مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    مدرسة التكنولوجيا تستقبل طلبة بنصالح    جماعة طنجة تصادق على ميزانية 2025 بقيمة تفوق 1،16 مليار درهم    المغرب يعتبر نفسه غير معني بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري        إقليم تطوان .. حجز واتلاف أزيد من 1470 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك خلال 4 أشهر    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    خطاب خامنئي.. مزايدات فارغة وتجاهل للواقع في مواجهة إسرائيل    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    أساتذة كليات الطب: تقليص مدة التكوين لا يبرر المقاطعة و الطلبة مدعوون لمراجعة موقفهم    مغاربة يحيون ذكرى "طوفان الأقصى"    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الإدمان في المغرب
نشر في التجديد يوم 20 - 04 - 2012

مع تعقد الحياة المعاصرة، وطبيعة التحولات التي يكون الفرد في صلبها نفسيا واجتماعيا، وكذلك بفعل التحولات القيمية والإجتماعية المصاحبة لطبيعة تأقلم الفرد والمجتمع مع مستجدات الواقع، أضحت حياة الفرد تنفلت ، بشكل نسبي أو مطلق، من عقال صرامة قوالب التنشئة الإجتماعية الكلاسيكية المرتبطة بالأسرة والمحيط الإجتماعي الضيق. ولعل من مظاهر هذه التحولات التي للمغرب، كمجتمع وكأفراد، نصيب منها، يمكن الإشارة إلى انتشار ظواهر الإدمان. وإن كان الإدمان قد تطور مع الزمن، زمن تعقد الحياة وتشابك المصالح وبالتالي تعاظم الانفلاتات عن الأطر المرسومة سلفا، فإن الإدمان امتد إلى مساحات تشمل تعاطي الخمور، المخدرات، الدعارة والشدود، القمار....، بل إن انتشار التكنولوجيات الحديثة على أوسع نطاق وامتداد مظاهر العولمة، خلق أفواج جديدة من مدمني عصر الأنترنيت، حيث مظاهر إدمان الأنترنيت، وممارسة «الشات لأهداف غير سليمة».
نتساءل: هل وجود مظاهر الإدمان وانتشاره الممتد قضية مسلمة لايمكن مواجهتها في مجتمعنا؟ ومن هم ضحايا الإدمان بالدرجة الأولى: الشباب أم النساء أم كل فئات المجتمع؟ وماهي خريطة صناعة الإدمان في المغرب؟ أسئلة نطرحها في هذا الملف، مع التأكيد على ضرورة فتح المجال لمزيد من الدراسات الإجتماعية والنفسية والاقتصادية لفهم خريطة وشبكات الإدمان في مغرب اليوم. مع أولوية صياغة استراتيجيات شاملة وفرعية يشارك فيها علماء النفس والإجتماع والدعاة للحد من امتداد ظاهرة الإدمان. تلك الظاهرة التي أصبحت عنوانا تتشابك فيها مصالح لوبيات تسعى للربح وتتقاطع مع تصدع أدوات التنشئة الإجتماعية التقليدية. لنرسم الخريطة أولا من خلال هذا الملف.
التدخين القاتل الأول
أرباح الشركات
تفيد إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن حجم صناعة التبغ عالميا يبلغ 400 مليار دولار. وكشفت نتائج دراسة ميدانية أعدتها الجمعية العالمية للبحوث والمعلومات حول الصحة تتعلق بالتدخين في بعض دول إفريقيا والشرق الأوسط أن المدخن المغربي ينفق على التدخين أكثر مما ينفق على التربية والتعليم، ويخسر مثله مثل مواطن الجزائر وتونس على التدخين نحو 50 دولارا شهريا.
وتتوفر شركة «ألطاديس» على شبكة توزيع تغطي كامل التراب الوطني تضم أكثر من 25 ألف نقطة بيع. وبلغ رقم معاملات الشركة خلال 2010 أزيد من 14.5 مليار درهم (وهو ماجعل منها خامس شركة في المغرب من حيث رقم المعاملات والأرباح). من جهة ثانية سجل تقرير سنة 2011 الصادر عن مديرية الجمارك والضرائب المباشرة أن 10 بالمائة كمتوسط سنوي من حجم السجائر المستهلكة في المغرب «تأتي من ظاهرة التهريب». كما كشفت الأرقام أن 23 مليون سيجارة مهربة تم حجزها خلال سنة 2008 فيما ارتفع الرقم المحتجز برسم سنة 2010 إلى مايزيد عن 100 مليون سيجارة.
