رغم أن أنشطة محاربة التدخين في الأماكن العمومية بالمغرب، تعود إلى سنة 1984، فإن عدد المدمنين على التدخين في بلادنا بلغ مستويات مخيفة، حركت عددا من الجمعيات المدنية والطبية لتنظيم حملات تحسيسية وتوعوية بمخاطر التدخين، الذي يتسبب في الإصابة بأمراض سرطانية متنوعة.يعزي عدد من المتتبعين أن المغرب خطى خطوات مهمة في اتخاذ تدابير مساعدة على خفض نسب التدخين، مثل تنظيم حملات وسط الأوساط المدرسية وتأسيس مراكز لعلاج الإدمان، وفتح أقسام الأمراض الصدرية للراغبين في وقف استهلاكهم السجائر، ومساعدتهم على ذلك، بواسطة أدوية طبية ومساعدة بسيكولوجية. إلا أن هذه الخطوات ظلت محتشمة، وغير قادرة على تخفيض عدد المدخنين المتزايد، سيما وسط الشباب، لغياب نصوص تطبيقة لقانون حظر التدخين في الأماكن العمومية، ومعاقبة المخالفين لتشريعات منع بيع السجائر للقاصرين والأطفال، والالتزام بوضع صور لمرضى سرطان على أغلفة علب السجائر على اختلاف أنواعها، ليكون المستهلك والمدمن على بينة من أمره. ويجد عدد من الأطباء أنه لا بد من رفع مستوى حملات التحسيس إلى مستويات أكبر، سيما أن بعض الدراسات الدولية، كشفت عن أن بعض مصنعي السجائر في العالم، يتلاعبون بنسبة النكوتين في السجائر المنتجة، بهدف زيادتها عن ما هو معلن، لخلق حالة إدمان على النيكوتين، وتعسير عملية الإقلاع عن التدخين. وسوف نحاول من خلال الصفحة التعرف على مكونات السيجارة في حد ذاتها، ومخاطر تدخينها، إلى جانب تقديم أرقام وطنية ودولية حول الظاهرة التي تؤرق العاملين في الصحة وعائلات المدمنين عليها. ما يناهز 900 مليار يفقد المغرب 900 مليار سنتيم سنويا، تذهب عبر بخار السجائر، تعتبر عائدات بالنسبة إلى شركات التبغ، مع احتساب المبالغ التي تتوصل بها وزارة المالية عن طريق الضرائب المفروضة على بيع هذه المادة، ومع ذلك لا تتحمل شركات التبغ جزء من الأعباء المالية، لتغطية خسائر التدخين ومضاره الصحية، كما لا تعوض الخسائر التي تلحق بالاقتصاد، والمتمثلة في غياب العاملين عن عملهم، والتلاميذ عن مدارسهم بسبب تأثيرات التدخين الصحية، ناهيك عن الخسائر الاجتماعية والاقتصادية، نتيجة الوفيات التي تعود إلى أمراض لها ارتباط بالتدخين بشكل عام، علما أن النتيجة المذكورة، يمكن أن تأتي بعد 10 أو20 سنة من الإدمان على السجائر. كشف أطباء مغاربة متخصصون في الأمراض الصدرية والتنفسية عن أن الإدمان على التدخين، يتسبب، من الناحية العلمية، في خفض أمل الحياة لدى المدخن ب6 دقائق عن استهلاك كل سيجارة، ويفقده 20 سنة من الأمل في الحياة، ناهيك عن تهديده لواحد من ضمن أربعة مدمنين، بالوفاة مبكرا. وأكد الأخصائيون أنفسهم أن مرضا سرطانيا من ضمن أربعة أنواع سببها التدخين، إذ أن الإدمان على التدخين يتسبب بنسبة 30 في المائة بأمراض القلب وتصلب الشرايين، وفي الأمراض الرئوية الحادة بنسبة 20 في المائة، وفي السرطان بنسبة 40 في المائة، وبنسبة 75 في المائة بالنسبة إلى