يعيش مشروع "فلسطين الدولة 194" مخاضا عسيرا و متسارع الأحداث قبيل الثالث والعشرين من الشهر الجاري الذي يتوقع أن تقدم فيه السلطة الفلسطينية رسميا طلبها للأمم المتحدة من أجل الاعتراف بفلسطين دولة عضوا في الأممالمتحدة. وسجل سِجل أحداث ذلك المخاض تطورات ذات دلالة كبرى تتعلق، من جهة أولى بموقف حماس المؤيد لمبدأ المطالبة بالدولة الفلسطينية والمتحفظ على تفاصيل خطوة السلطة الفلسطينية، ومن جهة ثانية، بفشل اللجنة الرباعية (تضم كلا من الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة و الاتحاد الأوروبي وروسيا) في الخروج بموقف يعيد الحيوية لمسلسل المفاوضات الذي جمد لأزيد من سنة تقريبا والذي تعتبره "الطريق الطبيعي" لتحقيق حلم الدولة، ومن جهة ثالثة بالوضوح في طبيعة الخطوة التي تعتزم القيادة الفلسطينية الإقدام عليها في الأممالمتحدة بعد أن قررت أخيرا التوجه إلى مجلس الأمن لطلب الاعتراف بفلسطين دولة عضوا كامل العضوية في الأممالمتحدة، وذلك بعد أن كان الموقف الفلسطيني مترددا بين التوجه إلى مجلس الأمن وما ينطوي عليه من تهديدات مواجهة "فيتو" أمريكا، أو التوجه إلى الجمعية العامة والاكتفاء بالاعتراف بفلسطين على غرار "الفاتيكان" عضوا غير كامل العضوية في الأممالمتحدة. هذه المستجدات في مخاض مشروع "فلسطين الدولة 194" تحمل دلالات كبيرة إن على مستوى الداخل الفلسطيني أو على مستوى القضية الفلسطينية ووضعها في الساحة الدولية. غير أن الخطوة الفلسطينية، رغم كونها مدعومة دوليا على مستوى منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمة دول عدم الانحياز وأيضا على مستوى كثير من دول الاتحاد الأوروبي، رغم كل ذلك تنطوي الخطوة على "مخاطر" بقدر ما تحمل من وعود التقدم خطوات في الملف الفلسطيني. وتحظى الخطوة الفلسطينية بدعم دولي كبير وبالواقع السياسي الجديد الذي تبلور في منطقة الشرط الأوسط كنتيجة ل"الربيع العربي" وبدعم إقليمي قوي يتمثل في الموقف التركي. و اعتبر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ووكالات الامم المتحدة جميعا ان السلطة الفلسطينية جاهزة لادارة شؤون دولة خاصة بها، حسب مصادر إعلامية. كما تحظى تلك الخطوة بشعبية كبيرة على المستوى الشعبي عالميا حيث أفاد استطلاع أجرته هيئة الإذاعة البريطانية وشمل 19 بلدا أن 49 % من الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون حصول دولة فلسطين على عضوية كاملة في الأممالمتحدة، مقابل 21% يعارضون، في حين امتنع 30% عن إبداء رأي. وأجرت الاستطلاع، الذي أوردت "ا ف ب" بعض تفاصيله،مؤسسة "غلوب سكان" و شمل 20ألف و 446 شخصا، عبر الهاتف بين الثالث من يوليوز و23 من غشت الماضي. قرار "لم يخطر على بال أحد" في 23 يناير 2011 أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف المصرية، أن القيادة الفلسطينية ستتخذ قرارا "لم يخطر على بال أحد" إذا فشلت الخيارات المطروحة بشأن عملية السلام .وعدد هذه الخيارات قائلا، حسب قصاصة لفرانس بريس، "المفاوضات أو الذهاب لمجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو الذهاب للجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد قمة الإتحاد من أجل السلام، أو الذهاب لمجلس الأمن لفرض الوصاية على الأرض الفلسطينية". وكان رئيس السلطة الفلسطينية قد حدد ما بعد شهر شتنبر لإعلان القرار. وها نحن على مشارف امتحان "المفاوضات أو الذهاب إلى الأممالمتحدة"، ولا يمكننا التعرف عن القرار "الذي لم يخطر على بال أحد" إلا إذا فشلت، لا قدر الله، تلك الخيارات. لكن لماذا اختيار ما بعد شهر شتنبر لإعلان القرار الغريب؟ الجواب أعلن عنه عباس في نفس الندوة، حيث أوضح، حسب نفس المصدر، أن القيادة الفلسطينية لن تعلن خيارها إلا بعد شهر شتنبر من السنة 2011 الذي يشهد انتهاء "ثلاثة استحقاقات"، أولها "إعلان الرئيس الأميركي "باراك اوباما" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شتنبر من سنة 2010 أنه يأمل أن يرى دولة فلسطين عضوا كاملا في الأممالمتحدة في شتنبر المقبل" (أي الجاري). وتابع أن "الاستحقاق الثاني هو أن الرباعية الدولية اتفقت على أن تبدأ المفاوضات في شتنبر الماضي(2010) وتنتهي في شتنبر المقبل"، أما عن الاستحقاق الثالث فلسطينيا فقال عباس، حسب نفس المصدر، "نحن تعهدنا أننا خلال مدة عامين تنتهي في شتنبر أن ننشئ كل مقومات الدولة الفلسطينية، ونحن في شتنبر نكون قد انتهينا من إقامة كافة مقومات هذه الدولة ومؤسساتها". بهذا الشكل ومند مطلع السنة الجارية حسمت أجندة خيار "فلسطين الدولة 194"، فهي تعبر من جهة عن رد فعل عن فشل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ومن جهة أخرى تتعلق بوعود بقيام الدولة الفلسطينية لم يتم الوفاء بها من طرف الإدارة الأمريكية بالخصوص. و الحديث الأمريكي عن الدولة الفلسطينية بدأ بعد اندلاع انتفاضة الأقصى وبالتحديد في 3 أبريل 2002، وفي نفس الشهر تبنى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1397 الذي ينص على تأييد إقامة دولة فلسطينية داخل حدود آمنة ومعترف بها، بحيث تتعايش دولة فلسطين ودولة إسرائيل جنبا إلى جنب. و أعطى الرئيس الأمريكي جورج بوش، حينها وعدا بأن تكون الدولة الفلسطينية على الخارطة خلال 5 سنوات من تاريخ قرار مجلس الأمن 1397، إلا أن بوش وحزبه الجمهوري غادرا السلطة، لكن نفس الوعد قدمه الرئيس الأمريكي الحالي"باراك اوباما" عند استلامه السلطة حين وجه خطابه الشهير للعالم الإسلامي في 4 يونيو 2009. وجدد وعده بإعلانه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شتنبر من سنة 2010 أنه يأمل أن يرى دولة فلسطين عضوا كاملا في الأممالمتحدة في شتنبر المقبل" (أي 2011). قرار الذهاب إلى الأممالمتحدة في 23 من الشهر الجاري أملته إذن عدة اعتبارات واستحقاقات، لكنه بقدر ما يضع أمريكا أمام "احتمال" انتهاء صلاحية وعودها بقيام الدولة الفلسطينية، بقدر ما يضع السلطة الفلسطينية في مأزق حقيقي ربما يكون "المخرج" منه هو "القرار الذي لم يخطر على بال أحد" الذي تعتزم السلطة الفلسطينية اتخاذه إذا لم يظهر الجديد في ملف المفاوضات في الأيام القليلة القادمة، أو لم تفلح خطوة "الذهاب إلى الأممالمتحدة". الفلسطينيون يحسمون للخيار الأصعب حسمت القيادة الفلسطينية الجمعة الماضية في طبيعة الخطوة التي تعتزم القيام بها في الأممالمتحدة بعد غموض وتردد. و بإعلانه الجمعة الماضية التوجه إلى مجلس الأمن وليس إلى الجمعية العامة، لطلب الاعتراف "بحق مشروع" والمطالبة بدولة فلسطينية "كاملة العضوية"، أي لإنهاء "الإجحاف التاريخي" بحق الشعب الفلسطيني، ضرب محمود عباس بعرض الحائط "نصائح" موفدي الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي واللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، والتي