15 مليار سيجارة في السنة
ينضاف أزيد من 30 ألف مغربي سنويا إلى لائحة المصابين الجدد بأمراض السرطان بسبب التدخين، كما يلتحق أزيد من 12 ألف شخص بقائمة المتعاطين للسجائر التي تعتبر المسؤول الأول عن 38 بالمائة من أمراض السرطان.
و يستهلك المغاربة 15 مليار سيجارة في السنة. وتقدر وزارة الصحة نسبة المغاربة المتعاطين لتدخين السجائر فقط ب 13.5 في المائة من الساكنة. وتشير مديرية علم الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة، أن عدد المدخنين الذين تقل أعمارهم عن18 سنة في المغرب في تزايد مستمر، بالرغم من المجهودات المبذولة للحد من انتشار هذه الآفة، ولاسيما بالوسط المدرسي. ويعود هذا الإرتفاع بالأساس إلى كون الشباب، الذين تتراوح أعمارهم ما بين13 و15 سنة أكثر عرضة للإدمان على التدخين، بالنظر إلى سهولة تأثرهم بالدعاية التي تشجع الإقبال على التدخين.
وحسب نتائج دراستين أجريت لصالح جمعية للاسلمى لمحاربة داء السرطان سنة 2010، فقد ارتفعت نسبة النساء المدخنات بالمغرب، لتصل إلى 3.4 بالمائة سنة 2006 بعد أن كانت0.6 بالمائة سنة 2000، نفس التقرير كشف عن تطور نسبة المدخنين بالمغرب حيث بلغت18.5 بالمائة بعد أن كانت 17.2، وذلك في إطار دراسة أجريت على فئة عمرية تتراوح بين 15 و75 سنة.
كل سيجارة تنزع 11 دقيقة من حياة المدخن
وعلى عكس ما يروج له من أهمية تجارة التبغ في الإقتصاد الوطني 6 مليار درهم، تسبب هذه التجارة في خسائر مهمة بالنسبة للإقتصاد والفرد والمجتمع عامة، فإلى جانب الخسائر المادية المباشرة الناتجة عن علاج الأمراض التي يتسبب فيها التدخين. هناك الخسائر غير المباشرة التي ترجع إلى نقص الإنتاجية الذي ينجم عن كثرة الغياب المرضي والوفيات المبكرة.
ويعد التدخين القاتل الأول في العالم، وأن عدد ضحاياه يفوق ضحايا الحروب وحوادث السير وغيرها من أسباب الوفيات، باعتبار أن التدخين يتسبب في وفاة خمسة ملايين شخص كل سنة، حيث أن كل سيجارة تنزع من 8 إلى11 دقيقة من حياة المدخن، وكل مدخن من بين اثنين يفقدون حياتهم بسبب هذه السيجارة.
وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن التدخين مسؤول عن 30 في المائة من مجموع الوفيات بداء السرطان و38 في المائة من كل أنواع السرطانات و90 في المائة من سرطانات الرئة و80 في المائة من الأمراض التنفسية المزمنة و25 في المائة من أمراض القلب والشرايين.
ما العمل؟
من الناحية القانونية وفق المحامي عبد المالك زعزاع، يجب تفعيل قانون 91-15 الذي يمنع التدخين في الأماكن العمومية والإشهار والدعاية، والذي تم إقراره في 3 فبراير 1996(وصدر بالجريدة الرسمية منذ 2006)، وأسند أمر تطبيقه شقه الزجري للشرطة القضائية. وكذلك تفعيل دور الشرطة الأخلاقية لتطبيق قانون الحد من التدخين في الأماكن العمومية (يعاقب القانون غير المفعل بغرامة مالية تتراوح ما بين 50 و100 درهم كل من دخن في مكان غير مسموح بالتدخين فيه، وترفع الغرامة من 500 إلى 1000 درهم إذا كان المخالف مسؤولا أو عاملا بمكان المخالفة، وكل من باع منتوجا تبغيا لقاصر يعاقب بغرامة مالية تتراوح ما بين 500 و2000 درهم).