المرضى بأمراض تنفسية، وفي سرطان الرئة بنسبة 31.5 في المائة. ويدعوا الأطباء المسؤولين بمقرات العمل، والجمعيات المدنية، ومؤسسات الوقاية الاجتماعية والصحية، للتحرك لمحاربة التدخين، كما أن مؤسسات الضمان الاجتماعي ومؤسسات التأمين يجب أن تكون معنية بهذا الموضوع، استنادا إلى أن مساهمتها في مكافحة التدخين هو تحقيق لمصلحتها المالية، الذي من نتائجه تراجع نسبة المصابين بالأمراض الناتجة عن التدخين". هذا مع التأكيد على مسؤولية رجال السياسية في تطوير القانون الذي يمنع التدخين في الأماكن العمومية، وتطبيق توصيات المنظمة العالمية للصحة في هذا المجال". قانون محاربة التدخين تعول شريحة واسعة من الأطباء الأخصائيين في عدد من الأمراض الخطيرة والمزمنة، المرتبط ظهورها أو تفاقمها بالإدمان على التدخين، على حسن وجدية تطبيق قانون محاربة التدخين في الأماكن العمومية رقم 15-91، الذي جاء ليكمل ويغير عددا من مقتضيات قانون محاربة التدخين في صيغته الأولى، والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 3 فبراير 1996. ويجد عدد من الأطباء المتتبعين لهذا الموضوع، أن من عوامل إخفاق الأنشطة الرامية إلى محاربة التدخين في المغرب، عجز القانون المذكور عن فرض منع التدخين في الأماكن العمومية، بسبب عدم توفر القوانين التطبيقية له إلى حدود اليوم، والذي من شأن تفعيله على أرض الواقع، الدفع إيجابا بمخططات محاربة التدخين. ويعتبر القانون الجديد، مقترحا قانونيا يتكون من 7 صفحات، ويتضمن عددا مهما من المقتضيات القانونية التي تعرف بالمواد التبغية، والمحظور تدخينها في الأماكن العمومية، وضمنها مادة "الشيشا" و"النفحة" التي لم تكن ترد في القانون السابق". ويرتب القانون الجديد عقوبات مالية على المخالفين للقانون، ضمنها معاقبة بائعي السجائر للقاصرين، لأقل من 18 سنة، بغرامة مالية قدرها 2000 درهم، إلى جانب حظر الإشهار والدعاية للمواد التبغية، وبيع السجائر بالتقسيط"، بينما تحدثت مصادر متطابقة أن نصف مبالغ الغرامات، سيخصص لدعم مجالات وأنشطة الوقاية من الإدمان على التدخين والوقاية من سلبياته الصحية. ويرتقب القانون الجديد، وثيقة جد مهمة، لكن كثير منهم يعتبرونه مجرد بداية لمحاربة التدخين في الأماكن العمومية، لكونه لا يتمتع بالجرأة الكبيرة، وذلك في انتظار صدور قانون آخر يكون أكثر فعالية وجرأة". ويرى عدد من الأطباء المغاربة أن "القانون الجديد يأتي لوضع الإطار القانوني لتطبيق الاتفاقية الدولية الإطار لمكافحة التبغ، ويعد المغرب اليوم من بين 168 دولة التي وافقت عليها في انتظار المصادقة النهائية عليها، علما أن لوبيات شركات بيع التبغ في العالم ليست نائمة، ولذلك فإن المحافظة على صحة المواطنين من الانعكاسات الصحية للتدخين، هي مسؤولية الجميع، ضمنهم الدولة والمواطنون المدخنون أنفسهم والمجتمع المدني. إلى جانب ذلك، يراهن الأطباء على مساهمة العاملين في قطاع الصحة، لتقديم النموذج الأمثل لمحاربة