تضم كلا من الولاياتالمتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة، الذين حاولوا إقناعه بالعدول عن هذه المحاولة. لكنه أيضا بهذه الخطوة يواجه الموقف الأمريكي المعلن سابقا والقاضي باللجوء إلى حق النقض "الفيتو" لرفض الطلب الفلسطيني. وأكد الفلسطينيون أن فشل الرباعية هو الذي دفعهم إلى اللجوء إلى الأممالمتحدة. ويقولون، حسب المصادر الإعلامية، أن ما يقرب من 20 عاما من المحادثات المباشرة المتقطعة بشأن الدولة بموجب اتفاقات السلام المؤقتة قد وصلت إلى طريق مسدود لأسباب منها رفض إسرائيل وقف توسيع المستوطنات في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية وهي الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 والتي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها إلى جانب قطاع غزة. وانهارت آخر جولة من المحادثات التي رعتها الولاياتالمتحدة بين عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" قبل نحو عام عندما رفضت إسرائيل تمديد وقف جزئي للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية. وتواجه الخطوة الفلسطينية تحديات مسطرية تتعلق بالكيفية التي تعترف بها الأممالمتحدة بالأعضاء الجدد. فحسب "رويترز" عادة ما تقدم الدول الساعية للانضمام للأمم المتحدة طلبا للأمين العام الذي يرفعه إلى مجلس الأمن ليقيمه ويصوت عليه. وإذا وافق المجلس المكون من 15 دولة على طلب العضوية فإنه يرفعه بدوره إلى الجمعية العامة لإقراره. ويحتاج الطلب لأغلبية الثلثين أو 129 صوتا من أجل إقراره. وحسب نفس المصدر لا تستطيع دولة الانضمام إلى الأممالمتحدة إلا إذا وافق مجلس الأمن والجمعية العامة على طلبها. وفي هذا السياق يطرح سؤال يتعلق بفرص المشروع الفلسطيني داخل مجلس الأمن. ومن الناحية النظرية، يؤكد الخبراء أن الفلسطينيين يستطيعون ربح رهان انتزاع الاعتراف بدولتهم، لكن تواجههم عقبة كؤود تتعلق بالموقف الأمريكي، حيث أن واشنطن أوضحت أنها ستستخدم حق النقض "الفيتو" رغم ما يعنيه ذلك من فشل جديد للسياسة الأمريكية تجاه العالم الإسلامي الذي يشهد موجة من التغييرات السياسية على المستوى الشعبي وعلى مستوى أنظمته السياسية. وحسب ما تناقلته وسائل الإعلام من تصريحات مسؤولين أمريكيين فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولتفادي تحمل فشل الخطوة الفلسطينية، سوف تعمل على حشد معارضة داخل مجلس الأمن وإسقاط المشروع بالتصويت ضده. ويؤكد الخبراء، حسب مصادر إعلامية مختلفة، أن الفلسطينيين لهم حظوظ كبيرة في انتزاع الأغلبية المطلوبة في الجمعية العامة لكن ذلك لا يمكنهم من تجاوز الموافقة المسبقة لمجلس الأمن. ويتيح قرار الجمعية العامة قبول الطلب الفلسطيني، التمتع بوضع "الدولة غير العضو" وهو وضع الفاتيكان حاليا. ونقلت "رويترز" عن مبعوثي الأممالمتحدة قولهم إن مثل هذا الوضع يمكن أن يفسر كاعتراف ضمني من الأممالمتحدة بالدولة الفلسطينية لأن الجمعية العامة ستعترف بسيطرة الفلسطينيين على دولة فعلية. ومن مميزات هذا الخيار، حسب "رويترز"، هو أنه يتطلب أغلبية بسيطة في الجمعية العامة التي تضم 193 دولة لا أغلبية الثلثين. ونقلت عن عباس قوله إن أزيد من 126 دولة تعترف بالفعل بدولة فلسطين وهو ما يعني احتمال فوزها بسهولة بهذا التصويت. ومن المزايا الأخرى لوضع "الدولة غير العضو"، حسب نفس المصدر، أنه