يصنف المحامون ضمن خانة مساعدي العدالة، ورغم ذلك قد يجد البعض منهم نفسه يوما ما في قفص الاتهام بسبب ادعاءات بخيانة الأمانة أو النصب، حيث تكشف القضايا التي تم عرضها سواء من لدن هيئات هذه المهنة أو التي عرفتها بعض المحاكم المغربية عن تحطيم طابو المنتسبين لهيئة المحاماة. كما تواترت الحكايات عن قضايا تورط محامين في الاحتيال على موكليهم، خاصة في قضايا التعويضات عن حوادث السير، و قضايا العقار. كما أن من هؤلاء من دفع بهم الجشع إلى تحويل خدمات مكاتبهم لتكون غطاء لبعض الأنشطة المشبوهة من قبيل تهجير الفتيات إلى بلدان خارجية بطريقة ملتبسة. «المساء» تفتح ملف بعض المحامين، وتؤكد على أن الأمر يخص بعض المحامين المتورطين وليس كلهم، لتسليط الضوء على جرائم ترتكب باسم الدفاع عن المحاكمة العادلة. «مهنة المحاماة تجعل المرء نبيلاً عن غير طريق الولادة، غنياً بلا مال..رفيعاً دون حاجة إلى لقب..سيداً بغير ثروة» مقولة أطلقها «روجيسيو» كبير قضاة فرنسا في عهد لويس الخامس عشر، استعاض عنها بعض «الدخلاء» على المهنة بالمغرب بتحويلها إلى مرتع للاغتناء السريع على حساب قضايا موكليهم. يصنف المحامون ضمن خانة مساعدي العدالة، ورغم ذلك قد يجد البعض منهم نفسه يوما ما في قفص الاتهام بسبب ادعاءات بخيانة الأمانة أو النصب. ولم تعد سرا الفضائح المالية والأخلاقية التي صار أبطالا لها بعض مرتدي البذلة السوداء، حيث تكشف القضايا التي تم عرضها، سواء من لدن هيئات هذه المهنة، أو التي عرفتها بعض المحاكم المغربية عن تحطيم طابو المنتسبين إلى هذه المهنة. فقد تواترت الحكايات عن قضايا تورط فيها محامون في الاحتيال على موكليهم، خاصة في قضايا حوادث السير، وقضايا العقار. كما أن من هؤلاء من دفع بهم الجشع إلى تحويل خدمات مكاتبهم لتكون غطاء لبعض الأنشطة المشبوهة من قبيل تهجير الفتيات. يحكي طارق السباعي المحامي من هيئة الرباط أن مهنة المحاماة بالمغرب ارتبطت في بداياتها الأولى بولوجها من قبل أشخاص ينحدرون من أسر كريمة ذات علم ومسؤولية معروفين بأخلاقهم الدمثة وسلوكهم القويم، لكن مع مرور الزمن التحق بهذه المهنة أشخاص لم تكن لهم أية رغبة في دخول غمارها ونجم عن هذه الوضعية تفشي بعض المظاهر السلبية المتعلقة بالنصب والاحتيال وخيانة الأمانة، ولكنها تمثل نسبة ضئيلة لا يمكن تعميمها على جسم المحامين. فنقابة الرباط وحدها قامت بالتشطيب على العديد من المحامين الذين تأكدت خيانتهم للأمانة أو تصرفهم في أموال وودائع موكليهم. وحصر السباعي مظاهر الانحراف والفساد المالي والأخلاقي وسط جسم المحامين في صفوف بعض من أسماهم بضعاف النفوس الذين يغتنون على حساب موكليهم عبر زعمهم أنهم في حاجة إلى دفع إتاوات ورشاوى للقضاة حتى يمكن لهم أن يربحوا القضايا لصالحهم. وقد تكون هذه وسيلة من وسائل الابتزاز والاحتيال على الموكلين. بعض من هذه الشريحة يتحولون إلى مجرد سماسرة رغم ندرتهم وجميع القضايا التي تقف عليها مجالس النقابات تتم معاقبة مدبريها حسب السباعي دائما. السطو على تعويضات حوادث السير من بين أبرز فضائح المحامين واقعة يشهد عليها مجلس هيئة المحامين بالبيضاء في عهد النقيب بنزاكور، بطلها محام من هيئة الدارالبيضاء كان مختصا في حوادث السير واشتكى منه عدد من الزبناء والموكلين بالسطو على ودائعهم وعلى مبالغ التعويضات التي كانت تحكم بها المحاكم ضد شركات التأمين. وصلت فضائح هذا المحامي إلى غالبية المحامين الذين قرروا رفع الأمر إلى نقيبهم، هذا الأخير انتقل إلى مكتب المحامي واطلع بنفسه على نوعية القضايا التي يشتغل عليها فوجده قد حصر نشاطه فقط في الترافع في قضايا حوادث السير. فما كان من نقيب الهيئة إلا أن وسع تحرياته بخصوص هذا المحامي حيث خلص في نهاية المطاف إلى أن نوعية القضايا التي كان يتوصل بها إنما كانت تأتيه عبر موظفين في سلك الأمن والدرك والصحة، كانوا يبعثون إليه بضحايا حوادث السير خلال تسجيلهم محاضر حوادث السير. وقد توصل النقيب بهذه المعلومات بعد أن قام باستدعاء الضحايا واستمع إليهم حيث أفادوا أنهم توجهوا إلى المحامي المشتكى به دون غيره من المحامين بتوجيه من رجال الدرك والشرطة وبعض الممرضين العاملين في قسم المستعجلات. إزاء هذه النازلة وجه النقيب مجموعة من الرسائل إلى كل من الإدارة العامة للأمن الوطني وإلى القيادة العامة للدرك الملكي وإلى وزير الصحة يطالبها فيها بضرورة التدخل لوضع حد لمثل هاته الممارسات واتخاذ إجراءات واضحة وملموسة في حق الموظفين المشار إليهم حتى لا يقدموا على مثل هذه الممارسات، وكانت النتيجة أن توقف المحامي المعني بالأمر عن هذا السلوك وتحسن سلوكه فيما بعد. تحويل مكتب محاماة لتهجير الفتيات محام آخر هذه المرة بهيئة الرباط تسبب نشاطه المشبوه المتعلق بتهجير نساء إلى الخارج عبر تزوير وثائق الزواج في حرمان المحامين من تأشيرة شينغن التي كانت تمنحها السفارة الفرنسية للمحامين بموجب اتفاقية كانت تربطها بهيئة المحامين بالرباط. وقد تفتقت عبقرية هذا المحامي الذي كان يعاني من قلة ملفات المتقاضين عندما حول خدمات مكتبه إلى نشاط من نوع خاص عبر تسهيل المأمورية للراغبات في الهجرة إلى الديار الأوربية من خلال الإدلاء بوثيقة إشهاد بأنه متزوج بهؤلاء الفتيات حيث كان يحصل نظير هذه الخدمات على مبالغ مالية تتجاوز 30 ألف درهم . لم ينتبه موظفو السفارة الفرنسية المكلفين بمصلحة التأشيرات إلى الخدعة التي كان يقوم بها هذا المحامي إلا بعد أن فاق عدد الفتيات اللائي قام بتهجيرهن العشرة، حيث كان في كل مرة يدلي بوثيقة زواج مزورة لمصالح هذه السفارة. عند افتضاح أمر هذا المحامي تم اكتشاف شبكة لتهجير الفتيات إلى الديار الأوربية ومن ثمة العمل في مجال الدعارة. وبعد وصول الخبر إلى هيئة المحامين بالرباط تم التشطيب على المحامي بسبب هذا السلوك اللا أخلاقي، لكن ما قام به لم يقتصر عليه وحده، بل أدى محامو هيئة الرباط ثمنا غاليا نتيجة هذا السلوك، بعد أن نقضت السفارة الفرنسية بالرباط الاتفاقية التي كانت تربط الهيئة مع هذه الأخيرة. محام ينصب على مهاجر بمكناس أغلبية المخالفات والفضائح التي تحسب على المحامين تأتي من قضايا المخدرات فهناك من اختص في نوع معين من هذه القضايا. في يوم 11 مارس من 2008 فجر مهاجر مغربي مقيم بالديار الايطالية قضية من نوع خاص بطلها محام من هيئة مكناس اتهمه بسرقة مبلغ مالي يزيد عن 140 مليون سنتيم، وحسب الشكاية التي وضعها هذا المهاجر بين يدي استئنافية مكناس، فقد عمل بالخارج لأزيد من 