دعت قوى سياسية وثورية في مصر إلى تنظيم مليونية يوم الجمعة المقبل، في ميدان التحرير بوسط القاهرة؛ لاسترداد الثورة في ظل ما اعتبرته تراجعاً من المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن تحقيق أهدافها، جراء الإجراءات البطيئة التي يتخذها بهذا الشأن. وشددت هذه القوى على ضرورة أن تظل مثل هذه المليونيات حاضرة ومتوهجة لانتزاع أهداف الثورة وتطبيقها، في الوقت الذي رأى في المرشح المحتمل للرئاسة، محمد سليم العوا، أن الثورة لم يتم اختطافها كما يروج لذلك البعض. وفسر ذلك في حديثه أول أمس لصحيفة “الشروق” بقوله: إن الثورة لم يتم اختطافها، ولا نحتاج إلى استردادها، هناك إجراءات متأخرة بعض الشيء لكن هناك بعض المطالب الفئوية، وهو ما يؤثر في اتخاذ القرارات السياسية، مشدداً على ضرورة تحرك المجلس الأعلى للقوات المسلحة لوضع جدول زمني لإجراء الانتخابات البرلمانية. وفي هذا السياق، طالب الأمين العام لمجلس قيادة الثورة، صفوت حجازي، بتحديد جدول زمني لإجراء الانتخابات، متوقعاً أن يصدر المجلس العسكري قراراً بذلك قبل نهاية الشهر الجاري، خاصة أنها المدة التي تنتهي معها حالة الطوارئ، وفق ما ذهب إليه فقهاء القانون والدستور، وقال إن تأخير الجدول الزمني للانتخابات سيكون مدعاة لتنظيم تظاهرات يوم الجمعة المقبل. وفي هذا السياق، أعلنت تيارات إسلامية تعليق مشاركتها في التظاهرة المرتقبة لحين التشاور. وقال حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين: إن الحزب في إطار التشاور حول المشاركة في التظاهرة من عدمه. وهو الرأي ذاته الذي أعلنه المتحدث الإعلامي للجماعة الإسلامية، د. طارق الزمر، الذي أكد أن جماعته تدرس حالياً بجدية المشاركة في التظاهرة، غير أنه حذر من خطورة ما قد يتبعها من أحداث، على نحو ما حدث في “جمعة تصحيح المسار” يوم 9 شتنبر الجاري، عندما شهدت القاهرة اقتحامات واشتباكات في قلب العاصمة. إلا أن بعض أنصار الدعوة السلفية أعلنت مشاركتها في التظاهرة وذلك في حال عدم إعلان المجلس العسكري الجدول الزمني للانتخابات البرلمانية. إلى ذلك، حذرت صحيفة (الواشنطن بوست) الأمريكية من تأخر الديمقراطية في مصر، واعتبر هذا التأخر التهديد الحقيقي للبلاد التي تعيش حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. وقال جاكسون ديل في مقاله : إن المحادثات التي أجراها مع عدد من الصحفيين والنشطاء والمسئولين المصريين الأسبوع الماضي أظهرت أن التهديد الحالي والعاجل الأكبر لمصر لا يتمثل في الخوف من حدوث انقلاب إسلامي أو انهيار العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، وإنما في إطالة أمد الفوضى والنظام غير محدد الاتجاه والمعالم الذي يعيش في ظله المصريون الآن. وأضاف أن مصر تترنح منذ سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك في فبراير الماضي بين الديكتاتورية العسكرية والديمقراطية الليبيرالية، فقد ازدهرت وسائل الإعلام الحرة، وأنشئت العديد من الأحزاب وجماعات المجتمع المدني، وتنظم الإضرابات والاحتجاجات بشكل يومي ومبارك نفسه يحاكم حاليًّا إلا أن الآلاف زج بهم في السجن عبر محاكمات عسكرية، وتعرض المدنيون الذين ينتقدون الجيش إلى المضايقات في الوقت الذي أعيد فيه إحياء قانون الطوارئ الذي يحظر أغلب التجمعات العامة. وقال: إن تاريخ إجراء الانتخابات وشكل التمثيل في البرلمان وواجبات البرلمان الجديد والدوائر التي سينافس عليها المرشحون لم يتم الانتهاء من تحديدها بعد؛ فضلاً عن أن أحدًا لا يعرف متى ستجري الانتخابات الرئاسية، وهل ستجري قبل الانتهاء من وضع الدستور أم قبله؟ وهل سيصبح الجيش وصيًّا على السلطة؟ وتحدثت عن المشكلة الاقتصادية التي تعاني منها مصر في ظل تخوف السياح والمستثمرين الأجانب من دخول البلاد، والإجراءات التي قام بها المجلس العسكري، والتي شملت طلب الحصول على تأشيرة جديدة بالنسبة للزوار الأجانب الذين يرغبون في دخول البلاد والتي قام بإلغائها مؤخرًا. ولم يغفل ديل أن كثيرًا من الأشخاص في واشنطن يخشون من فوز جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية الأخرى في الانتخابات البرلمانية المقبلة؛ فضلاً عن تخوفهم من مصير معاهدة السلام الموقعة بين مصر والكيان الصهيوني قبل أكثر من 30 عامًا والمدعومة من الولاياتالمتحدة. وأضافت أن المجلس العسكري سبق وأن وعد بتسليم السلطة للمدنيين هذا الشهر، ولكن على أفضل تقدير فإن الانتخابات البرلمانية ستنتهي في فبراير القادم والانتخابات الرئاسية التي ستنهي حكم العسكر من الممكن أن تجري خلال تسعة أشهر، في حين توقع البعض أن تجري بعد 18 شهرًا؛ بسبب النظر في إمكانية وضع دستور جديد قبلها. وقال إن هناك توقعات بفوز الإسلاميين بنسبة كبيرة من المقاعد تتراوح ما بين 10% إلى 40% من مقاعد البرلمان؛ مما يعني أنهم لن يكونوا أغلبية، كما أنهم منقسمون إلى عدة فصائل والأقوى فيهم أكد أنه لن يكون قادرًا على فرض أجندة أصولية على الأقل خلال المدى القصير والمتوسط، مضيفًا أنه في الوقت الذي دعي فيه السياسيون في مصر لتعديل معاهدة السلام مع الكيان، فإن أحدًا لم يطالب بإلغائها كما أدين الهجوم الذي وقع على السفارة الصهيونية قبل أسابيع. وأضاف أن العديد ممن أعربوا عن خشيتهم على مستقبل البلاد طالبوا بتأجيل الانتخابات البرلمانية أو إلغائها، لكن الحقيقة أن العكس هو الصحيح.