بدأ مجلس الأمن، مشاوراته بشأن الطلب الفلسطيني بالحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، على وقع نشاط أمريكي محموم لزيادة عدد الممتنعين عن التصويت وتجنّب حرج استخدام “الفيتو”، في وقت أعلن فيه مندوب لبنان لدى الأممالمتحدة نواف سلام الذي ترأس بلاده مجلس الأمن حاليا أن المجلس يعتزم عقد اجتماع جديد اليوم لإحالة الطلب إلى لجنة من الخبراء القانونيين، في المقابل، عبرت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» عن أسفها واستغرابها من اعتراف إسبانيا بالكيان الصهيوني دولة للشعب اليهودي. ونظر مجلس الأمن في جلسته الطلب الفلسطيني من دون أي إشارة الى إمكان حسم سريع. وتسرب حديث عن مماطلة قد تصل لأشهر وليس لأسابيع كما كان متوقعاً، وذلك في ظل استمرار ضغوط واشنطن لزيادة عدد الممتنعين عن التصويت، حيث حصلت على تأكيدات بريطانية بذلك، واستمرت في مسعاها لاقناع دول أخرى من الخمس التي تتمتع بحق استخدام “الفيتو” والدول العشر ذات العضوية المؤقتة، بالامتناع عن التصويت ما سيعفي الولاياتالمتحدة من حرج “الفيتو”. أما الجانب “الاسرائيلي” فقد واصل بدعم أمريكي ملحوظ جهود إقناع دول العالم بضرورة الاعتراف بيهودية الكيان مستخدماً اعتراف إسبانيا رسمياً ب “إسرائيل” ك “وطن قومي لليهود” خلال خطابها، على الرغم من الرفض “الإسرائيلي” لبقية ماجاء في كلمة وزيرة خارجية اسبانيا بخصوص المطالبة في الوقت ذاته بدولة فلسطينية عاصمتها “القدس الشرقية”. وقدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما هدية أخرى باعتماده وموافقته على تزويد “إسرائيل” ب55 قنبلة من النوع الخارق للحصون. وفهم تصرف أوباما بأنه محاولة لاستقطاب أصوات اليهود الأمريكيين حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته اللجنة اليهودية الأمريكية ونشرت نتائجه، أول أمس، انخفاض نسبة تأييد الناخب اليهودي لأوباما. وكان عدد من كبار مسؤولي ومستشاري أوباما بمن فيهم دنيس روس وأعضاء في مجلس الأمن القومي الأمريكي، حرصوا على إطلاع قادة كبريات المنظمات اليهودية الأمريكية على تطورات ما يحدث بالنسبة للطلب الفلسطيني. وقدم هؤلاء بيان الرباعية الذي يحض على التفاوض في إطار جدول زمني باعتباره انجازا لصالح “إسرائيل”، إلا أن زعامات اللوبي “الإسرائيلي” اعتبرت بيان الرباعية بمثابة “عار”، وأعادوا التأكيد على ضرورة ان تضغط واشنطن لإعادة المفاوضات لكن من دون أي شروط مسبقة. وأصدرت رابطة مكافحة التشهير، إحدى منظمات اللوبي بيانا عقب اللقاء أشادت فيه بالدعوة لإجراء محادثات ولكن من دون شروط، وأعربت عن تحفظاتها بشأن وضع جدول زمني. وأضاف البيان “نعتقد ان اللجنة الرباعية قد أخطأت بوضع جدول أعمال أولي لقضايا الأمن والحدود والجداول الزمنية لتقديم مقترحات، وبذلك أهدرت اللجنة الرباعية سنة لإيصال الرسالة الأوضح للفلسطينيين وهي أن المسار الوحيد لإقامة دولة فلسطينية يكمن في مفاوضات مباشرة مع “اسرائيل”. مشاورات متواصلة في سياق ذي صلة، أعلن مندوب لبنان لدى الأممالمتحدة نواف سلام الذي ترأس بلاده مجلس الأمن حاليا أن المجلس، الذي بدأ أول أمس مناقشة طلب السلطة الفلسطينية الحصول على العضوية الكاملة بالأممالمتحدة، يعتزم عقد اجتماع جديد اليوم الأربعاء لإحالة الطلب إلى لجنة من الخبراء القانونيين. وقال سلام للصحفيين إن الطلب الفلسطيني سيحال إلى اللجنة التي تدرس عادة طلبات العضوية الجديدة. وأضاف في إعلان مقتضب أن «المجلس سيعقد اجتماعا رسميا يوم الأربعاء لتسليم الطلب إلى اللجنة». وأوضح أن إحالة الطلب تأتي وفقا لإجراء متبع للأمم المتحدة لتقييم صحة الطلب من الناحية القانونية، وما إذا كان يلبي شروط العضوية. وفور توصل لجنة الخبراء إلى قرار، فستبلغ به مجلس الأمن. وقال السفير الفلسطيني لدى الأممالمتحدة رياض منصور للصحفيين إن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لإنجاز هذه العملية. وأضاف منصور: «نأمل أن يضطلع أعضاء مجلس الأمن بمسئوليتهم وان يصوتوا إيجابيا لصالح الطلب». وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد تقدم بطلب العضوية في الأممالمتحدة يوم الجمعة الماضي، حيث أحاله الأمين العام بان كي مون سريعا إلى المجلس الذي يضم 15 عضوا، حيث إنه يملك الكلمة الفصل بشأن الدول الراغبة في الانضمام إلى المنظمة. وفي حال وافق المجلس على الطلب، فإنه يوصي بإحالته إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار الموافقة النهائية. ويشترط لقبول أي عضو جديد تصويت تسعة أعضاء في مجلس الأمن لصالحه، بشرط عدم قيام أي من الدول دائمة العضوية التي تملك حق النقض «فيتو» وهي الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا بالتصويت السلبي له. وقال منصور إن الطلب الفلسطيني يحظى بدعم تسعة أعضاء في مجلس الأمن، دون أن يفصح عن أسماء هذه الدول. ولم يكشف وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله في خطاب أول أمس أمام الجمعية العامة عن موقف بلاده، التي تملك مقعدا لمدة عامين في المجلس، إزاء التصويت على الطلب الفلسطيني، لكنه أكد رغبة برلين في التوصل لحل الدولتين واستئناف المفاوضات. وقال فيسترفيله إن «كلا الجانبين لديهما مصالح شرعية. لكن بالتأكيد ليس من الصعب التوفيق بين هذه المصالح». وذكر منصور أن الطلب الفلسطيني يحظى بدعم أكثر من 130 دولة في الجمعية العامة التي تضم 193 دولة عضو، وتوقع أن تكون الدولة الفلسطينية هي رقم 194. "اعتراف" إسباني! من جانب آخر، أعرب عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» عزت الرشق عن أسفه واستغرابه لما ورد على لسان وزيرة الخارجية الإسبانية «ترينداد خمينيز»، من اعتراف ب»إسرائيل» دولة للشعب اليهودي. واعتبر الرشق، في تصريح صحفي أن الاعتراف بالدولة اليهودية «إقرارٌ لعنصرية الدولة الصهيونية، وخرقٌ لمبدأٍ أساسيٍ من مبادئ العدالة وحقوق الإنسان، وتهديدٌ خطيرٌ لحق عودة اللاجئين، كما أنه تهديدٌ باقتلاع أبناء شعبنا الفلسطيني من أرضهم المحتلة عام 1948». وأكد الرشق أن هذا الأمر يعتبر تراجعًا كبيرًا عن المواقف المعهودة لإسبانيا حكومة وشعبًا في دعمها لشعبنا الفلسطيني ولقضيته العادلة.