المقصود أنه لابد لكل رسول أن يتصف بصفات أربع حتى يكون أهلا للرسالة، وهي: أولا: الصدق المطلق: حيث إنهم معصومون من الكذب مصداقا لقوله تعالى:» ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين»سورة الحاقة: 44-46، وصفة الصدق واجبة لهم شرعا وعقلا، وإلا كانوا رسل إثم وسوء متهمين في رسالتهم، فانتقصت بذلك دعوتهم وما ظفروا من الله بتأييد. ثانيا: التبليغ: وذلك لأن الكتمان ليس من صفاتهم، بل هو أمر توعد الله عليه ولعن صاحبه، قال تعالى: «ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولائك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون» سورة البقرة: 156، ولذلك تجد الحق سبحانه وتعالى يذكر رسوله بالتبليغ في غير ما آية من القرآن كما عند قوله تعالى: «يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك» سورة المائدة:67، ولأنه بدون التبليغ لا تظهر الرسالة. ثالثا: الأمانة: ومعناها اتصافهم بحفظ الظواهر والبواطن عن التلبس بأي ذنب؛ وهي صفة تشمل كثيرا من الخلال من مثل، كتمان السر، إتقان العمل، أداء الواجبات، الصحبة... كل ذلك لأنهم مرسلون، ووظيفتهم إرشاد الأنام إلى الأعمال الصالحة، إذ لو لم يكونوا كذلك لكانت بعثتهم إلى الناس عبثا، وبطلت بذلك الحكمة من إرسالهم قال تعالى: «وما أرسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله، ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما، فلا وربك لا يومنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما»سورة النساء 63-64. رابعا: كمال العقل والفطنة: وهي من مستلزمات أداء الرسالة التي كلفوا بتبليغها، ولو أمكن أن يكون ناقصا في ضبطه أو عدالته مع تكليفه بالتبليغ لكان ذلك متنافيا مع أصل الرسالة، وهو العبث والمحال على الله، إذ كيف يسلم الناس لرجل وهو ناقص عقلا... بل الأصل أن يكون الرسول أذكى الخلق، وأفطنهم، وأحكمهم، وأعقلهم، وأكملهم، حتى تقوم بهم الحجة. وهذه الصفات جمعها الناظم في قوله: فواجب لرسله الكرام الصدق والتبليغ للأقوام فطانة والرابع الأمانة ويستحيل الكذب والخيانة كذلك الكتمان والبلادة نالوا العلا والمجد والسعادة وهم علاوة على ذلك تعترضهم أحوال البشر من الصحة، والضعف والألم، والحياة والموت، والغنى والفقر، والأكل والزواج، والمشي في الأسواق...» وما أرسلنا قبلك من المرسلين الا أنهم لياكلون الطعام ويمشون في الاسواق، وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون، وكان ربك بصيرا، وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا، لقد استكبروا في أنفسهم وعتوْ عتوا كبيرا»سورة الفرقان 21-20، وقال تعالى: «ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزوجا وذرية، وما كان لرسول أن ياتي بآية الا بإذن الله، لكل أجل كتاب»سورة الرعد: 38.