40 سنة، وأنه لجأ إلى المحامي المشتكى به بعد أن اعتقل أحد أبنائه من طرف الجمارك بتهمة حيازة المخدرات. وعند إحالته على المحكمة الابتدائية بطنجة نصب محاميا بهيئة مكناس للدفاع عن ابنه إلى حين صدور الحكم النهائي في القضية. وطلب منه كأتعاب تسليمه 150 مليون سنتيم تسلم منها مبلغ 147 مليون سنتيم، على أساس أنه سيقوم بوضع كفالة بقيمة 100مليون سنتيم قصد الحصول على السراح المؤقت لابن المهاجر ومبلغ 40 مليونا لخزينة الدولة و10 ملايين سنتيم كأتعاب في نفس القضية. واتضح للضحية بعد صدور قرار محكمة الاستئناف أنه كان ضحية نصب واحتيال كبيرين، فاتصل بالمحامي في محاولة منه لاسترداد المبلغ المدفوع له والذي تسلم منه 10 ملايين بشيك مسحوب على مؤسسته البنكية بتازة والباقي نقدا. المحامي حسب الضحية خاطبه بقوله «سير فين ما عجبك راه ما عندي فلوس أنا عطيت للقاضي فابتدائية محكمة طنجة 25 مليون سنتيم وفي الاستئناف 95 مليون سنتيم». محام مشطب عليه ينصب على رجل أعمال سبق للنيابة العامة بالقطب الجنحي بالدارالبيضاء أن تابعت محاميا من هيئة الدارالبيضاء في حالة اعتقال في ملف يرتبط بالنصب والاحتيال.وجاء اعتقال المحامي، الذي سبق أن تم التشطيب عليه من قبل هيئة المحامين بالدارالبيضاء، بسبب أخطاء مهنية، بعد شكاية تقدم بها أحد رجال الأعمال من مدينة مكناس، والذي اتهمه باستخلاص مبالغ مالية صدرت بشأنها أحكام لفائدته. وكان المحامي المعتقل ينوب عن رجل الأعمال في ملف أمام المحكمة، قبل أن يتم التشطيب عليه، وبعد صدور الأحكام لصالحه، والتي قضت بأداء شركة لمبلغ 400 مليون سنتيم لفائدة رجل الأعمال، قام المحامي المتهم بإجراءات التنفيذ واستخلص المبلغ المذكور، باعتباره محامي رجل الأعمال المشتكي. رجل الأعمال المشتكي أبلغ من قبل الشركة المنفذ عليها بأدائها للمبلغ المحكوم به عليها، قبل أن يدخل مع المحامي المشتكى به، في تسوية لم تفض إلى نتيجة، بعد مطالبة هذا الأخير بمستحقاته، ليقرر تقديم شكاية إلى الوكيل العام باستئنافية البيضاء، وهي الشكاية التي فتح بشأنها تحقيق قاد إلى اعتقال المحامي ومتابعته في حالة اعتقال. فضيحة عقارية بطلها محام نصب على سعودي قاضي التحقيق جمال سرحان، المكلف بالغرفة الرابعة لمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، سبق له أن حقق في ملف فضيحة عقارية كشفت عنها شكاية لمواطن سعودي، بعد تعرضه لعملية تزوير طالت عقار المواطن السعودي بالمغرب، حيث كان من بين المتابعين في هذه الفضيحة، إلى جانب المتهمة الأولى والموثق، محام من هيئة الدارالبيضاء. وقد انتقلت تداعيات هذه القضية إلى فرنسا، بعد الكشف عن وجود جواز سفر فرنسي قدم باسم المواطن السعودي مالك العقار موضوع الشكاية، تبين أنه مسروق. جواز السفر قدم من أجل تزوير وتائق ملكية العقار الموجود بمنطقة عين الذئاب بالدارالبيضاء، والبالغة مساحته ستة هكتارات، والذي تضمن اسم المواطن السعودي وصورته، حيث انصب التحقيق حول كيفية سرقة جواز السفر من بلدية مارساي، والجهة التي تمكنت من تسريبه إلى المغرب من أجل استغلاله. كما دخلت على الخط في هذه القضية مصالح الأمن الفرنسية التي أجرت أبحاثها بخصوص جواز السفر المسروق والجهات التي تقف وراء عملية سرقة