وفقا لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ، عمدت في ماي 2003 الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية وعددها 192 دولة بتبني ما عرف باتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ، لتصبح هذه الدول ملزمة قانوناً بأحكام هذه الإتفاقية التي تحدد المعايير الدولية الخاصة بالتدابير السعرية والضريبية الرامية إلى الحد من طلب التبغ، والتصدي للإعلان عن التدخين والرعاية الرامية إلى زيادة استهلاكه، والإتجارغيرالمشروع، والتعرض لدخان التبغ. وتسمح اتفاقيات تحرير التجارة الدولية للدول المشاركة باتخاذ خطوات للمحافظة على الصحة العامة مادامت تنطبق على المنتجات المحلية والمستوردة على حد سواء. كما يطرح ضرورة تطوير أداء الإعلام في التوعية ودور الأسرة في منع الشباب من الوقوع في السيجارة الأولى، للدعاة والمربون أدوار أساسية ومصيرية في التوعية بأخطار الوقوع في إدمان السجائر.
***
القمار.. تدمير البيوت ثلاثة ملايين مدمن قمار
يقدر عدد مدمني القمار في المغرب ثلاثة ملايين، حسب ما ذكرته شركة «المغربية للألعاب والرياضة». كما ارتفع معدل إنفاق المغرب على الرهان إلى 120 درهما سنة 2010 بعد ما كان في حدود 86 درهما. وتتم نشاطات القمار في المغرب ضمن مجالين كبيرين: مجال القمار سواء المهيكل من خلال شبكة الكازينوهات أو غير المهيكل الذي يتم عبر نقط منتشرة في كل ربوع المملكة. ومجال ألعاب الحظ والرهان بحيث عاش هذا القطاع تطورا مطردا من حيث ارتفاع عدد الشركات المتنافسة على السوق القانونية ومن حيث عدد الإقبال على استهلاك ألعاب الحظ والرهان. وتنشط في هذا القطاع ثلاث شركات،”الرهان المتبادل الحضري المغربي”، و”مؤسسة اليانصيب الوطني”و”الشركة المغربية للألعاب والرياضات”.
ثلاث شركات وست كازينوهات
تحتكر سوق الرهان بالمغرب ثلاث شركات تابعة كلها للقطاع الحكومي، وشركة خاصة إضافة إلى ستة كازينوهات:
1 الشركة الملكية لتشجيع الفرس: تأسست سنة 2003. يبلغ رأسمالها مليون درهم، من أهدافها، حسب الظهير المنظم لها، تحديث نظام استغلال عمليات الرهان المتبادَل الحضري المغربي. تعتمد الشركة في تسويق منتوجاتها على 341 نقطة بيع (المقاهي)، موزعة على 21 مدينة مغربية، تستحوذ الدار البيضاء وحدها على الثلث، بحوالي 104 نقاط للبيع، تليها الرباط ب40 نقطة بيع ثم فاس ب19، إضافة إلى 30 وكالة بيع رئيسية توجد منها 6 وكالات في الرباط و5 وكالات في الدار البيضاء، وكذلك 4 حلبات للسباق في كل من الدار البيضاء والرباط والجديدة وسطات. من أشهر منتوجات الشركة «كوارطي» و «كوينتي» و«تيرسي».