قد يمكن الفلسطينيين من الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية حيث يمكنهم رفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل بسبب حصارها لغزة أو المستوطنات. غير أن الخطوة الفلسطينية، رغم التأييد من الداخل الفلسطيني وفي الأوساط الدولية، تنطوي على مخاطر محتملة. وفي هذا السياق أوردت "رويترز" مثال كون إسرائيل أن تقاضي الفلسطينيين كدولة أمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب الصواريخ التي يطلقها الفلسطينيون على "أراضيها". ومن شأن ذلك أن يتحول "ملف الصواريخ" إلى لغم متفجر بين الفلسطينيين أنفسهم. غير أن هذا الخطر يمكن احتواؤه حسب ما تؤكده تجارب الاتفاقات بين الفلسطينيين في مثل هذه المواضيع. وحسب نفس المصدر، يحذر بعض المنتقدين من العواقب القانونية على الفلسطينيين أنفسهم وقالوا إن هذه الخطوة قد تعرض حقوق اللاجئين في الشتات للخطر وكذلك وضع منظمة التحرير الفلسطينية. ويرفض آخرون، حسب نفس المصدر، بعض هذه الأقاويل. ومن أكبر الانتقادات التي يواجهها مشروع "فلسطين الدولة 194" وخاصة في الداخل الفلسطيني، كون تصويت الأممالمتحدة لن يغير شيئا من الأوضاع على الأرض في الأراضي الفلسطينية، وهي حقيقة قد تزيد من إضعاف موقف القيادة الفلسطينية عندما تهدأ الأمور. ويتخوف الجانب الإسرائيلي، حسب مصادر إعلامية، من أن فشل المسعى الفلسطيني قد يغذي العنف المناهض لإسرائيل بل ربما يطلق شرارة انتفاضة جديدة. ويرفض مسؤولو السلطة الفلسطينية هذا الاحتمال، حسب نفس المصادر. ويتضح مما سبق أن خطوة السلطة الفلسطينية المدعومة خارج مجلس الأمن تواجه تحديات كبيرة وقد تنتج عنها مصاعب كبيرة خاصة إذا فشل مسعى السلطة في تحقيق مطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية عضوا كاملا في الأممالمتحدة. موقف حماس: نعم ولكن .. موقف فصائل المقاومة الفلسطينية يعتبر حيويا في ما يتعلق بمشروع "فلسطين الدولة 194" لما يتسبب فيه رفضها للخطوة من إضعاف الموقف التفاوضي للسلطة الفلسطينية في مجلس الأمن بالخصوص بإظهاره غير مجمع عليه فلسطينيا، خاصة وأن أمريكا تراهن على أن تسقط الطلب الفلسطيني أولا بتوفير أغلبية معارضة للخطوة لتجنب اللجوء إلى حق النقض "الفيتو" الذي يكلفها سياسيا بشكل باهظ، خاصة في ظل الموقف التركي الداعم للخطوة الفلسطينية باعتبارها أكبر حليف في العالم الإسلامي لإسرائيل في المنطقة، وفي ظل الحراك الشعبي في "منطقة الربيع العربي" وما نتج عنه من تغييرات سياسية جذرية مست أهم الأنظمة السياسية الداعمة للسياسة الأمريكية في المنطقة. ويمكن الوقوف على موقف المقاومة الرافض للخطوة من خلال رصد موقف حركة حماس، كنموذج لحركات المقاومة، من المشروع على اعتبارها من أهم الفصال ذات التأثير الميداني. و موقف حركة "حماس" لا يتناغم مع موقف السلطة الفلسطينية في كثير من التفاصيل. و طالبت الحركة، أول أمس الأحد، خلال جلسة للمجلس التشريعي الفلسطيني في غزة، بالتوجه بطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية "على كامل التراب الفلسطيني". ودعا القيادي والنائب عن حماس، خليل الحية، في تقرير للجنة السياسية والقانونية، إلى "التوجه بطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني (فلسطين التاريخية بحدودها قبل قيام دولة اسرائيل عام 1948)" وحسب "ومع" أكد رئيس الوزراء الفلسطيني، إسماعيل