ارتبط المغاربة بفلسطين منذ القدم ارتباطا وثيقا، فكانوا عندما يحجون، لا بد أن يعرجوا على المسجد الأقصى، حيث استحسن بعضهم البقاء في رحاب الأقصى المبارك .. فيتزوجون ويتناسلون فكانوا رابط قرابة بيننا وبين الفلسطنيين. في الزيارة الأخيرة له للمغرب، لفت الشيخ صلاح وهو عضو في مؤسسة الأقصى لإعمار الأماكن المقدسة الانتباه إلى الأخطار المحدقة بالآثار العربية والإسلامية في القدسالمحتلة ومنها تلك التي خلفها المغاربة مبرزا أن المغاربة ، الذين جاؤوا للقدس مع صلاح الدين الأيوبي ، كانوا أبطالا ونعم الأبطال لأن عيونهم كانت دوما ساهرة على حرمة المسجد الأقصى إلى درجة تم معها وقف حارة كاملة عليهم عرفت باسمهم. وقال: منذ 1100عام للميلاد، حلّت علينا بركة آبائكم، جاؤونا مجاهدين صادقين، علماء عاملين، أولياء صالحين يبذلون الغالي والنفيس من أجل تحرير الأقصى وكامل فلسطين و يبقى موقف يعقوب المنصور الموحدي مع صلاح الدين الأيوبي أبرز موقف وقفه المغاربة لنصرة الأقصى زمن الحروب الصليبية، حين استصرخه صلاح الدين، فكانت نصرته لجند الإسلام حاسمة، حيث أخر الأسطول المغربي إمدادات الصليبيين في البحر، و شهد صلاح الدين بشجاعة المغاربة في البر،حيث وصفهم ب أولئك الأشداء الذي يجاهدون بالأندلس عاما و بالشام عاما فحين أطلق الصليبيون الحروب الصليبية عام 1095م ، على القدس وبلاد الشام لم يكن يعلمون أن نهايتهم فيها ستكون على أيدي المغاربة الأشاوس. يقع حي المغاربة غرب المسجد الأقصى، هدم أكثر من 150 من البيوت التاريخية العريقة على إثر الهجوم الصهيوني سنة 1967 ومسجدين ومجموعة من المدارس والآثار تعود للعصر الأيوبي والمملوكي والعثماني ، وأدى إلى سقوط العشرات من الضحايا المغاربة هناك.. استولت عليه إسرائيل، لأنه يشرف على حائط البراق وقد تحولت الحارة إلى ساحة للطقوس اليهودية قرب حائط البراق (الحائط الغربي للأقصى) الذي تم الاستيلاء عليه كأثر إسلامي... وحارة المغاربة من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس دمرتها قوات الاحتلال بكاملها وسَوَّتها بالأرض، في إطار سعيهم لتهويد محيط المسجد الأقصى المبارك، وتغيير المعالم الإسلامية في القدس والأقصى كما منعوا المسلمين منذ ذلك الحين من الوصول إلى حائطهم ومنعوهم من استخدام باب المغاربة، حيث صادر الإسرائيليون مفاتيح هذا الباب التاريخي الذي يجاور موضع الصلاة الرئيسي في المسجد الأقصى المبارك. وحولت جواره كاملا إلى ساحة المبكى لخدمة الحجاج والمصلين اليهود عند حائط البراق . و كانت هذه الحارة بالكامل وقفاً من الملك بن السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير المدينة من الصليبيين، حيث أوقفها على المجاهدين المغاربة الذين شاركوا في الفتح وبقيت باسمهم. إذا كانت علاقتنا بالأرض التي بارك الله حولها بكل هذه الأبعاد وبكل هذا التجدر، فالمثير حقا أن المنظمين لمهرجان موازين لهذه السنة غيبوا هذا البعد في مهرجان يصادف تخليد المسلمين للذكرى الستين للنكبة. في تجاهل تام و كأن القضية لا تعنينا في شيء.. فحتى المغنية الإسرائيلية الجنسية والفلسطينية الأصل المشاركة في المهرجان، لم تهد أية أغنية من أغانيها