كشف تقرير لمكتب الصرف لسنة 2008 أن واردات المغرب من الخمور بلغت نحو أزيد من 39,5 مليار سنتيم، حيث سجّلت ارتفاعا بلغت قيمته 6,6 مليار سنتيم مقارنة مع سنة 2007, التي وصلت واردات المغرب فيها من الخمور أزيد من 32,9 مليار سنتيم. في حين أكد التقرير السنوي لمكتب الصرف (مؤسسة عمومية) أن صادرات المغرب خلال الفترة نفسها عرفت تراجعا بقيمة نحو مليار سنيتم، حيث انخفضت صادرات المغرب من الخمور من 9,5 مليار سنتيم خلال سنة 2007 إلى 8,6 مليار سنتيم خلال سنة 2008. وهو ما يؤكد حقيقة ارتفاع الاستهلاك الداخلي للخمور. يأتي هذا في وقت أكدت فيه وكالة أسوشيايتد بريس الأمريكية، أن المغرب أصبح على قائمة البلدان العربية والإسلامية الأكثر إنتاجا للخمور، وفضحت الوكالة في تحقيق لها أن المغرب صنع نحو 35 مليون قنينة خمر في المغرب خلال سنة 2008 وحدها، ومن أصل 27 مليون قنينة أنتجتها أكبر شركة للخمر في المغرب السنة الماضية، تم تصدير مليوني قنينة فقط لأروبا وأمريكا، مما يكشف الحاجة إلى مخطط وطني لمحاربة الخمر والإدمان، ذلك أنه وبالرغم من أن القانون المغربي يمنع الإعلان عن الخمور في وسائل الإعلام الرسمية، كما يمنع بيعها للمسلمين، فإن الإحصائيات الرسمية، خاصة لمكتب الصرف، تؤكد أن استهلاك الخمور داخل المغرب في ارتفاع مثير. ناتج عن تساهل للسلطات العمومية في تطبيق القانون. ذلك أن الخمور باتت تعرض للبيع بكل أنواعها في الأسواق الممتازة التي يرتادها المسلمون أساسا. كما يتم الترويج والإشهار للخمور في بعض الجرائد والمجلات، وكذا توزيع الإعلانات والملصقات على نطاق واسع، بل حتى في البيوت كما حدث في مراكش الشهر الماضي. في هذا الصدد؛ نشرت الجريدة المجانية Au fait ليوم 2 أبريل والتي توزع على عموم المواطنين إشهارا بارزا على صفحتها الأولى، وضمن صفحتين من صفحاتها الداخلية، لنوع من الخمور بجملة إشهارية تقول أحب بولعوان، وبولعوان هو نوع من الخمور التي تصنع مغربيا. وإذا كان المغرب ليس به دراسات علمية دقيقة عن خسائر وتكلفة الخمر على صحة المواطنين، وعلى الأسر والعلاقات الاجتماعية، وكذا الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الوطني جراء ذلك، ويتحفظ عن شن حملة وطنية ضد استهلاك الخمور، فإن المقارنة مع دول لها علاقات وطيدة مع المغرب تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن خسائر المغرب جد مرتفعة، ففي فرنسا على سبيل المثال كشفت دراسة أن تناول الخمور يعد السبب الرئيس بنسبة 30% في حوداث السير القاتلة، وبنسبة 20% في الحوادث المنزلية، وبنسبة 15% في حوادث الشغل، في حين يعد الخمر هو السبب الرئيس في الشجار بين المواطنين بنسبة 80%. وتكشف هذه الدراسة التي استند إليها نائب رئيس مجلس الشيوخ ،Adrien Gouteyron، لطرح سؤاله الكتابي المؤرخ في 5 ماي 1998, أن الخمور تكلف الاقتصاد الفرنسي مثل باقي الدول الأوربية ما بين 2 إلى 5% من الخسائر سنويا. وفي 11 ماي 2008 أثار النائب من المجلس المذكور،روجي ماديك، انتباه وزراء الصحة والشباب والرياضة الفرنسيين إلى خطورة الإشهار للخمور على الأنترنيت والسينما والتلفزيون، منبها إلى تقرير لمعهد الصحة الفرنسي أكد أن ثمة 26 في المائة من الشباب المراهق مدمنين على الخمر بفرنسا. ووضعت فرنسا قانونا لمحاربة التدخين والكحول في سنة 1991, تضمن إجراءات للحد من الإعلان للكحول في وسائل الإعلام، من أجل حماية الفئات الهشة، ومنها الشباب تحديدا. وتشن وزارة الصحة الفرنسية حملة قوية ضد استهلاك الخمور، وتستند في ذلك على تقرير للمعهد الفرنسي لمكافحة السرطان الذي أكد أن تناول كأس واحدة من الخمر يومياً يزيد فرص احتمال الإصابة بالسرطان بنسبة 861%. وأكد تقرير المعهد أن تناول الخمور يزيد من احتمال الإصابة بسرطان الفم والحنجرة والبلعوم والمريء. وبادر ناشطون صحيون إلى تأسيس الجمعية الوطنية لمكافحة الخمر وذلك لتعزيز الحملة التي شنتها وزارة الصحة الفرنسية.