هنية، في كلمة أمام المجلس رفضه تفويض "أي قيادة فلسطينية تريد أن تعبث بالحق الوطني الفلسطيني". وقال هنية اجتماع إنه "لا تفويض لأي قيادة فلسطينية تريد أن تعبث بالحق الوطني الفلسطيني، ولا تفويض لأي تمثيل فلسطيني من شأنه أن يقدم تنازلات تاريخية للأرض الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة". وأوضح "من هذا المنطلق نؤكد رفضنا لمثل هذا التوجه وفي نفس الوقت نوضح بأن مسألة الدولة الفلسطينية هي مطلب وحق فلسطيني ونحن لا نقف حجر عثرة أمام إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على الأرض الفلسطينية ولكن دون تقديم أي تنازلات عن حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني". وأضاف هنية "نكرر اليوم، نحن مع إقامة دولة فلسطينية على أي جزء محرر من الأرض الفلسطينية يتوافق عليها الشعب الفلسطيني دون الاعتراف بإسرائيل ودون التنازل عن أي شبر من أرض فلسطين التاريخية". وكان بيان صادر عن المكتب السياسي للحركة وزعه مكتبها الإعلامي بدمشق الجمعة وتناقلته وكالات الأنباء أنها"مع أي جهد أو حراك سياسي يحقق تأييدا ودعما دوليا لحق الشعب الفلسطيني في التحرر وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وإنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية ويؤدي الى إدانة الكيان الصهيوني الرافض للحقوق ويكشف موقفه الحقيقي" واشترط بيان الحركة أن "الا يكون هذا الحراك السياسي على حساب أي من الحقوق الوطنية"وفي إشارة إلى انتقاداتها السابقة للخطوة اعتبرت الحركة إن "تقدم الإخوة في السلطة الفلسطينية في رام الله بطلب عضوية فلسطين كدولة في الأممالمتحدة يأتي بصورة منفردة للأسف بعيدا عن التوافق الوطني الفلسطيني، كما أنه لا يأتي ضمن استراتيجية وطنية نضالية متكاملة متفق عليها وإنما كامتداد لمسيرة التسوية وفي سياق الإصرار على نهج المفاوضات بعيدا عن خيار المقاومة وامتلاك أوراق القوة". ومن أجل توضيح موقع خطوة "فلسطين الدولة 194" من بين خيارات النضال الفلسطيني وخاصة خيار المقاومة قالت حماس في بيانها "إننا نؤكد على قناعتنا الراسخة أن المقاومة بشكل أساسي وإلى جانبها كل أشكال العمل والنضال السياسي والجماهيري هي الطريق الحقيقي لتحرير أرضنا وانتزاع حقوقنا وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة الحقيقية". ودعت الحركة في بيانها قيادة السلطة الفلسطينية وحركة فتح والقوى والفصائل الفلسطينية كافة إلى "الحوار ومراجعة سياسية معمقة بهدف الوصول الى استراتيجية وطنية فلسطينية نضالية نتوافق عليها وطنيا ونستجمع على أرضيتها كل اوراق القوة وعلى رأسها المقاومة لنكون بالفعل قادرين على انجاز حق تقرير المصير وانتزاع أرضنا وحقوقنا الوطنية من الاحتلال". موقف "حماس" وباقي فصائل المقاومة يكتسي أهمية تفاوضية بالنسبة لحاملي مشروع "فلسطين الدولة 194" لكنه يبقى ميدانيا بالدرجة الأولى. موقف "الرباعية" و الاتحاد الأوروبي لم يحسم الاتحاد الأوروبي موقفه إلى حدود الساعة بشكل واضح، وسجلت مواقف دوله تباينا كبيرا. كما أن اللجنة "الرباعية"، والتي تضم كلا من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأممالمتحدة، والتي ترى أن حل الدولتين لا يمكن الوصول إليه خارج سياق "مفاوضات السلام"، لم تستطع الخروج بموقف موحد. ويراهن أعضاء "الرباعية" على التعجيل بإطلاق دورة جديدة من المفاوضات