رحبت قيادات الثورة الشعبية المصرية وقوى سياسية أخرى بأولى خطوات المجلس العسكري الأعلى نحو الانتقال إلى الديمقراطية, ومنها حل مجلسي الشعب والشوري, وتجميد الدستور. لكن تلك القيادات والقوى الأخرى تلح في المقابل على إلغاء الطوارئ, وإطلاق المعتقلين بما يحقق كل المطالب الأساسية للثورة. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي يرأسه المشير محمد حسين طنطاوي أعلن أمس الأحد في بيان أنه سيحكم البلاد لمدة ستة أشهر أو لحين إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بعد إجراء تعديلات دستورية. وأعلن أيضا حلّ مجلسي البرلمان (الشعب والشوري), وتعليق العمل بالدستور، في حين تعكف لجنة على صياغة دستور معدل. وكلف المجلس الحكومة الحالية التي يرأسها أحمد شفيق بالاستمرار في أعمالها لحين تشكيل حكومة جديدة, وإجراء انتخابات مجلسي الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية. ويفترض أن يحظر المجلس العسكري الأعلى اجتماعات النقابات العمالية والمهنية مع تصاعد الحركة المطلبية في القطاعين العام والخاص, بل وحتى في جهاز الأمن في ظل تظاهر آلاف من عناصر الأمن مطالبين بتحسين أوضاعهم, وبمحاسبة القيادات الأمنية الفاسدة.
غير كافٍ ولقيت قرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة ترحيبا من قيادات الثورة, ومن سياسيين عارضوا نظام مبارك, وساهموا في تلك الثورة. في المقابل, اتفق أولئك على أنه يتعين على المجلس العسكري الحاكم الاستجابة لمطالب أخرى لا تقل أهمية عن حل البرلمان, والتأسيس لدستور جديد, وعلى رأسها إنهاء حالة الطوارئ السارية منذ 1981 بمقتضى قانون الطوارئ لسنة 1958, وإطلاق كل المعتقلين السياسيين بمن فيهم الذين اعتقلوا في الثورة. وشدد مجلس أمناء ثورة 25 يناير في بيان أصدره أمس على هذين المطلبين, وأعلن أنه سينظم الجمعة المقبل مسيرة مليونية احتفالا بالنصر, واستكمالا للثورة حتى تحقق كل مطالبها. ومن المقرر الإعلان الجمعة المقبل بمناسبة المسيرة المليونية المرتقبة عن تشكيل مجلس أمناء على الثورة يضم جميع أطياف المجتمع. ولتحقيق الأهداف المتبقية, يتمسك مشاركون في الثورة بمواصلة اعتصامهم في ميدان التحرير بالقاهرة, مطالبين المجلس العسكري بتحديد سقف زمني لتنفيذ تعهداته، إضافة إلى إنهاء الطوارئ والإفراج عن معتقلي الثورة. وعقب محاولة جنود إخلاء قسم من المعتصمين في ميدان التحرير -الذي بدأت حركة السير تنساب حوله بصوة طبيعية تقريبا- قال محمود نصار الناشط في حركة ثورة شباب 25 يناير إن الاعتصام والاحتجاج مستمران حتى تلبية المطالب. وقال موفد الجزيرة للقاهرة أكثم سليمان إن حجم الاعتصام أصبح أمس الأحد متواضعا جدا, مشيرا إلى أن الشرطة العسكرية تسيطر على الموقف بكامله. وأضاف أن عدم تحديد سقف زمني لتنفيذ مطالب الثورة, وعدم الاستجابة لبعضها حتى الآن, إضافة إلى استمرار حكومة شفيق, لا يلقى قبولا بين عدد من الثوار رغم ترحيبهم بقرارات المجلس العسكري. وفي إطار ردود الفعل على قرارات المجلس العسكري, دعت جماعة الإخوان المسلمين المصرية أمس المجلس إلى الإفراج فورا عن كل المعتقلين الذين شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة، وإصدار عفو عام عن كل السجناء السياسيين، وإلغاء حالة الطوارئ. أما أيمن نور الزعيم السابق لحزب الغد المعارض فاعتبر من جهته أن الإجراءات التي اتخذها المجلس العسكري الحاكم ينبغي أن ترضي الشعب, ودعا إلى الحوار مع الجيش لوضع دستور مؤقت لحكم البلاد في الفترة المقبلة. عودة صعبة ومن المقرر أن تعقد حكومة تصريف الأعمال برئاسة أحمد شفيق اليوم الاثنين أول اجتماع لها منذ سقوط مبارك بينما تتصاعد وتيرة الاحتجاجات المطلبية. ووصف شفيق أمس الوضع في البلاد بالمستقر, مشيرا إلى أن حكومته ستعمل على توفير متطلبات المصريين الأساسية من غذاء وغيره. وانتقلت الاحتجاجات المطلبية من القطاع الخاص إلى القطاع العام -الذي يضم 5.7 ملايين موظف- حيث يطالب العاملون فيه بزيادة أجورهم. ودفعت إضرابات للعاملين في القطاع المالي البنك المركزي إلى الإعلان عن غلق البنوك المملوكة للدولة اليوم الاثنين. وطالب محتجون في القاهرة والإسكندرية أمس بإقالة عدد من مديري البنوك وشركات التأمين الحكومية متهمين إياهم بالضلوع في الفساد. وبدأت الاحتجاجات المطلبية حتى قبل سقوط مبارك، حيث نظمت سلسلة من الإضرابات في عدد من المؤسسات الكبرى بما فيها معامل غزل النسيج في المحلة. وشملت الاحتجاجات حتى الشرطة التي تظاهر أمس آلاف من أفرادها قرب وزارة الداخلية في القاهرة وفي مدن مصرية أخرى مطالبين بتحسين أوضاعهم. وقال وزير الداخلية محمود وجدي أمس إن 35% فقط من مجمل أفراد الشرطة عادوا حتى الآن إلى أعمالهم.