2 المغربية للألعاب والرياضة: تأسست سنة 1962، وهي شركة مجهولة الإسم، تابعة لوزارة الرياضة والشباب، تملك خزينة المغرب 90 في المائة من رأسمالها، في حين يملك صندوق الإيداع والتدبير 10 في المائة. انتقل رأسمال الشركة من 500 ألف درهم إلى مليونين ونصف مليون درهم. وهي تحتكر تنظيم واستغلال كل الرهانات على جميع المسابقات المنظمة، سواء في المغرب أو خارجه، باستثناء سباقات الخيل والكلاب وكذا ألعاب اليانصيب. تعد شركة الرهان الوحيدة بالمغرب التي تحتكر أنواعاً مختلفة ومتعددة لألعاب الرهان، إذ يزيد عدد منتوجاتها عن 30 منتوجاً ما بين الألعاب الفورية والألعاب الرياضية، وقد طرحت سنة 2008 وحدها ثمانية منتوجات هي: ميغافورتين، ساروتي، شامبيون، سويرتي، ديامون، فيغاس، غراتور، بون أني. لكن أهم منتوجات الشركة، التي تحقق أرقام معاملات عالية، تبقى « طوطو فوت» و«كوت أند فوت» و كرونو».تتوزع شبكة تسويق منتوجات الشركة على 2000 نقطة. وهي مكونة من 5 أصناف: محلات بيع التبغ، المتاجر الخاصة بالرهان، الوراقات، المتاجر ومخادع الهاتف. الشركة حققت سنة 2011 رقم معاملات بلغ 965 مليون درهم بزيادة 17 بالمائة مقارنة مع سنة 2010
3 اليانصيب الوطني: تأسست سنة 1971. وهي تحتكر كلياً كل ألعاب الحظ الرقمية.أطلقت الشركة سنة 2000 لعبة «كواترو» وبعدها بعامين، أطلقت لعبة «كينو». ويتم سحب نتائج اللعبتيْن كل يوم عبر شركة إنتاج متعاقدة مع «اليانصيب الوطني» ثم يتم بعث الوصلة الإشهارية إلى قناة دوزيم التي تقوم ببثها. وتشكل هاتان اللعبتان، إضافة إلى لعبة اللوطو، الثالوث الذهبي الذي تعتمد عليه «اليانصيب الوطني» لجني أرباحها. وتعتمد الشركة هي الأخرى في تسويق منتوجاتها على 2000 نقطة بيع موزعة على التراب الوطني، تأتي في مقدمتها محلات بيع التبغ ب26 في المائة، متبوعة بمخادع الهاتف ب19 في المائة والمقاهي ب16 في المائة، إضافة إلى الوراقات والأسواق الممتازة وأكشاك الجرائد وغيرها.
4 شركة سباق الكلاب السلوقية بالمغرب: يرأس إدارة الشركة جيروم دي روشكوست، الذي ظلت عائلته تحتكر هذا النوع من الرهان منذ سنة 1950. يستقطب سباق الكلاب السلوقية 3 آلاف مراهن يوميا، وهو ينظم أربع مرات في الأسبوع في مضمار سباق الدراجات (الفيلودروم) في شارع بنقدور بالدار البيضاء، الذي تستغله الشركة لتنظيم سباق الكلاب السلوقية. وإضافة إلى هذه الشركات، يوجد بالمغرب ست كازينوهات مرخص لها من قبل الدولة هي: ميراج، ودورنت أطلانتيك، وشمس بمدينة أكادير، وكازينو مراكش، والمامونية، و أخيرا مالاباطا موفينبيك، الذي يعتبر أكبر كازينو في العالم العربي، الذي قوبل الترخيص له برفض العديد من الفعاليات المدنية و الحزبية، دون احتساب دور وأماكن الرهان غير المعترف بها قانوناً، والمنتشرة في مجموعة من المدن المغربية.
تدمير الحياة
تشير عدد من الدراسات إلى أن القمار ظاهرة أشد فتكاً وسلباً من بقية الظواهر السلبية الأخرى في المجتمع وانحلاله وتدميره بعد تدمير الفرد المقامر بيولوجياً وسيكولوجياً ومادياً وأخلاقياً ...مع ملاحظة أن هناك بعض الأفراد يتخذون الرهان في بعض المناسبات من باب التسلية والمرح وهؤلاء لا يدخلون في فئة المدمنيين على القمار...
معطيات تؤكد مدى تغلغل ممارسة الرهان في الساحة المغربية بعدما تحولت إلى سلوك “تم تطبيعه” اجتماعيا في ظل تغيرات قيمية يشهدها المجتمع المغربي. وإذا كانت الحصيلة إيجابية بالنسبة إلى شركات الرهان، فإن الحصيلة الإجتماعية تظل كارثية وتكشف الوجه البشع والأسود لآلة تحصد ضحاياها باستمرار وتخلف حكايات عن الإنتحار والإفلاس والإختلاس وتشريد العائلات أبطالها مدمنون.