لثني الفلسطينيين عن خطوتهم، وتواجه مساعيهم تعنت إسرائيل التي أفشلت المفاوضات قبل أزيد من سنة بسبب سياسة الاستيطان التي أطلقتها والتي أدانها العالم بما فيها أمريكا. وحسب "فرانس بريس" أعلنت متحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "كاثرين اشتون" السبت أن الاتحاد "أخذ علما" برغبة الفلسطينيين في الانضمام إلى الأممالمتحدة، لكنه (الاتحاد) يعتقد أن التوصل إلى "حل بناء" يؤدي إلى استئناف محادثات السلام هو الحل الوحيد. وحسب نفس المصدر، قالت المتحدثة "مايا كوسيانيتش" "ما زلنا نعتقد أن حلا بناء من شانه أن يحشد أكبر دعم ممكن ويسمح باستئناف المفاوضات هو السبيل الأفضل والوحيد للتوصل إلى السلام وحل الدولتين الذي ينشده الشعب الفلسطيني".وكانت " كاثرين اشتون"، حسب المصادر الإعلامية، قد أمضت عدة أيام في القاهرة وإسرائيل مكثفة اللقاءات مع ممثلي الجامعة العربية ومحمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.وأضافت "مايا كوسيانيتش" السبت أنه رغم إصرار محمود عباس "نحن بحاجة إلى أن نرى تفاصيل ذلك الطلب وجدوله الزمني، وستكون الأيام المقبلة حاسمة". وتابعت "لذلك سنضاعف جهودنا مع كافة شركائنا في اللجنة الرباعية من اجل تحريك المفاوضات بين الطرفين في أسرع وقت ممكن، هذا هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاع". ونقلت وكالة فرانس بريس عن مصدر دبلوماسي أوروبي أن موفدين من اللجنة الرباعية سيعقدون أول أمس الأحد اجتماعا في نيويورك وذلك بعد أن أخفق الروس والأوروبيون في التفاهم مع الأميركيين حول إعلان للجنة الرباعية من شأنه أن يعطي دفعا جديدا لعملية السلام. إلا أن هذا الموقف، حسب "فرانس بريس"، يخفي اختلافات عميقة بين الأوروبيين حيث أن ايطاليا والجمهورية التشيكية وهولندا وبولندا تعارض الطلب الفلسطيني، كما أفادت مصادر دبلوماسية في بروكسل. ورجحت "افب" أن تعارضه ألمانيا أيضا بينما يبدو، حسبها، أن معظم الدول الأوروبية الأخرى تميل إلى تأييده، لكن العديد منها يخشى أن ينقسم الاتحاد الأوروبي حول هذه المسالة بشكل علني. و حسب "افب"، أكد ناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية مساء الجمعة أن "فرنسا ستتحمل مسؤولياتها حول مسالة الاعتراف بدولة فلسطينية". لكنه أضاف أن الموقف الفرنسي سيستند "إلى ثلاثة مبررات هي ضمان آفاق تحريك عملية المفاوضات وتفادي مواجهة دبلوماسية والحفاظ على الوحدة الأوروبية". عقوبات أمريكية وإسرائيلية منتظرة توقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصريحات للصحافة صباح أمس الاثنين، أن يمر الشعب الفلسطيني وقيادته بظروف "صعبة جدا" بعد التوجه الى الأممالمتحدة من خلال مجلس الأمن لطلب عضوية كاملة لدولة فلسطين بحدود عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. ورغم تأكيد الفلسطينيين على أن خطوتهم لا تتعارض مع مبدأ المفاوضات وتشديدهم على المنتظم الدولي ليتحمل مسؤوليته الكاملة بعد فشل محادثات السلام التي تقودها الولاياتالمتحدة طيلة أزيد من 20 سنة، تواجه الخطوة التي قرر الفلسطينيون اقتحامها احتمالات كبيرة للتعرض لعقاب أمريكي إسرائيلي على أكثر من صعيد. وأكدت مصادر إعلامية أن السلطة الفلسطينية تتعرض لضغوط كبيرة لثنيها عن "الخطوة". و تنطوي الخطوة على "التهديد بوقف المساعدات الأمريكية، التي تبلغ 470 مليون دولار سنويا" حسب ما أكده