامية إلى تدريس التربية الإسلامية. - بناء المفاهيم الإسلامية في أذهان التلاميذ بالتدرج مراعاة لقدراتهم واستعداداتهم النفسية والفكرية وعملا بأحدث النظريات التربوية في بناء المناهج التعليمية. - صياغة محتوى المنهاج بما يتلاءم وتعدد فضاءات التعلم الذي لم يعد محصورا في القسم وإنما اتسع ليشمل قاعة المعلوميات وقاعة الأنشطة الموازية بل وحتى محيط المؤسسة التعليمية - الأخذ بعين الاعتبار تعدد أشكال التعلم الفردي والجماعي والتعلم في مجموعات ولذلك اشتمل المنهاج لأول مرة على حصص للأشغال التطبيقية وأنشطة التقويم والدعم. - فتح المجال لاستثمار أفضل للوسائل التعليمية خاصة الإعلاميات والوسائل السمعية البصرية إلا أن ترجمة هذا البناء النظري عمليا وفق الطريقة الجديدة للتأليف التي اعتمدتها الوزارة منذ سنتين تنفيذا لمقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمعتمدة على المنافسة الحرة تبقى رهينة بقدرة فرق التأليف المتنافسة على ترجمتها عمليا ، وقد سعت مديرية المناهج ضمانا لتححق أكبر قدر ممكن من النجاح في إعداد الكتاب المدرسي في مختلف المواد على إعداد دفتر تحملات يتضمن بنودا دقيقة تلزم المؤلفين وتسهر لجنة عليا من الخبراء على الدراسة والمصادقة على المشاريع التي تستطيع إلى حد كبير ترجمة الجوانب النظرية إلى تطبيقات عملية وقد أثمرت هذه الطريقة نماذج جيدة من الكتب المدرسية في كل المواد بما فيها مادة التربية الإسلامية وشرع في العمل بها منذ سنتين، وأشير إلى أن دفتر التحملات الخاص بمادة التربية الإسلامية يشير بدقة إلى ضرورة التقيد في الأحكام الفقهية بالمذهب المالكي وفي كتابة الآيات برواة ورش كما يتضمن دفتر التحملات العام بندا خاصا بضرورة احترام الدين الإسلامي في كل الكتب المدرسية. أما بخصوص الشق الثاني من سؤالك فأؤكد لك أن إعداد هذا البرنامج لم يكن تحت تأثير أي جهة، ولم يكن استجابة لأي إملاءات، إنما كان خلاصة اجتهادات لخبراء مغاربة وحصيلة تجارب في تدريس المادة دامت عقودا من الزمن واستحضرت مستجدات البحث العلمي التربوي في بناء المناهج التعليمية وتطمح إلى أن تكون هذه التجربة محط تقويم وتجديد مستمر. ماهو تقييمكم للكتب المدرسية في مادة التربية الصادرة هذه السنة؟ يبدو أن تقويم الكتب المدرسية لمادة التربية الصادرة لحد هذه السنة سابق لأوانه اعتبارا لحداثة التجربة ولكونها في طور الاستعمال لمدة غير كافية، وأعتقد أن هذه الكتب ينبغي أن تخضع لعمل فرق البحث المشتغلة بالبحث التربوي كما أنها ينبغي أن تكون محط عناية من طرف الأساتذة والمراقبين التربويين والأكاديميات التعليمية، بل وحتى الآباء حتى يكون التقويم علميا مفيدا وغير انطباعي وأعتقد أن مديرية المناهج كما أعلن على ذلك الأستاذ عبد الرحمان الرامي مدير المناهج، مستعدة لاستقبال الدراسات و الأبحاث الجادة في هذا المجال للاستفادة منها في تطوير التجربة إلا أن هذا لا يمنع بإجمال من إبداء بعض الخلاصات كباحث مهتم: - وأولها وجود كتاب مدرسي للتلميذ والمدرس لمادة التربية الإسلامية في مستويات لم تكن تتوفر عليه من قبل صدر منها كتب السنة الأولى والثانية والرابعة وينتظر أن يصدر متاب السنة الخامسة خلال السنة القادمة وهذا أمر جديد بالنسبة للمادة، وستحدث ولا شك تغييرات إيجابية في طرق تدريسها وفي طرق تعامل التلاميذ معها. - قراءة أولية للكتب الصادرة تكشف مجهودات متميزة للمؤلفين واكتشاف طاقات في التأليف لم تتح لها الفرصة من قبل وينتظر أن تكشف مسيرة التجربة عن طاقات أخرى جيدة ومفيدة. - ومن جهة أخرى أسجل عدم مناسبة طباعة بعض الكتب خاصة في المستويات الصغرى لقدرات التلاميذ على القراءة واستثمار الصور التي كانت مساحتها صغيرة، ونتمنى أن تكون كتب التربية الإسلامية في السنوات الأولى أكثر جمالية وجاذبية للتلميذ. وأعتقد أن هناك خلا صات أخرى أولية بدأت تتجمع لدى المهتمين يمكن أن تكون أكثر تفصيلا وخاصة لدى الأساتذة والمعلمين العاملين في الميدان. إعداد: حسن السرات