فجرت أمينة ودود امرأة مسلمة أمريكية متخصصة في الدراسات الإسلامية جدلا فقهيا وسياسيا مثيرا عندما أمت مصلين مختلطين من الرجال والنساء في صلاة الجمعة الأسبوع المنصرم بمركز إسلامي بمدينة أوكسفورد ببريطانيا في خطوة غير مسبوقة بهذا البلد. وقالت أمينة ودود، في تصريحات صحفية عقب حادث إمامتها لمصلين مختلطين، إن لا شيء في القرآن ولا في السنة يمنعها من أن تؤم الرجال والنساء مختلطين والخطبة فيهم، مستندة في هذا السياق إلى واقعة حدثت في عهد النبي (ص) الذي أمر امرأة تدعى أم ورقة بأن تصلي بالرجال والنساء في منطقتها. واعتبر مصطفى بنحمزة، عضو المجلس العلمي الأعلى، واقعة أم ورقة التي استندت إليها أمينة ودود في إمامتها لمصلين من الجنسين مستندا باطلا لأن القياس لا يعمل به في مجال الفقه وأن الفتوى لا تبنى على النص الواحد، وإنما تبنى بمقابلة النصوص ببعضها البعض. وقال بنحمزة، في تصريح ل«المساء»، إن الإمامة تكليف لا ينبغي أن تبحث عنه المرأة ولم يثبت طيلة 15 قرنا من الإسلام أن خرجت امرأة على رأي الأمة التي أجمعت على إسناد الإمامة في الصلاة إلى الرجال دون النساء»، قبل أن يتساءل قائلا: «ثم ما الجدوى من إغراق المسلمين في هذه المعارك الهامشية بدل شغلهم بمشاكلهم الحقيقية في أفق إيجاد حلول لها». وإذا كان بنحمزة يعتبر إمامة المرأة للجنسين من الرجال والنساء عبثا، فإن عبد الباري الزمزمي، رئيس جمعية فقه النوازل وخطيب الجمعة بمسجد الحمراء بالدار البيضاء، يرى عكس ذلك، ويقول في اتصال مع «المساء»: «إن الذين يحرمون إمامة المرأة لمصلين مختلطين من الرجال والنساء هم في حقيقة الأمر مغالون في الدين، لأنهم يحرمون بدون أدلة ثابتة في الدين». لأن إمامة المرأة للجنسين من الرجال والنساء، بالنسبة إلى الزمزمي، تبقى من الأمور التي سكت عنها الشرع، قبل أن يضيف مؤكدا أنه «ليس هناك نص سواء في القرآن أو في السنة يمنع المرأة من أن تؤم الرجال والنساء في صفوف مختلطة». وهاجم الزمزمي الآراء الفقهية التي تحرم على المرأة أن تخطب في الناس بدعوى أن صوتها عورة، ويسوق في هذا السياق حادثة عائشة التي خطبت في جمهور غفير من الناس في واقعة الجمل، بعد خلافها مع علي بن أبي طالب، دون أن يعترض عليها أحد. ودعا الزمزمي إلى عدم الخوض في هذا الجدل الفقهي لأن المرأة كانت دائما عبر التاريخ الإسلامي مرجعا في مختلف العلوم الإسلامية، كما أن المغرب خطا خطوات في مجال تطعيم الحقل الديني بنساء عالمات يقدمن دروس الوعظ والإرشاد والفتوى في مختلف مساجد المملكة للرجال والنساء، فيما يقول أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح والخبير الأول بمجمع الفقه الإسلامي بجدة، إن اختلاط الرجال والنساء في المسجد وراء امرأة لأداء الصلاة هي نزوة ومزحة ونكتة لا أقل ولا أكثر، إذا لم نقل إنها حفلة راقصة. وأضاف الريسوني، في اتصال مع «المساء»، أن الثابت بإجماع الأمة هو أن المرأة لا تؤم الرجال وإنما تؤم النساء وليس هناك أي سابقة أو قول يعتد به من العلماء يجيز إمامة المرأة للرجال، ليختم حديثه بالقول: «هذا شغل من لا شغل له». وكانت أمينة ودود، البروفيسورة من جامعة «كامنولث» في ولاية فيرجينيا بالولايات المتحدة، تلقت تهديدات بالقتل عندما أمت في عام 2005 المصلين في نيويورك، قبل أن يوجه إليها، حينها، يوسف القرضاوي، الداعية المصري المقيم بقطر، نداء دعاها فيه إلى أن «تراجع نفسها وترجع إلى ربها ودينها، وتطفئ هذه الفتنة التي لا ضرورة لإثارتها». لكن هذه الدعوة لم تمنع ودود من الدفاع عما تعتبره حقا من حقوق المرأة ،شكلا من أشكال المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام.