توصلت جريدة التجديد بشكاية لفائدة سيدة .... و السيدة ......، موجهة ضد أحد المحامين بهيئة أكادير. وحسب الشكاية فإن المحامي المذكور لم يدل بوثيقة مهمة ضمن ملف القضية، وهي تتعلق بعدم إدراج طفل وريث ضمن باقي الورثة، مما ترتب عنه ضياع حقه في الميراث. ولهذا فهي تطالب وزير العدل بالتدخل لدى هذا المحامي من أجل تعويضها عن هذا الضرر اللاحق بابنها. أما المشتكية الثانية فهي تدعي أن المحامي لم يمكنها من التعويض الذي تستحقه على إثر الحادثة التي تعرض لها ابنها، رغم أن المحامي استلم مبلغ التعويض من الشركة المؤمنة. هذه الأخيرة أرسلت للمشتكية رسالتين تؤكد فيهما أنها نفذت القضية حسب ملف تنفيذي، وحددت فيها مبلغ التعويض المستحق. هذه الشكاوى وغيرها، سواء كانت موجهة إلى الأشخاص أو الإدارات أو المؤسسات العمومية، تبقى مجرد وقائع تحتاج إلى أدلة إثباتية، ولكن ومع وجودها تبقى المشكلة الكبرى هي جهل أصحابها في بعض الأحيان بالإجراءات القانونية والمساطر الواجب اتباعها، لأنها تشكل فرصة سانحة لضمان حقوقهم وصيانة أموالهم وكرامتهم. فالمواطن لا يشفع له جهله بالقاعدة القانونية أوالتنصل منها. و بالتالي لا بد له أن يبحث لنفسه عن حد أدنى من المعلومات القانونية في القضية التي تهمه أو الواقعة التي يتظلم منها. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الشكايات التي تصل إلى الصحافة، لم يلتجئ أصحابها إلى الجهات المختصة والموكل إليها النظر فيها، لأنها الأولى بمعالجتها، أما سبيل الإعلام فيبقى مفتوحا أمام المشتكين في حالة انسداد جميع الأبواب في طريقهم. لذلك نجد في بعض الحالات أن المشتكين أو المتظلمين ينشرون شكاواهم أو تظلماتهم على صفحات الجرائد، والحال أن القضاء ما زال لم يبت فيها، أو لم يتوصل بها أصلا. وبالنسبة للموضوع الذي نتاوله الآن، والذي يخص العلاقة بين المحامي وموكله، والتي قد تعرف منازعة كسائر المنازعات الأخرى، فإنه يوجد قانون ينظم هذه العلاقة ويبين حدودها، وعلى المتضرر أن يطلع عليه ويسلك إجراءاته لضمان حقوقه. فالمشتكي قبل أن يلتجئ إلى الصحافة عليه أولا أن يتوجه إلى الجهات المختصة بذلك ومطالبتها بإنصافه. فطبيعة العلاقة التي تجمع بين المحامي وموكله هي علاقة تعاقدية، فالثاني يكلف وكيله بإجراء عمل قانوني لحسابه، مقابل أتعاب متفق عليها يسددها له، وعمل المحامي هذا يدخل ضمن ما يسمى بصفة عامة ب"وكالة الخصام"، وبمقتضى هذا العقد فإن للمحامي حقوقا وواجبات عليه القيام بها، وكل إخلال بها يعرضه لمحاسبة الهيئة التي ينتمي إليها، أو المساءلة الجنائية في حالة مخالفته لقواعد القانون الجنائي، والظهير الذي ينظم مهنة المحاماة هو الظهير رقم 1-93-162، وبداخله الباب الرابع المتضمن لواجبات المحامي وعلاقته مع المحاكم، وأيضا مع زبنائه، وأغلب المشاكل التي يعرفها المحامي مع موكليه هي تلك المتعلقة بالاختلاف حول مسألة تقدير الأتعاب المستحقة للوكيل، أوتلك المتعلقة بعدم إتمام المحامي لبعض الأعمال القانونية التي هي في صالح الموكل، فالقانون المذكور نظم هذه المسائل بنصوص واضحة، حيث نص الفصل 43 على أن أتعاب الاستشارة والمرافعة تحدد باتفاق بين المحامي وموكله، والفصل 44 الذي لا يجيزللوكيل (المحامي) في جميع الأحوال أن يحدد مسبقا مع موكله الأتعاب المستحقة عن أي قضية اعتبارا للنتيجة التي يتوقع التوصل إليها، أو أن يقتني بطريق التفويت حقوقا متنازعا فيها، أو أن يستفيد بأي وجه كان من القضايا التي يتولى الدفاع بشأنها. وحسب المادة 47 من الظهير سالف الذكر، فإنه يحق للموكل أن يجرد محاميه من التوكيل المسند إليه في أية مرحلة من المسطرة، بشرط أن يوفي له بالأتعاب والمصروفات المستحقة عن المهام التي قام بها لفائدته، وأن يبلغ ذلك إلى الطرف الآخر، أو محاميه ورئيس كتابة الضبط بالمحكمة التي تنظر في القضية، وذلك بواسطة رسالة موصى بها مع الإشعار بالاستلام. فهناك مسطرة قانونية واضحة ينبغي على الموكل المتضرر سلوكها، وهي الإلتجاء إلى النقيب في حالة الاختلاف حول تحديد الأتعاب، هذا الأخير يصدر مقررا يحدد فيه ذلك، ويبلغه إلى كل من الموكل والمحامي، ويحق لهما الطعن فيه برفعه إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وحينها يعقد الرئيس جلسة بحضور الأطراف والاستماع إليهم. ويمكن لمجلس الهيئة،انطلاقا من الظهير المذكور، متابعة المحامي واتخاذ العقوبات التأديبية في حقه، في حالة مخالفته النصوص القانونية أو التنظيمية، وقد تصل هذه العقوبات إلى حد التوقيف عن ممارسة المهنة، وهذا لا يمنع أيضا المشتكي حقه في تحريك الدعوى العمومية ضد الوكيل أثناء ارتكابه لأفعال تعتبر جنحا أو جنايات، وهناك قضايا كثيرة رفعت ضد المحامين، وأنصف فيها القضاء الجهات المتضررة، بناء على أن الوكيل قد يخطئ ويترتب عن ذلك ضرر لموكله مما يستوجب تعويضا له. فإذا لم يقم المحامي مثلا بالطعن بالاستئناف لفائدة موكله حسب الآجال القانونية، وفوت له فرصة مراجعة الحكم الابتدائي والاستفادة من إعادة نشر الدعوى أمام قضاء الدرجة الثانية، فإن عمل المحامي هذا يعد خطأ يمكن للمتضرر مقاضاته. والخلاصة مما ذكر هو أن المواطن المغربي مطالب بمعرفة القوانين التي تجري أحكامها عليه، والجهل بها قد يؤدي إلى ضياع مصالحه وماله ووقته، وقد ذكرنا بعض الفصول القانونية المنظمة لعلاقة المحامي بموكله، وهي مجرد إشارة فقط، حتى يتسنى للمشتكي معرفة الجهات المعنية بالفصل في المنازعات التي قد تحصل بينه وبين وكيله، فالالتجاء إلى الصحافة ومخاطبة الرأي العام تكون أفيد بعد استنفاذ جميع الطرق القانونية المتاحة. عمر العمري