أعلنت السلطة الفلسطينية أنها اتخذت قرار طلب العضوية بمنظمة الأممالمتحدة، أولا هل يمكن تفسير الوضع الحالي الذي عليه فلسطين بهذا المحفل الدولي ؟ = بالفعل عزمت السلطة الفلسطينية على تقديم طلب العضوية في الأممالمتحدة، في هذا المحفل الدولي فلسطين في وضعية الملاحظ أو المراقب في الأممالمتحدة منذ 1974 عندما اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني ، وأعطيت هذه الصفة في عام 1988 مع الاحتفاظ بصفة الملاحظ، وتم تغيير مسمانا من قبل منظمة الأممالمتحدة من منظمة التحرير الفلسطينية إلى فلسطين, وذلك بعد إعلان الاستقلال من قبل المجلس الوطني الفلسطيني. وفي 1977 تم رفع مستوى المشاركة لفلسطين في الأممالمتحدة بقرار جديد من الجمعية العامة مع الاحتفاظ بوضعية مراقب, بمعنى أنه تم إعطاؤنا تفاصيل إضافية لمشاركة أوسع في عمل الأممالمتحدة, وما نريد أن نحققه في هذه المرحلة هو أن نصبح أعضاء كاملي العضوية إسوة بدول العالم. { لماذا هذه الخطوة المتمثلة في العضوية بالأممالمتحدة، الآن وفي هذه المرحلة بالذات؟. تأتي هذه الخطوة بعد أن تأكد للعالم أجمع بأن الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتانياهو معنية أولا بالاستيطان ومصادرة الأراضي ، وتهويد القدس، وحصار غزة، واجتياح المدن والقرى الفلسطينية بشكل يومي وتعسفي, وإقامة الحواجز للتضييق على حرية التنقل داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة, ولا تعير أي اهتمام لمسيرة التفاوض لإنهاء الاحتلال كما يريد المجتمع الدولي، بل على العكس تماما تم الاكتفاء بالقول أن الاستيطان أمر مؤسف ولم يتخذ أي إجراء للحد منه, مع الإعلان المستمر على مزيد من الاستيطان في وقت نشهد فيه تراجعا مؤسفا في الموقف الأمريكي من هذه القضية، فموقف واشنطن من الاستيطان كان واضحا لأنه غير شرعي ويخالف القانون الدولي, وصوتت واشنطن بهذا المعنى على قرارات في مجلس الأمن ضد الاستيطان، وتراجع هذا الموقف ليقولوا لنا أن الاستيطان عقبة في وجه السلام دون أن تلجأ واشنطن للحد منه, كما أعلن الرئيس أوباما شخصيا أنه لم يكن بمقدوره إقناع نتانياهو لإتاحة المجال أمام تفاوض مكثف لمدة ثلاثة أشهر, خاصة في موضوع الأمن والحدود .إذن أمام هذه المعطيات كان لنا خياران لا ثالث لهما, إما الاستسلام لإرادة المحتل وإجراءاته أو اللجوء إلى القانون الدولي والأممالمتحدة. { كيف جاء هذا القرار,هل هو قرار أحادي يهم السلطة الفلسطينية, أم ساهمت فيه عدة دول عربية وأوربية؟ بطبيعة الحال لقد قمنا باستشارة الأشقاء وعقدت لجنة المتابعة العربية وهي كما تعلمون تضم في عضويتها 15 وزير خارجية عربي و تترأسها دولة قطر, ومهمتها متابعة مبادرة السلام العربية في المجتمع الدولي, على تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. في الأشهر الأربعة الماضية عقدت هذه اللجنة أربعة اجتماعات, وانبثقت عنها لجنة مصغرة للصياغة الدقيقة للطلب الفلسطيني الذي يجب أن يوجه لمنظمة الأممالمتحدة. وهنا ننوه بالدور المغربي الذي كان فعالا ونشيطا في كل هذه الاجتماعات، بما في ذلك أن