لفلسطين في الذكرى الستين لنكبتها.. لكن رغم ذلك نكبر فيها أنها لم تشارك في الإحتفالات التي تقام في كل مكان احتفاء بالذكرى الستين لتأسيس الكيان المسخ ، كما هو الحال بالنسبة للمغنية المغربية صوفيا السعدي، نجمة ستار أكاديمي ، التي شاركت في الحفل الذي رعته الجمعية الفرنسية للاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس إسرائيل والذي نشطه المنشط التلفزيوني الفرنسي من أصل مغربي يهودي، أرتير وهو المذيع الذي انسحب ذات مرة من برنامج تلفزيوني لأن أحد الضيوف قال إن إسرائيل تمارس الإجرام ضد الفلسطينيين. و هو الذي يخرج في المسيرات المتضامنة مع الجيش الإسرائيلي في شوارع باريس لجمع التبرعات له. ولم تكتف تلك المغنية بذلك، بل قالت في تبجح: الحفل الذي سأعني فيه هو احتفال بالسلام قبل أن يكون احتفالا بمرور 60 سنة على قيام دولة إسرائيل!. بل قالت إمعانا في إيذائنا: إذا كان هناك أناس لا يفهمون هذا النوع من الالتزام لأجل السلام فأنـا حـزينة لأجله. قبول المغنية المشاركة في حفل صهيوني يخلد ذكرى نكبة شعب فلسطين، يتعرض أبناؤه يوميا للذبح على يد قوات الاحتلال الصهيونية تم تهجيرهم وتقتيلهم وأسرهم على امتداد ستين سنة كاملة.. عمل لا يمكن وصفه بالبريء. هذا في الوقت الذي يمتنع فيه فنانون فرنسيون و أوروبيون مشهورون عن المشاركة في مثل هذه الاحتفالات البئيسة. وهنا لا بد من الإشارة إلى الموقف المشرف لنقيب الموسيقيين المغاربة مولاي أحمد العلوي الذي علق على هذه المشاركة : موقفنا واضح.. لا يمكن أن نخرج عن مبادئ التضامن مع الشعب الفلسطيني، إذا احتفل الإنسان بهذا الحدث فهو يوافق على ما تفعله إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني. مضيفا: لو كانت منخرطة في النقابة لاتخذت ضدها لجنة الأخلاقيات قرارا بالطرد من النقابة بعد إصدار بيان استنكاري لفعلتها الشنيعة. هؤلاء هم المغاربة الحقيقيين. لقد منعت الجزائر إنريكو ماسياس من إقامة عروضه على أرضها، رغم أنها مسقط رأسه، لأنه مافتئ يردد في القنوات التلفزيونية التي يملكها اليمين الإسرائيلي في فرنسا بأنه مدين لإسرائيل بكل شيء، ومدين للجيش الإسرائيلي الذي يحمي أبناء إسرائيل ويدافع عنهم ضد الإرهابيين الفلسطينيين! فهل الجزائريون أكثر التصاقا بفلسطين من المغاربة؟! مؤخر، اكتشف زوار قمر +أوتيل سات 2؛ الذي يبث قناة غيسان الإسرائيلية الإخبارية والتي تبث برامجها بالفرنسية وتخضع لتوجه اليمين المتطرف الإسرائيلي.. أنها تعرض وصلات إشهارية لمؤسسات بنكية مغربية وأخرى عقارية وسياحية! لكن أسوأ هذه المواقف كلها وأكثرها قبحا، الموقف الذي عبر عنه أحد كتاب المجلة التي كل همها أن تخرج نيشان في عقائد المغاربة ومقدساتهم ، عنون الكاتب المسمى الهادف عموده مستهزئا: آش من قضية فلسطينية أجرى فيه مقارنة بين الشيخ المجاهد رائد صلاح، وبين المغنية الأمريكية هيوستن، فالأول حسب هذا المحرر جاء مع أصحابه إلى المغرب ليغرقوه في همومهم وأوهامهمبينما جاءت الفنانة الأمريكية لتدخل الفرح إلى قلوب الآلاف من المغاربة. وانتهى إلى خلاصة بئيسة مفادها أن فلسطين لم تجلب - للمغاربة -سوى سنوات من الهم والضياع، وأن إسرائيل ليست هي