يعتبر التدخين من الآفات الخطيرة التي تعرفها مجتمعاتنا الحالية . وحسب منظمة الصحة العالمية, فالتدخين مسؤول عن 4 ملايين من الوفيات سنويا , وإذا لم تتخذ تدابير مستعجلة وقائية , فإن هذه النسبة قد تصل في غضون 20 سنة المقبلة إلى 10 مليون من الوفيات سنويا معظمها بالدول النامية التي تتزايد فيها هذه الظاهرة يوما بعد يوم خصوصا في صفوف الشباب . حسب تقارير منظمة الصحة العالمية , يسبب التدخين حوالي 25 مرض وعلى رأسها : السرطان , بحيث يعتبر التدخين أهم العوامل المسببة له على الإطلاق , فهو مسؤول عن30% من حالات السرطان في العالم . في المغرب , لا نتوفر على معطيات إحصائية دقيقة تعكس النسبة الحقيقية للسرطان . وحسب إحصائيات المعهد الوطني للأنكولوجيا سيدي محمد بن عبد الله , تضاعفت نسب سرطان الرئة والمتانة والمرئ (وهي سرطانات لها علاقة بالتدخين) ب 4 مرات خلال الفترة الممتدة بين 1985 و 1996 . كيف يؤدي التدخين إلى السرطان ؟ السرطان هو تمرد خلايا أعضاء الجسم حيث تأخذ بالانقسام والتكاثر على غير نظام معين إلى فوضى بداية في ذلك العضو ثم تنتشر بعد ذلك في الجسم كله وتقضي عليه. إن 90% من حالات السرطان ترجع إلى نمط حياة الإنسان والبيئة التي تحيط به وهي تعتبر أسباب محرضة وعلى رأسها يوجد التدخين . تحتوي السيجارة (وهي أكثر أنواع التدخين شيوعا) على 4000 مادة سامة أهمها : النيكوتين , أحادي أكسيد الكربون , والقطران وهذا الأخير هو المادة المسرطنة التي تحتويها السيجارة بحيث تتدخل في جميع مراحل تكون الخلية السرطانية . وقد بينت بعض الإحصائيات أن نسبة الإصابة بالسرطان تزيد كلما كانت السيجارة غنية بالقطران مما دفع بعض الدول الغربية إلى إلزام شركات التبغ بتخفيض نسبة القطران فيها . التدخين والسرطان : * سرطان الرئة: حسب منظمة الصحة العالمية , يسبب سرطان الرئة أكثر من 500 ألف حالة وفاة سنويا عبر العالم , وهو السرطان الأكثر انتشارا لدى الرجال ويحتل المرتبة الخامسة لدى النساء . ونسبة هذا السرطان في تزايد في بلادنا أيضا . ?إن 90% من حالات سرطان الرئة هي ناتجة عن التدخين : بحيث تتضاعف نسبة الإصابة به لدى المدخن ب 20 مرة مقارنة مع غير المدخن . ? تتزايد نسبة الإصابة بسرطان الرئة كلما تزايدت فترة التدخين وكذلك كلما كان تعاطي التدخين مبكرا لدى الشخص (في سن مبكر) . وقد لوحظ في السنوات الأخيرة ,ارتفاع مهول لنسبة سرطان الرئة لدى النساء في الغرب وهذا الارتفاع ناتج عن تنامي ظاهرة التدخين لديهن , ظاهرة أصبحنا نشهدها في مجتمعنا أيضا . وفي الأخير , نشير أنه في 30 سنة الماضية , لم يحدث أي تقدم ملموس في علاج سرطان الرئة رغم تقدم علاج سرطانات أخرى (كسرطان الثدي مثلا...) . وأنه لا تتعدى نسبة المتبقين على قيد الحياة 10% بعد خمس سنوات من تشخيص هذا المرض لديهم مما يعكس خطورته وصعوبة علاجه . ويبقى أنجع علاج هو الوقاية . بحيث إذا اجتنبنا التدخين , قد يختفي سرطان الرئة تماما . نسبة الإصابة المتعلقة بالتدخين 70% سرطان الفم , البلعوم , الحنجرة , المرئ المجموعة I 40% سرطان المثانة المجموعة II 30% سرطان البنكرياس المجموعة III -- سرطان الكلي , المعدة , عنق الرحم المجموعةIV *سرطانات أخرى : بالإضافة إلى سرطان الرئة , يسبب التدخين مجموعة من السرطانات الأخرى (انظر الجدول ) بحيث تتفاوت نسبة الإصابة بها من 30 إلى 70% وهي سرطانات قد يتطلب علاجها إماكانت مادية مرتفعة ويصعب على المريض التقبل النفسي لنتائج علاجها (بتر اللسان أو الشفة ...) . ونشير هنا إلى دور الخمر بالإضافة إلى التدخين في الإصابة بسرطانات المجموعة (I) , بحيث تتضاعف كثيرا نسبة الإصابة بهذه السرطانات كلما كان تعاطي التدخين مصحوبا بتناول الكحول مقارنة مع تعاطي التدخين وحده . وقد أثبتت الدراسات لدى مجموعة دينية بالولايات المتحدةالأمريكية : "المرمونيون Les mormons" والذين لا يتعاطون الخمر والكحول أن أمد الحياة لديهم أطول بالمقارنة مع باقي ساكنة البلاد , وأن نسبة الوفيات لديهم بالسرطان تقل ب : 30%. يعتبر التدخين العامل المسرطن رقم 1 في العالم والذي يمكن اجتنابه عبر الوقاية وبالتالي اجتناب 30% من حالات السرطان . لذا وجب تظافر جهود كل العاملين في قطاع الصحة والتربية والإعلام من أجل محاربة هذه الآفة وكذلك تشجيع أنماط الحياة السليمة وخصوصا لدى الأطفال والشباب .