رئيس السلطة الفلسطينية للصحافة. و قدمت "ايلينا روس ليتينن"، التي ترأس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي" قبل أسبوعين مشروع قانون يقضي بقطع التمويل الأمريكي عن أي منظمة للأمم المتحدة تتبنى رفع الوضع الدبلوماسي للفلسطينيين. ومعلوم أن الولاياتالمتحدة هي اكبر مساهم في ميزانية الأممالمتحدة إذ تدفع نحو 22 في المائة من ميزانيتها الرئيسية و25 في المائة من تكاليف عمليات حفظ السلام. ومع اقتراب هذا الاستحقاق تتواصل المساعي الدبلوماسية بشكل نشط وكثيف، حيث التقت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "كاثرين اشتون" صباح الخميس الماضي في القدسالمحتلة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" للمرة الثانية خلال 24 ساعة قبل أن تعود إلى بروكسل.و حذر نائب وزير الخارجية الإسرائيلي "داني ايالون"، الخميس، في تصريح للإذاعة العامة الإسرائيلية أنه "إذا اتخذ الفلسطينيون قرارا أحاديا كهذا فسيؤدي إلى إلغاء كل الاتفاقات وسيحرر إسرائيل من كل التزاماتها وسيتحمل الفلسطينيون المسؤولية الكاملة". وحسب "رويترز" تخشى إسرائيل أن يمكن وضع "الدولة العضو في الأممالمتحدة" الفلسطينيين من بدء إجراءات قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد نحو 500 ألف إسرائيلي يعيشون في القدسالشرقية والضفة الغربية. هل تستطيع اسرائيل او واشنطن معاقبة السلطة الفلسطيني. و يشير مسؤولون إسرائيليون إلى سلسلة من الإجراءات العقابية المحتملة منها الحد من تصاريح السفر للقادة الفلسطينيين الذين يريدون الخروج من الضفة الغربية ووقف نقل عائدات الضرائب المهمة للفلسطينيين بل ضم التكتلات الاستيطانية في الضفة الغربية لمحاولة تجنب تحرك قضائي في المحكمة الجنائية الدولية. ويحذر بعض المسؤولين الأمريكيين من أنهم قد يخفضوا من مساعداتهم السنوية للسلطة الفلسطينية التي تبلغ نحو 450 مليون دولار. ولا يزال من غير الواضح تماما ما اذا كانوا سينفذون هذه التهديدات. وحسب المصادر الإعلامية، من شأن حرمان السلطة الفلسطينية من الأموال أن يسرع على سبيل المثال بانهيارها المالي وهو ما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار. أي الدولتين ستتحقق ومتى؟ في الوقت الذي تشدد فيه المقاومة الفلسطينية على الأراضي التاريخية حين حديثهم عن الدولة الفلسطينية ترتكز مبادرة " فلسطين الدولة 194" على حدود 1967 عاصمتها القدس. لكن هذه الصورة ، ورغم تباين موقف الفلسطينيين من حدود دولتهم فيها ومن كثير من التفاصيل، تتعارض جذريا مع الصورة التي "حددتها" إسرائيل للدولة الفلسطينية، وأيدتها فيها الولاياتالمتحدة. فمن حيث المبدأ لا إسرائيل ولا أمريكا تعارضان قيام دولة فلسطينية. لكن المشكل في أي دولة فلسطينية، وفي أي توقيت. من حيث التوقيت يمكن التذكير بما صرح به وزير الخارجية الإسرائيلي" افيغدور ليبرمان" في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، في يناير من السنة الجارية، حيث قال بشكل واضح "اعتقد أن لدينا تعاونا اقتصاديا وامنيا جيدا وعلينا مواصلة التعاون على هذين المستويين وإرجاء الحل السياسي إلى عقد من الزمن على الأقل." بينما يركز الفلسطينيون، كما تمت الإشارة إليه، على وعود الإدارة الأمريكية التي تنتهي آجالها متم شتنبر الجاري لإعلان دولتهم! والتعقيد في آجال الحل السياسي، الذي تعتبر قيام الدولة الفلسطينية