أتعبت السياسة الجزائرية المجانبة للحق والصواب، شعوب المنطقة وعرقلت طموحها في التواصل والبناء الجماعي للفضاء المغاربي، منذ أن انخرطت بطريقة لاعقلانية في الصراع مع المغرب على صحرائه، باستعمال قفاز جبهة البوليساريو وتوظيف تناقضات التقاطب الدولي في مرحلة ما قبل سقوط جدار برلين لصناعة زعامة عالمتالثية، مستثمرة رصيد الجهاد التحرري للشعب الجزائري وصورة المقاومة الجزائرية ذات الصيت العالمي. وتجلى إخفاق ورثة هذا الإرث النضالي المتميز في افتقاد بوصلة معنى التحرر والاستقلال، المفضي بالضرورة المنطقية إلى بناء فضاءات أوسع للشعوب المستضعفة على قاعدة القيم والمصير المشتركين، واحترام الاختيارات الدولية لكل شعب. سياسة المرونة والتسامح التي تعامل بها المغرب مع الجزائر في العديد من الملفات، أغرت ساسة الجزائر على الدوام باعتماد منطق أكثر انتهازية وفاقد لمعاني المروءة، كما تفرضها قيم التعايش التاريخي بين الشعبين الشقيقين والقائمة على وحدة الدين والثقافة والمصير. ومع توالي الشد والجذب حول قضية الصحراء المغربية لأزيد من 30 سنة وضياع مصالح كبرى لشعوب المنطقة بهذه العدمية السياسية التي أهلكت الحرث والنسل هناك حاجة تاريخية إلى مزيد من الحزم والوضوح في التعامل مع الجزائر، الخصم الرئيسي والمعلن للمغرب ومصالح الفضاء المغاربي الاستراتيجية، وذلك بالتأكيد على ما يلي: 1 اشتراط الدخول في أي مفاوضات رهين بالإطلاق الفوري لسراح الأسرى المغاربة واعتبار ذلك التزاما عمليا من طرف الجزائر يعبر عن صدق رغبتها في التقدم نحو حل حقيقي للنزاع المفتعل. 2 إعلان حل الجمهورية الصحراوية لاستحالة استئناف مشوار الحل السلمي الموصى به من طرف المنتظم الدولي مع كيان مُصر على أطروحة الانفصال ويعيش حالة احتضان كامل من طرف الدولة الأخرى، وهو ما يعتبر حالة شاذة في تاريخ التبني السياسي الذي جرت العادة أن يكون لحركات وليس لدول! 3 رجوع المحتجزين في محتشدات تندوف إلى موطنهم الأصلي وضمان حقهم في التعبير عن وجهة نظرهم بخصوص النزاع المفتعل. إن هذه الاشتراطات الثلاثة، تشكل مدخلا حاسما لتعزيز الموقف المغربي ووقف هذا التمطيط غير البريء لملف لم يعد أحد يقتنع بجدوى تمديد أزمته باستثناء من تأكدوا من فشل المراهنة على منطق التدويل وكسبوا من وراء ذلك مصالح ضخمة ستبور حتما لو واجهوا الأمر الواقع بالدخول في اختبار إرادة الشعوب التواقة إلى التوحد والاصطفاف في مواجهة تبعات التخلف والتنمية المتعثرة، وفي حالة عدم القبول بهذه الشرط يبقى من حق المغرب الإصرار على اعتبار الطرف الوحيد المسؤول عن الأزمة والمطلوب للحوار هو الجزائر وليس أحد غيرها أبدا.