جواز السفر الفرنسي. وقد تمت متابعة المتهمين بتهمة تكوين عصابة إجرامية، وهي التهمة التي تفيد فعل التخطيط والتقاء الإرادات من أجل تحقيق النتيجة المرجوة، والمتمثلة في النصب على صاحب العقار. العقار موضوع النصب مساحته ستة هكتارات، ويوجد بمنطقة عين الذئاب بالعاصمة الاقتصادية، تعود ملكيته لمواطن عربي، سعودي الجنسية، حيث وقع التلاعب في وثائقه، وتفويته بطرق ملتوية. محام يتصرف في أزيد من 700 مليون ويقول إنه «لاباس ملي ما تسطاش» من أغرب القضايا التي عرفتها مهنة المحاماة حكاية محام من هيئة البيضاء كان ضعيف الحال على المستوى المادي وعن طريق الصدفة ناب في ملف يتعلق بنزع الملكية يتقاسمه عدد من الورثة، ولما حكمت المحكمة قضت بتعويض هؤلاء بمبلغ 760 مليون سنتيم، فقام هذا المحامي بتنفيذ هذا الحكم القضائي، ولما تسلم الشيك من المحكمة قام بالتصرف فيه. أول شيء قام به أنه اقتنى فيلا فخمة وضيعة فلاحية مجهزة بأحدث التقنيات، وأصبح بين عشية وضحاها من الأثرياء وصار يرتاد أفخم المطاعم بعد أن كان لا يجد قوت يومه ورافقه في أداء مناسك العمرة والحج أزيد من 10 محامين على حسابه الخاص. عند افتضاح أمر هذا المحامي، ومطالبة الورثة بنصيبهم من التعويضات التي قضت بها المحكمة أنكر تسلمه أي مبلغ. ولولا تدخل نقيب الهيئة ورجال الأمن لأجهز الورثة عليه بعد أن ضبطوه داخل المحكمة، حيث طرحوه أرضا وهموا بذبحه كما يذبح الكبش. وبعد تدخل النقيب والتحقيق معه طلب منه أن يعيد ما بقى بذمته من أموال وأن يسوي وضعيته مع موكليه، لكن تبين أنه تصرف في كامل المبلغ. ولم تحل الاحتياطات التي اتخذها مجلس الهيئة للحيلولة دون هربه إلى الخارج، حيث سلمهم جواز سفره، لكن سيتم اكتشاف فيما بعد أنه كان يتوفر على جواز سفر عراقي الجنسية حصل عليه لأنه كان يتابع دراسته هناك في عهد صدام حسين وقد تمكن بواسطته من السفر إلى أوربا. يحكي أحد أصدقائه أنه أسر إليه أنه لما تسلم المبلغ المالي حمد الله أنه لم يصب بخلل عقلي وقال بالحرف الواحد «ولا باس ملي أخذت ذلك المبلغ الكبير من المال أنني ماتسطيتش». محامون اغتنوا على حساب ملفات السلفية الجهادية حسب شهادات لأسر وعائلات معتقلي السلفية الجهادية، سواء منهم من أدينوا في أحداث 16 ماي الإرهابية أو قبلها، فإن عدد المحامين ممن لجأت إليهم هذه العائلات للدفاع عن أبنائها أمام القضاء أغرقوها في سيل من الوعود بإمكانية إصدار البراءة في حق ذويهم، نظير مبالغ مالية فاقت 60 ألف درهم كما هو الحال بالنسبة إلى الشيخ محمد الفيزازي، الذي سبق له أن تحدث عن المحامي الذي نصب عليه في قضيته والذي أخذ منه مبلغ 6 ملايين من السنتيمات وكان نصيبه 30 سنة سجنا نافذا. من بين العائلات من تحدثت عن ممارسات غريبة قام بها عدد من المحامين معها تتمثل في أنهم طلبوا منها أتعابا نظير الدفاع عن أبنائها بالرغم من تعيينهم للإنابة في تلك الملفات في إطار المساعدة القضائية حيث تتكفل خزينة الدولة بمصاريف تلك الملفات. وسبق لعبد القادر بليرج الذي أدين مؤخرا بالمؤبد أن انقض على محاميه خلال إحدى جلسات محاكمته وضغط على عنقه بقوة بعد خلاف بينهما، بعد أن طلب منه بليرج أن يرجع إليه هاتفا نقالا تم ضبطه لديه وتم حجزه من طرف إدارة السجن.