عقد نور الدين الصايل، مدير المركز السينمائي المغربي، ومدير الدورة الثالثة عشر للمهرجان الوطني للفيلم بطنحة يوم 21 يناير لقاء خاصا يوم اختتام المهرجان قدم فيه حصيلة "الإنجازات" السينمائية المغربية لسنة 2011 وركز الصايل، ضمن أكثر ما ركز عليه، على ما تحقق على مستوى الإنتاج، حيث قدر أن المغرب أنتج 23 فيلما مطولا في السنة الفارطة. وتفنن المدير في تمثيليته المسرحية موضحا أن المغرب سينتج، السنة القادمة، 25 فيلما طويلا وبذلك سيكون من بين الدول الطليعة في الشأن السينمائي. ورغم أن السيد المدير لم يعد يهتم إلا بالكمية، فقد حاول مرارا التستر على ضعف الأفلام المبرمجة بالتهرب من الإجابة على الأسئلة بطريقة نزيهة ومباشرة حيث يدرك جيدا ما آلت إليه الأفلام المغربية من عرض الأجساد ، والتنافس على مواضيع الهجرة والخوض في النمطية بالتهجم على التراث الإسلامي ومع ذلك يتم عرضها في المهرجان الوطني بطنجة لتتنافس على لقب الأقل سوءا. والسؤال الذي نطرحه هنا: ألم يعد في وسع المخرجين المغاربة أن ينفتحوا على موضوع "اجتماعي" يعالج هموم الإنسان المغربي أكثر من هذه المواضيع زائدة الاستهلاك عن اللازم التي تستعمل كوقود للانقضاض على صندوق الدعم المالي؟ ألا توجد مواضيع أخرى يعاني منها المواطن المغربي وتستحق التصوير مثل الفساد السياسي والفساد الإداري والفساد الاجتماعي أم أن المخرج المغربي يعاني أزمة ثقافية ورؤى إبداعية تجعله يكرر نفس المواضيع؟ إن أول تناقض نتلمسه في كلام نور الدين الصايل هو الحديث عن 23 فيلما سينمائيا مطولا أنتجت سنة 2011 بدعم المركز السينمائي المغربي وعرضت في مهرجان طنجة الوطني. لكن المتفحص للحصيلة السينمائية لسنة 2011، يتنبه بكل سهولة أن ثمانية أفلام على الأقل لم يدعمها المركز السينمائي المغربي وهي: "موت للبيع" لفوزي بنسعيدي، و"عاشقة من الريف" لنرجس النجار وكلا الفلمين أنتجتهما شركة إنتاج بلجيكية اسمها "كلب وذئب"، وفيلم "عمر قتلني" لرشدي زم هو بالأساس فيلم فرنسي كما هي الحال مع "الرجال الأحرار" لإسماعيل فروخي الذي أنتجته الشركة الفرنسية "بيرميد" بدعم من "النادي 13" الفرنسي الذي يُعرف بتعاطفه مع إسرائيل وتوجهاته الصهيونية. أما فيلم "نهار تزاد طفا الضو" لمخرجه محمد الكغاط فهو من إنتاج القطاع الخاص ولا دخل للمركز السينمائي المغربي فيه ونفس الشيء ينطبق على فيلم "أياد خشنة" لمخرجه محمد العسلي الذي تحمل مصاريف الفيلم بنفسه. أما فيلم "على الحافة" لمخرجته ليلى الكيلاني فهو من إنتاج فرنسي-ألماني ونختم بالفيلم الوثائقي الكندي "الأندلس الجديدة" لمخرجته الصهيونية "كاتي وزانا". هكذا يتضح للعيان أن المغرب لم ينتج في سنة 2011 إلا 15 فيلما اغلبها يجب أن يذهب إلى القمامة مباشرة باستثناء ثلاثة أفلام: "شي غادي شي جاي" لحكيم بلعباس و"اندرومان" لعز العرب العلوي و"أياد خشنة" لمحمد العسلي. إذن لماذا هذه الدعاية الرخيصة ل"تفريخ" عدد الأفلام المنتجة في السنة الفارطة؟ ومما لا شك فيه أن معظم الأفلام التي عرضت تنقصها ابسط التقنيات الاحترافية من سيناريو وتمثيل وصورة ويطبعها الكلام الساقط والعري المفضوح والنمطية الخبيثة التي تتقيأها النفوس المريضة وجاءت في غالبيتها تلفيزيونيه الشكل. ويتحمل المركز السينمائي المغربي المسؤولية كاملة عن إفساد الصناعة السينمائية بنشر الجهل والفساد والفنون الهابطة والسيطرة على الذوق والعقول ووضع كل عناصر الصناعة في يد واحدة التي دمرت الوظيفة الحقيقية للسينما في ظل تخلي الدولة عن مسؤوليتها بضرورة التعامل مع صناعة السينما بشكل علمي تحدد متطلبات النهوض بهذه الصناعة وتقترح حلولا لمشكلاتها مع تحميل المسؤولية والمحاسبة والمتابعة للساهرين عليها. ويتضح جليا من خلال تسليم الجوائز ليلة اختتام المهرجان أن "أيادي خفية" تلاعبت بها لإرضاء أصدقاء نورالدين الصايل ومن بينهم نرجس النجار الذي حاز فيلمها على جائرة أحسن دور نسائي ثانوي وفوزي بنسعيدي الذي فاز فيلمه بجائزة لجنة التحكيم ولحسن زينون الذي فاز فيلمه "موشومة" بجائزتين الأولى عن أحسن صوت (وهو أردأ صوت بالمناسبة) كما حاز على أحسن سيناريو الذي لا يحتوي على أية قيمة فكرية أو ثقافية. أما المفاجأة الكبرى فكان فيلم "على الحافة" الذي حصل على جائزة أحسن فيلم تفاجأت معها المخرجة نفسها وكان أول ما قامت به عناق الصايل وتقديم الشكر له!