أكد ياسين حمود رئيس مؤسسة القدس الدولية، أن المسيرات التي شهدتها عدد من عواصم العالم في ذكرى يوم الأرض أرسلت أربع رسائل، أولها إلى أهل القدس تشعرهم أنهم ليسوا وحدهم، والثانية إلى المحتل الصهيوني تبلغه أنه لم يعد في مواجهة المقدسيين وحدهم، والثالثة إلى الحكام العرب تدعوهم إلى تحرك رسمي بسقف تطلعات ومطالب أكبر. وأشار المتحدث، أن التعاطف والتضامن الذي عبر عنه المغاربة في مسيرة الدارالبيضاء ليس غريبا على أهل المغرب، وقال إن هناك شبه انخراط بين الشعب المغربي والفلسطيني ليس وليد اليوم، والمغاربة ليسوا غرباء عن القدس، لا ننسى أن المسجد الأقصى يضم باب المغاربة، وبالقدس يوجد حي المغاربة. من جهة أخرى، دعا حمود، الشعوب التي تنسمت عبق الحرية إلى أن تأخذ زمام المبادرة لنصرة قضية القدس، وشدد على أن القدس اليوم تجري فيها معركة حقيقية تختلف عن المعارك الأخرى، لأنها معركة موت بطيء للمدينة. ❍ في ذكرى يوم الأرض شهدت عدد من العواصم العربية والإسلامية والعالمية مسيرات تضامنية مع القدس والقضية الفلسطينية، كيف تقيمون حجم التضامن؟ بسم الله الرحمان الرحيم، في ذكرى يوم الأرض الذي يخلد يوم 30 مارس، تحركت جموع من المتضامنين في أكثر من 60 دولة عربية وإسلامية وأوروبية نصرة لقضية القدس، تحرك فيه العرب والمسلمون وشاركهم في ذلك أيضا أحرار العالم، وهذا التحرك مهم يعطي مجموعة من الرسائل، الرسالة الأولى: لأهلنا في بيت المقدس تقول لهم إنكم لستم وحدكم، وإنما كل الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم يقفون إلى جانبكم، ولن يهدأ لهم بال حتى تعودوا إلى حريتكم ويعود للقدس حريته، الرسالة الثانية: للمحتل الصهيوني بأنه لم يعد يواجه المقدسيين وحدهم، بل أصبح في مواجهة الشعوب الحرة وهذا له معناه الكبير، فالتعاطف الدولي كان دائما مع الكيان المحتل، أما اليوم فهناك إشارات قوية على أن هذا التعاطف لن يستمر دائما طالما يعمل المحتل على تشويه وجه القدس الحضاري والإسلامي، ثم الرسالة الثالثة:موجهة للحكام العرب خاصة أن المسيرات جاءت متزامنة مع القمة العربية في بغداد، وأشير أنه لابد إذا تحركت الشعوب أن يكون سقف التطلعات والمطالب أكبر مما مضى. وقد حضرت المسيرة التي نظمت في لبنان، وشاركت في مسيرة الدارالبيضاء يوم الأحد الماضي، كل هذه فعاليات مهمة جدا، بالمقابل لا نريد أن تكون فعاليات يتيمة وإنما أن ينشأ عن هذا التحرك هيئة دولية تحرص على الاستمرار في هذا الحراك في اتجاه مدينة القدس لأن القدس إلى حد ما منسية. ❍ شاركتم في مسيرة الدارالبيضاء يوم الأحد الماضي، كيف وجدتم تعاطف المغاربة مع قضية القدس وفلسطين؟ بداية، التعاطف الذي أبداه المغاربة في مسيرة الدارالبيضاء ليس غريبا على أهل المغرب، وما يقوم به المغرب ملكا وحكومة وشعبا بمختلف أطيافه شيء مقدر ومعروف عنه، هناك شبه انخراط بين الشعب المغربي والفلسطيني ليس وليد اليوم، والمغاربة ليسوا غرباء عن القدس، لا ننسى أن المسجد الأقصى يضم باب المغاربة، وإلى جانب أحياء القدس يوجد حي المغاربة. ما شاهدته في الدارالبيضاء أثلج صدري وأعطاني دفعة من الأمل بأن المقدسيين ليسوا وحدهم، خاصة بعد أن عاينت مختلف أطياف الشعب المغربي بكل توجهاته وفئاته الحزبية، لقد رأيت في المسيرة رئيس الحكومة ووزراء وبرلمانيين وسفراء إلى جانب المرأة والشاب والعجوز، وما لفت انتباهي أكثر أن كل الشعارات كانت من أجل القدس، هذا يعطينا رسالة ويحملنا مسؤولية أن المغاربة كلهم يقفون مع القدس بكل انتماءاتهم.. وهي القضية الجامعة للعرب والمسلمين وبشكل خاص للمغاربة. ❍ في نظركم، ما هو دور الشعوب في الدفاع عن القضية الفلسطينية؟ ما يسمى «الربيع العربي» جعلنا نرى أن شعوبا استطاعت نيل حريتها، يعني ذلك أنها تستطيع أن تفعل الشيء الكثير، أولا؛ يقع على عاتق الشعوب العربية والإسلامية والحرة نصرة أهل القدس بمثل هذه المسيرات والفعاليات حتى تصل رسالة إلى المحتل الصهيوني تؤكد وقوف الشعوب إلى جانب إخوانهم في بيت المقدس، ثانيا؛ الشعوب تستطيع أن تقوم بالنصرة المادية كما يقوم به المغاربة في وكالة بيت مال القدس، وأدعوا أهلنا في المغرب إلى الاستمرار في التبرع المادي حتى نستطيع تنفيذ مشاريع داخل مدينة القدس لمواجهة مشروع اقتلاع المقدسيين، ثالثا، تستطيع الشعوب أن تضغط على أنظمتها الحاكمة التي لا تتعاطف مع القضية من أجل رفع سقف تحركاتها اتجاه المدينة. عموما، الشعوب اليوم بيدها زمام المبادرة وبإمكانها أن تفعل وتغير الكثير. ❍ ألا ترى أن الشعوب العربية قامت بتظاهرات عديدة منذ سنوات دون أن يتغير شيء؟ اليوم غير الأمس، الشعوب غيرت حكومات وأنظمة بتحركاتها، والشعوب التي تنسمت عبق الحرية مدعوة قبل أي وقت مضى أن تأخذ زمام المبادرة لنصرة قضية القدس. ❍ تقومون منذ أيام بزيارة إلى المغرب، ما هو موضوع الزيارة وبرنامجها وفي أي إطار تندرج؟ الزيارة التي نقوم بها هي الأولى للملكة المغربية، وهي استكشافية من أجل لقاء عدد من المسؤولين وكذلك من أجل تعريف المغاربة على مؤسسة القدس الدولية التي هي مؤسسة مدنية شعبية جامعة لأطياف الأمة، وقد حصل لنا شرف لقاء بنائب رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين، ونتطلع اليوم (الأربعاء) إلى لقاء رئيس الحكومة.. قابلنا عددا من الشخصيات الحزبية، وسنقوم أيضا بزيارة إلى وكالة بيت مال القدس، من أجل التعرف على فرص عمل الوكالة ونقدم الشكر لمسؤوليها على المجهود المبذول. وقبل قدومنا قرأنا الرسائل التي وجهها الملك محمد السادس للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، استنكارا لما يقوم به الكيان من استيطان وتهويد للقدس، واطلعنا عن مدى تعلق الشعب المغربي بالقدس، حيث يعيش واقعها وما يدور فيها من معاناة أهلها. ❍ هل يمكن أن تقدم للقارئ المغربي لمحة عما يجري داخل القدس الشريف من ممارسات عنصرية للكيان الغاصب؟ القدس اليوم تجري فيها معركة حقيقية تختلف عن المعارك الأخرى، لأنها معركة موت بطيء للمدينة، فالكيان الغاصب المحتل منذ اليوم الأول الذي احتل القدسالغربية سنة 1948، أفرغ أهلها الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين على حد سواء وحولها إلى مدينة خالصة له، وعندما احتل القدسالشرقية سنة 1967، سعى إلى أن يفرغها من أهلها.. ولذلك تعيش القدس جحيم مشروع استيطاني يريد اقتلاع أهلها من أرضهم ليحل محلهم مستوطنون صهاينة غرباء أتوا من مختلف البقاع ليدنسوا أرضها المباركة. أهل القدس يعيشون خطر الاقتلاع من مدينتهم والعزلة عن أهلهم في الضفة الغربية وخطر تشويه مقدساتهم، فالمقدسي يعاني من الضرائب الباهظة ومهدد بالطرد وسحب الهوية، علما أن الفلسطيني صاحب الأرض ليس بمواطن إسرائيلي حتى يحصل على معاملة الإسرائيلي، وليس مواطنا أردنيا حتى يعامل من قبل المملكة الأردنية معاملة المواطن الأردني، كما أنه ليس مواطنا فلسطينيا لأن السلطة الفلسطينية حسب اتفاق أوسلو أجلت موضوع القدس حتى مواضيع الحل النهائي، وبالتالي فإن المقدسي يعيش في بيته ببطاقة الإقامة ومهدد بسحبها منه إذا لم يثبت أن القدس هي مركز حياته. قانون القدس مركز الحياة الذي أصدره المحتل الصهيوني يفرض على المقدسي أن يثبت -بغض النظر عن ديانته، أنه يسكن داخل القدس وأن أبنائه مسجلين في المدينة ويدفع جميع الضرائب، وفي حالة اختل شرط من الشروط فهو يفقد مباشرة إقامته في القدس، إضافة إلى ذلك فالمقدسي يشكوا من عدم منحه رخص البناء، وحتى إذا سمح له فيحصل عليها بعد سنوات وبتكاليف باهظة جدا تقدر بالنسبة للشقة التي مساحتها 100 متر حوالي 30 ألف دولار، وأشير أنه مقابل كل 3000 رخصة يمنحها المحتل للصهاينة يمنح مقابلها 100 رخصة للمقدسي. وينضاف إلى المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون بالقدس، جدار الفصل العنصري الذي بناه المحتل ليفصل المدينة عن الضفة الغربية، وهذا الجدار سيخرج من المدينة حوالي 150 ألف من سكان القدس لأنهم لن يستطيعوا أن يثبتوا أن القدس هي مركز حياتهم، فضلا عن التضييق في أداء الشعائر الدينية التي تطال المصلين في المسجد الأقصى، وللإشارة فإن المحتل أول فعل إجرامي قام به حين دخل إلى القدسالشرقية سنة 1967، هو جرف حارة باب المغاربة وتشريد سكانها المغاربة الذين يقدرون بحوالي 1500 نسمة، اليوم مدينة القدس تضج بالمستوطنين، هناك في البلدة القديمة أكثر من 100 بؤرة استيطانية، والمسجد الأقصى الآن مفرغ تحته أكثر من 38 حفرية ونفق وهو بذلك مهدد بالسقوط في أية لحظة. ❍ أمام هذه المخططات الصهيونية المتواصلة لتهويد القدس، كيف تقيمون التحركات الرسمية للأنظمة العربية والإسلامية؟ التحركات ضعيفة جدا ولا ترقى إلى مستوى التحديات التي تواجه المدينة والقضية الفلسطينية عموما، وعلى سبيل المثال، وكالة بيت مال القدس الشريف التابعة للجنة القدس التي يرأسها الملك محمد السادس، يجب أن تكفل بميزانيتها كل الدول الإسلامية (57 دولة)، لكن –مع الأسف- فإن الدولة الوحيدة التي تدفع لها بشكل خاص هي الحكومة المغربية، وأعتقد أنه حتى إذا دفعت دولة تدفع على استحياء، ومثال آخر، إن قمة سرت في ليبيا خصصت للقدس 500 مليون دولار، لكن السلطة الفلسطينية أعلنت أن ما وصلها للقدس خلال سنتين لا يتجاوز 37 مليون دولار، وهذه مؤشرات على ضعف التحركات الرسمية. رغم ذلك، أؤكد أن للجهود الرسمية أحيانا وقع كبير، فقد كان المحتل على وشك أن يهدم جسر المغاربة قبل ثلاثة أشهر، لكن بعد أن تحرك المغرب والأردن ومصر أجبرت حكومة الكيان على أن تعطل مشروع هدم جسر باب المغاربة. هناك إمكانيات لدى الجهات الرسمية لكي تفعل الكثير.. والمطلوب منها أكثر مما تفعل. ❍ هناك لجنة القدس يرأسها الملك محمد السادس، هل هناك تمايز أو تكامل بين اللجنة ومؤسسة القدس الدولية؟ لجنة القدس لجنة رسمية أما مؤسسة القدس الدولية فهي مؤسسة شعبية، والمؤسسة الرسمية تعتمد على الهبات التي تقدمها الدول، في حين المؤسسات المدنية والشعبية تعتمد على ما تقدمه الشعوب، وبالتالي هناك تكامل بينهما. وللإشارة فإن الجمعيات الاستيطانية متعددة داخل الكيان والجمعيات الداعمة لها كثيرة في الغرب دون أن يكون بينهما تعارض، نحن أيضا ليس هناك تعارض بين لجنة القدس ومؤسسة القدس الدولية لأننا في حاجة إلى التكامل، نحن نقوم بالتوعية والتثقيف وتنظيم تحركات شعبية وتنمية الموارد لإعداد مشاريع.. لكن هناك أشياء لا تستطيع المؤسسة أن تقوم بها، وإذا قامت بها لن يكون لها وقع كما لو فعلت لجنة القدس. ❍ وضعتم أهدافا في مؤسسة القدس الدولية تسعون إلى تحقيقها، إلى أي حد ترون أنكم تلامسونها؟ هناك أهداف كثيرة نشتغل من أجلها لإنقاذ مدينة القدس، أولا؛ تنمية الموارد لتنفيذ مشاريع داخل المدينة تثبت أهلها، ثانيا؛ التوعية والتثقيف بما يجري داخل المدينة، ثالثا؛ إحداث فروع للمؤسسة في مختلف الدول العربية والإسلامية لتتحمل الشعوب دورها في هذا الجانب. قضية القدس كما أنها ليست قضية لجنة القدس وحدها وإنما قضية كل الجهات الرسمية، فهي لا تخص مؤسسة القدس وحدها وإنما تخص كل الأمة. ولابد أن أشير إلى أن ما يصل إلى القدس لا يساوي جزءا يسيرا جدا مما يصرف الصهاينة داخل المدينة تنفيذا لمشروع التهويد، فالكيان يصرف على مشروعه حوالي مليار و100 مليون دولار بهدف تغيير الوجه الحضاري والثقافي للمدينة، أما ما يصل إلى أهل القدس فلا يتعدى 60 مليون دولار سنويا. إن ما تتعرض له المدينة من تهويد، لو عملنا ليل نهار لن نستطيع أن نوفي حق المدينة علينا، وأناشد كل العاملين أن يوحدوا جهودهم خدمة للقدس. ❍ كلمة أخيرة.. حسب ما لاحظتُ، فإن القدس في جينات المغاربة وكأن حب القدس ترضعه المغربية لابنها في لبنها، القدس لكم فيها أيها المغاربة ما للفلسطينيين، لكم فيها حي باب المغاربة وأوقاف كثيرة.. أديموا هذا الحراك الشعبي لنصرة القدس، وأديموا هذا العطاء وطالبوا بما لكم من حقوق داخل المدينة.