أهم ركائزه، يعكس التعقيد الذي ينطوي عليه مفهوم الدولة وحقيقتها والذي تسعى إسرائيل إلى اللعب على تمطيط الوقت وعلى سياسة الأمر الواقع لتوفير قيام تلك الدولة وفق شروطها التي لن تكون سوى أمرا واقعا قد يواجه تغييره تعقيدات وصعوبات واقعية وقانونية، تجعل عدم قبوله أمرا مستحيلا. وفي الوقت الذي يتحدث فيه الفلسطينيون وجامعة الدول العربية عن دولة كاملة السيادة على حدود 1967 وموحدة وعاصمتها القدس، نجد المشروع الإسرائيلي الأمريكي يبتعد عن تلك الصورة ليطرح صورة مخالفة تماما، غير قابلة للتفاوض السياسي الآن، مما يتطلب وقتا طويلا تفرض فيه تلك الدولة المشوهة نفسها كأمر واقع. فبعد سنتين من خطاب اوباما في جامعة القاهرة في 2009 اكتملت معالم الدولة الفلسطينية في المفهوم الأمريكي والتي ليست سوى المشروع الإسرائيلي للدولة الفلسطينية، والتي يمكن إجمالها في "مساحة من الأرض غير واضحة الحدود، محدودة السيادة منزوعة السلاح محاطة " بإسرائيل "من جميع جوانبها تكون جزءا من الأمن "الإسرائيلي" عبر سياستها الأمنية الداخلية وكذلك عبر تبنيها عقيدة أمنية منسجمة مع المفهوم الأمني "الإسرائيلي "أي دولة تدير شؤون السكان الفلسطينيين وتضبط الأمن "الإسرائيلي"وتضمن بقاء إسرائيل دولة يهودية خالصة عبر تبادل الأراضي، بحيث تنضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، والتي تسيطر على قلب الضفة وعلى أحواض المياه الجوفية، لإسرائيل وتضاف بعض المناطق ذات الكثافة السكانية العربية في حدود المناطق المحتلة 48 إلى حدود الدولة الفلسطينية . أما بالنسبة لحق العودة فهو خارج إطار النقاش أمريكيا فهذه القضية متروكة للزمن ولقدرة المفاوضين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على حلها ليس وفق القرارات الدولية بل ضمن منطق التعويض والتوطين ولم الشمل المحدود للبعض . ثم بين نتنياهو شروطه للموافقة على هذه الدولة قائلاً: «أولاً على الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل على أنها دولة القومية اليهودية، وحل قضية اللاجئين خارج حدود دولة إسرائيل، وأن تقوم الدولة الفلسطينية فقط من خلال اتفاق سلام، والحفاظ على الكتل الاستيطانية، وأن تبقى القدس العاصمة الموحدة والخاضعة لسيادة إسرائيل. " وبما أن الشروط الذاتية والموضوعية غير متوفرة اليوم للتفاوض على المشروع الأمريكي الإسرائيلي حول الدولة الفلسطينية، فمن الطبيعي أن تقف كل من إسرائيل وأمريكا ضد خطوة "الدولة الفلسطينية" وفق خطوة عباس مهما لقيت من مساندة عربية وإسلامية. كل آت قريب لا تفصلنا إذن عن معركة "فلسطين الدولة 194" سوى أيام، وهي من الخطوات القلائل التي "استقل" فيها التذبير العربي والفلسطيني عن السياسة الأمريكية وعمل عكس الضغوط الدول الغربية، ومن المتوقع أن يضع "الفيتو" الأمريكي، إذا ما سارت الأمور كما هو معلن حتى اليوم، الملف الفلسطيني على صفيح ساخن ليس على مستوى ردود الفعل المتوقعة على مستوى العالم الإسلامي شعبيا ورسميا، ولكن أيضا على مستوى مسار المفاوضات والتي لم تبد فيها إسرائيل إلى حد الساعة أي ليونة تذكر وخاصة في ملف الاستيطان. ويتوقع أن "يفتح" "فيتو" أمريكا باب التحول في مشروع السلام العربي اعتبارا للتغييرات القوية التي عرفتها المنطقة بعد سقوط نظام مبارك والحراك الشعبي في المنطقة والموقف التركي القوي الداعم لمشروع الدولة الفلسطينية المستقلة.