التدخين، إذ قدرت نسبتهم منذ عشرين سنة ماضية ب 47.5 في المائة. مكونات السيجارة السيجارة هي منتج مصنوع من أوراق التبغ، لم تكن معروفة في أوروبا قبل اكتشاف "كريستوفر كولومبس" لأمريكا، عندما رأى الهنود الحمر يدخنون، ولم يكتشف سكان العالم مخاطر تدخين السجائر والإدمان عليها، إلا حين تأكد علميا أنها تتسبب في ظهور أمراض خطيرة، تمس بالأعضاء الحيوية لجسم الإنسان، فتقضي على جودة حياته قبل أن توافيه المنية. تحتوي السيجارة على التبغ الذي يحتوي على حوالي 500 مركب سام تختلف نسبها حسب نوع السيجارة, منها القار، أو ما يعرف ب"الزفت" والكربون المؤكسد، و1.1 في المائة من "النيكوتين" و1.3 في المائة من القطران و1.2 في المائة من أول أكسيد الكربون. النيكوتين: مادة فعالة في السيجارة, تسرع التنفس ونبض القلب وترفع ضغط الدم, وتنشط مركز القيء فتسبب الغثيان عند المبتدئين, وتعطل مركز الشعور بالجوع فتقلل شهية المدخن للأكل, ويتراوح تأثيرها العصبي بين التنبيه الخفيف والتهدئة والشعور بالهبوط والإنقباض وفقا للجرعة وحال المدخن. أول أوكسيد الكربون: له دور في تعطيل نقل الأوكسجين إلى الدم، يشترك مع النيكوتين في زيادة ترسب دهون الكوليسترول في الشرايين وتجلط الدم. القطران: تترسب هذه المادة اللزجة في الحويصلات الهوائية فتعطل تبادل الغازات فيها, تحتوي على المواد الهيدروكربونية المحدثة للسرطان, وهي مواد عضوية مكونة من الكربون والهيدروجين. الخواص الكيمائية: يجمع كل أطباء الأمراض الصدرية والتنفسية على أن التدخين السلبي مضر بصحة غير المدخنين، نظرا لما يحتويه دخان السجائر من ما يزيد عن 3600 مركب يملك خواص مهيجة ومسرطنة. ويؤدى احتراق دخان السجائر إلى إنتاج دخان أساسي ودخان ثانوي, الأول يدخل إلى الفم مباشرة من المنطقة المحترقة والمنطقة الساخنة عبر عمود الدخان في السيجارة، أما الدخان الثانوي فينتشر بشكل حر في الجو المحيط. أمراض السيجارة حوالي 2 في المائة من هذه الأمراض تشمل سرطان الرئتين الفم والشفتين والحنجرة والمريء، والكليتين والمثانة والبنكرياس، نتيجة امتصاص المواد القطرانية، ووصولها إلى هذه الأعضاء مع تيار الدم. 2,2 في المائة أمراض القلب والشرايين، ناتجة عن تحالف كل من أول أكسيد الكربون والنيكوتين على عضلة القلب، فيزيد النيكوتين من نبض القلب وحاجته إلى الأكسجين, بينما يعمل أول أكسيد الكربون على تقليل كمية الأكسجين التي تصل إلى القلب, كما يسببان ترسب المواد الدهنية والكوليستيرول في بطانة الأوعية الدموية مما يتسبب في تصلب الشرايين، الذي يعد أحد الأسباب الرئيسة لارتفاع ضغط الدم والسكتات القلبية الناتجة عن تجلط الدم في الشرايين التاجية المغذية للقلب. 