يتسبب التدخين في وفاة 5 ملايين شخص كل سنة عبر العالم، ويرتقب أن يرتفع هذا العدد سنة 2020 إلى 10 ملايين، وهو مسؤول عن 30 في المائة من مجموع الوفيات، إذ إن كل سيجارة تنزع 8 إلى 11 دقيقة من حياة كل فرد مدخن. ويساهم التدخين ب95 في المائة من سرطانات الرئة، وب38 في المائة من سرطانات أخرى، و80 في المائة من الأمراض التنفسية المزمنة، و25 في المائة من أمراض القلب والشرايين. كما يتسبب في وفاة شخص واحد من بين مدخنين في كل 10 ثوان في العالم، حسب إحصاءات المنظمة العالمية للصحة. وقدمت هذه الإحصائيات خلال الندوة الصحفية التي نظمت أول أمس (الثلاثاء) بالدار البيضاء، في إطار الحملة الوطنية ل«جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان» التي أعطيت انطلاقتها يوم الجمعة الماضي وستستمر إلى 7 يونيو المقبل تحت شعار «جميعا ضد التدخين». واعتبر مولاي الطاهر العلمي، رئيس اللجنة العلمية ل«جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان»، خلال الندوة، أن الحملة ضد التدخين هي حملة ضد السرطان للارتباط الحتمي بينهما، وأكد أن الهدف من تقديم هذه الأرقام هو تحسيس المواطنين، خاصة المدخنين منهم، بمخاطر التبغ وتقديم براهين علمية لهم عن أضراره، بهدف إقناعهم بالإقلاع عنه لما يشكله من تهديد للصحة العمومية. وأضاف أن «هذه الأرقام تدفع كل واحد منا إلى الاهتمام بالصحة العامة للمجتمع، والتحسيس أهم وسيلة لبلوغ ما تطمح إليه وزارة الصحة ومعها جمعية للا سلمى». وأكد العلمي أن 30 ألف حالة جديدة للأمراض السرطانية تظهر سنويا بالمغرب، وهو ما يجعل من التدخين خطرا حقيقيا يهدد الصحة العمومية، واعتبره في الوقت نفسه دافعا إلى السير قدما ببرنامج الجمعية الذي يتوخى، أساسا، تخفيض عدد المدخنين. ولتسهيل مأمورية الراغبين في الإقلاع عن التدخين، وضعت الجمعية -يضيف العلمي- «برامج تكوينية لفائدة الأطر الطبية، من ممرضين وأطباء، حتى يتمكنوا من مواكبة المرضى الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين ومساعدتهم على تخطي كل المعيقات التي تحول دون ذلك». ويتسبب التدخين في إثقال كاهل الدول بميزانيات ضخمة توجه إلى محاربة آثاره الخيمة، حيث إن علاج الأمراض السرطانية الناتجة عن التدخين مكلف جدا في كل مراحله، بدءا من الكشف مرورا عبر التشخيص ثم وصولا إلى العلاج، كما أن المجهودات التي تبذل لعلاج سرطان الرئة لم تصل بعد إلى نتيجة مرضية، وهو ما يفرض اتخاذ التدابير الوقائية الضرورية. كما أن التدخين يسهم في مشاكل اجتماعية أهمها الفقر، حيث إن ثمن علبة سجائر يعادل ثمن 40 بيضة أو نصف كيلوغرام من اللحم في المغرب، وفي الأردن ثمنها يعادل 7 كيلوغرامات من الطماطم، في حين يعادل ثمنها بالجزائر 40 بيضة أو 10 لترات من الحليب. وأكد الدكتور الهناوي، عن اللجنة نفسها، أن كل سيجارة تتوفر على 4000 مادة سامة، 40 منها تتسبب في أمراض سرطانية، وهو ما يجعل الإصابة بالسرطان لصيقة بالمدخن في أي مرحلة من حياته. وفي نفس الإطار، أشارت آخر دراسة أجراها الدكتور شكيب النجاري، عن قسم الأوبئة بكلية الطب بفاس، إلى أن حوالي 18 في المائة من المدخنين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و75 سنة، من بينهم شباب ورجال ونساء. ويتوخى برنامج جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان الحد من آفة التدخين في صفوف التلاميذ وداخل المؤسسات التعليمية والأوساط المهنية، والرفع من مستوى الوعي وإعداد برنامج تواصلي داخلي (لفائدة مستخدمي المقاولة) وخارجي (لفائدة زبناء المقاولة)، مع بلورة ميثاق «مقاولات بدون تدخين»، وخلق علامة (مقاولة بدون تدخين) التي سيتم منحها للمقاولات التي يبرز نجاحها في مكافحة هذه الآفة. وعن مشروع قانون 15-91، الذي ينص أساسا على منع التدخين في الأماكن العمومية والذي ما زال رهن المناقشة بغرفة البرلمان ومجلس المستشارين، اعتبر العلمي تفعيله أمرا مهما، حيث إن نجاح أي قانون رهين بتطبيق القانون والزجر، وهو ما قد يقلل فعلا من أخطار التدخين، خاصة بالنسبة إلى غير المدخنين، الذين يستنشقونه بشكل سلبي. ويذكر أن جمعية للاسلمى لمحاربة داء السرطان كانت قد أطلقت في 28 نونبر 2007 برنامج «إعداديات، ثانويات ومقاولات بدون تدخين»، الذي هم، في مرحلة أولى، الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بجهات الرباط - سلا- زمور- زعير، وسوس ماسة درعة، والدار البيضاء الكبرى، ليشمل فيما بعد خمس جهات أخرى هي فاس- بولمان، والعيون- بوجدور- الساقية الحمراء، ومراكش- تانسيفت- الحوز، ومكناس- تافيلالت، وطنجة- تطوان.