المغرب كان من بين الدول المغاربية الوحيدة ذات العضوية في هذه اللجنة المصغرة التي تضم بالإضافة للمغرب، مصر، الأردن والسعودية وفلسطين، أيضا استعنا بأصدقاء في المجتمع الدولي من خلال اللجنة العربية لأخذ رأيهم واستشارتهم كالصين وتركيا والبرازيل والهند وروسيا وجنوب إفريقيا، ودول أوربية تمت استشارتها, وكنا نلقى مزيدا من الاعتراف بدولة فلسطين ومزيدا من التشجيع للتوجه للأمم المتحدة , وللأسف اصطدمنا بالموقف الأمريكي والاسرائيلي السلبي للغاية، فنحن نستغرب سلبية الموقف الأمريكي بشكل خاص، لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي الوسيط والعنصر الرئيسي في عملية التفاوض, وهي أدرى من غيرها بمن يعرقل المفاوضات، ومن يعرقل المفاوضات هو نتانياهو وبدل أن تحمل المسؤولة يتم التعبير عن موقف سلبي أمريكي اتجاه الطلب الفلسطيني، ويجب على نتانياهو والحكومة الاسرائيلية تحمل الفشل, ولأسباب انتخابية أمريكية يتم التعبير عن موقف أمريكي سلبي واضح من التوجه الى الأممالمتحدة. { لكن تتهمكم الإدارة الامريكية بأن طلب العضوية هو بمثابة انحراف عن مسار المفاوضات وأن هذا القرار الفلسطيني قرار غير مجدي, وتريدون أن تنزعوا الشرعية عن إسرائيل؟ بالرغم من ذلك فخطوتنا خطوة قانونية سلمية حضارية, بعيدة عن العنف, وكلكم تذكرون بأن الرئيس أوباما قد وقف مخاطبا في شتنبر 2010 ليقول بأنه يريد أن يرى دولة فلسطين عضوا جديدا في منظمة الأممالمتحدة في شتنبر 2011 ، ولا أعتقد أنه من الحكمة بمكان أن نعاقب نحن كفلسطينيين بأننا أخذنا كلامه محمل الجد , بل يجب من يعاقب هو من يعرقل تحقيق هذه الإرادة المعلنة سابقا لدى الرئيس الأمريكي أوباما، وأنتم تعلمون أن المم المتحدة هي التعبير الأسمى للسياسة المتعددة الأطراف, وبالتالي اللجوء إليها هو إشراك للمجتمع الدولي برمته في إيجاد حل للقضية الفلسطينية. أما الخطوة الأحادية هي التي يقوم بها الاحتلال, هذه الإجراءات القسرية كاستعمال الجدار والحصار والقتل والاجتياح , تغيير الواقع من خلال الاستيطان والاجتياح وحرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه المشروعة، نحن لا نريد أن ننزع الشرعية عن أحد، لا يجب أن نخلط الأمور, نحن نريد أن ننزع الشرعية عن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ولا نريد ان ننزع الشرعية عن أحد، فالاعتراف بإسرائيل شيء والاعتراف بها كقوة احتلال على أرضنا شيء مختلف تماما. { مبادرتكم في التوجه إلى هذا المحفل الدولي اعتبرته الإدارة الأمريكية على أنه قرار موجه ضدها، فما الغاية من هذه الخطوة والثمار التي ستجنيها فلسطين من هذا الاعتراف الدولي؟ توجهنا إلى الأممالمتحدة ليس ضد أمريكا وليس موجها ضد أي أحد كان ، فبخطوتنا هذه نريد تمكين الشعب الفلسطيني من وضع سياسي قانوني جديد يمكنه من الاستمرار في مفاوضات جدية لإنهاء الاحتلال، وأنتم تعرفون أن الاحتلال الإسرائيلي له أصدقاء أقوياء بالرغم من مخالفتهم للشرعية الدولية. وبالتالي إن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى تراكم مكتسبات سياسية وقانونية لإجبار الاحتلال على إنهاء احتلاله وأن قبول فلسطين عضو بمنظمة الأممالمتحدة, يعني أن الأراضي الفلسطينية أرض محتلة وليست أرض نزاع كما يدعي الاحتلال الإسرائيلي، والغاية من هذه الخطوة كذلك هي الاثباث قانونيا بأن العالم يعترف بالدولة الفلسطينية وهذا يعني عضويتها في المنظمات الدولية كالمنظمة العالمية للصحة، ومحكمة الجنايات واليونسكو وغيره من المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة. { لاشك أن هذه معركة سياسية ودبلوماسية كبيرة, هل بالإمكان النجاح فيها, خصوصا وأن أمريكا تلوح بممارسة حق الفيتو إذا ما تشبثتم بطلب العضوية في غضون الأسبوع المقبل؟ صحيح أن الفلسطينيين هم الآن أمام معركة سياسية لكسب مزيد من الأصدقاء لتأييدهم في مطلبهم الشرعي والقانوني، مشيرا إلى أن قرار الوقوف ضد هذا المطلب ليس قرارا حكيما, وهو يعني الوقوف ضد حل الدولتين, وهي خيبة أمل للشعوب العربية الطامحة للتغيير الديمقراطي في سياسة أمريكا التي تكيل بمكيالين وتنحاز إلى الاحتلال الاسرائيلي، إن السلطة الفلسطينية تواجه ضغوطات كبيرة من أجل ثنيها عن الذهاب إلى الأممالمتحدة هذا الشهر, بما فيها التهديد بقطع المساعدات الأمريكية، ولكن نحن سنتوجه إلى الأممالمتحدة لطلب الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين يوم 23 شتنبر الجاري، وقبل ذلك سيلقي الرئيس الفلسطيني عباس أبو مازن خطابا تاريخيا يوم الجمعة المقبل في الجمعية العامة. ونتوقع دعما سياسيا شعبيا ورسميا من طرف الدول العربية وكذا الدول المؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشريف رغم التهديد الأمريكي باستعمال حق الفيتو للاعتراض على الاعتراف القانوني لدولة فلسطين. المهم لنا أن يحصل الطلب الفلسطيني على دعم أكبر عدد من الدول الصديقة في العالم, وفي حالة استعمال أمريكا لحق الفيتو تبقى إمكانية تقديم الطلب من جديد الى الجمعية العامة واردا من أجل الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأممالمتحدة, وهي الصفة التي تعطي إمكانية الانضمام الى المنظمات الدولية دون أي عائق, ولكن بصفة ملاحظ لا يحق له التصويت على القرارات، فهذه الوضعية في حد ذاتها ستكون أحسن في كل الأحوال من الوضعية الحالية, بل هي خطوة متقدمة على ما نحن عليه اليوم، فعدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين يصل الى 126 دولة, كما أن 20 دولة أخرى رفعت من مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني معظمها من الاتحاد الأوروبي، أي الاقتراب من الاعتراف بدولة فلسطين لأنها بها بعثات دبلوماسية فلسطينية يرأسها سفير ويقدم اعتماده لدى رئاسة هذه الدول. كلمة أخيرة معالي السفير هناك جهات دولية تحاول أن تقدم بعض الأفكار والمقترحات في اللحظات الأخيرة حتى لا نذهب إلى الأممالمتحدة ونحن نقول إننا ذاهبون الى منظمة الأممالمتحدة دون أن يعني ذلك رفضنا للمفاوضات التي يتعين أن تكون وفق جدول زمني مضبوط ومحدد, يؤكد بشكل واضح على مرجعية هذه المفاوضات, أي قيام الدولة الفلسطينية ووقف واضح للاستيطان كشرط أساسي للعودة الى المفاوضات.