فالمقامر، حسب الباحث في علم الإجتماع علي الشعباني، ما أن يجلس على طاولة القمار “فإنه لا يفكر إلا بالدرهم الذي في جيبه كيف سيتحول إلى ألف درهم”. فالمقامر “حبه للمال لا يضاهيه حب يهون عليه كل شيء حتى الغالي في سبيل المال فهو زاهد بالمال ويستلذ في تبديده على مائدة القمار يعيش حالة إدمان رهيبة يكنز المال ويزهد به ليبدده على طاولة القمار .‏ فسيكولوجية المقامر تشير إلى أنه لا يلعب ليربح ولا يلعب ليخسر وإنما هدفه فقط إرضاء شهواته في اللعب فهو يلعب ويلعب ويلعب لا لغاية يطلبها .فالقمار مرض ومرض خطير وأشد خطراً من إدمان المخدرات. والإدمان خطر على الجسد إذا لم يستأصل يفتك بالجسد كله حتى الموت. فالقمار مثل مرض فضلاً عن كونه مرضاً نفسياً أثبت علماء النفس بالتجربة والإختبار هو ألم نفسي حيث أن 75 بالمائة من المصابين به ثبت بعد الفحوص أنهم يعانون من الكآبة التي تجعلهم مرشحين للإنتحار. فالقمار يؤثر على الجهاز العصبي للمقامر وعلى دورته الدموية وهناك بعض الحالات أظهرت أن كثيراً من المقامرين ماتوا نتيجة إصابتهم بجلطات دماغية وقلبية وهم على طاولات الدمار. بعد هذا يسمي البعض القمار ومآسيه لعب الحظ؟
***
الخمور..
قرابة 12 ألف نزيل في مختلف السجون المغربية خلال سنة 2009، هو عدد الذين حرموا من حرياتهم بسبب الخمر استهلاكا وترويجا. كما تأتي في الرتبة الثانية ضمن العوامل المسببة في حوادث السير، ورغم غياب مؤشرات إحصائية تربط بشكل مباشر بين الخمر وعدد ضحايا تلك الحوادث إلا أن دراسة قامت بها مصالح المستعجلات بتعاون مع مركز المعالجة من الكحول، أن مجموع الجرحى في حوادث السير الذين تستقبلهم مصالح المستعجلات 7.24 في المائة منهم استهلكوا الكحول قبل الحادث. وتحصد حرب الطرق في المعدل، حسب معطيات رسمية لسنة 2011 أزيد من 11 قتيلا يوميا وتخلف 232 جريحا سيخلفون بدورهم عددا كبيرا من ذوي العاهات المستديمة. مما يعني أن عددا من الأسر ستفقد معيلها أو أن هذا المعيل سيتحول إلى عاجز عن الإعالة. وتكلف ال 151 حادثة سير اليومية، التي تعرفها مختلف مناطق المغرب، خزينة الدولة 14 مليار درهم سنويا أي 5.2 في المائة من الناتج الداخلي وهو ما يفوق ميزانية الصحة في المغرب.
اقتصاد الخمور..
المغرب ينتج ما بين 30 و40 مليون لتر من الخمور. ويبلغ الإستهلاك الوطني حوالي 85 في المائة من إجمالي الإنتاج، وعلى صعيد الاستهلاك، اعتبرت دراسة أنجزها نور الدين بلفلاح أن نهاية الأسبوع وفترات الأعياد ونهاية السنة تشكل ذروة استهلاك الخمور، إذ تحقق الشركات العاملة في هذا الميدان من 35 إلى 40 بالمائة من رقم معاملاتها السنوية، ولهذا يلاحظ ارتفاع حوادث السير بشكل كبير يومي السبت والأحد وخلال الأعياد، إذ يعتبر الخمر ضمن الأسباب الرئيسة وراء حرب الطرق. هناك إحصائيات تؤكد أن السوق المغربية غارقة في الخمور لا من ناحية ارتفاع الواردات أو من خلال نقط البيع الكثيرة والمنتشرة في جل المناطق المغربية حيث أن المغرب يتوفر على 60 ألف نقطة بيع أي بنسبة 4 نقط لكل ألف مواطن حسب ذات الدراسة.
من جهة أخرى، تشير بعض الإحصائيات إلى أن المغاربة يستهلكون 130 مليون لتر من الخمور سنويا، تأتي الجعة في مقدمتها ب90 مليون لتر، ويأتي الخمر في المرتبة الثانية ب38 مليون قنينة خلال السنة، ثم «الويسكي» ب 1.3 مليون قنينة، تليه «الفودكا» بمليون قنينة، وتأتي «الشامبانيا» في آخر الترتيب ب140 ألف قنينة خلال السنة.
