أحيانا يهمل بعض موظفي المكتب الوطني للكهرباء عملهم، بالرغم من أن أي خطأ من هؤلاء قد يتسبب في وفاة شخص أوإصابته بعاهة مستديمة طيلة حياته، مأساة حقيقية تعيشها بعض الأسر بسبب تعرض أحد أفرادها لصعقة كهربائة، أوبسبب ترك بعض الخيوط الكهربائية عارية ببعض الأحياء، لاسيما الهامشية. كثيرة هي الأحكام القضائية التي يعرضها المواطنون أمام المحكمة الإدارية يكون سببها خطأ جسيم من قبل المكتب الوطني للكهرباء، وكثيرة هي الحالات التي تمضي دون أن يعوض المتضرر من هذا الخطأ لعدم معرفته بالقانون، وقضية اليوم حالة لرجل وافته المنية بسبب صعقة كهربائية ذات الضغط المرتفع، حيث أصدرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حكما على المكتب الوطني للكهرباء؛ يقضي بأداء هذه الأخيرة لذويه ثلاثمائة ألف درهم، فما هي حيثيات الملف؟ تعويض الضرر تقول القاعدة القانونية؛ إن المكتب الوطني للكهرباء مسؤول عن الأشياء الخطيرة التي يستعملها، ولا يعفى من هذه المسؤولية إلا إذا ثبت أن الحادث يرجع إلى خطأ الضحية، وإهمال المكتب الوطني للكهرباء المراقبة الدائمة والمستمرة لمرافقه، باعتبارها تشكل خطرا على المواطنين، يشكل خطأ من جانبه؛ يستوجب مسؤوليته عن الضرر اللاحق بغير نتيجة ذلك. وفي هذا الإطار، تقدمت «لطيفة» بدعوى قضائية ضد كل من الدولة المغربية في شخص الوزير الأول بالرباط، المكتب الوطني للكهرباء في شخص مديره العام، وزارة الطاقة والمعادن بالرباط، الشركة الملكية المغربية للتأمين الوفاء...، إثر تعرض زوجها «محمد» للهلاك؛ إثر صعقة كهربائية ذات ضغط مرتفع فارق على إثرها الحياة تاركا زوجته «لطيفة» وابنته القاصر بدون معيل. كان سبب الحادثة حسب تصريح عزا مستخدم بالمكتب الوطني للكهرباء -حسب الحكم- أسباب الحادث إلى تماس بالخيط الكهربائي ذي الضغط العالي-مما جعل المسؤولية ملقاة على عاتق المكتب باعتباره الساهر على مرفق الكهرباء، علما أن مرافقه تشكل خطرا على الغير، وكان عليه اتخاذ الإحتياطات اللازمة مخافة حدوث أضرار للمواطنين، كما أثبت الموظف ذاته أن إهمال المراقبة المستمرة كان هو السبب في حدوث الضرر، لاسيما وأن الخيط الكهربائي موضوع الضرر يتواجد بمنطقة حضرية، مما يجعل مسؤولية المكتب قائمة طبقا للفصل 79 من قانون الإلتزامات والعقود المغربية؛ الذي يحمل للدولة والبلديات مسؤولية الأضرار الناشئة عن سير إدارتها، وعن الأخطاء المصلحية المرتكبة من قبل أعوانها، كما جاء في الفصل 80 من نفس القانون، أن موظفي الدولة والبلديات مسؤولون عن الأخطاء الجسيمة المرتكبة من قبلهم، ولا تحل الدولة محلهم إلا في حالة إعسار هؤلاء.. تهرب من المسؤولية تهرب المكتب الوطني للكهرباء من مسؤولية ما حدث، وأوضح أن المدعية -زوجة الهالك- لم توضح طبيعة الخطأ وطبيعة الإهمال المرتكب من قبل المدعية، والعلاقة السببية بينه وبين حدوث الضرر، مما يفيد أن هناك أسبابا أخرى هي التي أدت إلى وقوع الحادث. ذلك أن الهالك رفع قصبة الصيد التي كانت لديه فلامست عن غير قصد «الكبل ثلاثي الطور» الخاص بالخط الكهربائي الموجود على ارتفاع قانوني فانشطر إلى جزئين، مما تسبب في إصابته بصعقة كهربائية، وهذا يفيد أن المسؤولية خارجة عن إرادة العارض، وأنها تقع على الهالك طبقا للفصل 78 من قانون الإلتزامات والعقود المغربي، ويجعل المسؤولية المدنية لاتقع عليه، واحتياطيا أوضح أنه يتوفر على تأمين خاص لتغطية مسؤوليته لدى شركة التأمين الملكي المغربي عن الأضرار التي تلحق بالغير. إهمال المراقبة الثابث قانونا أن الدولة والبلديات مسؤولة طبقا للفصل 79 من قانون الإلتزامات والعقود، عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها، وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها، والثابث فقها وقضاء أن هاته المسؤولية التي أوردها الفصل أعلاه في شقه الأول تعتبر مسؤولية شبه تلقائية أساسها الضرر، أي أنها مسؤولية على أساس المخاطر تترتب عنها المسؤولية، والتي لا يمكن الإعفاء منها إلا إذا ثبت أن الضرر يرجع إلى خطأ الضحية أوإلى قوة قاهرة. ومن الثابت من وثائق الملف، لاسيما التحقيق الذي أجرته الضابطة القضائية، أن موقع الحادثة آهل بالسكان و بالباعة المتجولين، وتمر به أسلاك ذات ضغط عالي، وأن ممثل المكتب الوطني للكهرباء خلال الإستماع إليه أفاد بوجود خلل وتماس بالخيط الكهربائي، كما أفاد بوجود نقص بخيط كهربائي بنقطة واحدة، وبما أن المكتب المدعى عليه، باعتباره الساهر على مرفق الكهرباء، ومادامت تشكل خطرا على الغير، وجب أن يتخذ جميع الإحتياطات الضرورية واللازمة؛ مخافة حدوث أضرار للمواطنين، وأن إهمال المراقبة الدائمة والمستمرة هو السبب الرئيس في حدوث الضرر للغير، لاسيما وأن الخيط الكهربائي يتواجد داخل منطقة حضرية، مما يشكل سلوكه خطأ يستوجب مسؤوليته.