لاشك أن كل الذين حضروا أو تتبعوا الوصلات الإعلامية والشهادات المؤثرة والعروض والتقارير المهولة عن آفة التدخين وما يفعله بصحة وحياة الناس وأرزاقهم.. مما كان موضوع ندوة نظمتها جمعية للاسلمى لمحاربة داء السرطان يوم الثلاثاء المنصرم بالدار البيضاء في إطار حملة وطنية انطلقت يوم 15 ماي وتستمر إلى غاية 7 يونيو تحت شعار: «جميعاً ضد التدخين».. نقول لاشك أن كل الذين تتبعوا هذه الحملة قد خرجوا بفكرة واحدة هي الإقلاع بالنسبة للمدخنين وتفادي إغراء السيجارة الأولى لغير المدخنين. وكانت المنظمة العالمية للصحة قد دقت ناقوس الخطر بهذا الخصوص وأفادت في آخر تقرير لها أن التدخين يتسبب في وفاة خمسة ملايين شخص في العالم سنويا ويرتقب أن يصل هذا الرقم في سنة 2020 إلى 10 ملايين.. وأكدت أن سيجارة واحدة تقلص من عمر الإنسان من 8 إلى 11 دقيقة، ويموت شخص واحد من بين مدخنين اثنين كل 10 ثوان في العالم.. كما تحدث التقرير أيضا عما يتسبب فيه التدخين من أمراض خطيرة ليس أقلها سرطانات الرئة والأمراض التنفسية وأمراض القلب والشرايين.. وخلاصة القول إن التدخين قد يكون من خلال ضحاياه القاتل الأول قبل الحروب والكوارث وحوادث السير وغيرها، إذ يتسبب حسب منظمة الصحة العالمية في 5 ملايين وفاة في السنة، بمعدل 1370 وفاة في اليوم. هذا دون الحديث عن التكاليف التي يتكبدها المدخن في اقتناء السجائر إذ ينفق بعض المدمنين أزيد من أرباع أجورهم ومداخيلهم في شراء الدخان خاصة إذا اعتبرنا غلاء هذه المادة القاتلة في السوق.. إضافة الى ما قد يتكبدونه من مصاريف قد لا تكون لهم بها طائلة في حالة إصابة بأمراض لها علاقة بالتدخين كالسرطان وأمراض الرئة والقلب وما إلى ذلك. ولا ننسى أيضا ما تتكبده الدولة كذلك من نفقات لتوفير العلاج للمرضى واقتناء التجهيزات الطبية اللازمة لذلك واعداد الأطر الطبية المتخصصة.. وكان من الأولى تخصيص ذلك لتعزيز الصحة العامة وتمويل الاستثمارات الطبية التي تروم إسعاد الناس وضمان سلامتهم. في هذا الإطار إذن تأتي مبادرة جمعية للاسلمى لمحاربة السرطان من خلال تنظيم حملة وطنية لمحاربة التدخين، والإعلان عن يوم 31 ماي المقبل كيوم وطني بدون تدخين.. وأكيد أن مبادرة الجمعية إياها تندرج في إطار عمل مستمر ومتواصل يستهدف التوعية وتحسيس المواطن بما يتهدد سلامته وصحته من أخطار، وهو عمل رائد يستحق كل التشجيع والدعم وصولا إلى تكريس مبدإ الحفاظ على الصحة العامة. وكانت جمعية للاسلمى لمحاربة داء السرطان قد أطلقت في نوفمبر 2007 برنامجا أطلقت عليه اسم: «إعداديات، ثانويات ومقاولات بدون تدخين» استفادت منه لحد الآن 33% من المؤسسات التعليمية.. إضافة الى برنامج داخلي تواصلي لبلورة ميثاق «مقاولات بدون تدخين». وكان من دواعي هذا البرنامج ما لوحظ من تفشي واستشراء آفة التدخين في أوساط التلاميذ والطلبة وبشكل يدعو الى القلق والاشفاق. وإذ تراهن جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان على مجال التوعية والتحسيس في مجال محاربة التدخين، فهذا يعني أيضا أن الكرة توجد الآن في مرمى عموم المواطنين وخاصة المدخنين منهم والذين عليهم أن يفكروا في تطليق السيجارة بالثلاث إن هم فضلوا الحفاظ على صحتهم وسلامتهم.. كما لا نستبعد هنا أيضا الدور الذي يمكن أن تلعبه باقي مكونات المجتمع من أسرة ومدرسة وجمعيات ومؤسسات لبلوغ الغاية المرجوة من هذه المبادرة.