في ذات الإطار، بلغ رقم معاملات شركة «براسري المغرب» لإنتاج الخمور خارج الضريبة عن القيمة المضافة 2.34 مليار درهم خلال سنة 2011، بزيادة بلغت نسبتها 6.6 بالمائة مقارنة مع سنة 2010، فيما بلغت النتيجة الصافية للشركة خلال سنة 2011 رقم 34.5 مليار سنتيم.ومما يلاحظ خلال تداول الأرقام المعلن عنها مؤخراً، وجود نية لدى الشركة لتوسيع نشاطها الاستثماري في المغرب، إذ أن جهود الإستثمار تضاعفت سنة 2011 لتصل إلى 509 مليون درهم، بارتفاع بلغ 4.6 بالمائة مقارنة مع سنة 2010، وبلغ إنتاج الشركة 870.179 هيكتولتر من المشروبات خلال سنة 2011.
مآسي اجتماعية بالجملة!
بالمقابل، إضافة إلى ما تسببه الخمور من انحلال و فساد خلقي، فهي تهدد استقرار الأسر و تشجع على الإرتشاء وغير ذلك. لهذا فإن الخمور تكلف شركات التأمين على السيارات خسائر سنوية تقدر بمئات الملايير من السنتيمات والتي من المفروض أن توجه أرباحها في شكل ضرائب إلى خزينة الدولة. فالتكلفة الإقتصادية والإجتماعية للخمور باهظة، ولو التزمنا بشرع الله لأغنانا الله تعالى من فضله الواسع ولبدل هذه المصائب بنعم تفيد البلاد والعباد.
ولا تقتصر أضرار الخمر على المجتمع على ما ينتج أثناء تعاطيها من حوادث السير أو السجن، بل تتعداها إلى الخراب الذي ينتج عنها في الصحة العامة من خلال عدد من الأمراض التي تسببها وأخطرها السرطانات التي تدخل هي الأخرى ضمن العوامل الخطيرة التي تهدد الأسر ليس فقط بفقد المعيل ولكن بتحمل مصاريف علاجه الباهظة. كما تعج محاكم المملكة بالكثير من القضايا الأسرية والإجتماعية التي تتسبب فيها الخمر سواء على مستوى العنف الزوجي أو الإغتصاب أو جرائم السرقة والعنف المادي الذي يفضي في حالات كثيرة إلى الموت.
في هذا السياق، أكد الباحث السوسيولوجي، علي شعباني، في حواره مع التجديد، أن الخسائر التي تتكبدها الدولة والمجتمع والأخلاق والقيم جراء التعاطي للخمور، أكثر من الأرباح التي يعتقد أن الدولة تجنيها، مؤكدا أن مسألة الخمور هي مفروضة على الشعب المغربي من طرف لوبيات اقتصادية ومن جهات منتفعة من هذا الجانب. وأكدت دراسة أنجزت من لدن كلية الطب بالرباط أن الإصابة بالسرطان في صفوف المدمنين على التبغ والخمور، تصل إلى ما بين 65%و 95%، وأضافت الدراسة أن الخمور سببا أساسيا في الإصابة بسرطان الكبد، هذا الأخير يرتفع عند المدمنين على الخمور القوية، خاصة «الويسكي»، بينما يتسبب «الروج» في سرطان المعدة.
ما العمل؟
هل يمكن أن يؤدي رفع الضرائب عن الخمور للحد من الظاهرة؟ وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الحالية قررت في إطار مشروع القانون المالي لسنة2012 الزيادة في الضريبة على استهلاك الخمور من 10500 درهم لكل 100 لتر إلى 15 ألف درهم، وعلى استهلاك الجعة التي تتوفر على نسب محددة من الكحول من 550 إلى 900 درهم،
في هذا الإتجاه، شدد عمر الكتاني على أن رفع الضرائب «غير كافية» ويجب العناية بالجانب الإجتماعي في الموضوع، باعتبار استهلاك الكحول آفة خطيرة تفتك بصحة الأفراد واستقرار الأسر وأمن المجتمع ككل. لكن هذه الزيادة، ستؤدي منطقياً إلى ارتفاع أثمان المشروبات الروحية، وهو ما قد يَحد ولو نسبيا من تعاطيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.