بسط الشيخ عبد الباري الزمزمي في محاضرة ألقاها ضمن سلسلة الدروس الرمضانية لحركة التوحيد والإصلاح بالرباط أصول منهج التفقه في الدين مساء أول أمس الأربعاء الأخير. وأرشد الشيخ الزمزمي، رئيس جمعية فقه النوازل وخطيب سابق بمسجد الحمراء بالدار البيضاء، المسلم في عنصر معرفة المسلك الصحيح عند الخلاف أن يسلك إمكانات ثلاث: أن يرجح بين الرأين المختلفين إن كان من أهل الترجيح، والثاني أن يلتزم رأي فقيه ولا يغيره، والثالث أن يتبع مذهبا فقهيا واحدا. وحدد الزمزمي أزيد من عشرة أصول لمنهج التفقه في الدين، داعيا كل مسلم إلى معرفة الفروع المتعلقة بكل أصل لتمتين تدينه وصيانته من أي انحراف. وقال المحاضر إن على المسلم أن يعرف أصول الإيمان والإسلام والإحسان وأشراط الساعة انطلاقا من حديث جبريل الذي جاءكم يعلمكم أمر دينكم، ليقوي ويجدد إيمانه ويزداد يقينا في دينه، وقال الشيخ إن أركان الإسلام هي أعمدة بنائه، وشرائع الإسلام هي ما تبقى من البنيان. وحصر الأصل الثاني من أصول المنهج في معرفة الواجبات والحقوق، فالإنسان له حق وعليه حق، فعليه أن يعطي:لكل ذي حق حقه، وبين هذه الحقوق والواجبات المتبادلة بين العبد وربه وبين الزوجين وبين الوالدين والأبناء وبين الحاكم والمحكوم في شؤون الأمة، وهذه واجبات وحقوق يجب على المسلم أن يعيها. والأصل الثالث هو معرفة مقاصد الشريعة الإسلامية استنادا لقوله تعالى:( يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)، أي أن الدعوة غايتها ومقصدها الحياة وليس الموات، وكذلك ما جاء في قوله تعالى(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وقوله عز في علاه في إرسال الأنبياء والرسل( وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)، فالغاية من كل تشريع، يوضح الشيخ الزمزمي، الوصول إلى هداية الناس، وأورد لمزيد من الإيضاح قصة عامل خامس الخلفاء عمر بن عبد العزيز الذي كتب له أن دخول النصارى واليهود في الإسلام يقلل مداخيل الجزية، فقال له عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهإن الله بعث النبي صلى الله عليه وسلم هاديا ولم يبعثه جابيا. وخصص المحاضر الأصل الرابع لمعرفة علل الأحكام والحكمة من تشريعها، فالله تعالى لم يشرع العبث، فإذا كان المسلم عالما بهذا الأصل أدى العبادة على حقيقتها، وأعطى نموذجا بعلة تشريع بعض العبادات التي يحتك المسلم في أدائها مع الآخرين وسماها بأخلاق الاحتكاك والمعاشرة، فحكمة تشريع الصوم هو التطهر من اللغو والرفث وقول الزور، والحكمة من الحج لترويض النفس وتقويم سلوكها من الرفث والفسوق والجدال. أما الأصل الخامس فهو معرفة الأحاديث الضعيفة في مجال الأحكام أما في فضائل الأعمال فلا يضر الأخذ بها، فمعرفة هذه الأحاديث الضعيفة في الأحكام، يقول المحاضر، يبعد عن تكلف الحرج والمشقة في أداء الشرائع، ومثل الشيخ الزمزمي بذكر الله تعالى بحديث(لا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه)، فعدم ذكر الله ليس من نواقض الوضوء. وأرشد الشيخ الزمزمي في عرض حديثه عن الأصل السادس إلى معرفة الأحاديث الموقوفة، وهي الأحاديث صحيحة السند(رجاله ثقات) ومعلولة المتن، وقد تكون في الصحيحين ولكنها مخالفة للدين والواقع ومضرة بتدين المسلم، ومثاله كما أوضح ذلك المحاضر حديث أن الشمس عند غروبها تذهب لتسجد تحت عرش الرحمان ثم تعود وتستأذن فيؤذن لها، فالعرش فوق العالم السفلي، والشمس كما يقول القرآن الكريم( ولا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)، ومتن الحديث مخالف لما ثبت بالعلم ولا يمكن أن يأتي قول النبي صلى الله عليه وسلم مخالفا للقرآن والعلم. وتطرق الشيخ الزمزمي في بيان الأصل السابع من أصول منهج التفقه في الدين إلى ضرورة الفقه الواقع وتبدل الأوضاع، ومثل له المحاضر بوجود مباحث خاصة بأسباب النزول ونسخ الأحكام، مستشهدا بالنهي عن سب أوثان الكفار وهو لب التوحيد لأنه يؤدي لأشد المنكر وهو سب الله تعالى. وتناول في الأصل التاسع فقه الأولويات واختيار الأفضل واجتناب الأشد والأعظم، فرعاية الأسرة أولى من الخروج للدعوة في باكستان مثلا،حسب تعبير المحاضر. والعاشر يفرض المعرفة بسد الذرائع والحادي عشر لحدود الاقتداء بالصحابي وتقديم الحديث النبوي على فعله المخالف للحديث. وباقي الأصول من معرفة بأصناف الحرام ومراتبه والعرف ومجالاته ومعرفة المسلك الصحيح عند الخلاف تناولها الشيخ الزمزمي على الترتيب مؤكدا أن الالتزم بهذه الأصول يمكن من السير في دروب العبادة باطمئنان ودون حرج أو مشقة. وكانت المحاضرة فرصة للحضور لطرح بعض الأسئلة الفقهية الخاصة بالقراءة الجماعية للقرآن الكريم والرهن، حيث اعتبر الشيخ القراءة الجماعية صحيحة استنادا للحديث النبويما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم...، أما الرهن في أصله فهو جائز لكن تدخل بعض الأطراف يفضي به إلى التحريم. وستتابع الدروس بمحاضرة للدكتور محمد خروبات في موضوعحجية السنة يوم السبت سادس رمضان( فاتح نونبر2003). عبد لاوي لخلافة