2.3 في المائة أمراض المناعة وأمراض أخرى، لأن السيجارة تضعف مناعة الجسم وقدرته على مقاومة الجراثيم التي تغزو المسالك التنفسية, حيث تتلف مادة القطران أهداب الخلايا المبطنة لهذه المسالك، فتقل قدرتها على تنقية الهواء الواصل للرئتين، كما تسبب السيجارة قرحة المعدة والمريء والأمعاء. أرقام مقلقة يفيد أطباء مغاربة مختصون في الأمراض التنفسية والصدرية أن من بين 100 مدخن، يعبر 80 في المائة عن ندمهم لاستهلاكهم التبغ، و75 في المائة يرغبون في الإقلاع عنه، وذلك على هامش دراسة ميدانية أنجزها أطباء مغاربة بتنسيق مع وزارة الصحة، ويشكل التدخين خطرا حقيقيا على الصحة في المغرب، إذ أن أكثر من 18 في المائة من المغاربة يستهلكون السجائر، وأكثر من 60 في المائة من المدخنين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و39 سنة، وأن معدل السن لدى المدخنين هو 17.6 سنة، في حين أن الأشخاص المعرضين للتدخين غير المباشر، يصل إلى 41.7 في المائة، وذلك حسب دراسة أنجزت حول التدخين في المغرب سنة 2006. هذا في الوقت الذي تسجل فيه منظمة الصحة العالمية، وفاة 5 ملايين شخص في السنة، أي بمعدل 1370 في اليوم، و 570 في الساعة، و9 وفيات في الدقيقة، بينما ينتظر أن تتفاقم هذه الأرقام، في حالة عدم الحد من التدخين، لتصل إلى 10 ملايين وفاة في سنة 2020. ما يناهز 24 درهم في اليوم ينفق المغاربة، رجالا ونساء، يوميا ما بين 15 وقرابة 24 درهما يوميا على تدخين السجائر، أي بمعدل استهلاك يتراوح ما بين 9 و14 سيجارة في اليوم، إذ حددت الدراسة المذكورة النفقات المتوسطة لاستهلاك التدخين في 22 درهما في اليوم. وتزداد نفقات النساء على استهلاك السجائر، مقارنة بالرجال، إذ يصل متوسط إنفاقهن في اليوم ما بين 15 و24 درهما، بينما الرجال ما بين 18 وقرابة 22 درهما. ويفتقد المغرب إلى سجل وطني يحصي عدد الوفيات الناتجة عن أمراض لها صلة بالإدمان على التدخين، في الوقت الذي تؤكد فيه أن 41.7 في المائة من المغاربة معرضون للإصابة بأمراض خطيرة بسبب تعرضهم للتدخين السلبي، بينما تشير الإحصاءات العالمية إلى وفاة 5 ملايين شخص في العالم بسبب التدخين، ضمنهم مليون و200 ألف شخص بسبب أمراض سرطانية، وسقوط مليار شخص ضحية التدخين، لتسببه في الإصابة ب 25 مرضا مزمنا وخطيرا بحلول سنة 2030. طريق الإقلاع عن التدخين ليس هناك من علاج، حسب ما أكده لنا بعض الأطباء، إلا بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتوفرون على عزيمة حقيقية للابتعاد عن السيجارة، والمتمثل في تغيير السلوك اليومي ونمط الحياة للمدمن، وتوفره على الحماس الكافي لتنفيذ عزمه، "إذ يمكن وقف التدخين بقرار شخصي مع الحماسة في تنفيذ ذلك، مشيرا إلى أنه في حالة ما إذا بلغت نسب مادة "النيكوتين" درجاتها القصوى عند المدخن، فلا بد لهذا الأخير بالاضافة إلى ما ذكر، من مساعدة طبية وتتبع نفسي". ويمكن للعاملين في الصحة المساعدة على ذلك، من خلال اتباع سلوك تربوي خاص، يمكن أن يجري عبر تهنئة غير المدخنين على امتناعهم عن ذلك، وإقناع المدخنين بالاقلاع عن التدخين، ومساعدتهم على اتخاذ القرار المناسب لوضع قطيعة مع السيجارة بشكل تدريجي، وتتبع مسارهم لتخفيض نسبة العودة للتدخين مرة أخرى.