دعا المشاركون في ندوة علمية حول «المعهد الإسلامي محمد الخامس بتارودانت.. السياق الوطني والعطاء العلمي»، بتارودانت، إلى ضرورة إعادة الاعتبار إلى معاهد ومدارس التعليم الأصيل من أجل الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للمملكة المغربية. وأضافوا خلال هذه الندوة المنظمة على مدى يومين تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السدس تخليدا للذكرى الذهبية لتأسيس هذا المعهد بمبادرة من جمعية علماء سوس وبتنسيق مع عمالة إقليمتارودانت، أن مجد الأمة الإسلامية رهين بالحفاظ على مناهج التعليم الأصيل الذي أنتج على مر العصور علماء في الفقه الإسلامي وقضاة وأساتذة جامعيين ومؤرخين وأدباء وشعراء مرموقين. وبهذه المناسبة، أوضح الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى محمد يسف، أن هذا اللقاء العلمي يعد فرصة ملائمة لحث المسؤولين والقيمين على الشأن الديني على التفكير في إحياء التعليم الأصيل من خلال إعادة الإعتبار للمدارس القرآنية العتيقة والمعاهد الإسلامية التي ساهمت بشكل كبير في ترسيخ القيم والمبادئ الإسلامية والهوية الوطنية، موضحا أن هذه المبادرة من شأنها صناعة مجد جديد لهذا الإقليم الذي أنجب علماء كبار أمثال بالخصوص العلامة المختار السوسي. وبعد تأكيده على أن الحفاظ على هذه القيم الدينية والأخلاقية والتاريخية والنضالية التي حملها الأسلاف رهين بتبليغها إلى الجيل الجديد، اعتبر أن استمرارية الثقافة والحفاظ على القيم الدينية والهوية الإسلامية لا يمكنها أن تستمر في الإشعاع إلا من خلال توريثها وتمريرها إلى الأجيال اللاحقة والخلف الصالح، داعيا الشباب المعاصر إلى ضرورة التحلي بمسؤوليته كاملة للحفاظ على هذه القيم النبيلة. ومن جانبه، ثمن عامل الإقليم فؤاد المحمدي هذه المبادرة التي من شأنها إشعاع الفكر الإسلامي بهذا الإقليم الذي عرف ميلاد علماء أجلاء في الفقه الإسلامي وأصول الدين، مشيرا إلى أن هذه الندوة ستساهم في ضمان استمرارية وإعادة الاعتبار للتعليم الأصيل والحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للمملكة المغربية مع الانفتاح على اللغات الأخرى والعلوم والتكنولوجيا. وبعد أن أشاد بالدور الكبير الذي أسداه المعهد الإسلامي محمد الخامس بتارودانت من خلال تكوينه لعدد من العلماء في شتى مناحي الفكر الإسلامي والديني والفقهي، نوه بالجهود الحثيثة التي ما فتئ يبذلها الملك محمد السادس للحفاظ على القيم الدينية والهوية الوطنية. ومن جهته، أوضح حسن الباز أستاذ بجامعة ابن زهر بأكادير وأحد خريجي المعهد، أن هذه الذكرى تحمل دلالات عميقة في نفوس أهل تارودانت وخريجي هذا المعهد، الذي أنجب علماء وحفظة القرآن الكريم وأساتذة كبار في القضاء والتعليم والفقه الإسلامي، معتبرا أن الهدف من الاحتفاء بهذه الذكرى هو الوقوف على الجهود النضالية والفكرية التي بذلها علماء سوس، مؤكدا على ضرورة تسجيل هذا المعهد ضمن الذاكرة العلمية والتاريخية الوطنية. وأشار الباز أن هذا المعهد ساهم بشكل كبير في إرساء ازدواجية بين التربية والتعليم والأخلاق والدين والفكر الإسلامي، مجددا الدعوة إلى كافة القائمين على الشأن التربوي والديني إلى ضرورة رد الاعتبار إلى مدارس ومعاهد التعليم الأصيل للحفاظ على القيم الدينية والإسلامية للمملكة المغربية. أما رئيس المجلس العلمي المحلي لتارودانت اليزيد الراضي، فأوضح من جهته أن هذه المعلمة الثقافية والدينية، التي أحدثت سنة1956، قامت بدور تعليمي وتربوي وأنجبت علماء في الفقه وأطر عليا من أبناء سوس والجهات الأخرى خاصة في ميدان التعليم والقضاء والوعظ والإرشاد. وأشار إلى أن الهدف من هذه الندوة الفكرية هو رد الإعتبار لهذه المعلمة الثقافية واستكشاف ماضيها المجيد وإطلاع الجيل الجديد على الدور الهام الذي لعبه خلال الخمسين سنة الماضية، داعيا في هذا السياق الجميع إلى رد الإعتبار لهذا المعهد لكي يستمر في أداء رسالته التربوية والدينية على أحسن أوجه كما كان في السابق. وخلال هذه الندوة، التي شارك فيها ثلة من العلماء والفقهاء والأساتذة الجامعيون، والمنظمة بتعاون مع جمعية قدماء المعهد والمجالس العلمية المحلية لجهة سوس ماسة درعة، نوقشت مواضيع ترتبط بأصول الفقه الإسلامي وإسهامات علماء سوس ودور معاهد ومدارس التعليم الأصيل، فضلا عن إلقاء قصائد شعرية لخريجي المعهد الإسلامي محمد الخامس، وتنظيم حفل تكريمي لفائدة عدد من خريجي هذا المعهد.