العدو الحقيقي، وإنما العدو هي طريقة التفكيرالتي جاء يروج لها الشيخ المجاهد رائد صلاح، وأصاف أن: على الشيخ وأصحابه أن يحملوا همومهم وأوهامهم عنا ويرحلوا، و يدعونا نبني أحلامنا مشاريعنا في أمان. كلمات الرجل تفوح منها رائحة عنصرية بغيضة بالإضافة إلى غرقها في شوفينية مقيتة وجهل فاضح بحقائق التاريخ. وقد جاءت مباشرة بعد المبادرة التي قامت وكالة بيت مال القدس برئاسة الدكتور المدغري، أواخر الشهر الماضي عملية توزيع الخبز التي سيستفيد منها مئة عائلة محتاجة من القدس ، بمعدل 2000 رغيف يوميا، علما أن مساعدة العائلات المقدسية الفقيرة في توفير الخبز يومياً يساهم بشكل ملحوظ في التخفيف من عبئ الالتزامات المالية والمصاريف المفروضة عليها.. فلعل الذي أغاضه تثمين مركز الأسرى للدراسات (فلسطيني) لاهتمام المغاربة بقضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. حيث أشار استطلاع لعدد زوار موقع المركز-أجري مؤخرا- أن المغاربة يأتون في المرتبة الخامسة عالميا. يطل علينا هؤلاء المتشدقون الجدد، في وقت تنتهج فيه إسرائيل سياسة توشك على ابتلاع المدينة وتهويدها بالكامل وتفريغها من أهلها وطمس هويتها العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، أي أن مجيئهم في هذا الوقت يدخل ضمن استراتيجية صهيونية مرحلية.. فالصهاينة عملوا في المرحلة الأولى على تحييد القضية عن عمقها الإسلامي، ليتم بعدها الانتقال إلى مرحلة جعل قضية فلسطين للفلسطينيين وحدهم، بغية الإنفراد بهم وعزلهم عن تعاطف المسلمين معهم. لا أدري حقا حجم الإغراء الذي يدفع الذين زاروا إسرائيل أو الذين ينفثون السموم هنا أو هناك ضد القضية الفلسطينية، أو الذين يتعاملون مع الكيان الغاصب أو الذين يرقصون في حفلات الصهاينة، على أعصاب أبناء بلدهم قبل أن تكون على حساب الشهداء والأرامل والأيتام و المضطهدين والمحاصرين واللاجئين والأسرى من أبناء الشعب الفلسطيني. الذين يمثلون المغاربة فعلا هم أولئك الجماهير الذين بَحتْ أصواتهم بالشعارات التي هزت جنبات ملعب بيكس بالرباط، وقاعات فاس و مكناس و البيضاء وهم يحيون حارس الأقصى الشيخ المجاهد رائد صلاح الذي دوى صوته عاليا، يسمع المغاربة شهادة عن إخلاص المغاربة وآبائهم في تبني القضية الفلسطينية والذود عن الأقصى، والجهاد في سبيله وتحمل تبعاته منذ قرون. قضية الدفاع عن المسجد الأقصى عندنا نحن المغاربة، ما كانت في يوم من الأيام مزاجا خاضعا للظروف، بل كانت أمانة في أعناقنا، و علاقة أزلية تحتم علينا أكثر من غيرنا من الشعوب أن نحمل هم تحريره، وأن نضحي من أجله بالغالي والنفيس.. فالمسجد الأقصى نادى آباءنا قبل مئات الأعوام فلبوا النداء ولم يترددوا، وما زال يرسل النداء تلو الآخر.. هناك جرائم لا تتوقف ترتكبها قوات الإحتلال الإسرائيلية في حق المسجد الأقصى وتعمق من مشاريع تهويدها للقدس.. و لا تزال تصادر الأرض و تهدم البيوت وتستهدف الأوقاف الإسلامية بما فيها أوقاف المغاربة. و من أصيب بمرض فقد الذاكرة فلا يظنن أن كل المغاربة كذلك! فالمغاربة مرتبطون قدرا وتاريخا وجهادا بفلسطين، و أوقاف المغاربة جزء من المقاومة الفلسطينيةكما قال المقرئ الإدريسي أبوزيد.